الموضوع: الفارس
عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 05-01-2008, 04:23 PM
 
الفارس


في ذكرى الشاعر السوري نزار قباني الذي وافته المنيّة قي لندن يوم 30/4/1998

الفارس


أضرمْتَ نارَ الوجدِ في أشعاري
وحَملتَني شوقاً إلى سمَّاري


لدمشقَ ، للبلدِ الأنيقةِ ، تستقي
بردى ، وترقد في عيونِ هزار


ألفيتها : عطشى ، تموت من الظما..
ثكلى ، تعاتب قسوةالأقدارِ


وعلمت أنَّ نزارَ أخلد متعباً ،
واختارِ للإغفاء خيرَ جوارِ


فذهبت أندبُ للمحافل شاعراً
ملِكاً ، تسنَّم سدرةَ الأشعارِ


ومضيت أبحثُ عن خرائطه التي
يهوى ، وعن قاموسه الثرثارِ


عنْ بلبلٍ ، صدَحتْ بلكنتِه النساءُ
و ناغمتهُ قلائدُ الأفكار


عن خوخةٍ ، كانت تشدُّ ضميره ،
لدمشقَ ، عن حوريَّةٍ وكناري


عن نمنمات الشرق ... عن محبوبةٍ
تختالُ في إشبيليا ، بخمارِ


عن عاشقٍ ، كانت خريطتُه :
النساءَبخصرِهِنَّ يُشيدُ ألفَ مَزارِ


عن مدنفٍ ، غرقت مشاعرُه
ببحرٍ ، لا يُجيدُ به سوى الإبحارِ



* * *

فنانُ يرسم بالحروف حوادثاً
وممالكاً . . ومفاتناً . . وحواري


يحكي لكلِّ الناس . . يرسم بالهروغليفيِّ
، بالعربيِّ ، بالمسماري


فبكلِّ بيتٍ ، تستشفُّ له صدىً ،
وتطلُّ بسمتُه ، كطفلٍ بارِ


وتدورُ أفلاكُ النعيمِ بشِعرهِ ،
وتقومُ من بينِ الحروفِ سواري


تنسابُ في متنِ الأناقةَِ ،
مثلما الأفلاكُ تمخُرُ في عُبابِ بِحارِ

* * *
حيناً ، ترى كيوبيدَ ، يلمَسُ قلْبَه
فتَسيلُ دمعتُه كنهرٍ جاري


ويعوم في ماء الخليج ، ليختلي
بعيونهنَّ . . يهيمُ في الإبحارِ


عَشِقَ الجمالَ ، وهل تَرى بين الورى
حسناً يفوقُ جمالَ خلقِ الباري


وتراه حيناً يستبدُّ به اللظى
فيثورُ كالبركانِ ، كالإعصارِ


مازلتُ أجهلُ كيفَ يَكْتبُ جُملةً
بالياسمينِ . . وجملةً بالنار

* * *
لا ينظم الشعراءُ إلا قطرةً
ممَّا تدفَّق في معين نزاري


إنْ كان تؤخَذُ للأمارةِ بيعةٌ
فالسيفُ يمهرُ فارسَ الأشعارِ

* * *




ماجد الملاذي