عيون العرب - ملتقى العالم العربي - عرض مشاركة واحدة - قلم ذهبي

**دقيوس و مقيوسxd** · #1 03-10-2016, 10:44 PM

قصة رائعه

Zizi

أتعرف ما هو اقدم شعور لدى البشر ؟
إنه الخوف .. نعم الخوف
عندما يشعر البشر باقتراب الموت .. فإنهم يتمسكون بالحياة بأسنانهم
و يناضلون من اجل أن يستمروا في العيش .. و الخوف هو ما يحرك
هذه الرغبة .. مع أنهم ينسون أنهم سيموتون في يوما ما

-هل سمعتي بقصة شبح القطار ؟

- شبح ؟... لا
- يقال أن هناك فتاة وقعت على سكة القطار .. و عندما حاولت الوقوف فات الأوان فقسمها القطار نصفين
- حقا .. هذا مروع جدا
- يقال أن شبحها يتجول ليلا .. بنصف جسد و بلا أعين .. و قد إختفى كثير من الناس بعد تلك الحادثة
-ماذا .. لا أريد أن أختفي أيضا .. لن أذهب إلى هناك أبدا
لقد كان هذا الحوار يدخل أذنيه بدون إذن منه أو أي رغبة فيه .. أدار وجهه إلى نافذة الزجاجية متفاديا ذلك الكلام أو كما سماه ثرثرة الأغبياء .. نهض من على الكرسي بعد أن شرب فنجان قهوته و ترك نقودا على الطاولة مغادرا المقهى.. تجاوز الطرقات في حين كانت الشمس تغرب و هي تنشر آخر أنوارها على شعره مفحم و تعكس عينيه السوداوتين وميض الشمس البرتقالي .. كانت ساقاه تعرفان إلى أين المسير بوضوح .. نعم .. إلى محطة سان برك حيث يسكن شبح القطار.. توجه نحو نافذة بائع تذاكر فور وصوله المحطة .. نظر إلى بائع التذاكر الذي كان يوشك على المغادرة .. إستوقفه كين قائلا : مرحبا .. أريد تذكرة واحدة لركوب القطار
_ أنا مغادر .. ألا ترى هذا
_ لكن الوقت مبكر على مغادرتك
_ ليس من شأنك ... إذهب و عد في الصباح
_ لن أذهب و ستعطيني التذكرة الآن
نظرة إليه موظف مستسلما: حسنا .. لكني لست مسؤولا عما سيحصل لك
أعطاه تذكرة و بتعد مغادرا بوجهه المتهكم : نصيحة إنسانية .. لا تطل المكوث هنا ..
ألقى كلماته تلك تاركا مسود الشعر ذاك خلفه .. تمتم كين بسحقار لذلك الذي حدثه ببرود شديد : أخرق
غادر المكان بسرعة كما لو أنه يحاول الهرب .. وصل إلى مخرج و توقف أمامه : تبا .. لقد نسيت هاتفي .... سيتوجب علي العودة
....................................
بقي كين في المحطة جالسا على مقعد المقابل لسكة و في يمناه تذكرة الركوب .. لقد كان المكان خاليا لا أحد هنا .. مر وقت طويل و لم يصل القطار بعد .. رفع معصمه ليرى ساعته الفضية 11:30 ربما هي معطلة .. هكذا ظن .. أدار رأسه نحو ساعة المحطة المعلقة .. 11:30 أيضا.. لم تكن ساعته معطلة .. لقد كانت عقارب ساعة المحطة تتكتك كما لو أنها تعزف لسكون أثناء افتراسه لأي ضوضاء .. إزداد الجو برودة و بدا الوقت كما لو أنه تمرد على نظامه و توقف عن الحركة .....
أخرج تنهيدة مشحونة بالملل ثم نظر إلى نفق القطار لعله يلمح ضوء قطار القادم .. لكن لا شيء .. لا شيء سوى العتمة .. لقد كان النفق المظلم يخرج أنفاسه الباردة نحوه ’ جعلت القشعريرة تجري في كامل جسده و اهتزت روحه من رهبة الظلام الطاغي على أي لون .. نهض من مكانه ، فقد بدأت فكرة المغادرة تروق له .. أوقع تذكرت القطار أمام الحافة الفاصلة بينه و بين سكة .. تقدم إليها و انحنى ليلتقطها لكن .. يد غريبة امتدت من تلك الحافة المظلمة و أمسكت بمعصمه فأبعد يده بسرعة كبيرة و بتعد قليلا : ما كان هذا .. هل أنا أتوهم .. لا.. لقد كانت حقيقية .. لقد كانت يدا رطبة و باردة كالجليد ....
دنا من جديد ليتأكد من ما قد أمسك بمعصمه .. اتسعت عيناه و هو يرى ذلك الوجه بين أحضان الظلمة الحافة .. ذلك الوجه المستدير مع بشرته الشاحبة متشقق .. شفتان قرمزيتان تنزفان دما و مكان الأعين حفرتان واسعتان غائرتان مظلمتان .. ينسدل شعرها الجاف و المتعرج على قسماتها الميت .. هرع بسرعة نحو بوابة المحطة للخروج .. لكنها كانت مغلقة : لماذا .. لم يحل منتصف الليل بعد
إخترق سمعه صوت نداء مبحوح لكن لا يعرف ماذا يقول و لن يهتم لما يقول .. كيف يخرج من هنا .. هذا ما يهمه .. تبادرت إلى ذهنه الذهاب إلى مكتب المحطة لعله يجد من يخرجه من هنا أو على الأقل طريقا أخرى .. رغم أن هذه الفكرة تحمل المخاطرة ، لكن لا خيار ......
دخل المكتب بخوف و حذر شديدين فلا يريد أن يرى ما رآه مجددا .. ضوء خافت يكاد يظهر ملامح المكان و لا أثر لأي أحد .. لكن حواس أنفه إلتقطت شيئا ما : رائحة .. رائحة عفنة تصدر من تلك الخزانة .. أستطيع سماع أزيز الذباب من هنا
فتح الخزانة بدون تفكير .. إلا أن ما خرج جعله يندم على هذا ... أطراف بشرية مقطوعة و أمعاء ظاهرة للعيان و رأس اقتلعت أعينة : هذا الرأس .. أعرف لمن هو ..إن.. إنه لرجل الذي باعني تذاكر ..... لما فتحت الخزانة .. ما كان يجب هذا .....
رفع ناظريه للأعلى .. تماما فوق الخزانة .. لقد كانت هناك .... شبح القطار ... تلك التي كان يدعوها بإشاعة الحمقى و الأغبياء .. بدون جسد كامل فقط من الرأس إلى أسفل البطن .. لا يعرف إذا ما كانت تحدق به أم لا ’ فلا عيون لديها .. تحمل بيمناها العين التي أخذتها من الرجل المسكين و تلعقها ككلب متشرد .. إستدار للخلف و بدأ الركض بينما هي لا تزال تلعق ما بيدها .. ابتسم عولها بخبث : إلى أين ستذهب .. لن أدعك أبدا ههههههه
ركض و ركض .. محاولا الابتعاد بأي وسيلة .. نظر للخلف ليتأكد إذ ما كانت تلاحقه كما يتخيل .. إنها خلفه مباشرة تزحف بيديها بسرعة مجنونة كزاحف فقد صوابه عند رأيته لفريسته ... إتجه إلى حيث كان ينتظر القطار فلعل قطاره المنتظر قد وصل ركض بكل ما لديه حتى وصل لهناك لكن القطار لم يصل .. نظر إلى نفق الظلم و لايزال يشعر بالرهبة من ظلمة الحالكة و صوتها المبحوح صار أقرب من السابق فإنطلق نحو النفق ..لا خيار أخر لديه لينجو ...........
مزيد من الركض .. لا يسمع في ذلك النفق سوى صوت صدى طرقات حذائه على الأرض .. لا شيء أمامه سوى الظلام .. لا بصيص لنور .. بدا له النفق سرمديا و باردا جدا .. أقدامه تجري فيه لا شعوريا و لا تعرف أين المفر لكن قلبه الملهوف لم يستطع الإحتمال و أنفاسه تكاد تنقطع فتوقف إمتثالا لها .. لم يعد يسمع صوتها و لا يحس بزحفها على الأرض .. أسند ظهره على الجدار و لا يزال يلهث بقوة ..إستقرت قطرة على جبهته فمد يد ليفحصها : ما هذا .. ماء .. لكنه لزج ..قادم من السقف سأشغل ضوء الهاتف المحمول .......
إتسعت عيناه فلم يتوقع أبدا ما يراه : ما هذا ؟ ... أين أنا بحق الله ؟
جثث كثيرة مقسومة لنصفين .. منها من شنقت عنقه و منه من سمر على الجدار .. تسارعت دقات قلبه مجددا و بدأ جسده بالتعرق أكثر .. تصاعدت الضحكات من تلك الأجساد الهامدة .. هامدة ؟.. لا إنها تتحرك .. و هل يتحرك الأموات .. بدأت تلك الجثث تتحرر من قيودها متجهة نحوه : مرحبا بك ..ما رأيك أن تنضم إلينا ... تحركت شفتاه المرتجفتان : مستحيل .. هل أنا في الجحيم ؟
تمايلت أجسادهم العفنة و تلاطمت كأمواج البحر المتصارعة و تراءت له أمعاؤهم المزرقة من العفن .. أمسك معدته و غطى فمه ليمنع نفسه من تقيء و بدون أن يشعر ..إقترب منه أحد تلك المخلوقات و بدأ يتسلق جسده فقابله بضربة لا شعورية أبعدته عنه و عاد أدراجه يترنح بجسده الخائف و هو يردد : لا أريد الموت .. لا أريد الموت .. لا أريد الموت
وصل للمحطة حيث كان ..رما جسده على الأرض و أسند ظهره على عمود المقابل للباب الزجاجي و على يساره سكة القطار .. تأمل صورته المنعكسة على زجاج : كيف وصلت لهذه الحال .. جسدي يتعرق بالكامل و أطرافي ترتجف .... أنا .. أنا خائف جدا .. لا أريد أن أموت
أغلق مقلتيه على أمل أن يكون هذا مجرد كابوس ...
_ شيء ما على وجهي ... شيء بارد ..
فتح مقلتيه .. تصلبت قسمات وجهه عند رأيته لإنعكاس صورته و بجواره إنعكاس تلك الفتاة الميت لم يستطع الصراخ .. لا مست يدها الرطبة بشرته الشاحبة و المتعرقة .. لقد كانت أناملها تتلمس قسمات وجهه المتعب بينما فقدت حواسه الإحساس لدرجت أنه لم يشعر بنفسه و هو يتبول على سراويله من الرعب الذي قيد عظامه و جعل عقله في حالة سبات عن التفكير .. أطرافه ترتعد كما لو أنها صعقت بالكهرباء و عيونه التي لم تجد سوى الدموع لتصرخ بها .. قربت و جهها منه لقد كانت قريبة لدرجة أنه استطاع سماع استنشاقها لرائحته كما لو كانت ساقطة تشتم عطر رجل سافل .....إبتسمت أمامه بخبث : مرحبا .. سأجعلك تنضم لمجموعتي الرائعة من الجثث .. ما رأيك

إرتجفت قزحتا عينيه و أخرجت دموع خوفه : أرجوكي .. دعيني أعش .....
غرست أصابعها في عينيه ... صرخ بكل قوته ... نهض أخيرا فلقد حرره ألمه الشديد من جليد الخوف .. تخبط جسده على الأرض .. حاول الوقوف ليبتعد لكنه تعثر و سقط على السكة تماما
توووووووووووووووووت
إنه صوت القطار القادم .. حاول نهوض ليبتعد عن طريقه .. و في اللحظة التي وقف فيها .. فات الأوان 7:00 صباحا .. وصلت سيدة للمحطة لتركب القطار وتذهب إلى عملها .. وقفت أمام السكة تنتظر قدومه ... وصل القطار و انفتحت أمامها أبوابه .. سارعت لدخول لكنها توقفت ... دوت صرتها في الأرجاء لما تراه و سقطت على الأرض لهول ما تراه ... نصف جسد معلق بالمقلوب تتقاطر دماؤه على الأرض ... أمعائه في كل مكان من المقطورة ... أما رأسه ..... فقد كان ..... بلا أعين .

ظلام .. خوف .. موت
لا تظن أنه لا وجود لي لأنك لا تراني
انا هنا
حولك في كل مكان .. انا شبح لكن ليس كالاشباح
انا حقيقة لا خيال .. وجدت من روح سوداء
لا تتجرأ على دخول مخدعي
لأنك لن تخرج بعدها