عرض مشاركة واحدة
  #33  
قديم 03-17-2016, 09:51 PM
 
لم يستطع ذلك الرجل أن يفهمَ كلمة واحدة مم سمع قبل قليل حتى أنه راح ينظر إليه بتعجبِّ كبير ، يستغربُ كيف يستطيع هذا الشابْ محادثته بهذه الطريقة ، رغمَ أنه أصغر سنا و أقل خبرة إلا أن كلماته واضحة ومليئة بالقوَّة ، فكر بأنه لن يكونَ قادرا على الوقوفِ أمامه بهذه الطريقة لو لمْ يكن يحملُ لقب " براسيت " خلف اسمه ، ذلك هو السبب الرئيسي طبعًا ، بقي ينظر إليه بتطرف قبل أن يضيف " إيرل " آخر كلمات أصابته بانزعاج واضح ، قال : أظن بأنك تفكر في إقامة مشروع على أحد الأراضي و لا أعتقدُ بأن أهاليْ تلك الأرض سيسمحونَ لك خاصة بأنها تعجُ بأصحابِ الملاجئ ! ..
بدت المفاجأة على السيد حالما طرقت كلمات " إيرل " مسامعه ، صحيح بأنه قد أفصح عن رغبته في إقامة مشروعه على أحد الأراضي ولكن كيف علم هذا الشاب بأنها تلك الأرض هو حتى لم يقم بالتلميح عنها ، حملت عينيه الكثير من الأسئلة الجادة يحاول فهم ما قد يرمي إليه من خلف حديثه المبتذل ، لمْ يستغرقْ " إيرل " الكثير من الوقتْ قبلَ أن يهتف بنبرة غريبة أثارت غضبَ " ماكبريد " حيثُ هتف موضحًا : لا أظن بأنك ستكونُ مضطرا إلى محادثتهمْ أو إرسال إخطار لهم بعد الآن لأنه يجب عليك أن تتحدث مع صاحب الملجأ الجديد ! ..


اختنقت ملامحه شحوبا وظلَّ ينظر صوب من وقف أمامه بانتصابِ يلجمه بمفاجآت متتالية ، حتى أنه لم يستطع الحديث لشدة صدمته ، هل بيع الملجأ يا ترى ؟ ، والأرضُ أيضا ! ، الفرصة التيْ كان ينتظرها طويلا ، ضاعتْ بلا رجعة ! ، استمع إلى كلمات " إيرل " المواليَّة تلك التيْ قامت بتوضيحِ كل شيءْ : كانت السيدة تفكر مسبقا بضمّ ِ تلك الأرضِ لها ويبدو وبأنَّ مساءَ البارحة كان الوقت المناسب لذلك ! ..
لمْ يستطع " كلارك " الوقوفَ في مكانه أكثر ينظر إلى من ألجمه عن الحديثِ حتى أنه لمْ يترك له فرصة ليتكلم ، لمْ يفكر يوما في الدخولُ بمواجهة مع تلك السيدة فذلك أِشبه بالكابوسِ ، لم تخلو عينيه الغائرتين من نظرة غريبة جعلت من " إيرل " يتوجس ريبة إذ أنه راح يتطلع إليه فيم يستأذن منه بحجة رغبته في محادثة أحد الأشخاص ، بدون أن يجادل أو أن يناقش أكثر ، كيف بإمكانه فعل ذلك وهو في مكان يعجُ بأشخاصِ على شاكلته ! ..
زفر " إيرل " القليل من الأنفاسْ بقوة قبل أن يتنبه صوبَ من ضحك بهدوءْ وكأنه يرغبُ بذلك لفت انتباهه لا أكثر ، أدار عنقه صوبه ليرقب " جيفريس " يقترب من مكانه وقوفه هاتفا : يا لك من طفل متمرد ! ..





نوافذ الطابق العلويْ مغلقةُ بإحكام وكذلك أبواب الغرف ، أمسكت بمقبضِ الباب الخلفي في المطبخ وقد كان موصدًا أيضا لم أستطع إخفاء ارتيابي حال رؤيتي له يتحرك بسهولة ، فبالرغم من أنه من الخشبْ إلا أنه متهالكُ قليلا حتى أن يحتوي على بعض الفتحات البسيطة في أسفله ، كيف ل " إيرما " أن تتحمل البقاء وحدها هنا إذا ما قرر عمي قضاء إحدى لياليه في الخارج ؟ ، إنها حقا لا تخافُ شيئا تلك المزعجة ، لو كنتُ أمتلك القليل من شجاعتها لما سمحتُ لذلك الرجل المخيف أن يعاملنيْ بتلك الطريقة المخيفة ، إنه مريبْ ومخيفٌ كثيرا ، تمنيتُ أن تشرق َ شمسُ الصباح سريعا لأبصر أبيْ وعميْ يعودانِ عندها فقط سيرحل هذا الكابوس الرعبْ من هذا المكان ! ..


زفرت بشيءٍ من الضيق عندما قررت العودة إلى الصالة حيثُ تستلقيْ " إيرما " على أحد الأرائك بملامح مصفرة ، تنظر إلى الفراغ بصمت وكأنها على وشك فقدان الوعيْ ، وَ .. لا ، صاحبُ الشعرِ المشيب والعينين الغائرتين لم يرحلْ ، كيف لذلك المخيفُ أن يتخلى عن ابنة صديقه الغالية وهيَّ في موقف كهذا ، فقد اتخذ الأرض بالقرب من أريكتها مقعدًا بينما شمر عن ساعديه ممسكا بقطعة من الثلج واضعا إيَّاها على الذراع الأيسر ل " إيرما " ، كانت تطلبُ منه مرارا أن يتوقف عن هذا قائلة بأنها ستتحسن لاحقا ، فالحرقُ الذي حدث لها هين وبمقدورها أن تتكفل بأمره ، لوحدها ! ، كنتُ أعلمُ بأنه سيطلبُ الالتصاقَ بهذا المكان متحججا بكونه الوحيد الذي يستطيع تقديم المساعدة إن ساءت حالتها أكثر ، إلا أنَّ الترجمة الحرفية لكلماته كانت [ سأبقى هنا خشيَّة أن تخبركِ تلك الفتاة شيئا ] ، عمي كيف لك أن تضع ثقتك فيْ شخص مثير للرعبِ كهذا ! ..


لم تكن " إيرما " قادرة على مجادلته أكثر فأغمضت عينيها بشيءٍ من التعبْ وبدت وكأنها توشك على النومِ ، بدت أنفاسها منتظمة إلا أن ملامحها بدأت تتحول للشحوبِ والاصفرار أكثر ، نهضَ " جريجُر " من مكانه ، قام بتعديلِ أكمام قميصه وبتلقائية وجدته يتوجه صوبَ الطابق العلويْ تقدمت نحوه بانزعاج فيمَ همست به بشيءٍ من الفظاظة : ماذا تظن نفسك فاعلا ؟!
ألقيت نظرة على " إيرما " إذ أنني خشيت استيقاظها ولكن ذلك لم يحدث ، عدت أنظر صوبَ ذلك الرجل الذي توقف على إحدى درجات السلم فيمَ يدير جسده إلي ، يتصرف كما لو أنه مالك المنزل ، ذلك العجوز المزعج ، أظهر بسمة ماكرة على وجهه فيمَ قرر مجاراتي بالهمس إذ أنه بدى ساخرا من طريقتي : لا أظنك تريدينها أن تصابَ بنزلة برد أيضا !

لا أعتقدُ بأني قادرة على تحمل وجوده أكثر من هذا ، منذ الصباح وهو يحاول ممارسة دور الجلاد عليْ حتى أنه لم يترك لي الفرصة للاختلاء ب " إيرما " وإخبارها بكل مخاوفي عنه ، ضغطت على أصابعي بشيءٍ من القوةَّ وقمت بما أستطيع لأكتم غيظي ، تجاوزته سريعا لأصعد ، ولأقرب غرفة توجهت انتشلت غطاء السرير بسرعة ثم عدت أدراجي إلى حيث تنام هيَّ ، مازلت أذكر صوتها الفزع المرتعبْ بأذنيْ ! ، إنها مسكينة فعلا ، وجدت في كلام ذلك الرجلْ شيئا من المنطق إذ أنه قال بأنه لن يكونَ قادرا على اصطحابها للمشفى بسبب عينيه التيْ لا تستطيع الرؤية جيدا ليلا كما أن المسافة من هنا إلى العاصمة طويلة وقد يوجعها حرقها أكثر ، أدرت رأسي صوبَ " جريجُر " الذي وقف على مقربة من الأريكة ، اغتصبتُ ثقة غريبة أحاول بها عدم إظهاري خوفي منه رغم أني أرتعد من الداخل ، تحدثت قائلة : سأقضيْ الليلة برفقتها هنا ، وأظنُ بأننا سنحتاجك للحراسة لا أكثر !







رمقني بصمت قبل أن يهتف باسما وبتهكم أضاف : تحتاجين لتعلم أساليب الحديثْ ، ليت والدك دودة الكتبْ كرَّس بعضَّا من الوقت لتعليمكْ !
أمسكت لساني عن شتمه ولم أكلِّف نفسي عناء إخفاء انزعاجي عنه إذ أنني بدأت أرمقه بحقد واضح ولكم تمنيت تمزيقه بأصابعي تلك اللحظة ، ترك المكان الذي يقف فيه قبل قليل وخرج من الباب الرئيسي فكما يبدو لي وبأنه سيقضيْ الليلة في الشاحنة ، عجَّلت من خطواتي وأغلقت الباب خلفه كما أوصدته بالمفتاح ، تلك الدقائق التي قضيتها برفقته كانت كالجحيم بالنسبة إلي وكم كنتُ كاذبة ناجحة عندما أخبرته بأني سأكون قادرة على النوم في حال كان هو موجودًا ، أستطيع القول بأنه سينتهز الفرصة ليقومَّ بخنقيْ لا أكثر ! ، أتمنى لو يقابل ذلك الشابْ في الخارجْ ويجهز عليه حينها ، اهدئيْ " لوسيانا " أنتِ فقط مصابة بالذعر وتحتاجين لكثير من الراحة !


زفرتُ بشيءٍ من الارتياح واستدرت للخلف صوب الأريكة المقابلة ل " إيرما " لولا تذكريْ لشيءٍ ما أخبرتني " إيرما " مرَّة بأن والدها يحتفظُ بهاتفٍ فيْ درج المنضدة القريبِ من المطبخ أظن بأنني سأبعد القلق عن نفسيْ لو استطعت محادثة أبي ولكن حقيقة أنه لا يملك هاتفه أزعجتني حتى أن عمي لا يملك واحدا ، ضغطت على الهاتف اللاسلكي بين أصابعي وفكرت بالحديثِ مع والدتي فربما ستكون قادرة على إبعاد الخوف عني ، نظرت إلى وميض الضوء الأحمر في الهاتف ذاك الذي يدل على وجود رسائل صوتيه ، أذكر بأن " إيرما " أخبرتنيْ ذات مرة أيضا بأن والدها أمرها بعدم تفحص الرسائل الصوتية التي تصل إلى الهاتف وهيَّ لبَّت طلبه بكل طاعة و لو كنت مكانها لما تركت والدي ينعم بليلة هانئة من كثرة أسئلتيْ التي سوف تصيبه بالصداع ، حاولت أن أردع فضولي ولكنني لم أنجح هذه المرة أيضا ؟ لو لم يكن الأمر خطيرا لما طلب من " إيرما " عدم تفحص البريد الصوتي ! ، ربما لو قمتُ بإخبار والديْ فقد يستطيع مساعدة عمي بدوره ! ، أعنيْ .. ربما ! ..


عموما ، ضغطت على زر الإجابة وباشر أول بريد تلاه الثاني فالثالث ، كانت جميعها لامرأة غريبة كل ما تقوم بقوله هوَّ [ مرحبا ، كيف حال " إيرما " ؟ ] ، غريبْ لمَ ستقوم بإزعاجه باتصالاتها ما دامت لن تنطق سوى بهذا و ما صلة القرابة التي تجمعها ب " إيرما " يا ترى ؟ فطنت لصاحب البريد الخامس حيثُ ظلَّ صامتا لفترة من الوقت ولم ينطق بحرف واحد و لكن تلا ذلك صوت رجولي هادئ يشوبه بعضُ الغموض هتف ب [ أراهن بأنك لن تتعرف على صوتي حتى ، أليس كذلك ؟! .. لم أتصل لأطمئن عليك أو حتى لإخبارك عن أحوالي أعلم بأن هذا آخر شيءٍ تودُّ سماعه مني ، على كلٍ كما هيَّ العادة سوف يصلك أثاث المنزل الجديد اهتم به جيدا بالإضافة إلى بعضٍ من العمال سيقومون باستبدال طلاء لجدران بآخر جديد ..

.. آوه ، ترهاتك التي تخبرني بها عن كونك لا ترغبُ في استقبال أي شيءٍ مني أنا لا أفعل هذا من أجلك أيها السيد بل من أجل " إيرما " فلو كنتَ شديد الملاحظة لرأيت بأنها لم تعد تستقبل أصدقاءها كثيرًا في المنزل وذلك بسبب خجلها من منزلك المغبر القديم ، أيها المزارع .. حظا طيبًا
] ..


أغلقت الخط بسرعة وأعدت الهاتف إلى مكانه ، لقد اقترفت خطأ عظيما ما كان عليَّ رؤية البريد الصوتي ، ما بال هذين الاثنين يا ترى ؟ وَ لمَ هما شديدين الاهتمام ب " إيرما " ، لا أظن بأنها تملك أقارب سوانا ، كنتُ أعلم بأنَّ هذا المنزلْ لن يتغير فجأة هكذا ! ، هل السبب في هذا هو ذلك الرجل المريبْ ! ..




تمَّ البارت الرابع ..

شكرا لمتابعتكم إلى هذا الحد ..
أحداث روايتيْ تبدأ من الفصل القادم ..
ما سبق كان مجرد تمهيد فقط ..

دمتمُ بخير ..
__________________
سبحان الله وبحمده
سبحان الله العظيم

Sleeping Beauty | Ghasag
رد مع اقتباس