عرض مشاركة واحدة
  #27  
قديم 03-20-2016, 04:07 PM
 
##

الفصل السابع : "حديث فتيات!"

ثﻼثةُ أيام ! ثﻼثةُ أيام ! ثﻼثةُ أيام !

تلكَ الجُملة الوحيدة التي كانَت تَتَكرر برأسي طوال الثﻼثة أيام الماضية ! حتي في كوابيسي !
أُغشي عليّ يومان ! والثالث مرَ وأنا أُقنع أخوتي ! وهاهيّ ثﻼثة أيام آُخري تمُر وأنا أنتظر أن يُلقي أبي نظرة علي القضية !

هل تأخُذ سبع قضايا كُل هَذا الوقت حقًا؟!
مُنذُ يومان كُنتُ أُحاول أقناع نفسي بأنّ أبي يُخيفَني فقط ! بالطبع سَينظُر فالقضية ولِمَ قد ﻻ يفعل ؟! هَذا واجبُه ! هوَ الملك !

لَكن أبي أخذَ اليوم الذي يليه عُطلة ! أعطي المملكة كُلها عُطلة رسمية بدون سبب واحد معروف!
هل يُريد أغاظتي يا تُري ؟! رُبما ﻻ يُريد أن يَنظُرَ بها أصﻼً !لَكن هَذا ليسَ عدﻻً !!

كُنتُ أذهب إلي تَدريباتي كَالعادة! أُحاول أن أكونَ أفضل ! أُحاول إصﻼحَ اﻷمور ! تمامًا كما تمَنت مينوري !
لَكن اﻵن لم تَعُد لديّ الرغبة في فعل شيء !
هاأنا أستَيقظ من كابوس أخر ! في يوم جَديد يُصادف أنهُ اليوم السابع مُنذُ إصدار الحُكم !
أي أنهُ إن لم يتم النَظر بالقضية اليوم لن يتم النظر بها أبدًا!!

"ﻻ يتم اﻷعدام أﻻ بعد مرور سَبعة أيام من تاريخ إصدار الحُكم !"

أخَذَ صوت المُعلم جرايفين يَتَردد في رأسي حتي ظَنَنتُهُ سَيثقُبُها ! جَعلني أفقد أعصابي لِأصرُخ وأنا أُلقي بوسادتي عن السرير : نَعَم أعلم ! اليوم هوَ اليوم الأخير !

مازلتُ أشعُرُ بالضيق ! نَهضتُ عن السرير وبدأتُ بألقاء كُل اﻷشياء القابلة للكسر علي الحائط !!
حتي شَعرتُ بالراحة ! أو رُبما التعب !

عُدتُ من جَديد لِأستلقي علي سريري وأُحدقُ بالسقف ! أشعُر بخمول ﻻ مَثيلَ لهُ ! ظَللتُ هَكذا لفَترة حتي شَعرتُ بشيء حار يسيل علي وجنتي !

دموع ! نعم أنها هيّ ! مؤخرًا أصبَحتُ أبكي بدون أن أشعُر فَقط دموع تَسقُط بصمت !!

البُكاء بدون صوت !

يَختنق الهواء بدَاخل حَنجَرتي! وأشعُر باﻷحتقان في حلقي وكأنَ قبضة من اﻵلم تُطوقُ عُنُقي !!
انقَلبتُ علي جنبي وضَمَمتُ ساقيّ لصَدري ! لم أذهب إلي التدريب اليوم ! مع ذَلك لم يكلف جوي أو ماديسن نَفسَهُ بالقدوم إلي غُرفتي ليري ما اﻷحوال !

لَقد زارني جوي مُنذُ يومان ليأخُذَ البلورة ! وَلحُسن الحظ قمتُ بصناعة نُسخة منها قبل أن أُعطيه أياها !

كُل ما وَعيتُهُ كانَ صوتُ طَرقِ باب غُرفتي لِأنهضَ كي أفتَحَهُ وأنا أنظُر من نافذة غُرفتي مُتفاجئة من كون الشمس تَغرُب والليل يَقترب !!

بحق الله ! لَقد أستَيقظتُ للتو !!

عندما فَتحت الباب استقبلتني لين بأبتسامة مشرقة من ابتساماتِها وهيّ تَدخُل : مرحبًا!
وَتلتها آروجانِت في الدخول بدون حتي أن تلقي السﻼم : هيّ من أحضَرتني معها !
وكادَ ليونس يدخُل لوﻻ أنَ لين دَفعتهُ : الفتيات فَقط !
فأعتَرضَ مُتذمرًا : ماذا ! لَكن أينَ يجب أن أذهب !؟
- وما أدراني !أذهب للتنَزُه في مكانٍ ما !!

سحب لوسيوﻻ ليونس المُتذَمر من ذراعَهُ : سَنعود بَعد ساعتين !
أومأت بخفة ثُمَ أغلقَت البابَ خَلفَهُ!

- هَل تَظُنينَ حقًا أنهُ سَيعود ؟!
هَذا كانَ ما سألتهُ لين بفضول لتُجيبها أروجانيت بنبرَتها الباردة المُعتادة : أنهُ دائمًا يفعَل!

لو لم يكُن لوسيولا هاروكو بديل ما كان ليُسئل هذا السؤال!

بَعد تلكَ الجُملة سادَ الصمت لثواني حتي قَطعتُه : إذَن .. لمَاذا أنتُما هُنا ؟!
- ماذا ! أﻻ يُمكنُنا زيارة صديقتنا المُقربة من وَقت إلي أخر ؟!
قالت لين هَذا مُراوغة فَنَظرتُ حينها إلي آروجانِت لتَقول : أحضَرتني معها لأنَ الحُراس ما كانوا ليسمحوا لها بالدخول وحدها ! فكما تعلَمين "غير مسموح لﻸشخاص العاديين بدخول قصر اﻷُسرة المالكة !"
ثُمَ أردَفت بفخر : لذا كانَ علينا أن نستَغلَ مَنصبي كابنة الوزير !
فقالت لين مُكملة حديثها : نَعم ! السيد أدوارد !

ما مُشكلتهُما ؟! ما عﻼقة كُل هَذا بسؤالي ؟!
أعدتُ سؤالي من جديد بتمَلمُل وأنا أحُك رأسي : بربكُما ! ما اﻷمر ؟! تَعلمان أنكُما ﻻ تُجيدان التمثيل ،صَحيح ؟!
أخذت لين تُقلب نَظرها في الغُرفة لثواني حتي أستَقرَ علي السقف : أتَعلمين ؟! لدَيكِ سَقف رائع حقًا!!

صَرختُ بغيظ لتَنظُرَ لي برُعب حقيقي فَـ لطالما كانت لين تَتَصرف بطفولية وبراءة مُستَفزة في بعض اﻷحيان لَكني لم أكُن أصرُخ! لم أكُن قط بالشخص الذي يُمكن أغاظَتُه أو أغضابُه بسهولة!

راقبتُ آروجانِت تأخُذ نَفسًا عميقًا لتَقول : آآه سمعنا عن ما حدثَ في اختبارِك .. وما حدَثَ للهاروكو البديل خاصَتك .. وبذكائي الخارق أستَطعتُ أستنتاج كون اﻷمران مُترابطان !
-وااو عبقرية ! لَكن هَذا لم يُجب عن سؤالي !!
- أتَرغبينَ في أن نرحل ؟!
هَذا ما قالتهُ لين مُتدخلة في الحديث ،فَكرتُ لثواني قبل أن اُجيب : ﻻ ! علي اﻷطﻼق ! لَكني فقط اتساءل!

خَيَمَ الصمت علي المكان لثواني قبلَ أن تَقول آروجانِت : فَكرنا أنهُ يجب أن نكونَ إلي جوارِك !
- نَعم ! نحنُ أصدقائِك ، تتَذكرين ؟!

ﻻ أدري ماالذي شَعرتُ بهِ حينها، ربما اﻷمتنان الشديد ! شَعرتُ بعينايّ تدمعان لَكني لم أُحاول أﻻ أبكي أو حتي اﻻختباء بل بدأتُ بسرد كُل الموضوع وهُما في حالة من الصمت!
وبَعد أن صَمتُ لم تنطق أحداهُما بحرف فأكملت : أشعُر بالذنب مُنذُ اﻵن !
- ﻻ يجب أن تَشعُري بذَلِكَ ! لقد بذلتي كل ما بوسعك!
- إلي جانب أنهُ لم يُعدم بَعد، يجب أن تكوني أكثرَ تفاؤﻻً!
- أكثر تفاؤﻻً ! ماالذي تقولينَه ؟! أنا ﻻ أستَطيع فعل شيء سوي الجلوس هُنا والدُعاء !
- وماذا بذَلِكَ ؟! لندعو جميعًا!
أخذتُ نفَسًا عميقًا ثُمَ أخرجتُه : نَعم ! أنتِ مُحقة يجب أن أكونَ أكثر تفاؤﻻً ! لَقد فَعلت كُل ما بوسعي ! كما أنهُ لم يحدُث شيء بعد ! صَحيح ؟!
- صَحيح !
قالت هَذا آروجانِت وهيَ تبتسم وتُربت علي كتفي بعدها أردفت : لنُغير هَذا الجو الكئيبَ يا رفاق !
- أوه أوه أنا عِندي فكرة ! أنا عِندي فكرة !
قالت لين هَذا وهيّ ترفع يدها كمَن يُريد اﻷجابة علي سؤال طَرحُه المُعلم !
- يا إلهي ألهمني الصبر !
هَكذا تمتَمت آروجانِت لنفسها لَكني سمعتُها بعدها أردَفت : أسمعينا أفكارك النيرة يا لين !
تَمتمت لين بشيء ليَظهر القاموس العمﻼق فجأة في مُنتصف الغُرفة جاعﻼً أيايّ أنا وآروجانِت نُجفل ونَبتعد بسُرعة قافزتان فوقَ السَرير !
- مَجنونة ! كدتِ تَقتلينا !
- عندَما تَستدعي هَذا الشيء أعطي علي اﻷقل تَحذيرًا! لقد أخذَ نصف مساحة الغُرفة !
- لماذا أستدعيتيهِ أصﻼً ؟!
- نَعم ! لماذا ! ﻻ يستدعيه سوي المهوسيين !
- بهِ صور جميلة حقًا ! كما أنهُ ليسَ للمهوسيينَ فَقط ! مَن يُريد تَعلُم أساسيات السحر يجب أن يَدرُس مِن ذَلِكَ القاموس الذي ﻻ يُعجبك بِجِد !
- ﻻ يُهم !
قالت آروجانِت هَذا وهي تُشيح عن لين بوجهها رافضة اﻷعتراف أنها مُحقة !
- علي أي حال؛ افسحوا لي مكانًا!
قالت هَذا لين وهيّ تَقفز لتَجلِس بيننا ثُمَ لمَست القاموس قليﻼً بكفها اﻷيمن وهيَّ تُتمتم بشيء لم أفهمُه نهائيًا! وكأنهُ نوع غريب من السحر لم يَسبق لي أن جَربتُه ! بعدها قالت : اطفئوا اﻷضواء !
- لماذا ؟!
- فَقط افعلي!
أطفَئت آروجانِت اﻷضواء لتَظهَر العديد من اﻷجسام الﻼمعة المُضيئة طافية في جو الغُرفة !
- جَميلة ! حقًا أنها ساحرة !
- ماذا تَكون ؟ !
- نجوم !!نماذج مُصغرة من نجوم مجرة الدرب اللبني !!
- مهوسة !
- شُكرًا!
- هل يُمكن لمسها ؟!
- علي اﻷغلب ستَكون ساخنة ! لَكن أنا ﻻ أدري حقًا! , هل تَودينَ التَجرُبة ؟!
- نعم !
هَذا كانَ أخر ما قالتهُ آروجانِت قبلَ أن تُمسك بأحد تلكَ النجوم الﻼمعة وبَعدها ألقتها مُجددًا بسُرعة : تبًا أنها حقًا ساخنة !!
- أودُ لمس تِلك !
قُلتُ هَذا وأنا أشير علي واحدة كبيرة بعض الشيء وذاتَ لون قُرمُزي
- أنها بَعيدة ! وبطولَكِ هَذا لن تَصلي إليها !
- أنا لستُ قصيرة !
- بلي ،أنتِ كَذَلِك !
- حَسنًا رُبما قَليﻼً !
- كما أنها علي اﻷغلب أسخن من التي لمَستُها ! أعني .. انظُري إليها! تَبدو كَكُرة مُشتَعِلة !!
- ﻻ أهتم!
-حسنًا لَكن تَذكري أني حَذرتِك من يلعب بالنيران يَحترق!
وَقفتُ علي السَرير وَمَددتُ يدي تجاه تلكَ النجمة لَكن الغريب أنها عَبرت بداخِل يدي !!
- هل رأيتُما هَذا ؟!
- ﻻ بُدَّ أنَ هُناكَ خطئًا ما !! جَربي مُجددًا !!

جَربتُ من جَديد وَنفس النتيجة !

- ﻻ يُمكنُني لمسُها !
- دَعيني أُجرب !
هَكذا قالت آروجانِت قبلَ أن تُمسكها وتَرميها مُجددًا!
- رائع ! اﻵن أصبحَ لديّ حَرق بكِلا كفايّ !
- ﻻ تُبالغي ! القليل من سحر اﻷنعاش وستَعود كَالجَديدة !
- كَالجَديدة !! ﻻ تتَحدثي وكأنها لُعبة !
قاطعتُهما قبلَ أن يبدئا شجارًا من جَديد : ما قصة تلكَ النجمة ؟!
- ﻻ أدري ! يُطلق عليها الهنود في كوكب اﻷرض "روهيني" !
قرأتُ مرة أنها تَعني "مَنزل القَمر" ومَرة آُخري قَرأتُ أنها تَعني ...
صَمَتت قَليﻼً فأستَحَثَيتُها أن تُتابع :
ومَرة آُخري قرأتُ أنها تَعني " The red one " لذا فأنا ﻻ أدري حقًا ماذا تَعني تلكَ الكَلِمة لَكن العرب أطلقوا عليها اسم الدبران !
- الدبران !! أسم غريب ويبدو قَبيحًا أيضًا!
- سُميَ بذَلِك لأنهُ يتبعُه نجوم آُخري كثيرة قد تخيلها العرب قطيعًا من الخراف إلي جانب كَلبان يحرُسان الخراف مَعُه !
- كﻼب وخراف ! أنا ﻻ أفهم شيء !!
- حسنًا اسمعي ! إنها أسطورة لذا ﻻ تسأﻻني عن أي شيء لأني ﻻ أعلم! أتفقنا ؟!
- أتفقنا !
- أتفقنا !
- كانَ الدبران شاب فقير وقد أحب فتاة غنية ولم يستَطع الذهاب لطَلب يدها وحدُه فطَلبَ من القمَر أن يَذهب مَعُه !
- مُغفل !
قالت هَذا آروجانِت بعد أن ضَحِكَت بسُخرية !
- آروجانِت ! دَعينا نَستَمع !
أشارت لنا أروجانيت بأنها لن تفتح فاهها فأكمَلت لين : فوافَقَ القَمر وذَهبَ مَعُه !
كادَت آروجانِت تَختَنِق وهيّ تُحاول كَتم ضَحِكَتِها لذا تَركناها تَضحك وبعد أن انتهت أكملت لين : لَكن الفتاة لم توافِق عليه !
- أحضَرَ لها القَمَرَ ولم توافق !! إنها حَمقاء !
- ولم يَكُن لديهِ سوي بَعض الخراف فأستَمرَ يتبعها أينما ذَهبت وهو يَعتني بهُم "يُدَبِرهُم" لهَذا سُمي الدبران !!
- أستَمرَ يتبعها إلي مَتي ؟!
- ﻻ أدري ! لم يُذكَر !
- أستَطيع رؤية الخراف .. وكَلبيه أيضًا! وأنا التي ظَنَنت النجوم مُبعثَرة بعشوائية !
- أنهُ وفي جدًا!!
- من ؟!
- الدبران !
- ومن يَهتم !!
قالت هَذا آروجانِت ﻷصيحَ فيها بمُزاح وأنا أقذفها بالوسادة : لقد بدأتِ تُزعجينني !!
وبَعدها ﻻ أدري كيف حَدث هذا أو ماالذي بدأ حرب الوسائد والكَثير من الضَحك !
وفي النهاية غَفوتُ من جَديد وأنا أُحدق إليَ تلكَ النجمة التي يُمكن للجميع لمسها عداي !! بينما لين وآروجانِت مَشغولَتان بالشجار حول شيء ﻻ أعرفُه !

___

|يَتم جَري بقسوة إلي مكان ﻻ أعرفُه عبر مَمَرات كَثيرة مُظلمة وباردة !
حَتي أنتهي بي المَطاف في ساحة كَبيرة مَليئة بالضوضاء ، العَديد من الناس يَهتِفون لشيءٌ ما ﻻ أعرفُه ،فَجأة أضاءت بُقعة في تلكَ الساحة حَيثُ وَقَفَ أحدُهُم مَصلوبًا مُنكسًا رأسُه !تَفاديتُ النَظَرَ إليه خَوفًا من أن يَكون حقًا هوَ !!
أخَذت أنظُر إلي الجاهير الجالسة في المُدرجات ، شَعرتُ بالدموع تَنحدر من عَينيّ ولِسبب ﻻ أدريه أسرَعتُ بالنَظر إلي حَيثُ يقف لِأُفاجأ بالمنجَل الذي أطاحَ برأسُه في الهواء ! ارتَطَمَت بصَدري ! لِأبتعد بسُرعة ! وتَتَدحرج أمامي علي اﻷرض ،مازالَ فاتحًا عَينيه ناظرًا إليّ بنَظرة غَريبة لم أفهم معناها ! لَكنهُ بدا مُستنجدًا ! الدماء في كُل مَكان ! مﻼبسي ! يديّ ! أنا مَن فَعلتُ هَذا !!|

-انتهي الفصل السابع.
رد مع اقتباس