بركات ملونة بالإخضرار (بقلمي)
وإنْ كان هو
ذاك زمان الإنهزام !!!
إنْ كانتْ هي
حقيقة مأساتنا الكبرى
أنْ تهرول مواكبها هادرة
تنتشي فوق أشلاء الحطام
فكيف لا تنتحبين يا سيّدة العصور !!
كيف لأدمعكِ المفجوعة
التقوقع بين براحات المآقي
لا ترفع رابات التمرّد والصدام
كيف لا تقذفين باللعنات لاهبةً
في وجه الإنهزام ؟؟؟
كيف لا تتبرجّين بالنواح
وكيف لا تنصبين الخيام ؟؟؟
فهناك يا سيّدة العصور
على أكفّ
الصلصال المنسيّ
تحت أحضان الظلام
قد ماتت
نبرة الحقول الخلاسيّة ظلماً
بين مطرقة الوجيع
وبين سندان الركام
قد يبستْ مضاجع نخلة حسناء
كانتْ تحتفي لشبق الضوء الوسيم
وانطوى شدو اليمام
أين الصفاء ؟؟
أين الضياء؟؟؟
اين السلام ؟؟
أين السنابل ؟؟
أين العنادل ؟؟
أين المواويل تشدو ؟؟؟
أين اسراب الحمام ؟؟
هناك يا سيّدة العصور
قد إرتحل الغمام
وأطلّ علينا من وسط الزحام
ظلام بائس أرعن عنيد
طفق يبذر أشواك الخصام
يمزّق أحلام الحقول تعّسفاً
يهزأ بأشواقها تزمّتاً
ولا يحفل باشواقها أن تضام
لا يأبه أن تهوي أحلامها
في غياهب جُبّ سحيق
ثائر الضرام
تنزف الحقول
ناراً تلو نار
هذيان أشجار
ناحلة الأضلاع
على وسائد الجدب المخيف
عصافير صرعى
بين مسام الحقول
ورفات أغصان عافها
دفق الخريف
أين شدوها؟؟
أين قيثارتها ؟؟
أين صوتها العذب يسري
في رحاب الأفق الوريف ؟؟
كان بوحها معتق
بأهازيج النسيمات الحالمات
وبشريات الجمال
وروائح الطيّن العفيف
عيونها عارية
قد خلعت رداءات النضّار
وكسا مقلتيها
حرف من سقام
كيف لها أن تسلو
شذى عطر وسيم
طوّق جيدها
بعناقيد الفجر الصبّي
فتنتشي زهواً تجزل ألحان السلام
كيف لها أن تسلو
ذكريات قصيدة مجدولة
بسعف النخيل
رحيق الضوء ولهاناً
يسافر في أوردة التّرب النبيل
لتتبرج في محرابه دلالاً
جروف عاشقات
في عرسها الخرافي الجميل
ومن بين براثن الطغيان السافر
يا سيّدة العصور
هاهي تزحف
نحوها في صلفٍ
مرافئ وحشيّة تعشقّتْ النحيب
وبحار إنطوائية
أقامت على العزلة
حيناً من الدهر الخَنوع الكئيب
وعلى محيّاها
وجه غول سحيق
عيناه من سلالات
الجمر الرهيب
تقطر نيراناً ولهيب
وأرجله من الرصاص
يزرع العناء
يعربد على باحات المياه
كيف شاء
يمزّق جسد البحر
صلفاً وعتوّا وازدراء
تنتحب المرافئ
ويعلو عويل المياه
يا سيّدة العصور النقاء !!!
إن تلّوى الوجع في مسام الزهر البرئ
فنبتتْ في معيّته الحروب
جوراً وافتراء !!
إن تجرأ البرق يقفز من عليائه
يندلق على سفوح الزّل
خنوعاً واهتراء
إن سرتْ شهقة المدن الثكلى
مكبوتةً في أوردة الظلام
تشتهي بيارق الضياء
إنْ تمردّ نجم بين أحشاء الدجى في جفاء
حينها سترتعش أناملنا جميعاً
تمسّ خديّكِ
تتحسس خارطة وجهكِ المهترئ
المسطرّ بالدماء
حينها سيرتجف الأفق مذعوراً
يخلع أثواب الحياء
تشتعل جدائل النيّل بروائح البارود العناء
النيّل يحمل في أحشائه الموتَ
كيف لا كيف لا ؟؟
وقد نضبتْ في عروقه ومضات الحياة
لكنه يصرخ بكبرائه المعهود
يأبى أن تكمم أفواه الجروف
أو ان تجهش يوماً بالبكاء !!
النيّل المجروح ينادي :
أين يا سادتي هي الحرية الحسناء ؟؟؟
صار فضاؤنا موبوءاً سقيماً خواء
أضحى كتنهيدة مومس تلوذ بأسوار البغاء
متى يا سيّدة العصور
ستستفيق أجفان مزقّتها العزلة
على غراس النور البهيج
ليعانقها في احتفاء
وهناك يا سيّدة العصور
هناك في جوف الليل النزيف
غرقتْ زفرات حرّى
مسكونةً بأحزان اليتامى
توسدت أجسادهم ألحفة الرصيّف
تلحف الزفرات مراراً بالسؤال
تستبطن عوالم الغيب
لمآلات مصير هلامي مخيف
كيف وماذا ؟؟؟
إن أعلن الندى عصيانه على العشب الوريف؟؟؟
تباً لعمرٍ مصلوباً على قارعة اليأس العنيد !!
والملأ أحزان توشحّت بالسواد
توافدتْ من كل فج بعيد
متى يا سيّدة العصور
سندق مسمار الخلاص
على نعش الشموليّة العتيد
ونشيعّها لمثواها الأخير ؟؟؟
وعلى حافة الأمل الرجاء
ها هو الحرف العاشق حدّ الثمالة
ينثر قبلة حرّى على شفاه القافيات
حباً وتحناناً واشتهاء
يندلق البوح الطاهر كما نشيّد سرمدي
بطعم الكمان
في عصب المساء
همسات النسيم
تعاود النبض ترفاً
ليحتضنها فرحاً
صدر الرمال الحالمات في صفاء
غناء العصافير يعاود أدراجه
ليزغرد في مسامع البيادر
يختال الهوينى
ينثر لحن العودة
بلون الأقحوان
أهزوجة الأغصان اليافعات
تحتضنها تباشيرالخريف
تشعل البوح الحصيف
يهزم الصمت المخيف
تنبتُ الحريّة الحسناء
تنبتُ كما عناقيد ثريّات
تعانق وهج الضياء
المطر يأتي معطرّاً
بشذى العشق الجامح
رغم الوجع الوباء
جوانحه يبللها الشوق الحفيّ
يبوح المطر بسّر
عشقه للأرض البكر
في احتفاء
عشق سرمدي دفين
تغلغل بين عصب المطر
وأوردة السحاب
في سخاء
صيحات الرعود الحالمة
يدوي صداها
في مسامع الترّب الخصيب
الرعد يأتي في صحبة المطر
إيفاءاً للوعود
مرحى أيتها الأرض الصابرة
قد عادت الطبول
تهزج باللقاء
تنداح من أحشائها
بركات ملونة بالإخضرار
ها قد عاد الإخضرار النماء
يرفل في حُلّته السندسية
يخط على هامات السنابل
معنى الوفاء
الثلاثاء 24 /11/2015
91 |