مجرد لعبه ذكرتنا بالحاضر المرير كنت منسجمًا مع الفتية في لعبتهم وليتني بقيت بعيدًا، لقد كانت اللعبة مؤلمة ؟! كانت تقتضي استخراج أكثر ما يمكن من كلمات من كلمة طويلة. لقد استقروا عند كلمة (الديمقراطية). بعد أن تخلصوا من القسطنطينية، لقد أخذت أفسر الكلمات عندما كان المعنى يستعصي على البعض.
والحقيقة التي اتضحت هي أن هذه الكلمة ما هي إلا رتوش على واقعنا المعاش. لقد اعتقدت بأننا في لعبتنا هذه سنخرج من عالم الجد بما يحتوي من مآس إلى عالم اللعب بما يحتوي من تسلية تضفي السعادة على النفس، ولكننا وجدنا أنفسنا ننتقل إلى بحر، بل إلى محيط من الألم امتزجت مياهه بالدموع والدم.
لقد كانت هذه الكلمة مكونة من تسعة احرف إضافة إلى الـ التعريف، وقد كانت أول كلمة تستخرج منها كلمة (أرق) من رقة، كلمة رومانسية تبعث البهجة في النفس ولكن الكلمة الثانية والتي تعتمد على نفس الأحرف (أرق) بمعنى القلق، أقرب إلى الواقع، فمن منا لم يصاب بالقلق وهو يفكر بالمستقبل المبهم.
وقد قادت هذه الكلمة إلى استخراج كلمة (رمد) وهي من أمراض العين التي لا تنام واستمر استخراج الكلمات فجاءت كلمة (رماد)، ترى هل سيحرق كل شيء جراء الحروب؟ ولكن تلتها كلمة (قمر) فاستبشرنا خيرًا وأخيرًا "طلع البدرعلينا" ثم هطل علينا (مطر) لينبت الزرع. ويرتوي. و(مي) بالعامية تعني (مياه) و(ري) ولكن أين الأرض. لقد ابتلعتها أم عامر؟!. ولكن هناك (الام) نبع المحبة والحنان. لقد فرفح القلب، خاصة وقد جاء (طير) (رقطية)، لقد فرحنا واشتقنا لزقزقة العصافير، ولكن أين الطيور.. لقد هجرتنا "هربت من الإشعاعات التي تنشرها الهوائيات في أجوائنا، ولم يخرج منها كلمة غزال وإنما الذي خرج (قرد). تبّا لهذه (الديمقراطية).
لقد أفرزت نقيضها، خرج من بين حروفها (الأمر)، و(قم ) وهي فعل أمر توحي بالديكتاتورية، تأتي بعدها مباشرًا (مطية)، وكم من انتهازي ركب الموجة، وكم من سلطة استغلت بساطة المواطنين"ناس بتاكل الجاج وناس بتقع بالسياج"، وتقودنا الاحراجات الى كلمة (قاد)، إن من يقود العالم الى الهلاك شخصٌ غبيٌ مجرمٌ يعرفه الجميع. وبعدها استخرجت كلمة (قمار) أنه يقامر بمستقبل البشرية من أجل مصلحة حفنة من الرأسماليين الجشعين، و(دم) إنهم يستحمون بدماء الشعوب الفقيرة، و (رقم) وذلك عندما أصبح الإنسان في زمن العولمة مجرد رقم لقد تقهقرت القيم الروحية، و(قيم) وليتها بقيت لتكبح الأطماع. لتأتي بعدها كلمة (دمار) ولم يبق حجر على حجر بالمخيم ولقد قال آنذاك الثعلب :" إنه عندما تنتهي مهمتنا سنواجه مشكلة إعلامية صعبة لتبرير ما قمنا به"، ثم (قيد) إن ما من يملك القوة يملك القيود ويستعملها بلا ضوابط أخلاقية، لتأتي كلمة (مطاردة) بمعنى ملاحقة كل من تسوّل له نفسه العمل في سبيل وطنه وفي سبيل سعادة أهله، ثم (طرد) كل من لا ينتهج الصمت سبيلاً، لقد حاول الاخوة لاعبين جاهدين استخراج كلمات أخرى من هذه الكلمة، فجادت قريحة أحدهم بكلمة (مقرطة)؟!، والمقرطة هي عبارة عن جزع شجرة يستعمله الجزار لتقطيع أضلاع الخروف قبل جرمها. وبما أننا عند الجزار لقد استخرجت كلمة (مدية) والمدية هي السكين لمن ما زال يفهم لغة الأم.
واستمرت عملية استخراج الكلمات فاستخرجت (المرقّطة) التي خرجت من جحرها وكم من الأفاعي السامة تتستر في هياكل آدمية. لقد استخرجت كلمات كثيرة ولم يبقَ الكثير، وبعد تفكير خرجت كلمة (مطرقة)، أمور كثيرة يجب تطريقها لتصبح مستقيمة، و(قمل) وهي تذكرنا بعدم المحافظة على البيئة وبالنفايات المنتشرة على مداخل الأحراش، ثم جاءت كلمة (مر) فهل هناك من يستطيع أن يقول بعد ذلك كله إن واقعنا ليس مرًا وبعد جهد جاهد استخرجت كلمة (رمق) وهي الحشرجات الأخيرة قبل خروج الروح من الجسد، ثم (طم) بمعنى دفن لتستخرج أخيرًا كلمة (ردم) وهي (الطم) طم الديمقراطية المزيفة ورفع الردم الجاثم على الديمقراطية العادلة، لتتنفس البشرية الصعداء فلكل شيء نهاية، ودوام الحال من المحال. |