ما رأيته كانَ قبلَ قُرابة ثلاث ساعات ذاكَ ما جعلَ قلبي ينقبض، أشبهُ بأن به جُرجا مُستجداً لمْ يلتئم بعد!! بقيت أنظر للرجل المُلقى علىَ الأرض وقدماه محشورتانِ داخلَ السيارة المُحطمة بكامِلها رداءه قميص أزرق ووجهه مُنكب علىَ الأرض وكأنه ساجد... باسطاَ كِلتا كفيه ومُلتفتا للقبلة -سبحانك ربي- لمْ أنتبه إلىَ حيث نظر بقية الطلبة... فقد فقدت جُزءاً منْ ذهني في تِلك اللحظة - الوقت يُشير للرابعة والنصف، وهذا هو وقت انطلاق الحافلات، كُلٌ لوِجهتها وكماَ العادة، نَخرج متأخرين من كليتنا وما إن نُدرك الحافلة حتىَ نجد أن كُل الأماكن فيها قد تَم حجزها مُسبقاً!! وأنا كما الحالْ، أنصاع للواقع بسهولة تامة... ولكن ليس هذه المَرة فقد وجدت مكاناً بالأعلىَ، حيث أستطيع مشاَهدة كُل الطلبة منه وضعتُ حقيبتي ونزلتْ، تحدثتُ رفقة صديقاتي لفترة، حتىَ حان وقت المغادرة، لتَهب كل واحدة مِنا إلى حافلتها ركبت، وجلست بالأعلىَ، بالرُغم بأن المكان غير مُريح بتاتاً!؟ والهم... لكَ ما تختار فيه! انطلقت الحافلة رَقم [30] -حافلة بلديتنا- إلى وجهتها ومدة الطريق ما يُقارب من 30 إلىَ 40 دقيقة عبد الكريم -سائقها- دوماً ما يُسرع بالطريق... وأُشيدُ بمهارته في السياقة والتجاوز، أحياناً أجزم بأنه مجنون وأفعاله هي المُناقض لكل ظنوني التَعب يملئ وجوه الجميع، وأنا خاصة أُراقب الطريق الطويل وأحشر السماعات بأذني، أستمع لماهر زين تارةً، وأقلبها لشيء آخراً تارة أخرىَ لمْ أجد في الحديث مع صديقتي مُتعة فبالكاد أستطيع فتحَ عيني من شدة ما أشعر به!!؟ ومضيناَ، ومضيناَ نسير... وفجأةً رأيت حركةً غير مألوفة أثناء انعطافنا... عدة سيارات مصطفةٍ خارج الطريق والكثير من الفوضىَ حتىَ خِلت بأن هناك وفدٌ وزاري سنُصادفه!!؟ وعلقنا بالزحمة رويداً رويداً نزعت ما بأذني وتلفتُ للخارج كوني بأعلىَ مكانٍ في الحافلة، أستطلع الأمور حولي انبلجت عيني والتقطت منظرَ فتىَ متكئٍ علىَ شجرة... والدماء تتصببُ من رأسه كان حياً، ولعله هو الوحيد! في هذه المأساة ورأيت الرجل، ذاك الرجل... أشبه بأنه ساجد كان ميتاً، ذاك ما شدني... ارتعدت أواصلي لبُرهة، لأول مرةٍ أرى حادِثاً كهذا! تعالتْ صرخة فتاةٍ معنا وأغمضت عينيهاَ شعرَ عبد الكريم بتلك الموجة من الهلع وهيَ بأعينناَ فأسرعَ بتجاوز الزحام مُبعداً عَنا مشهداً مُروعاً توقفَت الثوانيِ والدقائق والساعات... أمام عيني!؟ واضطربت بداخلي أفقت من صمتيِ وسمعت ثرثرة الطلبة حولناَ، بعد صمتٍ دام لأكثرِ من دقيقتين محاولين سحبَ ما رأيناه عميقاً - لقد رأيت الرَجل!!؟ - ياللهول!!؟ رأيت شخصين آخرين، محشورين بالسيارة المدهوسة!! - يا رباه، ارحمهم!!؟ لقد أوجعني قلبي... يا ربي ارحمهم - انا لله وانا اليه راجعون، وحدوا الله!!؟ وحدوا الله - والآن، قد قصصت ما رأيته علىَ خالتي وأمي اللتين عادتا لتواهماَ من المدرسة القرآنية فسارعت خالتي بإتصالاتها وبعد زمنٍ ليس بقصير علمناَ بأن من ماتوا... كانوا ثلاثة نساءٍ ورجل أم الرجل والرجل وزوجته وعمته... انهم معارفنا، وانا لله وان اليه راجعون انا لله وانا اليه راجعون
اللهم ارحمهم، وأرزق أهلهم الصبر والسلوان
اللهم انا نسألك الجنة لهم.. يا رب ثبتهم عند السؤال
|
التعديل الأخير تم بواسطة Eva-R ; 04-05-2016 الساعة 09:26 PM |