[ الفصل السادس : تجرع الظلام ! لعلك بذلك تروي عطش الشيطان ! ] [ الفصل السادس : تجرع الظلام ! لعلك بذلك تروي عطش الشيطان ! ] أخلد داخل الظلام و تجرع منه بالقدر الذي تريد !
لعلك بذلك تطفئ الشعلة التي بداخلك و تحولها إلى لهيب..
يحرق كل شئ ! أَرضى الشيطان لتنجوا من هلاك محتوم !
و في المقابل لتغرق في قعر الهاوية السوداء !
داخل الظلام حيث تتراءى لك أمور من مخيلتك .. لكونك لا ترى الأشياء !
داخل الظلام مع شيطانك الذي اعتزم البقاء و عدم الارتحال ! [ مملكة أكوا : بئر الحقيقة ! ] أين هذا المكان ؟ لا أحد يعرف أو يصدق بوجوده أساساً ! , البئر الذي يُري الحقائق ! كان محض أسطورةٍ على
لسان الأطفال , واحدة من حكايات الجدات , على الرغم من أنه و في زمنٍ بحث عنه الجميع
فلم يجدوا له أثراً فأعلنوا الاستسلام ! لبعده عن صخب الحروب و الحياة ! و لأول مرة مذ سنوات يصدح هناك
ضجيج خطوات , توقفت تلك الخطوات عند البئر مد صاحبها رأسه منعكساً أثر ذلك ملامحه على
البئر من عينين بلون رماد النيران و شعر بلون الدجى ملونِ !
تغيرت الصورة ليظهر بعدها الشيطان الذي عُكِسَتْ صورته على المياه !
عينين حمراوتين و قرون قد خرجت من أطراف جبينه , كان أقراعاً !
عدل وضعية جسده و هو يعرف سلفاً ما هي النتيجة ثم غادر المكان بهدوء أشباح ! [ قبل عامين : مملكة آيريس ] عينيهما كانتا منبلحتان على أقصا ارتفاع لهما و هما ينظران إلى طفلتهما
التي فعلت معجزة لتوها , إنها تُحَلِق في الهواء !
أثار ذلك فزع من كانوا يشاهدون المشهد و اتهموها
بكونها شيطان ! , هبطت أرضاً ناظرة حولها فوجدتهم
جميعاً قد هربوا ذاهبين إلى اللا مكان ! تقدم منها والدها بصدمة بانت على نبرته : ألين ! استغرقه الأمر دقائقاً حتى أدرك ما الذي يعنيه هذا ! ,ابتسم سعيداً و هو يقول : ألين ..! أنتِ ممن
اختارتهم السماء ! نظرت له بتساؤل , فهي لا تفهم
ما الذي يعنيه كلامه ذاك ,
توجهت أنظارها لوالدتها راغبةً بشرحٍ يُشفى غَلِيلها !
تقدمت منها والدتها بسعادة رادة على تساؤلها : ألين عزيزتي ..! أشخاص معينين تختارهم السماء
ليتنافسوا على لقب محارب أسطوري و إن نجحوا فهم قادرين على إعادة التوازن للكون ! ...
و قدرة على الطيران دليل على كونك تمتلكين القدرة على التحكم بالرياح ! ...
و الآن إلى أكاديمية أبتوماتس حتى تستطيعين السيطرة على قوتك ! يا لها من أم !! لم تدع لابنتها الفرصة لتفهم ما الذي
تتحدث عنه حتى !, بل انتقلت لصلب الموضوع فوراً تجمعت
الدموع في عينيها السوداء , كيف يقولان هذا ؟! كيف يطلبان منها الذهاب ؟!
كادت تنفجر من البكاء لكنها مسكت رباط جأشها أمام
هذين الاثنين التفتت مغادرة و هي تود الموت فحسب ! [ قبل ثلاثة أعوام : مملكة إنجيس ! ] تسير بغرورِ بكعبها ذا اللون الفاقع الذي صدح صوته في الأرجاء , كم هي محظوظة بكونها ممن اختارتهم
السماء ..حينما تنال اللقب ستمحي بعض الحمقى من الحياة !
دخلت غرفة عرش الملك متخليةً و لوهلة عن الكبرياء ! جثت على ركبتيها باحترام , لم يرق لمن كان جالساً
على عرشه يعد الخراف ! من الملل المحيط بالأجواء ! تنهد بملل فهو يدرك أن هذه الطاعة ليست سوى
لكسب مودته , لمصلحة شخصية و في النهاية هي ستنقلب عليه ! كم تمنى ذهاب تلك البلهاء
بعيداً عنه فحسب ! أردف بملل غير مبالي بما يجري : حسناً هارييت .. أتمنى أن يدوم
هذا الولاء لسنوات ! لم تعقب على كلامه فهي تدرك أنه لا يثق بها مهما صار ! غادرت المكان و هي تخطط مع شيطانها
لعمل الفظائع و ارتكاب الحماقات ! [ أكاديمية أبتوماتس : مكتب الإدارة ! ] بينما كان المديرُ منهمكاً في أعماله يقرأ الأوراق , ظهرت له الآنسة الجميلة في أواخر العشرينات ,
تربط شعرها الوردي بربطةٍ حمراء كما الأطفال ! جلست على الكرسي الفارغ مقابل
المكتب بتعب , رفع عينيه السماوية لها , خلع نظاراته قائلاً : ما لذي تفعلينه هنا إيما ؟! لديكي
حصة الآن أليس كذلك ؟!
أظهرت الانزعاج من كلامه بملامح وجه
ممتعضة , ردت عليه : حصة اليوم كانت في أحد الأبعاد .. لذا قررت التسكع قليلاً! نهض عن مكتبه بانفعال , معقباً على كلامها : ماذا ؟! و لماذا في أحد الأبعاد ؟! يوجد مستجدين لا يدركون
شيئاً عن هذه الأمور !
رمقته بعين واحدة و ابتسمت بسعادة :
لا يوجد سوى مستجد واحد ! يجب عليكَ رؤيته ! إنه مثير للاهتمام ! لم يرضه ردها بل زاد حنقه , أجاب على كلامها بنفس النبرة السابقة : مهما كان !.... القوانين تبقى قوانيناً ! ..
و كذلك أعرف عنها إنها فتاة و ليست صبياً لتتحدثي عنها كأنها هكذا !
ابتسمت ساخرة , كم مرة خالفت القوانين هي لا تدري ! ليست المرة الأولى في النهاية ,
اختفت من المكان عائدةً إلى الفصل ! بينما جلس المدير على كرسيه
و هو يضع يديه على خصلات شعره البيضاء ! يا له من إزعاج ! [ عالم محايد : مملكة الفوضى و الدمار ! ] أمسكت بيد شقيقها و هي تشده معها ناحية ذلك المكان , المقابر ! توقفت حين وصولها للبوابة تركت يد
شقيقها و اتجهت ناحية إحدى الأشجار الميتة ذات الأغصان العارية المجردة من الأوراق ,
حيث كان على أحد أغصانها التفت الحبال مرتبطةً بخشبةٍ مستطيلة الشكل تبعد عن الأرض !
ركبت على أرجوحتها منتظرة قدوم شقيقها ! في لمح البصر كان
وراءها يدفع الأرجوحة بقوة محركاً إياها في الهواء ! ابتسمت إذ أنها تحب
الجلوس في هذا المكان ! تسمع همسات الشياطين في و الأشباح !
خصوصاً همس شيطانها فهو مميز دون غيره من الهمسات ! [ أكاديمية أبتوماتس : الفصل L ] أضاء المكان نوراً إثر التعويذةِ التي تم إلقاؤها مذ ثوان , ظهر دخان كثيف حاجباً الرؤية , اتضحت الرؤية
بعد قليل موضحةً ولادة مخلوق البيغاسوس ! ارتسمت على وجههم ملامح
السعادة , .. و أخيراً ! بعد تدريب لليالٍ طوال ها قد نجحوا في تجسيد مخلوق من العدم !
تقدمت صاحبة الشعر البرتقالي و قالت بحدة : جيد .. و الآن لنبدأ بالأمور الأصعب .. نقل هذه القوة
إليكم و مشاركة شياطينكم ! ردوا جميعاً بالإيجاب , ثم ذهبوا متفرقين في اتجاهات
مختلفة و معلم الفصل يراقب من بعيد بصمت ! [ مملكة أكوا : القصر الملكي ! ] جالساً على الشرفة يحتسي الشاي و يقرأ الكتاب الذي لا يود الانتهاء ! على الرغم من كونه ذا عقل رزين إلا أنه و كما الباقين يتهرب من الأعمال ! قاطع
عالمه الهادئ صوت الخطوات السريعة المتجهة نحوه , معانقة إياه بقوة ! ابنته ذات العشرة أعوام
تنوي إزعاجه كالمعتاد ! جلست على قدميه بسعادة و هي تحيط يديها برقبته ,
تنهد بملل جاعلاً منها تزأر بقوة قائلة : أعرني و لو قليلاً من انتباهاً مثلما تعير لكتابك ! زفرت بغضب و التفتت للخروج ! أوقفها حمل والدها لها من الوراء
قال لها بنبرة طفولية يندر سماعها منه : يبدو أنني سأتخلى عن كتابي.. لأجل شيطاني الصغير ! ضحكت بصوت عالٍ و هي تعانقه تعلم أنه سيضعف أمامها و سيذعن لمطالبها الشيطانية !
بتجرع الظلام معها ! [ أكاديمية أبتوماتس : الفصل B4 ] كادت تخال أن بصيرتها أُخِذَت لِشِدَةِ الظلام الذي أحاط بالمكان ! لم ترى شيئاً
لكنها سمعت صوت خطوات الاثنين المبتعدة تساءلت عما يجري هنا ,أدركت
ذلك حينما سمعت صوت مدرستها الهامس يقول : هل أنتِ خَائِفةٌ مِنَ الظَلام ؟! بحركة لا إرادية قامت بتحريك يَدِيها اتجاه الصوت الذي أرعبها و سبب لها الرعاش ,
شَعَرت بقطراتٌ تُلَطِخ وَجهها الشَاحِب .. لا ليست مِنها هي لا تَشعُرُ بأيةِ ألام ,
شَعَرت كما لو أن الظُلمَةَ خَفُتَ لوهلةٍ و عَادتِ الألوان , تلفتت حولها مُحاوِلةً رؤيةِ
أي شَيءٍ حتى لو كان الفَراغِ ! وَقَعتْ عَينيها على بِركَةِ الدِماءِ..لَيسَت مِنها
و لا مِنَ الاثنين فَهيَ لم تَشعَر بهما مذ حلول الظَلامِ أيعقلِ أنها لِمدَرِسَـتها
التي سَمعتْ صَوتَها قَبلَ لحظات ؟! لا .. غير معقول ! هي مُجَرَد مبتدئة و
مُعَلِمتها مُحتَرفةٌ لَيسَت بذلك السُخفِ لِتُصاب ! سَمِعتْ لَحظتها صوت ضَحِكاتٍ ساخرةٍ هَزَتِ كيانها ,
برديشو شيطانها هو من أخرجها , حاولت إمساك رباط جأشها و هي تَردُ
على التي ماثلتها شَكلاً : هل هناك ما يضحك ؟ و لا أراه ! رمقتها بعين واحدة و ابتسامتها الساخرة بين الوجنتين لا تزال , ردت عليها ساخرة :
هدئي من روعك رجاءً لَمْ أَفعَل شِيئاً يَجعَلُكِ تَغضَبينَ ! لكن ,
لَم أتوقَع أنكي شَرِسة لهذا الحد ألين ! ألا تتوقعين أنك قسوت على معلمتك للغاية ؟! يجب أن
تكوني أكثر لطفاً و أنوثة من هذا !
بنفس النبرة الساخرة أعقبت ألين : أنظروا من يتحدث ! .. الأنثى الرقيقة ! تجهمت ملامح وجهها و أشاحت به للجهة الأخرى , و عادت ألين إلى الواقع مجدداً ..
حينها تحرك جسدها سريعاً متفادياً تلكَ المجنونة التي هاجمتها بنية القتل ,
شبح ابتسامة ظهر على ثغرها حينما تأكدت شكوكها ! , لا تدري فعلاً من أين لها هذه
المهارة لتفادي معلمتها بل و إصابتها أيضاً ؟! , هذا ليس وقت التفكير بشئ كهذا
فمعلمتها على وشك قتلها ! أَحَست بتغير غريب في مستوى الماء و هي تنظر له ,
لحظة ! , متى ظهر هذا البحر ؟! إنهم في منطقة صحراوية! سمعت صوت غاضب آتِ
من وراءها يقول : أيتها الصغيرة اللعينة ! لا تعبثي مع من هم أعلى منك شأناً ! تبدو مختلفة للغاية عن التي رأتها في الفصل هذا اليوم , لم تشغل بالها بالتفكير
فمستوى المياه قد أرتفع و وصل الخمسة عشر متر ربما تراجعت للوراء لكن
الماء قد زاد ارتفاعه كذلك يبدو أن معلمتها جادة بقتلها ! ابتسمت ببلاهة و
عقلها فرغ مِنَ الأفكار ! رياح عاتية هبت لوهلة ظنت أنها قذفتها بعيداً وهذا ما حدث
فعلاً حيث وجدت نفسها بمكان مغاير نقطة انطلاقهم على النحو الصحيح ..
التفتت حولها فالتقت عينيها الزمرديتين بعينين رمادية شاحبة , نَسَتْ لوهلة مُشكلتها
التي هي واقعة بها و ضاعت بهذه العينين .. لمسة حزينة مع تأنيب ضَمير !
ألا يكفي لونهما السالب للعقول ؟! . قاطع شرود ذهنها صوت حماسي كان صاحبه
ذا العينين الرماديتين : مرحباً .. ألين شان !
تراجعت للوراء بِضعَ خطوات , رفع يديه و بدأ بتحريكهما معقباً على حركتها
بتوتر : لا أرجوك لا تفهمي الموضوع بشكل خاطئ أود أن أعرض عليك أن نتعاون
مع بعضنا فحسب !
ضاقت حدقة عينيها و هي تتفحصه جيداً قد يبدو أبله لكن كونه أحضرها إلى هنا
بهذه السرعة يعني أنه شخص لا يستهان به .. تَرَكت تَفكيرها جانباً عند شعورها بأحد قريب ..
لكنها ثوانٍ فحسب حتى اختفى أثره جَفِلَت بِعَينيها استغراباً لم تشعر بأحد معه , كيف هذا ؟
دارَت بعينيها حول المكان تَبحث عن أحد أو شئ حتى ! أتاها الصوت الحماسي مجدداً
لكن بنبرة خالطها التذمر و الانزعاج : ألين شان ..!! أنتِ لَمْ تُجِيبِ علي ! تقهقرت
و قالت باستنكار : لَم أراك تتحرك أنشاً واحداً من مكانك , إما أنك سريع للغاية
أو أنني فقدت بصري ؟! وضع يده أسفل ذقنه مفكراً و هو يحرك رأسه ببلاهة رد عليها بعد حين : ربما أنا أسرع مما أبدو عليه ! ابتسم بشقاء بعدها و هي لم تبعد عينيها عنه تنهدت باستسلام و تقدمت بخطوات وئيدة
للأمام بنبرة هادئة و حريصة تكلمت : حسناً أنا معك ! أزال ابتسامة الشقاء عن وجهه و قام بتكتيف يديه بابتسامة بسيطة تابعت ألين
كلامها بنفس النبرة : كم تبقى للخروج من هنا ؟! - خمس دقائق ! انبلحت عينيها بصدمة ! خمس دقائق فقط , أهذا يعني أنها أمضت كل ذلك الوقت
داخل دهاليز ذلك الجحيم ؟! .. - تبدين متفاجأة .. ! يمر الوقت هناك دون الشعور به .. غريب أليس كذلك ؟!
لكن هذا لأننا لازلنا مبتدئين !! كلامه زاد صدمتها فهذه هي المرة الأولى التي ينتبه بها أحد على ردة فعل قامت بإبدائها ,
فملامح وجهها لم تتغير البتة حين شعورها بالصدمة بل ذلك قد وضح جلياً على عينيها !
شئ خاطئ ! شئ ما خاطئ ! هذا الفتى لا يمكن أن يكون مبتدئاً قبل سحبها رأت بل
لمحت الماء يتجمد لابد أنه من عمله قاطعتْ تَفكيرها عندما بدأت بمراقبة تحركاته
التي لم تعجبها إطلاقاً فقد شبك يديه و وضعهما خلف رأسه ملقياً بجسده للوراء
واضعاً قدماً على الأخرى ! اقتربت ناحيته مردفة بتململ : ما الذي تفعله ؟! - أنتظر حتى تنتهي الدقائقُ الخمس ! - ما الذي يجعلك تعتقد أن أحداً لن يأتي ؟! - لا يصل إلا هنا إلا من تجاوزَ عقبات طريقه ! غالبهم يأتون في النهاية و البعض الأخر
يتأخر فيحبس هنا ! لم يرقها كلامه لكنها جلست بجانبه و بدأت بالتحديق في الأفاق البعيدة التي لم يظهر منها
شئ و حينها مر شريط من الذكريات عقلها , جملة الخادمة التي قالتها قبل المغادرة :
خَلفَ ذلك الديجور يقبع النهار ! أبذلي جهدك ..! على الرغم من أنها قالت كلامها بنبرة غامضة إلا أن الجملة الأخيرة قالتها و كأنما تحادث
طفلة ارتسمت ابتسامة ساخرة على شفتيها و هي غير مدركة لذلك دقيقة تليها دقيقة
تتبعها أخرى حتى بدأت أصوات الخطوات تأتي ناحيتهم رفعت رأسها حين سماعها لنبرة
صوت تقول بغير تصديق : لا تزالين حية !
حدقت به و قد ذكرت أنه الشخص المزعج الذي أعلن التحدي هو و زميله ثم هربا
عندما جاءت المعلمة , ردت عليه ساخرة : نعم لا أزال حية ! لما قد لا أكون ؟! تجهمت ملامح وجهه و أبتعد قبل أن يفتعل المشكلات ! تنهدت بملل و الانزعاج بدأ
يبدو على وجهها بسبب صوت الخطوات و الأصوات الخارجة عن الذين قَدِموا تواً ..
أخر الخطوات التي سمعتها كانت لمعلمتها ميزت ذلك فقد كانت تسير بغضب و هالة ظلامية
مرعبة تحوم حولها أرعبت الطلاب ما عداها و عدا المستلقي بجانبها نية القتل المنبعثة من
معلمتها اعتادت عليها فقد عاشت بين أكوام الجثث و السفاحين طوال عمرها
لذا فقد أصبح الأمر اعتياد ! تحطم البعد من حولهم حينما انصرمت الدقائق الخمس
و عاد الجميع لمقاعدهم ألتفتت حولها فوجدت أن اثنين ناقصين إما أنهما حُبِسا أو قُتِلا لَمْ تَشغَلْ بالها بالتفكير بالأمر حتى ! قطع حبل تفكيرها نبرة
معلمتها الآمرة المتوجهة نحوها : ألين .. هل بإمكاننا الحديث ؟! أومأت برأسها إيجابياً
بينما بدأ الطلاب بالخروج من الفصل , انتهت الحصة هكذا ؟! هي لم تتعلم شيئاً
و لم تتطور قدراتها و لا بنسبة واحد بالمئة ! بعد أن فَرَغَ الفَصل توجهت ناحية
معلمتها و ساد الصمت لثوانٍ خالتها لحظات حتى كَسَرَتهُ معلمتها بنبرة هادئة : قد أكون من أدرسهم
يعدون مبتدئين لكن ! مستواي عالٍ لدرجة أنني
قادرة على جعل أحد المحاربين الأسطوريين القتال بمعظم قوته كي يتغلب علي ! كيف
لطفلة مبتدئة مثلك السكين قادرة على جرحها التمكن من خدشي ؟!
ما الخدعة التي استعملتها ؟! لَم تبد ألين ردة فعل واضحة بل أكتفت بالرد بهدوء عليها : قد يُعتبر ما سأقوله وقاحة
لكن لو كنتِ كما تزعمين لاكتشفتِ وحدكِ أنني لَم أستعمل أي خُدعة ! أعتبريه حظ المبتدئين ! ألتفتت مغادرة إلا أنها توقفت و قالت بنبرتها السابقة : بالمناسبة أنا لم أخدشك لقد جرحتك إن لم تخني الذاكرة ! أكملت طريقها بلا مبالاة و كأن شيئاً لم يحدث تواً , أما إيما فقد ابتسمت بسخرية و قالت هامسة : حظ مبتدئين ؟! .. ها ؟! أما ألين فأول من رأته عند خروجها كان الذي عَرَضَ عليها التعاون معه يبتسم ساخراً
و هو متكأ على الجدار مكتفاً يديه و حينما لَمَحها أمامها قال : يا له من جنون ! أتعلمين عواقب ما قلته أيتها البلهاء ؟! - هي لن تقومَ بقتلي أليس كذلك ؟! - لا ! - حسناً إذن ! حدق بها ببلاهة و نظرته كانت تقول لها يا لكي من مجنونة ! اقتحمت أفكاره جملتها
المنبعثة من فمها : ألا تنوي التعريف عن نفسك ؟! سيد معاون !! ابتسم و قال بسعادة : بالتأكيد ! ناديني جون ! - هذا ليس اسمك الحقيقي أليس كذلك ؟! - لا .. كيف عرفتِ ؟! أغلقت عينيها و تنهدت بتعب أجابته بتململ : لقد مر علي عدد لا يحصى من الأشخاص الكاذبين !
لذا أنا قادرة على تميزهم ! - ألستِ مهتمة بمعرفة اسمي الحقيقي ؟! - لا !! .. هل انتظرتني هنا لتسمعني هذا الهراء ؟! هز رأسه نافياً و قام بإمساك يدها و جرها معه ناحية قاعة الاستراحة دخلاها وقام بإجلاسها على مقعدٍ أمام إحدى الطاولات و جلس هو مقابلها أراد أن يبدأ
الحديث لكن صوت منزعج منعه عن ذلك : لماذا بحق الرب لا تزالين حية ؟! عَبَسَـتْ و ردت عليها بنبرة هادئة خالطها الغضب دون أن تكلف نفسها عناءَ الالتفات حتى : ألا يعجبكِ كوني على قيد الحياة هارييت !
- لا .. لا يعجبني كُنتُ قد جَهزتُ نَفسي للاحتفال بموتك ! - يؤسف ني أنكي ستضطرين إلى تأجيل احتفالك اللعين إلى وقت جنازتك ! صعد الدم إلى وجه هارييت و تقدمت ضاربة الطاولة التي كانت ألين متكئة عليها :
أنتِ .. هل أخبركِ ابنة من أكون ؟! رفعت ألين عينيها الخضراوتين لها و بوجه بارد ردت عليها : لست مهتمة بمعرفة ذلك ! حدقت بها هارييت بصدمة تلك الفتاة تستمر بجرح كبريائها بلا مبالاة , حاولت أن تجمع شتات كبريائها المتناثر و قالت بنبرة صوت غلبها التردد و الضعف : ألا تهتمين فعلاً ؟! ربما ظن الحاضرين أنه هدوء ما قبل العاصفة و لم يدركوا الحقيقة حتى ! بنفس النبرة
السابقة أعقبت : لا .. بصراحة الأمر لا يهمني فعلى الرغم أنه لم يمضِ على وجودي يوم واحد هنا إلا أنني عرفت أن المراتب الاجتماعية لا قيمة لها هنا ..
و غير ذلك لست مهتمة بمعرفة شئ عن حثالة الخلق ! لم تعرف هارييت كيف ترد فقد عُقِدَ لِسانُها بالكامل ألتفتت مغادرة دون أن تقول حرف أخر , ألين بدورها حولت بصرها إلى جون الذي كان واضعاً يده على خصلاته البنية المائلة للسواد و هو يحدق بالاتجاه الذي ذهبت في هارييت منزعجاً تمتم بهدوء : طفلة مدللة ! زفر بملل و بدأ ما قُطِعَ عليه قوله قبل لحظات : إذن ألين .. ما الذي تعلمته أو الذي عرفته من حصة اليوم ؟! احتدت نظرتها عند ذلك السؤال على الرغم من أنها رأت أنه مجرد اختبار لمقدرتهم على البقاء على قيد الحياة لا أكثر , لكن بمجرد مراجعة الأحداث بدأت فعلاً تُدرك بعض الأسرار
أعقبت عليه بنبرة غامضة : قبل ذلك .. هل يمكنكَ أن تُجيبني على سؤال واحد لا أكثر ؟! - بالتأكيد !
- ما الذي يفعله محترف مثلك في فصل للمبتدئين !
ظهرت على وجهه علامات استغراب , لكنها قالت بقليل من الغضب : لا تدعي الغباء ..!!
رد ساخراً : ما الذي تعرفينه أنتِ ؟! هذه أول حصة لكي و بدأت فجاءة بتمييز المحترف عن المبتدئ ! - بل ما الذي تعرفه أنتَ ؟! لدي خبرة في هذا المجال أكثر منك !! ألن تجيب إذن ؟!
- لست مطراً للإجابة .. طالما ذلك لا يؤثر على تعاوننا أليس كذلك ؟!
بدأت بتحرك رأسها يميناً و شمالاً و هي تقول باستنكار : شخص يخفي عني اسمه و هويته و يمتلك قوة قادرة على قتلي و يطلب مني
الوثوق به ؟! هز رأسه إيجاباً مراقباً ردة فعلها التي فجئته في البداية فقد ابتسمت بخبث و قالت بنبرة شيطانية : كم هذا ممتع ..!! جَفِلَ بعينيه عدة مرات يبدو أنه سيتحالف مع مجنونة بالفعل ضَحِك ساخراً بصوت منخفض ثم قال : حسناً .. ما الذي عَرِفته ؟! - لنقل أنني عَرِفت بعض الأمور القادرة على قلب الموازين ..مثلاً أنه يوجد معلمتين للفصل .. أن التي طعنتها لَم تكن التي قدمت نفسها عندما بدأت الحصة ,
و أن الأخرى نقطة ضعفها تكمن في جانبها الأيسر .. و أن كلتا قوتيهما هي السحب ! رفع حاجبيه مستنكراً و أردف بملل : أنتِ غريبة بالفعل الأمور الصعبة انتبهت إليها على عكس الأمور السهلة ! ردت بتفاخر : لا أبالي بتوافه الأمور ! ارتسمت ابتسامة ساخرة على وجهه و هو يعقب على كلامها : لا تبالين ؟! .. أم أنه لم يَكن لديكي
وقت للمبالاة أصلاً ؟!... تنهدت و قالت له بقليل من غضب : تبدو كمطارد مجنون يعرف كل شئ عني ! .. لا تحشر أنفك بما لا يعنيك !! - حقاً ؟! .. لم ألحظ ذلك ! .. عموماً توافه الأمور التي لم تعيريها انتباهاً قادرة كذلك على قلب الموازين ! رمقته بعنين نصف مفتوحة , بينما أكمل : لن أخبركِ بها اكتشفيها بنفسك ! ردت عليه ببرود : لو كنتَ أخبرتني بها لقمت بقتلك ! لا أحب الاعتماد على الآخرين ! صمتت قليلاً ثم أكملت : أعتقد أن هذا ما كنت تود فحسب الحديث عنه ..
إذن سأغادر الآن ! نهضت من على كرسيها و بدأت تسير ناحية الباب للخروج منها .. تشعر فعلاً أنها على
وشك الاختناق على الأقل عَرِفَـتْ بهذه الحصة أن لديها ضيف مزعج سيبقى معها حتى المنية .. هذا يُفَسِر كثير
من الحوادِث السابقة .. , سمعت صوت الضيف المزعج الذي يقول : يا له من صيد رائع !! ردت عليها دون تفكير حتى : أخرسي ! أجابتها بملل : يا لكي من مملة .. أحاول الترفيه عنكِ و أنتِ تردينني هكذا ..!
و كذلك "أخرسي؟!" كيف حكمتِ أنني امرأة دون أن تري شكلي الحقيقي حتى ؟! انتظرت إجابتها لكنها بقيت صامته بعنين فارغتين من الحياة ! , قاطع لحظات
الصمت تلك صوت ألين : نيه برديشو .. لماذا تحبين انتحال الشخصيات ؟! - حسناً كيف أشرح الأمر .. ليس الأمر أنني أحب ذلك فعلاً .. أنا ابحث عن المتعة ..
فقد جربت كثير من الأمور و انتحال الشخصيات أكثر ما جعلني أشعر على المتعة ,
لكن .. ليست المتعة التي أريدها ! - ألا يجعلكِ هذا تفقدين هويتك ؟! - لقد فقدتها سلفاً ..! ساد الصمت مجدداً بين الاثنتين , برديشو بملامح وجه متململة و ألين ملامح وجهها فارغة !
قاطعت ألين الصمت مجدداً بنفس النبرة السابقة : عندما سألتكِ عمن تكونين داخل ذلك
الحلم أو الرؤية على النحو الصحيح ! ..
لم تكن تلك الإجابة تمثلكِ أنتِ .. صحيح ؟! - نعم هذا صحيح .. الإجابة كانت تمثلكِ أنتِ ! - أنا ؟! - نعم يا عزيزتي .. نعم .. التناقض الذي لديكِ جعل منكِ شخصاً مرعباً .. فطوال عملي و
تنقلي بين البشر .. أنتِ هي الأكثر رعباً !! - فعلاً ؟!..لكن ما أنتِ بالضبط ؟! .. كونكِ قلتِ أنكِ كنتِ تتنقلين بين البشر فأنتِ لست الضمير ! - هذا صحيح ..!! أنا أعطيكِ الطريقة للبقاء على قيد الحياة على حساب أي شئ آخر ..!!
للنجاة بنفسك على النحو الصحيح ..! - ألا تستطيعين قول وصف أكثر وضوحاً ؟!.. - بالتأكيد .. اقتربت برديشو منها و قامت بوضع يديها على وجنتيها و قربت وجهها منها و قالت بغموض :
أنا شيطانك الداخلي الذي سيبقى معكِ إلى الآبدين ..!! أنا جحرك الدافئ و ملاذك الأخير ..!! أنا الموت و الغرق في قعر الجحيم ..!! أنا الجزع و الدموع التي ستوجهكِ ناحيةَ السواد ..!! أنا الدجى في القبور و الهلاك ..!!
أنا حاصد الأرواح الذي أتى لأخذك معه ناحية الفراغ ..!!
اختفت برديشو و عاد عداد الوقت للعمل من جديد ..!! , ألين التي لم تتغير نبرة صوتها و لا ملامح وجهها طوال المحادثة السابقة أكملت السير في الممر ببرودة أعصاب ..!! [ مملكة إنجيس : القصر الملكي ]
- حينما يأتي الظلام و يخلد الجميع في سبات .. تستيقظ الأرواح و تبدأ بالعتاب ..!!!
على من نسيها و ألقاها في مكب النسيان ..! حينها يخاف الأحياء فيهربون للنجاة !!
لكن الطريق يكون مسدوداً .. فيعودون مجدداً للتكرار ..! يصرخون و يهربون بالأنحاء .. يرتطمون بالحائط و الأثاث .. لا يعرفون كم من الفوضى
يسببون للنائمين بسلام ..!! أولائك الحمقى يَجب محييهم من الوجود حتى لا يعاد نص المسرحية دون تغيرات ..!! الفوضى و الأوساخ التي يخلفونها يتحمل مسؤوليتها عامل التنظيف و الرفاق ..!! لذا .. إن أردتَ الموتَ فلا تحدث أية إزعاج !!
قال جميع هذه الكلمات و هو يلحنها بطريقة غريبة .. و هو يطعن الحائط الملطخ بالدماء بالسكين التي معه .. لا زال تلحين هذه الكلمات الغريبة عادة عنده في زمهرير الشتاء ..!! [ أكاديمية أبتوماتس : الغرفة 202 ] سَعَلت الدماء بشدة ما الذي حصل لها فجاءة ؟! إنها تسعل دون توقف مذ ما يقارب الدقيقتين !
توقف السعال أخيراً حينها قامت بغسل وجهها و تنظيف يديها من آثار الدماء ! شئ بارد ألتف حول قدمها جعلها تشعر بالقشعريرة .. حولت نظرها له فوجدتها سلاسل فولاذية تمسك بقدمها اليسرى بقوة ..
حاولت أفلاتها إلا أنها لم تنجح ! .. ألتفت سلسلة أخرى حول قدمها اليمنى !! و فتحت بعدها حفرة عميقة لا تدري ما الطريق الذي توصل له ؟!.. لكنه بلا شك الهلاك !! |
__________________ - كيف ستصعد إلى القمة و أنتَ تهاب المرتفاعت ؟!
أيلين لـ إدوارد !
- تبدين محطمة للغاية من الداخل سيدتي !
- لا يوجد شئ في الداخل حتى يتحطم أصلاً !
المحادثة بين إيلار و ماريا !
التعديل الأخير تم بواسطة Elar | فراغ ; 04-15-2016 الساعة 09:02 AM |