عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 05-16-2016, 08:47 PM
 
بدائع ابن ابي حاتم الرازي في سورة الكافرون 1

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله ربّ العالمين .
اللهمّ صلّ على سيدّنا محمّد وعلى آله وأزواجه وذريّته وأصحابه
وإخوانه من الأنبياء والمرسلين والصّدّيقين
والشُّهداء والصَّالحين وعلى أهل الجنّة وعلى الملائكة
وباركْ عليه وعليهم وسلّم كما تحبه وترضاه يا الله آمين.
مفاهيم قرآنية : سورة { الكافرون } من روائع الإمام الرازي
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
{ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1) لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ (2) وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (3) وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ (4) وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (5) لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ (6)}
(( سورة الكافرون))
أخواني وأخواتي : حفظكم اللهُ تعالى ، وأسعدكم آمين.
دعونا نمتع أبصارنا ، بما جاءَ في هذهِ السورةِ الكريمةِ ، منْ مفاهيمٍ ، أنقلُها لكم ، منْ تفسيرِ : الإمام :أبنْ أبي حاتم الرازي : رحمهُ اللهُ تعالى ، وغفرَ اللهُ تعالى ، لهُ ولوالديهِ ، ولجميعِ المسلمينَ آمين.
ومِنْ أروعِ ، ما قرأتُ لهُ رحمهُ اللهُ تعالى.
فتفضلوا على بركةِ اللهِ تعالى :
{ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1)}
اعلمْ : أنَّ قولهُ تعالى : فيهِ فوائد :
أحدهما : أنهُ عليهِ السلام : كانَ مأموراً بالرفقِ واللينِ ، في جميعِ الأمورِ ، كما قالَ :
{ قُلْ } : { فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ .... }[ آل عمران : 159 ] : { .. بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ [ التوبة : 128 ] :{ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ }[ الأنبياء : 107 ].
ثمَّ كانَ مأموراً : بأنْ يدعو إلى اللهِ بالوجهِ الأحسن : {... وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ... } [ النحل : 125 ] .
ولما كانَ الأمرُ كذلكَ ، ثمَّ إنهُ خاطبهم ـ بـ " يا أيها الكافرونَ " !!!؟؟ ، فكانوا يقولونَ : كيفَ يليقُ هذا التغليظِ ، بذلكَ الرِّفقِ ؟؟؟
فأجابَ : بأني مأمورٌ بهذا الكلامِ ، لا أني ذكرتهُ مِنْ عندِ نفسي !!! ، فكانَ المراد مِنْ قولهِ : { قُلْ } تقرير هذا المعنى.
وثانيها : أنهُ لما قيلَ لهُ : { وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ }[ الشعراء : 214 ] ، وهو كانَ يحبُ أقرباءه لقولهِ : {... قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى ... }[ الشورى : 23 ] ، فكانتْ القرابة ، ووحدة النسبِ : كالمانعِ مِنْ إظهارِ الخشونةِ : فأُمرَ بالتصريحِ بتلكَ الخشونةِ ، والتغليظِ ، فقيلَ لهُ : { قُلْ } .
وثالثها : أنهُ لما قيلَ لهُ : { يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ .... }[ المائدة : 67 ] ، فأُمرَ بتبليغِ : كلّ ما أُنزلَ عليهِ ، فلمَّا قالَ اللهُ تعالى لهُ : { قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ } نقلَ هو عليهِ السلام ، هذا الكلام بجملتهِ : كأنهُ قالَ : إنهُ تعالى : أمرني بتبليغِ كلّ ما أُنزلَ عليَّ ، والذي أُنزلَ عليَّ : هو مجموع قوله : { قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ } فأنا أيضاً : أُبلّغهُ إلى الخلقِ هكذا.
ورابعها : أنَّ الكفارَ كانوا مُقرينَ ـ بوجودِ الصانعِ ، وأنهُ هو الذي خلقَهم ورزقَهم ، على ما قالَ تعالى : { وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ ... }[ لقمان : 25 ] ، والعبد يتحملُ مِنْ مولاه ـ مالا يتحملهُ مِنْ غيرهِ ، فلو أنهُ عليهِ السلام ، قالَ ابتداء : { يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ } لجوّزوا : أنْ يكون هذا كلام مُحَمَّد صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ، فلعلهم : ما كانوا يتحملونهُ منهُ ، وكانوا يُؤذونهُ .
أمَّا لمَّا سمعوا قولهُ : { قُلْ } علموا : أنهُ ينقل هذا التغليظِ ، عنْ خالقِ السمواتِ والأرض ، فكانوا يتحملونهُ ولا يَعُظم تأذيهم بهِ.
وخامسها : أنَّ قولهُ : { قُلْ } يوجب كونهُ رسولاً، مِنْ عندِ اللهِ ، فكلمَّا قيلَ لهُ : { قُلْ } كانَ ذلكَ كالمنشورِ الجديدِ ، في ثبوتِ رسالتهِ ، وذلكَ يقتضي المبالغة ، في تعظيمِ الرسولِ ، فإنَّ الملكَ : إذا فوَّضَ مملكتهُ إلى بعضِ عبيدهِ ، فإذا كانَ يُكتبُ لهُ كلّ : شهر وسنة منشوراً جديداً ـ دلَّ ذلكَ على غايةِ اعتنائهِ بشأنهِ ، وأنهُ على عزمِ ، أنْ يزيدهُ كلّ يومٍ تعظيماً وتشريفاً .
وسادسها : أنَّ الكفارَ لما قالوا : نعبدُ إلهكَ سنة ، وتبعدَ آلهتنا سنة ، فكأنهٌ عليهِ السلام ، قالَ : استأمرتُ إليهِ فيهِ ، فقالَ : { قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1) لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ (2) }. وسابعها : الكفار : قالوا فيهِ السوء ، فهو تعالى زجرهم عنْ ذلكَ ، وأجابهم ، وقالَ : { إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ } [ الكوثر : 3 ] وكأنهُ تعالى قالَ : حينَ ذكروكَ بسوءٍ ، فأنا كنتُ المجيب بنفسي ، فحينَ ذكروني بالسوءِ ، وأثبتوا لي الشُّركاء ، فكنْ أنتَ المجيب : { قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1) لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ (2) }.
وثامنها : أنهم سمّوكَ ـ أبتر ، فإنْ شئتَ ، أنْ تستوفي منهم القِصاص ، فاذكرهم : بوصفِ ذمٍ ، بحيث تكون صادقاً فيهِ : { قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1) } لكنَّ الفرقَ : أنهم عابوكَ ، بما ليسَ مِنْ فعلكَ ، وأنتَ تُعيبهم بما هو فعلهم.
يتبع رجاءاَ
تنبيهٌ
لقد قمتُ
بتنسيقِ النصوصِ
مع يسيرِ مِنْ التصرّفِ
لإتمامِ الفائدةِ
رجاءاً
رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ
رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ
ربَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ
رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ
رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنتَ مَوْلاَنَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ
رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ
رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ
رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ
آمين يا أرحم الراحمين ويا خيرَ مسؤلٍ ويا خيرَ مُجيب
رد مع اقتباس