عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 05-16-2016, 11:42 PM
 
درر من اقوال الزاهد التقي فضيل بن عياض

الحمد لله المحمود بكل لسان المعروف بالجود والإحسان الذي خلق الإنسان وعلمه البيان وأشهد أن لا إله إلا الله شهادة ادخرها يوم العرض على الميزان وأشهد أن محمداً عبده ورسوله المنتخب من ولد عدنان صلى الله عليه وعلى عترته الطاهرين وصحبه الأكرمين ما اتفق الفرقدان واختلف الجديدان. وبعد السلام عليكم ورحمة الله اخواني وفقني الله واياكم لما يحبه ويرضاه اقدم لكم بعض ما قاله شيخ الاسلام في المواعظ الزاهد فضيل بن عياض رضي الله عنه وارضاه واسكنه فسيح جناته ونفعنا واياكم بعلمه
قال عنه إبراهيم بن الأشعث، ما رأيت أحداً كان الله في صدره أعظم من الفضيل، كان إذا ذكر الله أو ذكر عنده أو سمع القرآن ظهر به من الخوف والحزن، وفاضت عيناه وبكى حتى يرحمه من بحضرته، وكان دائم الحزن شديد الفكرة، ما رأيت رجلا يريد الله بعلمه وأخذه وإعطائه ومنعه وبذله وبغضه وحبه وخصاله لله كلها غيره، يعني الفضيل.
عن الحسن بن علي العابد، قال:قال فضيل بن عياض لرجل: كم أتت عليك؟ قال: ستون سنة، قال: فأنت منذ ستين سنة تسير إلى ربك توشك أن تبلغ، فقال الرجل: يا أبا علي إنا لله وإنا إليه راجعون، قال له الفضيل: تعلم ما تقول؟ قال الرجل: قلت إنا لله وإنا اليه راجعون. قال الفضيل تعلم ما تفسيره؟ قال الرجل: فسره لنا يا أبا علي، قال قولك أنا لله، تقول: أنا لله عبد وأنا إلى الله راجع، فمن علم أنه عبد الله وأنه إليه راجع، فليعلم بأنه موقوف ومن علم بأنه موقوف فليعلم بأنه مسئول، ومن علم أنه مسئول فليعد للسؤال جوابا، فقال الرجل: فما الحيلة؟ قال: تستره، قال: ما هي؟ قال: تحسن فيما بقى يغفر لك ما مضى وما بقى، فإنك أن أسأت فيما بقى أخذت بما مضى وما بقى.
وعن هناد بن السري، قال: سمعت الفضيل بن عياض يقول: ما من ليلة اختلط ظلامها وأرخى الليل سربال سترها إلا نادى الجليل جل جلاله: من أعظم مني جوداً، والخلائق عاصون، وأنا لهم مراقب، أكلؤهم في مضاجعهم كأنهم لم يعصوني، وأتولى حفظهم كأنهم لم يذنبوا، من بيني وبينهم أجود بالفضل على العاصي، وأتفضل على المسىء، من ذا الذي دعاني فلم أسمع إليه؟ أو من ذا الذي سألني فلم أعطه؟ أم من ذا الذي أناخ ببابي ونحيته، أنا الفضل ومني الفضل، أنا الجواد ومني الجود، أنا الكريم ومني الكرم، ومن كرمي أن أغفر للعاصي بعد المعاصي، ومن كرمي أن أعطي التائب كأنه لم يعصني، فأين عني تهرب الخلائق، وأين عن بابي يتنحى العاصون؟.
محمد بن المنذر، قال: سمعت الفضيل بن عياض يقول: ما من ليلة اختلط ظلامها وأرخى الليل سربال ستره، إلا نادى الجليل من بطنان عرشه: أنا الجواد ومن مثلي، أجود على الخلائق والخلائق لي عاصون، وأنا أرزقهم وأكلؤهم في مضاجعهم كأنهم لم يعصوني، وأتولى حفظهم كأنهم لم يعصوني، أنا الجواد ومن مثلي، أجود على العاصين لكي يتوبوا فأغفر لهم، فيا بؤس القانطين من رحمتي، ويا شقوة من عصاني وتعدى حدودي، أين التائبون من أمة محمد؟ وذلك في كل ليلة.
وعن إبراهيم بن الأشعث، قال: سمعت الفضيل بن عياض يقول: الغبطة من الإيمان، والحسد من النفاق، والمؤمن يغبط ولا يحسد، والمنافق يحسد ولا يغبط، والمؤمن يستر ويعظ وينصح، والفاجر يهتك ويعير ويفشي.
وسمعته يقول: كان يقال: لا يزال العبد بخير ما إذا قال قال لله، وإذا عمل عمل لله. سمعته يقول في قوله: " ليبلوكم أيكم أحسن عملا " . - هود:7 ،الملك:2 - . قال: أخلصه وأصوبه، فإنه إذا كان خالصاً و لم يكن صواباً لم يقبل، وإذا كان صواباً ولم يكن خالصاً لم يقبل حتى يكون خالصاً، والخالص إذا كان لله، والصواب إذا كان على السنة. وسمعته يقول: ترك العمل من أجل الناس هو الرياء، والعمل من أجل الناس هو الشرك. وسمعته يقول: من وقى خمساً فقد وقى شر الدنيا والآخرة. العجب، والرياء، والكبر، والإزراء و الشهوة.
وعن عبد الصمد، قال: سمعت الفضيل يقول: إذا أتاك رجل يشكو إليك رجلا فقل: يا أخي اعف عنه فإن العفو أقرب للتقوى، فإن قال: لايحتمل قلبي العفو ولكن أنتصر كما أمرني الله عز وجل، قل: فإن كنت تحسن تنتصر مثلا بمثل وإلا فارجع إلى باب العفو فإن باب العفو أوسع، فإنه من عفا وأصلح فأجره على الله، وصاحب العفو ينام الليل على فراشه، وصاحب الانتصار يقلب الأمور.

رد مع اقتباس