عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 05-21-2016, 05:22 PM
 

..( 1 )..
~ جوليا ~
عطلة نهاية الأسبوع والجو صحو ، هذا يعني أنني أستطيع أخذ جدتي في نزهة قصيرة ..
ها أنا الآن أقف أمام المشفى التي ترقد فيها جدتي وقد اشتريت لها سلة فواكه طازجة ..
هممت بفتح باب المشفى إلا أن أحدا قد سبقني لفتحه من الداخل واندفع بعدها بإتجاهي ، كدت أفقد توازني حين أزحت عن الطريق قليلا لأمنع تصادمنا ، أنحيت رأسي للأسفل وأنا أعتذر بسرعة : آسفة قد يكون الخطأ خطئي ..
شعرت به يربت على رأسي وهو يضحك قائلا : لا داعي للإعتذار وداعا ..
حين رفعت ببصري كان قد انصرف من المكان لأدرك أنه كان في عجلة من أمره ..
تابعت ما كنت أريد فعله وكالعادة لقائي مع جدتي لم يجري بشكل جيد لكن لا بأس سأحاول معها في المرات القادمة ..
يوم جديد أتى مع شروق الشمس ، كنت قد أنهيت صنع وجبة الطعام وارتديت زيي المدرسي بسرعة ، ثم ركضت خارجة من غرفتي فإذا بي أصادف أختي جودي التي رمقتني بتلك النظرة الساخرة التي ترمقني بها في العادة وهي تقول عبارتها الدائمة : أخت غبية ..
اكتفيت بأن أطلق ضحكة قصيرة كرد وتابعت طريقي مغادرة المنزل ..

حالما وصلت إلى المدرسة أخذت ألتقط أنفاسي وأنا أجلس على مقعدي ، فإذا بي أسمع صوتا ساخرا قريبا لصوت أختي يقول : وكما العادة تأتين راكضة وكأن المدرسة ستختفي ، أنت تثيرين غيظي ..
نظرت إلى روز التي تجلس بجوار مقعدي وقد نطقت فابتسمت لها : لا أحبذ فكرة أن أصل متأخرة ، فأنا سأكون سببا في تعطيل شرح المعلم حينها ..
زفرت بيأس : أرجوك توقفي عن التصرف هكذا ، هذا يغضبني ..
ثم صمتت لبرهة قبل أن تخبرني : صحيح يُقال أن ذلك التافه المغرور سيعود اليوم ..
قالت جملتها بكره واشمئزاز فأجبت عليها وأنا أقطب حاجباي محاولة التذكر : من تقصدين ؟؟
ـ إنه ياماتو الطالب الذي قيل أنه قد أصيب بحادث مروع في أول يوم دراسي له لذا لم يستطع الحضور حتى هذا اليوم ..
ـ الآن تذكرت ، أرغب فعلا برؤيته خصوصا وأن الجميع يتحدث بشأنه ، أظنه شخصا لطيفا وإلا لما كان محبوبا هكذا ..
صرخت روز حينها : هو ليس لطيفا البتة ، إنه مزعج ومغرور أنا أكره الأشخاص من أمثاله ، مثاليته مقززة كثيرا ، ستكرهينه حتما يا جوليا ..
لم أستغرب مطلقا من حديثها السيء عنه ، فهي تتصرف هكذا عامة مع جميع الذكور ، رغم أنها في الماضي لم تكن كذلك ..
دقائق قليلة حتى انطلق صوت الجرس معلنا بدء الحصة الأولى وقد أقبل معلم اللغة الإنجليزية ومن خلفه كان هو ، الشاب الذي أترقب وصوله ..
ما إن وقع بصري عليه جتى تبادر إلى ذهني كلمة وسيم ، لا .. بل خارق الجمال ، وقف أمامنا بطوله الفارع وأخذ يقول بإبتسامة ساحرة : شكراً لكل شخص كان قلقاً علي وقام بالسؤال عني ، لقد اشتقت إليكم كثيراً ..
لسبب ما أشعر وكأنه يتحدث بغطرسة رغم كلماته البسيطة ، تعالت الترحيبات الحارة من جميع تلامذة الصف ووسط كل هذا كانت روز التي بجواري تتأفف وتتذمر بوضوح ..
أقبل الطالب بإتجاهنا وحالما وقف بمحاذاتنا قال محدثاً روز : كيف حالك يا روز ؟؟ أعتقد أنك كنت وحيدة من دوني ..

رمقته بنظرة مشمئزة : لم لم تمت في ذلك الحادث وتريحنا من وجهك ؟؟
تلاشت تلك الإبتسامة التي كان منحوتاً على وجهه حتى هذه اللحظة ، وأخذت معالم الغضب تسيطر عليه ..
همست حينها : روز لقد أغضبته ، إعتذري إليه ..
لترد بصوت جهوري وعن قصد : جبان مثله لا يخيفني ..

أستطيع أن أقول أن معركة طاحنة قد تحصل في هذه اللحظة لذا وجب علي التدخل ، أخذت أنكس برأسي معتذرة : آسفة لا تلقي بالاً لما قالته روز ..
وجه بصره نحوي للمرة الأولى فزالت تلك النظرة المرعبة عنه ليقول بإبتسامة : إنها لمصادفة غريبة أن نلتقي مجدداً ..
إلتفتت روز إلي بسرعة : هل قابلتيه مسبقاً ؟؟ لماذا لم تخبريني ؟؟ كيف وأين حصل ذلك ؟؟
لم أملك جواباً لسؤالها فأن لا أتذكر أنني رأيت وجهه سابقاً ، ولا أستظيع حتى أن أقول أنني نسيت ، فوجه مثله لا يمكن نسيانه بسهولة ..
عاد ياماتو ليقول : أرى أنك صديقة هذه البلهاء ، أعتقد أن غريبي الأطوار يصاحبون أمثالهم من الأشخاص ، لكن من الجيد يا روز أنك وجدت صديقة ..
- أغرب عن وجهي وحسب أيها المزعج ..
كان لعراك الألسن أن يطول لولا صراخ المعلم : ياماتو روز كفا عن هذا ، وأنت يا ياماتو اختر مقعداً بسرعة ..
قلت حينها : أنا آسفة حقاً أرجو أن تعذرنا ..

أطلق حينها ياماتو ضحكة قصيرة وهو يتخطانا ويختار مقعداً خلفنا ، فلم يكن هناك العديد من المقاعد الشاغرة سواهما ..
شرع المعلم بالدرس فيما بقيت روز تتمتم بالشتائم طوال الوقت حتى أني فقد تركيزي بسببها ..
في استراحة الغداء لم يكن صفنا مكتظاً كهذا من قبل ، مجموعة كبيرة من الصفوف الأخرى جاءوا إلى هنا لإلقاء التحية على ياماتو ، الغريب أن الفتيات ليسوا وحدهم من تحلقوا حوله حتى الفتيان كانوا كذلك لذا أعتقد أنه محبوب من قبل كلا الجنسين ..

الزحام كان شديداً من خلفنا حتى وصل زحامهم إلينا ، وليس هناك من داعٍ لأصف كيف كانت تعابير روز ، ولأمنع حصول إنفجار كارثي هنا قلت بإبتسامة : ما رأيك أن نتناول غدائنا في الخارج ؟؟
لترد بحدة : حسناً ، فأنا لم أعد أتحمل هذه الحشرات القذرة التي تتحلق هو القمامة العفنة ..
بفضلها أصبحنا هدفاً لتلك النظرات المنزعجة والغاضبة ، لأسمع ياماتو يقول بصوت عالي : أنت تقصديق نجوم متلألأة حول بدر منير ..
جررت روز إلى خارج الصف قبل أن أسمح لها بالرد ، لتصب جام غضبها علي ..
- لماذا لم تدعيني أرد على ذلك النرجسي القذر ؟؟

زفرت بضيق وأنا أحدق في السماء الغائمة من النافذة : سألتك هذا السؤال كثيراً وها أنا أعيده عليك مجدداً ، لم تبغضين الفتيان إلى هذه الدرجة ؟؟ لماذا أصبحت حادة الطباع هكذا ؟؟
فأجابتني كالمعتاد : إن أفصحتي عن سبب تغيرك ربما سأفكر بإخبارك ..
هذا الحوار دار بيننا كثيراً بعد رجوعي إلى هذه المدينة ، سنتين فقط كنا قد افترقنا وحين اجتمعنا مجدداً لم أجدها كما كانت في العادة ولا هي كذلك وجدتني كما أنا ، وبمجرد أن نصل إلى هذه النقطة أبدأ بالتهرب كالعادة ، لذا قلت مغيرة دفة الحديث : يبدو أن السماء ستمطر قريباً ..


** نهاية الجزء **

رد مع اقتباس