الموضوع
:
قلمٌ ذهبي ~ قدر مخطوط على صفحات الزمن
عرض مشاركة واحدة
#
122
05-23-2016, 02:36 PM
وردة المـودة
15
الموت ينادي..لكن أن يترك القلب مهجورا..
مُستحيل !!
وضحت كاوروا قراراها بإدارة جسدها مع السلاح نحو صاحب الذنب الأكبر....
بادر ريو قائلا بسرعة:...غبية، إنه فارغ!
أجل...هذه هي النقطة التي أزعجته.... نقطة دعت رصاصة الهلاك تمدد جسدها بدم بدا يخرج من مستقره كالسيل...
خاتما سلسلة إفكارها التائهة بصدمة ريو الصارخ بإسمها: كاوروا...كاوروا.... هيييي كاوروا....!....تسمعينني....كاوروا!
لم یشعر بألم بکفیه التي غرقت بدمائها بحد الخنجر القابع بهما... المهم أن يفك نفسه .. المهم أن لا تظل تلك الفتاة بهذا الوضع الأليم ....
كانت بؤبؤتيه ثابتة نحوها بجزع لازمه، ينظر لدماءها التي اختارت طريقا طويلا في خروجها و تلك الرعشة التي امتلكت جسدها...
بالكاد رفعت جسدها المرمي واضعة كفها الأيمن فوق خاصرتها المصابة...
لتسمع صرخة متألم آخر قد طغى تغبنه على تجلده: لا تتحركي..
رسمت بسمة باهتة و هي تتحامل لإكمال جلستها و هي تحاول التكتم على أنين ألم و ملمح ضعف موجهة نبرتها المتقطعة له: أبي أرجوك توقف ...
نظراتها الخاوية من التعابير كانت مجهولة المنظر رغم توجيهه كلامه الساخر لها: أتوقف..!لم و مليارات الدولارات تتكدس أمامي؟!
غير مناط حديثه الذي بات يحرق كاوروا و يجرها للجنون: للأسف أنك بت تشبهين أمك في كل سكناتها، و اختياراتها... تلك المرأة التي كادت أن تشي بمن كرس نفسها في سبيل حبها و إرضاءها... لم تفهم كم كنت أعشقها و حاولت أن تحطمني..
قاطعته كاوروا بغضب دفين لمغزى تحاول إبعاده عن الإفتراض: أمي... هل قتلتها؟!
ابتسم ابتسامة شر تدل على نصره: تعرفين أنها ماتت مريضة، لم أفعل شيئا سوى إعطائها بعض الحبوب منتهي الصلاحية كعلاج لها...
رفع رأسه قليلا مردفا: لكن قتلها لم يكن محبذ لدي...كنت أطمح لإكمال سعادتي معها .
" أتأسف لمناداتك أبي طيلة هذه السنين .."
علت منها أنة وجع لم تسطع تمالكه حين تلقت ركلة من قدمه ....
بات دم ريو يغلي لقسوة هذا الكائن الذي بات يعذب ابنته جسديا ونفسيا... فهل هناك أقسى منه...
كان يستمتع بآهات أوجاعها المتعالية..
أخذ يسرع في فك الحبال قبل أن يفقدها: أنت لست بشرا، ابنتك تتأوه ألما بسبب طلقتك ...
بانت أسناناته تتضح لعرض الإبتسام و بات يكمل تعذيبها بتلك القدم المبسوطة فوق جرحها حتى انطلقت صرختها المدوية بمسامعه: هي صرحت أني لست كأب لها...أليس كذلك ماستي الصغيرة؟
عض ريو شفتيه حتى شقها و هو يرى عجزه جليا لإنقاذها، يرى الدماء التي اتخذت جسدها منيع نهر : أبعد قدمك عنها أيها القذر!
رفع ناوكي قدمه قائلا : حسنا، لا يجب أن أفوت متعة الألعاب النارية عنكما ....
صفق هاروكي بكفيه و كأنه،ينفض غبار نهاية العمل: انتهينا.
قال هيجي: مازلنا في البداية ، المختطفون ليسوا هنا و لا رئيسهم. .
تنهد هاروكي بملل: أعطني فرصة التبختر بإنتصاري .
ابتعد هيجي خطوات لينزل من السفينة التي باتت مكب نفايات ممتلئة بأجساد مرتمية: إتبعني .
تبعه هاروكي بعد أن تخلله شعور الأنس بهذا الطبع المألوف.. مترأس صارم... هذا هو والده على كل حال...
اتجها لسفينة أخرى ليبدآ بها جولة عراك أخرى بعد انتباه أحدهم لهما: هناك دخلاء!
اجتمعت دائرة من البشر حولهما قبل أن تعلوا أصوات الضربات و الأسلحة ليقطعهم بعد مدة صوت شاب مألوف: ما هذه الفوضى؟
بلع هاروكي ريقه ليهمس لمن جواره: أليس هذا ...؟
أكمل هيجي بحنق: نوي ..
ضحك نوي لحظات ثم تقدم نحوهما خطوات واثقة: كان يجب علي أن أعرف أن أحمقان مثلكما لن يتركا ساحة البطولة .
قال هيجي مقطبا حاجببه: ما الذي جاء بك؟... لا أظن أن السيد سايكوا هنا. .إذا...
أتم نوي مقصوده: هذا هو مكاني ...
رمقه هاروكي بإستحقار: لاتقل أنك سلمت كاوروا ...
توقفت تعابيره لحظة ثم رفع أصابعه مشيرا بصوت جهوري:واحد...اثنان...ثلاثة....
انقلبت الموازين فجأة بصدمة اجتازت عقول الجميع فها هو،نوي يعطي ظهره لظهر هاروكي و هيجي بإبتسامة مستفزة: جيد، لنبأ الجولة الحقيقية الآن.
صرخ أحد المواجهين لهم بغضب جم: أيها الخائن...
تحرك الثلاثة ببداية هيجي: بدأت أشعر بمفاصلي ترتعد حماسا و إثارة.
بدأ العراك فورا و قوة الثلاثة جابهت الجميع بتعاونها قبل طاقة أجسادها ، و هاروكي التائه بين خضم الأحداث ظل يعارك ملتفتا لنوي: أظن، بدأت أشعر بالصداع..!
أصوات دوي ذلك اللحن طغى الغوغاء التي أثارها تجمع الناس، و صرخة يوكي المظطرب أبعدت كل من بالواجهة: ابتعدوا عن الطريق، أفسحوا المجال للشرطة.... أنت ياصاحب السيارة الرمادية، قلت ابتعد ....
حتى أنه مد سلاحه ليطلق نحو،السماء محذرا فقال سايكوا بضحكة ساخرة: أوقف هذا الجنون، لم تتبق سوى عشر دقائق.
اعتدل يوكي بجلسته و،ملامحه التي ترسم مشاعره المكتظة لم تتغير: لو أذعنت للزواج و امتلكت ابنة في خطر لفهمت معنى عشر دقائق...
تأفف سايكوا قبل أن يرفع اللاسلكي الموصول بسيارته: إلى جميع القوات، لاتدعوا لهم مجالا للهرب، حاوطوا السفن بتغطية تامة... ...
نظر له يوكي نظرة ساخرة: تهرب جيد صديقي.
لم تتغير تعابيره الجادة بل استمر بالأوامر لقواته تاركا يوكي تابعا لإضطرابه.....
انحنى نوي رافعا سلاحين من ما رمي بالمعركة و رماها نحو هيجي و هاروكي: خذا، ستحتاجان لهما.
أخذ هاروكي السلاح بحيرة: لكن أنا...
استقام نوي واقفا رافعا سلاحه هو الآخر: ليس هذا وقت ال لكن، فهناك قنابل مزروعة في سفينة المختطفين ، و سيفجرها ناوكي بأي لحظة...
وسع هيجي حدقتيه متحركا بسرعة: مستحيل.
أوقفه نوي بإمساك ذراعه: السفينة رقم خمسة..
نظر له هاروكي نظرة استنكار: ألن تأتي معنا؟!
نظر نوي ليمناه حيث مسقر قلقه: لا، يجب أن أذهب لناوكي و أماطل ضغط زره ..بينما أنتما تخليان السفينة.
تحرك هاروكي مبتعدا: إذا هيا...
انقبض قلب نوي فجأة حتى كاد يفقد توازنه لولا أن أمسك بالسور جانبه: لا...
همس سمعه هيجي قبل أن تخطو رجلاه: ماذا؟
لم يجبه نوي بل بدأ يركض نحو وجهته طابعا الإستفسار لديهما، استفسار عن سبب فزعه... !
جاهلين انقباض قلبه بظلمة تنبئ بشر لم يضرب له حسابا..!
رمى بما قيده واقفا : الآن، لتبدأ بإعادة جملتك ناوكي ميشيل.
ضحك بتعال و صوت عال: اوووه، مثير للإعجاب...
تكتف بذراعيه مكملا سخريته: ماذا بعد؟... القنبلة بيدي، و اصدقائكم رهينتي... حركتك مرهونة بزر...لاغير.
بدا ريو متوترا لا يعرف حلا لما هو به: المشكلة أنك محق.
هستيريا الضحك واتت ناوكي بنوبة أشد من سابقاتها حتى أن بالكاد استطاع إيقاف نفسه من القهقهة و بينما هو كذلك انتبه لقبضة تقترب من وجهه ليبتعد باللحظة الأخيرة سامعا جملة ريو المفعمة بالثقة: لاتستهن بي.
انقلب سايكوا جديا و صارما: ترغب بالموت لامحاله.
أراد أن يجيب إلا أن صوت أنفاس متقطعة ناطقة بإسمه جعلته يتصلب مكانه....
استدار متجها لتلك الزاوية التي ارتطمت بها لحركة والدها الغبية، فجلس منتكسا بجانبها: كاوروا، أيتها الغبية... انظري لما فعلت بنفسك.
اكتفت بالنظر له فهو كل ما تستطيع ليرفعها ماسحا خطا أحمر استقر بذقنها: لم يكن لك لوم لو أطلقت علي، على الأقل لما شعرت بتقطع نياط قلبي هكذا دون رحمة...
قاطعته بكلمات راضية: أنا...إنسان.
ما كان منه عند سماع صوتها الخافت إلا أن ينزل وجهه ليلصقه بوجهها باكيا: لم ترحميني كاوروا، لم ترحمي...
ردة فعلها كانت معاناته لاغير، فذا فمها بدأ يقذف كتل الدماء و النزف صار في ازدياد ...
أمسك وجهها بيمناه المرتعشة خوفا عليها: كاوروا، أرجوك تحملي... قليلا حتى أنقذك، فرصة قليلة تكفي... قاومي كاوروا...
و هل الكلمات تفيها علاجا!...
احتك قلبه بنار اللظى حين احتكت كفها بخشب المركب ذاك..
بدأت صرخاته توهم بجنونه و آهاته بكلمات مشجيه أفادت صرعه!
"كاوروا...لا...كاوروا لا... لن يحدث شيء،مستحيل...!! قولي أنك بخير...افتحي عينيك و قولي أنك بخير...انظري لي، هذا أنا ريو...كلميني كاوروا...قلت لك كلميني...."
.
لم يخرجه ناوكي سوى لحالة الغيظ أكثر حين قال ببرود: ارتاحت بسرعة...هنيئا لها.
لم يستطع إيقاف دموعه أو شهقاته التابعة لها و لم يستطع قرار تركها لطموحه بلكمه... اكتفى بالإستقرار شاعرا بأنفاسها الضعيفة موجها كلمة غيضه الحاقدة: مريض...
استند على السور تاركا هبات النسيم تداعب خصلاته: عجيب... لايهم ما ترى، مازالت اللعبة في بدايتها...
نظر للسفينة التي تتقدمهم قليلا : قلبي يدق دقا لتتمتها...
رفع كفه بقرار جازم كاد يجر ريو للإستسلام بترك المضرجة بيديه ليمنعه إلا أن طلقة محمر العين مبعدا أداة التحكم ردعته...
لحظة فريدة أظهرت تعبير مقطب الجبين على وجهه: نوي...
أطلق نوي زفرة تلتها بصقة على الأرض : لقد وقعت بأسوء يد...تود تقطيعك إربا، منذ زمن و الآن... لا أستطيع كبح رغبتي بقتلك.
رفع كتفيه ببلاهة: أطلق إذا...
وجه فوهة المسدس نحو رأسه: كيف تجرأت بلمسها؟....إنها ابنتك.
فتح فمه ليجيب أحد أجوبته التي تستفز كل من يسمعها إلا أن طلقة أوقفته.....
أطفال منهكة، يائسة، و مضطربة لما سيواجههم...
البعض غفت عينيه متناسيا هم التواجد هنا و بعض مل البكاء الذي لا أثر سوى تلقي الضربات...
كانت ليندا تفكر بحال الطفل الناقص الذي هرب، فهل نجح بالهروب مبتعدا أم أن عديموا الإنسانية سلبوه حياته....
نظرت لميواكوا بأسف لحالها، فإن استمر الحال على ماهو عليه لا أحد يعلم العواقب لهذه الحامل هنا!..
أما الجالسة بزاوية متوحدة لم تستطع الإستقرار بأفكارها... والديها، هاروكي، و تغيرات هذا الماضي الذي ختم عليه ما لم تتخيل رؤيته....
تغاضت عن كل شيئ و انحصرت بالتفكير حول هاروكي الذي ادعي عشقه لها...!
فهي لم تسأله و لم تتحدث معه منذ مات نيك.... حافظ السر الذي حوى،مكانة الأخوة لديه، لذا هي متأكدة أنه سيأتي إن لم يأت بعد.... لا لهدف إنقاذها، بل للإنتقام للعزيز المفقود في المقبرة...
ابتسمت لسخف أفكارها بهذه المعمعة... حبه لها و إنقاذها...!
فاجأهم صوت الجلبة خارج هذه الجداران التي تحيطهم ليعلموا بحظور أمل لنجاتهم...
بدأت ليندا بضرب ظهرها بالجدار لتصدر صوتا يدل الحارج عليهم فتبعتها إيريكا مستحسنة الفكرة و تلاهم الأطفال تقليدا....
اختفت الأصوات ليضمحل الأمل الذي لم يدم لحظات...
و مع ذلك، المشاعر قد تخطئ بعض الأحيان فذا اقتلع الباب و ظهر مثيلين بوجه بطولي متكاتف...
رفعت إيريكا رأسها لتصعق كما لو تلقت صفعة تنبها بتواجده،منقذا لها....
شدت على كفيها المغلقين و أهبطت رأسها يأسا،من مشاعرها التي تهوى تخييب ظنها إلا أن ثوان لم تمض حتى لامست كفيها شعورا مألوف لها منذ الطفولة... و هل يعقل أن تنسى دفء كفيه؟!
قال بخفوت يشدها للنظر له: يا إلهي، تتصرفين و كأنه يحرم القلق عليك...مابالك؟!
فكها و أزاح الخرقة التي توسطت فكها مبتعدا للأطفال بصمت...
لاحظت إيريكا أن ليندا و ميواكوا بدأوا بفتح ايدي الأطفال و هي جامدة فخاطبها هاروكي محفزا: بسرعة... افتحي ايديهم فنحن نسابق الزمن.
لم تعي سر جملته المتوترة إلا أنها انصاعت لأمره و شرعت بالمساعدة. ...
خرج الجميع بقيادة هيجي و هاروكي اللذان كانا يبدوان على عجلة فعلا!
توقفت ميواكوا مبعدة يدها عن ممسكها تلتقط أنفاسها: دعني آخذ نفسي لحظة...
أدار هيجي رأسه لها: أختي، هذا ليس وقتك ... هناك قنبلة على وشك الإنفجار ..
توسعت حدقتيها و بلعت ريقها : قن...بلة!
جرتها إيريكا بإنفعال: أسرعي ميواكو، لا أرغب بالموت مقطعة الأشلاء.
نظر لها هاروكي بضحكة،خفيفة: من الجيد أن أحدهم احتفظ بروح المرح.
جعل هاروكي نفسه مسؤول،الحدث : اذهبوا الآن، أنا سأهتم بالأطفال...
قال هيجي:هل ستحفظ،كل وجوههم؟..لن استطيع التعامل معهم صدقني... دع كل منا ينتبه لقسم منهم، هذا سيكون أضمن.
أومأت ليندا بالموافقة: فكرة صائبة.
أسرع الجميع بجمع الأطفال و تقسيمهم، ثم خرجوا بأقصى ما يستطيعون...
أجلس هيجي ميواكوا جانب الرصيف على بعد مسافة آمنة: هل أنت بخير ميواكو؟
أشار له بوجه شاحب يبعد وجهة التصديق عنه: أجل .
جلست ليندا بجانبها واضعة يدها فوق بطنها: هل تشعرين بألم؟
أجابتها : ليس كثيرا .
حاولت إيريكا استفهام الوضع: مابها؟
أدارت ليندا وجهها لهم: الحركة أكثر،مضرة عليها و على الجنين، أنتم إذهبوا و أنا سأبقى معها.
لم يكن هيجي مطمئنا بالذهاب فأراد أن يغير الرأي لما يجول بخاطرهز لكن ...
قاطعته ليندا بصرامة و عينين جادتين: هل عمل الشرطي متوقف على حراستنا؟
ابتسم فاهما منظورها: فهمت...إعتن بها ريثما أعود.
قالت له ميواكو جملتها التائهة في بحر حنوها: كن حذرا.
ابتسم قائلا جملة تغيير جو: سأفعل، لاتقلقي أمي.
هاروكي بضجر: لا تقل لي أنني سأخسر فرصة الإنتقام ؟
تدخلت إيريكا بالتمسك به: دعني أشهد انتقامك.
تعمق في كلماتها المتهورة التي رد عليها هيجي: غباء، نحن نريد إنقاذ كاوروا و ريو لا أن نحمل عبئا معنا..
ليندا بتفاجؤ: كاوروا هنا..!
وجهت إيريكا قبضها نحو هيجي ليمسكها: لن تردعني، بالذات لأجلهما لا أستطيع تحمل البقاء هنا.
التقط هاروكي ماتقصده، فهي ترمي لقلقها على والديها فأومئ بالإعتراض: وجودك لن ينفع، سوف تستطيعين الإطمئنان عليهما لاحقا...
نظرت له برجاء بالغ: تفهم هاروكي، لو كنت مكاني ما كنت ستفعل؟
أغمض جفنيه بتفكير ثم فتحها ليبلغها رأيه الأخير: لن تتحركي من جواري.
أومئت بالإيجاب فرحة معانقة ذراعه بإمتنان: أنت رائع هاروكي.
إلا أن هيجي قرر العقلانية: هذا ليس وقت التأثرات العاطفية، و ليس وقتا مناسبا للرومنس أيضا، نحن نريد المحاربة، بل سنقتحم حربا حقيقية فلا مكان لك إيريكا.
تقدمت أمامهما دون التلفظ ليقول هاروكي: إنها عنيدة ..
أما في هذه اللحظات كان نوي متصدر المعركة من رأسها... و أمامه شخص راكع واضعا يده مكان رصاصة استقرت بفخذه: ما الذي ستربحه بوقوفك في صف الشرطة الحمقى؟
كانت عصبيته مجهولة السبب إلا أن كلماته تزيد الموقف غموضا: من قال أنني في صفهم، أنا في صف أختي التي ظلمتها و جررتها لتجرع كأس الموت غصة غصة، و الآن تتجرأ بالإطلاق على إيريكا كأنها سلعة ...!
قال ناوكي بإستخفاف : هل أنت غاضب لعدم حصولك عليها؟...
جملة تكفلت بطلقة في فخذه الآخر ليرتمي مستلقيا ممسكا بها يتأوه : ماذا تفعل أيها الأبله؟!
كلماته احتوت جمودا مرعبا لوهلة : هل تؤلمك؟...
نظر له ناوكي بغيظ منتظرا ما يأتي: هل قدميك تؤلمك؟
شدد على حروفه المهددة: تألمك يريحني، أكنت تظن أنك ستموت بسهولة؟...سيكون مماتك جنة لما ستقابله.
خطوات مقتربة أعلنت عن وصول صاحبها: ما الذي تفعله نوي؟!
لم يحرك ساكنا: لا تقلق، لن أقتله، فتلك له راحة...
اقترب هاروكي منه: هل هذا هو ناوكي؟
لم يأبه نوي للجواب لذا صمت ليفهم هاروكي الإيجاب: دعني أطلق عليه أيضا...
قال هيجي المقترب بدوره: أنا أيضا أود إفراغ غضبي عليه.
اعتلت ضحكات الجالس بتثاقل على ما يرى: لا أصدق أني أصبحت مهما لهذه الدرجة...تتسابقون على إصابتي...يا إلهي...
لم يستطع هاروكي الوقوف ساكنا وهو يقابل قاتل صديقه يستفزهم بضحاته المتعالية فاقترب جسده ليوجه له لكمة في معدته: أبق فمك مغلقا...
استحضر هاروكي صورة صديقه المدمى أمامه فبدأ يركل الماثل أمامه و يضربه بكل مايملك، إلا أن ابتسامة ناوكي لم تترك حيزها بوجهه....
استرد ناوكي أنفاسه ليرفع مسدسه صوب فتاة قابعة في بقعة خبئت مالم ينتبه له من صورة مريعة:حركة و ستكون ضحية.
خرجت لترى و كأنَّها في حيِّ مختلف ... بدأت تمشي و تمشي بخطى تائهة دون أن تعرف أينتوقف هاروكي ينظر لفتاته المنصدمة: أيها الوغد!..!
قدميها أخذتها خطوتين للخلف ، لم تشأ أن تحفظ ملامحه التي ظهرت أمامها لأول مرة ...لم تشأ أن تفهم أن من يكون جدها قد احتجزها رهينة لهربه...!
إلا أنها سقطت فوق شيئ رطب لم تحسب له حسابا، رفعت كفها لتشم رائحة الموت بلون أحمر قان...
ازداد ارتعاشها و توقف عقلها عن التفكير و بدأت تدير رأسها استكشافا لحقيقة هذه الدماء...
لكن يدين أعادت وجهها لجهته حيث هو يقف آمرا بحزم: لا تنظري..
كلماته كانت مفهومة، لكن عقلها الباطن أشار لها بسوء الواقعة لتدير وجهها فضولا خاصة بعد سماع حنين شخص مألوف لها....
أغلق هاروكي عينيها من فوره: قلت لاتنظري...
إلا أن عينيها سبقته بإستدراك الحدث فتعالت دقات قلبها لهول المنظر....
والدها يئن أنينا و هو يتمتم بخفوت مالا تفهمه الآذان بينما تتخلخل أصابعه شعرها المرتمي مصبوغا كما الجسد بذاك اللون المهيب...
جرها نحوه هامسا في أذنها ما قد يهدئها: لا تنسي أن هذا ماض لاغير...
ملئت دموعها كفيه لحظات قبل أن تخرج من العالم الإدراك بين يديه دون صراخ أو ردة فعل عنيفة و كأن اعتصار قلبها منعها من ذلك أيضا.....
تنهد ناظرا لمسبب مجزرة قلبيهما بازدراء واضح: صدق نوي، فالموت قليل عليك...
كان محتفظا بإبتسامته رغم شحوب وجهه لكثرة النزف رفع حاجبا و أهبط آخر مستخف بما حوله من بطولة ، أمسك بالسور خلفه و بدا ينهض متثاقلا: هل تظنون أن أمري انتهى؟...تمزحون..!
رفع يده و معها مسدسه الموجه نحوهم: لكل شيئ حل...
اعتلت نبرة النصر من نوي : إن كنت تقصد الفرار برمي نفسك في القارب الخلفي فاعلم أنني أفلته منذ ساعة.
قطب المعني حاجبيه و بلغ غضبه منتهاه: خائن..
لكن صرخة هجوم باغتت الوجوه و طبعت عليها الدهشة، فظهور أحدهم رافعا ذاك القضيب المعدني ليضرب نوي من الخلف....
حاول نوي بحركة سريعة أظهرته طيفا أن يتحاشى ماتوجه نحوه لكنه كاد يخفق و يصاب لولا ظهور شخص أخذ مكانه ليرتمي جالسا بألم بجانبه....
استغل نوي ذلك بإطلاق رصاصة نحو المهاجم فيسقط،جثة هامدة...
ثم انحنى نوي له قائلا بقلق: أأنت بخير هيجي؟
رسم على شفتيه بسمة واثقة: ضربة كهذه، لاتعتبر شيئا ... خاصة عندما أشعر بلذة انتصاري الأول.
دقق نوي على شيئ خارج عن نطاق الموجود : فهمت....
وقف بثبات مقابل ناوكي : يسرني أن أخبرك أن كل شيئ بلغ منتهاه سيدي الموقر.
عض شفته بإمتعاض:... لا، لست من يقع خاسرا.
اقترب منه بخطوات لاتزعزها مخافة منه أو مما يمده : سأثبت لك، واحد ...اثنان... ثلاثة...
قبض على ذراعيه ليديره صوب الميناء ناحية اليابسة: أنظر، لقد وصل ما يجب أن تخشاه.
ظهر صوت لحن الشرطة يعبر عن النهاية بعد ثمن باهن لايعلم ذروته...
ارتقى سايكو متقدما رجاله المتكاثفون في السفن: فتشوا كل مكان، لاتدعوا لهم مجال الهرب...
سلم نوي مسبب تلك المصائب لرئيسه لتنتهي مع مهمته صلابته الظاهرة و قدرته على تحمل المزيد...
توجه نحو الفتاة ذات الشعر الأشقر المضرجة بيد صديقها، جلس بضعف جوارهما و مد يده ليلمس ملمحها المتألم إلا أن يدا أوقفته بعنف قبضتها ليده...: لا تجرأ على لمسها ، أنت السبب فيما حصل لها .
استسلم لدموع دون أن يكفكفها: أنا أحق بإمساكها، أحق بالبكاء على نفسي لرؤيتها هكذا..
رمى ريو يده و اكتفى بالشد على كاوروا بيديه : ليس الآن، ابتعد نوي ...ابتعد فقط....
الجميع قد أخذ للمشفى، مريضا أو مرافقا أو عزيزا....
فالكل جرحى يطلبون الدواء
ميواكوا خضعت لفحوصات لها و لطفلها أمانا لها و لطفلها المرتقب و توجب عليها البقاء يومين أو ثلاثة تحت الرقابة لما مرت به تأزماتت نفسية...
و يوري حاضر يهدئها مطمئنا بحديثه عن مدى قلقه و كثرة مخاوفه...!
و ما كان منها إلا الضحك استهزاء به و فرحا بإهتمامه....
إيريكا موصولة بالمغدي لهبوط ضغط اعتراها جراء تلك الصدمة، قرينة ببعض المهدئات....
و بجانب سريرها اتخذ هاروكي مكانه...
هيجي تلقى علاج بالضمادات و بعض المسكنات البرهمية لورم انتفخ جراء الضربة التي استقرت بظهره....
ليندا لم تنج من كل أنواع الفحوصات للقلق الذي طغى قلب والدها....
أما ريو فحالته الهستيرية منعت الأطباء من الإقتراب منه!...فظل جالس على بلاط المشفى يترقب خروج الطبيب بما يسره من غرفة العمليات هذه...
تلك الغرفة التي شابهت آخر مضطجع لنيك....
و قد شاطره نوي تلهف السعادة بعد أن استأذن رئيسه سايكوا واقفا تاره، ماشيا أخرى.... و،جالس في دقائق معدودة....
و عن سايكوا، فوظيفته بدأت للتو،بادئا بها بإعتقال فرع منظمة إجرامية عالمية و استجوابهم ، و كأمر جزئي علاج ناوكي في زنزانة خاصة...
و هذا مئال بدايتنا، كل شيئ بخير إلا... قلوب ترتعش خوفا من ما تكتبه صفحات الأيام هذه، فهي صفحات تاريخ لنا و ساعات عمر من مضى....
و ما المشيب إلا ناتج تاريخ دونته حوادث البشر....
أه، و لا ننسى الساقط من القلم بطلنا الصغير نيكولاس، فهو هارب من مشفاه عند سماع الخبر ، آت بيد مكبلة بجبس و ضماد لأخته المرهونة بخطر...
تلك التي أهدته الكثير بطبق طعام،يسد جوعه و بقطرات ماء تشبع ظمأه، فقد أطعمت لحظاته وجودا طيبا و أروت روحه بقلب كان حانيا....
وصل لريو المنتكس بشرود غاضبا ليصفعه صفعة تحمر لها وجنته، إلا أنها لم تكن كفيلة بإيقاضه من عالم الظلمة الذي ساد على قلبه: أهذا ما وعدتني به ريو؟!.... هل تسمي نفسك رجلا و هناك،فتاة تحت كنفك،تصارع الموت...؟!
تدخل طبيب قد مر من مكانهم: أيها الفتى...لا تنس أن هذا مستشفى ،ليس مكان تصفية الأمور الشخصية...
توجه نيكولاس للجلوس على،مقعد يقابل ريو منظرا بدوره ما ينهي الفوضى العارمة كصراع داخله....
و في جانب من،جوانب هذا المشفى كما ذكرنا ، استيقظت فتاة بتوتر جلا ببؤبؤتيها الناظرتان نحو هاروكي: هل أمي بخير؟
اكتفى بإجابة صريحة: لا أعلم إيريكا، فهي في غرفة العمليات الآن.
جلست رغم معارضته و سحبت إبرة المغدي من يدها ، و نهذت متجاهلة الدم السائل على ذراعها: أريد الذهاب لأبي.
تقدمت و هو يتبعها حتى بلغت محله ، لاتعرف هل يسع الوصف « تقطع فؤاده» أم «توقف نبضه» كل هذا الحزن الطاغي عليه....
استندت على الحائط بجانبه فترة يسودها الصمت ثم تحدثت بصوت مغبون يوشك على الإنفجار بكاء: لن ترحل، أعدك بذلك.
تنهد طويلا قبل أن يتحدث بخفوت يدل على ضعفه: أرجوا ذلك، فأنا لدي الكثير مما لم أقله.
حاولت المواساة: خبئ حروفك لها، فهي لن تترك إبداء الإنزعاج منها و رغبة تحطيم رأسك الفارغ.
" أه، فهي يجب أن تعرف كم أعزها، يجب أن تعرف كم أتوق لسماع صوتها، رؤية حقيقتها، يجب أن تعرف كم أعد الساعات كل يوم حتى أراها...يجب أن.."
بتر جملته لتكملها إيريكا بحزن :..تعرف كم تعشقها.
لم تتمالك ضعفها أمام انهداد سورها و عمادها فجثت فوق ركبتيها تحتضنه باكية: ستعرف ريو، أقسم أنها ستعرف....
أسدلت ستار غبائها المستتم و بدأت تنطق بما يستهويه عقلها الآن:...آسفة، حقا أنا آسفة... آسفة لشكي بك أ...
أكملت كلماتها مع النبض دون أن تخرجها...
(( آسفة أبي، آسفة لشكي بحبك لها...آسفة لرغبتي لأخذها بعيدا عنك، يبدوا أني كنت أخطط لقتلك جنونا أبي...لا، بل صديقي ريو..))
خطت بتثاقل نحو مسير تلك الغرفة، فخوفها لايقل عن البقية على تلك المتوسدة هناك، تلك القابعة تناضل بين البقاء في عالمها المشين أو للرحيل تاركة حياتهم مساوية للجحيم، فهي لا تريد ترقب فقدها،كما فقدت نيك...ذاك الجار الذي اجتمع شمله مع شمل العائلة ...هي مازالت قابعة في شباك أخوته.، هي مازالت في عمق مصاب تفشل بتناسيه لتواليه المصيبة الأخرى....
وقفت بغية استرداد أنفاسها قبل المواجهة فتفاجأت بجسد صلب يصطدم بها لغرابة عالمه ، و الغريب أكثر كونه مقتحم عالمها هيجي....
لم يعرفا كيف التصرف، و ما المناسب طرحه حين لا تتخلل الإبتسامة وجهيهما، لكن هيجي لم يطل الحيرة : أين عمي؟
قالت: ذهب لينهي إجرائات إدخال إيريكا و البقية.
أشار لمسلكها: ذاهبة لغرفة العمليات ؟
أشادت بذلك: أهم، و أنت؟
أمسك كفها متقدما: أجل، ذاهب هناك .
ماهي إلا ثواني و بان لهم عالم الضياع ...
ترك هيجي ليندا و توجه لريو القابع بحظن إبنته: ريو.
أجابه ريو بطرف عينه دون أن ينبس ببنت شفة مما جعل هيجي يقرن ملامحه بأنه تائه في غمامة حزن لاتنجلي...
أما ليندا فاتجهت نحو الصبي المعزل و اتخذت مقعدها متوسطة له و لهاروكي: ماتفعل هنا صغيري؟
تجاهلها ليجيبها صوت ابنها: هو طفل كانت تهتم به إيريكا...كان مختطفا أيضا، و لولا شجاعته لكنا هالكين .
من عجائب اللحظة أنها تحوي الكثير من الجوانب و أنت لاترى إلا إحداها...
فذا هيجي قد جلس متربعا مقابل شريك أنفاسه و مد يده لتشد على كفيه الباردتان لفقدانها دفء المشاعر: ريو، ادع لها...عوض الكون ضعيفا.
رسم بسمة طفيفة ساخرا: أدعوا. ...؟!
أومأ إيجابا : الكل يدعوا لشفائها، أنا...هاروكي، نوي، ليندا، إيريكا... و حتى يوري و ميواكوا، الكل يعيش معك حزنك ريو...
شعر ريو بثقل انهد فوقه، نهض فورا يدير رأسه يمنة و يسره بتذكره ما أنساه العذاب: أختي!...أين أختي هيجي؟!...هل هي بخير؟
وقف رابتا على كتفه: لاتقلق، هي بخير تماما .
وجه طلبه له مباشرة: خذني لها .
فرحت إيريكا لكونه خرج عن التفكير قليلا، إلا أن فرحها تبدل لقلق عند رؤيتها له يتخبط و يسقط في مشيته، و كأن التفكير بميواكوا كان متسعا لأفكاره السلبية المتخوفة...
ظلت تنظر لإبتعاده بمساندة هيجي و ترى شابا يافعا أوصله يوم للمشيب...
فعالم المشيب ليس شعرا أبيض، بل قلبا أهلكه الدهر بغدره....
دخل هاما بإحتضانها و شم عبيرها، يقلب خصلاتها بكفه ليعي سلامتها، ظل حائر المنظر لا يستطيع مفارقتها حتى كاد يوري أن يسخر كعادته لولا ملاحظته حال ريو المحزن....
رفعت ذراعيها و بدت تربت على ظهره المنحني: كل شيئ بخير، صدقني ريو.
ابتعد عنها لحظة ليقول: حمدا لله أنك بخير.
ابتسمت له بحنانها المعتاد : آسفة لإقلاقك.
عاد ريو لإحتضانها كمن يطلب غوثها في ضياعه: خفت عليك أمي...خفت كثيرا.
انتبهت ميواكوا لما تلفظ ..((أمي..!))
تذكرت عالم ريو الحساس دوما... و تذكرت طفولتهم الثلاثة، و تذكرت آخر مرة سمعت هذا اللفظ....
نظرت لهيجي بإستفسار للحدث الذي أعاد هذه الكلمة لا إراديا و هو اكتفى بنظرة أسى...
فهذين الشابين احتفظا بأمومتها حقا، و عند فقدانهما عالم الإدراك يعودان بالتصريح بما اختزنه قلبيهما...
و هي أفضل من يعرف أنهما رغم فارق الطول منذ رأتهما، مازالا يعيشان تلك الطفولة...
أبعدت ريو قليلا و قالت له بجدية: ما الذي جرى ريو؟
بلع ريقه عند معرفته جهلها...ثم استدرك عدم بغية إقلاقها، فاكتفى بإبتسامة حزينة تحاول إخفاء حزنه: كاوروا، جرحت ...لذا أنا متوتر بعض الشيئ، لكن لاتقلقي...ليس سوى جرح طفيف.
فهمت الموضوع عندها من ذلك التلؤلؤ العميق بعينيه، فقبلت جبينه و قالت متغاضية: صغيري وقع بحب فتاة تؤرقه و تقلقه أخيرا... لاتقلق، ليست غبية لتترك اعتراف شاب مثلك...
تدخل يوري بتخلل يده شعيراته البنية: يارجل، تمالك أحاسيسك.... عندما تستفيق يجب أن تراك كالطود الشامخ، لا ورقة شجر يابسة.
استرخى بقرب أمه الصغير فترة ، ليؤنسها رغم أنها هي من آنسته ، ثم استأذن بالإنصراف ليتبعه هيجي بعد أن قال: لاتتعبي نفسك أمي...
خرج ليترك ريو الضاحك خلفه: مابالنا مع أولادنا الكبار..!
نظرت ميواكوا له بتأنيب: يوري، هما ليسا بخير أبدا... أنت لا تسطيع فهم هذه الكلمة لهما... هما اعتادا عليها ، و لم يتركا هذه العادة إلا لسخرية الآخرين ... عندما تسوء أمورهما تظهر حقيقة رؤيتهما لي.
أشار لها بسبابته نفيا: أسأت تدليلهما عزيزتي.
صمت لتظهر عليه علامات اللطف و الإستحسان: و أنت ميواكوا، هل ترينهما ابنيك؟
أجابته بمراوغة لكون تفكيرها معلقا عليهما: يوري، أنا خائفة عليهما كثيرا...خاصة ريو....عيناه الحمراوان تخيفني.
قال بخفوت: هكذا إذا...كنت أظنها مزحة طيلة الوقت.
كان ينظر لعيني ليندا الحنون الموجهتين لذاك الفتى و يجسد نفسه مكانه، كان تفكيرا جميلا...
أن تبعثر شعره و،تمسح دموع مقلتيه...
أن تبقى تهدأه بكلمات طالما افتقدها بصعابه...
و أن ترفع عينيها نحوه قائلة: هل أنت جائع؟
»»»»»»
لحظة، هذه الكلمة حقا موجهة له!
حاول الرجوع للواقع ليجيبها :ماذا؟!
أعادت مقولتها مع إضافة: هل أنت جائع؟...سأذهب لجلب شيئ لنيكولاس .
أجابها بفرح تغلل قلبه: عصير فقط.
أومأت إيجابا قبل نهوضها لتتركه متحلما بما أدركه توا....
جرعة من حنانها...
بالتأكيد هو لن يستطيع شرب العصير لانسداد شهيته بهذا الوقت، إلا أن الحصول على شيئ منها مباشرة أمر لا يتجاهل بالنسبة له....
ظهر صوت أنثوي يألفه ليخاطبه أخيرا بعد يوم عصيب: هاروكي، أقالت ليندا أن اسم الطفل نيكولاس؟!
نظر لها و لذهول ظهر عليها: أجل هو بعينه.
دققت كاوروا على ملامحه و على خصلاته الشقراء و عينيه العسليتان، فهذا هو من نادته سنين بخالها....
ذاك من تشاطره كل مالاتستطيع البوح له لسواه....
ذاك الرجل الرشيد ذو الفكر الناضج و الرأي السديد...
من كانت تلجأ لمشفاه طلبة حظنه الدافئ....
كلما لاحظت ملامح التشتت على منظره استغربت وصوله لطبيب حاذق ذو سمعة طيبة، و مال وفير...
نظرت لهاروكي مشيرة لصاحب استفسارها: أهو خالي نيكولاس؟!
اكتفى بقول: أظن.
ترقرقت عينيها دون أن يفهم هاروكي مغزى عودتها لهذا الحال، فهو ليس قارئ أفكار على كل حال....
فهي كانت تطلب مأمنها الخافي منه ، حظنه الذي يحويها في ظروفها الصعبة....
هي الآن تحتاجه أكثر مما سبق، لكن كيف و هو فتى يستنجد عطف أي أحد من حوله...
انحنت لتسقط ضعفا لولا يدي هاروكي الذي أمسكها بهلع: إيريكا...
أجلسها مكانه و جلس هو مكان ليندا السابق، سمع آهاتها أخيرا ....
سمع ماكتمته من مشاعر لا يتفهمها أحد هنا سواه: أنا خائفة ، و قلقة عليها... أشعر بالوحدة هنا، لا أحد يعي مايجوب داخلي و ما يشل تفكيري... إنها أمي التي تقبع هناك هاروكي...
ابتسم و قال بإصطناع سخرية: وحدة و أنا هنا، مزحة بالتأكيد.
أهبطت رأسها حياء و خجلا و حرجا منه: كفاك تصبرا هاروكي، جررتك معي لتعاني الأمرين...لا ألومك على...
وضع كفه مستلقية على شفتيها باترا جملتها: أنا ألوم نفسي....أنا ألوم نفسي على إهانتك التي لا أطيق سماعها من غيري و مع ذلك تجرأت و فعلتها... تجرأت على إحزانك رغم أن لا ذنب لك، أنت التي صبرت على ملامتي طيلة هذه الفترة .... و على أمنية أنا تمنيتها و لن أندم عليها...
أبعد يده لتستقر نحو قلبه:.... استجبت لهذا النبض و لازلت أستجيب، صدقيني.
احمرت وجنتيها و باتت ترميه بنظرات الإمتنان رغم خجلها: أشكرك ، على كل شيء.
ظهرت ليندا و بيد منها عصير هاروكي و بالأخرى ساندوشة همبرقر قد ابتاعتها من مكان قريب: هذا ما طلبتما.
قالت لإيريكا: ....إيريكا، لا تبدين بخير!
أجابت بنفي لما التقطته: لا، أنا بخير.
نفى هاروكي بدوره كلماتها : هي ليست على مايرام، فقد تهاوت حتى السقوط لولا أني أمسكت بها.
أنزلت ليندا جسدها لمستواهما و وضعت يدها فوق جبين إيريكا بعدما سلمت العصير لصاحبه : حرارتك مرتفعة أيضا..! أظنك صدمت بالفعل...
شدت على ركبتها ثم جعلت رأسها يستقر فوق قدميها: أنا أفهم شعورك عزيزتي.
ظلت الموازين مستقرة لثلاث ساعات تقريبا حتى ظهر صاحب اللباس الأخضر...
استقبله الجميع بتوتر و خاصة من كبت دواخله بصمت طيلة هذه الفترة دون أن يفكر أحد بعمق آلامه و تأنيب ضميره ، أمسك نوي بكتف الرجل الأربعيني: هل هي بخير؟
صمت لحظة مستغربا من الحشد المحيط به قبل أن يقول : لقد أديا
ت عملي، و الباقي يعتمد على جسدها و تحمله، لقد نزفت الكثير قبل إيصالها.
أمسك هيجي صديقه الذي لم يخرج من وضعه بعد بل كاد يغمى عليه لما تهادر على أسماعه: ريو...
التفت الطبيب لنوي مستفسرا بما لم يطرأ على بال أحدهم بسبب الإرتباك الحالي: هل لك صلة بالمريضة؟
جوابه كان صاعقة: خالها.
نظر كل من هاروكي و إيريكا لبعضهما بحيرة، فهل كانت شخصية نوي خفية لأهل هذا الزمان...؟!
أما الباقين ظلوا يستوعبون ما طرق أبواب فهمهم بحروف نطقها من..؟
نوي....!
س: هل انتهت قضية ناوكي أم أنها لازالت مستمرة؟
س: هل سيعود بطلينا لزمنهم بعد كل ماجرى؟
س: هل أجدت حبكة القضية البوليسية؟
س: أجمل مقطع؟
س: آرائكم.......
قراءة مُمتعة ،،
التعديل الأخير تم بواسطة imaginary light ; 11-10-2016 الساعة
07:36 PM
وردة المـودة
مشاهدة ملفه الشخصي
إرسال رسالة خاصة إلى وردة المـودة
البحث عن المشاركات التي كتبها وردة المـودة