**( 8 )**
جفلت في مكاني لثوان .. لم أستطع تصديق ما سمعته .. لدي مشكلة في سمعي ربما ..
قلت بهدوء : ماذا طلبت ؟؟ لم أسمعك جيدا ..
ـ قلت أنني أريدك أن تكوني حبيبتي ..
ها هو ذا سمعي الغبي يسمع شيئا أخرق من جديد .. علي أن فحص حاسة السمع لدي .. أشعر أنني مصابة بحول سمعي ..
قلت بإبتسامة : آسفة لكن هل لك أن تعيد ما قلته ..
أقفل الكتاب الذي بين يديه بقوة وقال : لقد سمعته جيدا ، لكنك تحاولين إنكار ما سمعته ، وتظلين تحاولين إعادة السؤال حتى أغير طلبي ، ثم أنك لن توافقي على أن تكوني حبيبة مومياء ..
قال كلمته الأخيرة بنبرة ساخرة .. وهو ينظر إلي بحدة .. سرت قشعريرة في جسدي بسبب نظرته الحادة .. تراجعت للوراء خطوتين .. وأنا أراه يقف وينفض الغبار عن ملابسه ..
ثم عاد ليقول : في المرة القادمة لا تقطعي وعداً إذا لم تستطيعي الإيفاء به ..
غادر مبتعدا وأنا لا أزال واقفة في مكاني .. ونظراتي تتبعه حتى إختفى عن ناظراي .. هذا جنون حقا .. لم أتوقع منه هذا الطلب ..
لم أنتبه إلى الوقت إلا بعد أن حل الظلام .. يبدو أن طلبه أثر فيّ حقا .. أمسكت حقيبتي التي سقطت مني .. وبعدها توجهت إلى المنزل ..
عندما وصلت نظرت إلى المنزل المقابل لمنزلي .. والذي هو منزل روز .. سأعتذر منها في الغد .. لن أدع صداقتنا تنتهي بسبب ياماتو .. يجب أن أتحدث معها ..
دخلت المنزل .. وتوجهت مباشرة إلى غرفتي لتغيير ملابسي ..
***
~ روز ~
إستيقظت من النوم على صوت المنبه .. إرتديت زيي المدرسي ونزلت إلى الأسف حيث أمي وأخي ـ الذي يصغرني بعامان ـ جلست معهما وبدأت بتناول الإفطار .. بعد أن انتهيت قالت لي والدتي : روز لاتنسي ما قلته لك ..
صرخت غاضبة : لا أريد ، وأنا لن أسمح لك بذلك ..
صرخ أخي قائلا : روز لا تقفي أمام مستقبل أمي ..
وقفت غاضبة : قلتها سابقا وسأقولها من جديد ، لن أدعك تتزوجين مجددا ..
ـ لا شأن لك في حياتي يا روز ، رأيك لا يهمني ..
كلما فتحت موضوع زواجها أبدأ بالغضب .. سيرته يجلب الغضب .. لا أريد لأمي أن تتزوج شخصا آخر .. ألم تشبع بعد من الزواج ؟؟ ألا يكفي أنها تزوجت مرتان في حياتها ؟؟ هل ترغب في أن تتزوج للمرة الثالثة ؟؟
الجدال هكذا لن يفيد .. يجب أن أذهب إلى ذلك الرجل وأتحدث إليه ..
أمسكت حقيبتي وخرجت من المنزل .. في طريقي رأيت جوليا تمشي ويبدو عليها الشرود .. كنت سأناديها .. لكني تذكرت أننا متخاصمتين الآن ..
تعمدت المشي بسرعة لأسبقها بخطوات حتى تراني .. وحين لمحتني أخذت تناديني .. لكني كنت أتجاهلها عن قصد .. هي تغضبني حقا كلما رأيتها تتحدث مع ذلك الغبي ياماتو .. وأشعر أنها قد إنجذبت إليه .. كيف لا وهو وسيم جدا .. وكل من يراه لابد من أن يعجب به ..
شعرت بيد تمسك معصمي .. لقد عرفتها مباشرة دون أن ألتفت .. كيف لا وهي اليد التي كنت أمسك بها دائما في الماضي .. تلك اليد التي كانت تدافع عني منذ زمن ..
نعم إنها يد جوليا ..
سحبت يدي من بين كفيها بعنف .. وتابعت طريقي بخطوات سريعة .. لا أستطيع أن أتجاهل ما تفعله .. مجرد حديثها مع ياماتو يغضبني .. والتفكير في أنها معجبة به يغضبني أكثر فأكثر ..
كنت أسمعها تناديني بنبرة متوسلة متجاهلة الأشخاص الذين ينظرون إلينا .. لكن هذا لن يثنيني عن قراري .. قلت أني لن أتحدث معها يعني لن أتحدث ..
وصلت إلى بوابة المدرسة الرئيسية .. وجوليا لم تستلم بعد .. إنها عنيدة حقا .. كما كانت في السابق تماما ..
عندما أحسست أنها لن تستسلم .. إلتفت إليها وقلت : جوليا أنت لن تغيري رأيي مهما حاولت ، إبتعدي عني وكفي عن إزعاجي ..
بدأت جوليا بالإعتذار .. تبا إنها تغيظني حقا .. أكره رؤيتها هكذا ..
صرخت قائلة : توقفي عن الإعتذار أيتها الحمقاء ، فالأسف لا يجدي نفعا ، ضعي هذا في حسبانك ..
ـ ماعساي أن أفعل إذا ؟؟
ـ إبتعدي عني فقط ..
أدرت ظهري وأكملت طريقي إلى الصف .. نظرت إلى إحدى الطالبات الموجودات في الصف والتي تجلس في الأمام ..
تقدمت ناحيتها وقلت : هي أنت فالنتبادل الأماكن ..
نظرت إلي بإستنكار .. يبدو أن طلبي لم يعجبها .. لكني لن أعطيها فرصة لترفض ..
ضربت الطاولة بقبضتي وقلت : هيا إبتعدي سأجلس هنا من الآن وصاعدا ..
إبتعدت الفتاة من مكانها مرتعبة .. وجلست أنا في مكانها .. بينما قالت جوليا التي دخلت إلى الصف للتو : روز هل أنت جادة ؟؟ هل ستجلسين هنا حقا ..
تجاهلتها كما لو أنها غير موجودة .. هي تستحق هذا وأكثر .. من قال لها أن تتحدث مع ذلك الغبي ياماتو وهي تعلم أنني أكرهه , ولا أطيق رؤيته إطلاقا ..
لاحظت أن عينيها مثبتتان إلى الخلف .. تبا يبدو أنها تنظر لياماتو .. إلتفت لأرى ذلك الغبي .. لكني تفاجأت عندما وجدت مقعده خاليا .. وهو غير موجود في الخلف ..
نظرت إلى جوليا من جديد .. إلى من تنظر يا ترى ؟؟
أعدت النظر إلى الخلف .. لألاحظ أن المومياء ينظر إلى جوليا.. بدأت أنقل ببصري بينهما .. لماذا هذه النظرات ؟؟ هل حدث شيء ..
إنتابني الفضول فجأة .. يجب أن أعرف مهما كلف الأمر .. وقفت من على الكرسي .. وتوجهت إلى مقعدي القديم الذي هو بجوار جوليا ..
وقلت للفتاة بنبرة آمرة : فالتعودي إلى مكانك ..
نظرت إلي بغضب .. ومن الواضح إنها تكتم غضبها .. فمعظم الفتيات هنا يخفن مني .. قامت الفتاة لأجلس أنا في مكاني .. ويبدو أن جوليا لازالت تنظر إلى المومياء ..
إلتفت إلى الخلف وقلت له : هي أنت أيها المومياء ذكرني بإسمك مرة أخرى ..
نقل ببصره نحوي .. لكنه لم يجب بكلمة واحدة ..
قلت ساخرة : لا تقل لي أنك فوق تشوهك أبكم أيضا ..
تغيرت نظراته الباردة إلى نظرات حادة .. جعلتني أقشعر منه ..
حتى ياماتو لا يمتلك نظرات حادة كهذه .. عدت أنظر للأمام .. وجوليا عادت إلى مقعدها ..
شعرت أنها اللحظة المناسبة لتروي لي سبب هذه النظرات ..
إلتفت إليها وقلت : جوليا هل حصل بينكما شيء ؟؟
نظرت إلي بدهشة .. قبل ثواني كنت غاضبة منها .. ولم أعرها إهتماما .. لكن الآن بدأت بالتحدث معها ..
لكن السبب الحقيقي هو ليس لأنني قد سامحتها .. لا كل مافي الأمر أنني أريد أن أشبع فضولي ..
قلت لها : هل ستتحدثين او لأ ؟؟
ـ ماذا تقصدين بسؤالك ؟؟
قلت بصوت خافت حتى لا يسمعنا سوبارو الموجود في الخلف : أقصد ماسر تلك النظرات التي بينك أنت والمومياء ..
إبتعدت عني متفاجئة وهي تقول : وما أدراك أن هناك شيئا حصل بيننا ؟؟
إبتسمت بخبث وقلت بذات الصوت الخافت : من نظراتكم لبعض قبل دقائق ..
بدا علامات التوتر على جوليا .. وأنا ازددت شوقا لمعرفة مايحدث ..
قالت بعد صمت دام لثواني : سأخبرك إذا أخبرتني عن سر كرهك للفتيان ..
تبا إنها ماهرة في قلب الطاولة لمصلحتها .. عدت أنظر للأمام وأنا غاضبة منها ..
قلت غاضبة : ليس من شأنك سؤالي عن الماضي ، ثم أنك أنت أيضا تخفين شيئا ، لاتنكري ذلك ..
ـ لن أنكر ذلك ، لذلك لست مجبرة على الإجابة على سؤالي ، لأنني سأكون مضطرة لأروي لك ماحدث إذا ماأخبرتني ..
هذا الحوار شبيه بالحوار الذي دار بيننا في أول لقاء لنا بعد إنفصالنا عن بعضنا البعض لسنتين .. إنه تماما كما اتفقنا في الماضي ..
إذا أخبرتها عن ماحصل لي هي ستخبرني بما حصل معها .. لكن كلتانا تأبى البوح بما حصل معها .. لذلك فضلنا الصمت ..
دخل ياماتو للصف .. نظرت إليه بطرف عيني .. كالعادة إنه محاط بالفتيات .. إنه يغضبني حقا .. وما يغضبني أكثر هو أنني أقريت أمامه بضعفي .. سحقا لقد كانت لحظة ضعف مني ..
***
~ ياماتو~
طوال الحصص السابقة كنت أحاول التفكير في طريقة أحصل فيها على علبة غدائي دون أن ترانا روز وتغضب من جوليا .. مما يؤدي إلى غضب جوليا علي ..
عندما حان موعد إستراحة الغداء .. كنت لم أتوصل بعد إلى حل مناسب ..
نظرت إلى باب الصف لأجد مجموعة الفتيات متكدسات هناك .. استغربت كثيرا .. لماذا لم يتحلقن حولي كالعادة ؟؟؟
أشارت إحداهن بإصبعها بأن آتي إليها .. إنهن غريبات اليوم .. مالسبب في هذا ؟؟
توجهت نحوهن قائلا : ماذا هناك ؟؟
ـ ياماتو أرجوك غير مقعدك ، لن نستطيع الإقتراب منك إذا ما كنت بجوار ذلك المضمد ..
إلتفت إلى الوراء .. لأرى أن مايقصدنه بالمضمد هو سوبارو .. هكذا إذا .. هن يخشين من سوبارو .. هذا جيد ..
إبتسمت إليهن وعدت إلى مكاني متجاهلا ندائهن .. يبدو أن وجود سوبارو مفيد لي .. نظرت إلى سوبارو وقلت مبتسما : شكرا لأنك بجانبي ..
نظر إلي بعينيه الحادتين .. وعلى رأسه علامة إستفهام كبيرة .. يبدو أنه لم يفهم ماأقصده ..
قلت بذات الإبتسامة : ليس من المهم أن تفهم ..
أعاد ناظريه إلى الكتاب الذي في حوزته .. لقد لاحظت أنه محب للقراءة كثيرا .. فهو في أوقات الفراغ دائما مايمسك كتابا ويقرأه .. أما أنا فلا أتحمل رؤية الكتب ..
قلت بملل : بماذا تشعر وأنت تقرأ الكتب ؟؟
سوبارو : أشعر بالمتعة ..
ـ أي متعة تقصد ؟؟ إن الكتب مملة حقا ..
قال وهو ينظر إلي : إسمعني الكتب ليست مملة ، وهي كنز لن يحصل عليه الحمقى من أمثالك ..
غضبت من وصفه لي بالأحمق ..
قلت بحدة : عدم محبتي للكتب لا يعني أنني أحمق ..
تجاهلني وعاد إلى كتابه .. زفرت بيأس .. لاوقت لدي لأتجادل مع هذا الغبي .. سأفكر الآن في طريقة لأحصل على علبة غدائي ..
لا أريد أن تغضب مني جوليا كما حدث في تلك المرة .. عندما أرادت خنقي حتى الموت .. لازلت أتذكر تلك اللحظة المرعبة..
فجأة خطرت في بالي فكرة .. قلت لسوبارو بهمس : سوبارو أحتاج مساعدتك ..
نظر إلي بطرف عينه .. قلت له بذات النبرة : أرجوك ساعدني ، أعدك أني سأحل لك واجب الرياضيات ..
قال ببرود : لا أريد ..
ـ أرجوك يا سوبارو ، حسنا لو ساعدتني سأدعك تتناول معي علبة الغداء التي أعدتها جوليا ..
إلتفت إلي وقال : هل أنت جاد ؟؟
إبتسمت قائلا : نعم أنا جاد ..
ـ ماذا تريد مني أن أفعل ؟؟
ـ أريدك أن تأخذ روز بعيدا عن جوليا حتى أستطيع أن آخذ علبة الغداء منها ..
قال بإستغراب : ولماذا لا تطلب منها ذلك ببساطة ؟؟
ـ لأن روز ستغضب ، لذلك لا أريدها أن تراني عندما آخذ من جوليا الغداء ..
ـ حسنا سأساعدك ، لكن في المقابل لا أريد منك أن تقاسمني علبة الغداء ، لدي شيء آخر أريده منك ..
ـ وما هو ؟؟
ـ سأخبرك به لاحقا ، سأقوم بالمهمة الآن ..
وقف سوبارو من مكانه .. وتوجه حيث روز جالسة على مقعدها ..
قال سوبارو مخاطبا روز : تعالي معي قليلا ، أريد أن أتحدث معك قليلا ..
لم أستطع أن أرى ملامح روز .. لأنها كانت تجلس أمامي وهي تعطيني ظهرها .. لكني أشعر أنها مندهشة ..
بعد عدة حوارات دار بينهما استطاع سوبارو أن يأخذ روز بعيدا عن جوليا وخرجا من الصف ..
لكن المشكلة أنه عندما خرج سوبارو هجمن الفتيات علي .. وتحلقن حولي .. ها هو ذا العقبة الثانية ..
قلت لهن : يا فتيات إبتعدن عني قليلا ..
قالت إحداهن : تبا لك يا ياماتو لماذا تجاهلتنا عندما قمنا بندائك ؟؟
قلت بضيق : وما شأنك ؟؟ هيا إبتعدن عني ..
قالت أخرى : لماذا تغيرت كثيرا يا ياماتو ؟؟ هل هذا بسبب بعض الجرذان التي تحوم حولك ؟؟
كنت أعلم أنهن يقصدن بذلك جوليا وروز .. قلت غاضبا : كفوا عن النظر إلى صديقتاي بإستصغار ..
صرخت واحدة منهن بغضب : يبدو أن هذه القذرة قد لعبت بعقلك ، لن نسامحها على هذا ..
إلتفت الفتيات نحو جوليا .. والشرر يتطاير من أعينهن .. ما إن رأت جوليا نظراتهن حتى بدأت بالإعتذار كالعادة ..
ضربت الطاولة بقبضتي وقلت : هذا يكفي غادروا الصف بسرعة ..
إرتعبن الفتيات من نبرتي العالية .. وبعدها خرجن مسرعات .. وأنا أسمعهن يتمتمن بالكلمات الغاضبة على جوليا .. ما إن خرجن حتى قلت لجوليا : أنا آسفة فكل مايحصل بسببي ..
قالت جوليا مبتسمة : لا بأس ..
ـ أمم أين علبة غدائي ؟؟ هل أعددتها ؟؟
أخرجت جوليا علبة الغداء وقالت : خذ ، لكن لاتنسى ما اتفقنا عليه ، لاتتحدث معي عند وجود روز ..
ـ حسنا ..
أخذت علبة الغداء .. وما هي إلا دقائق حتى عادت روز وسوبارو .. نظرت إلي روز بحدة عندما لاحظت علبة الغداء وقالت بعصبية : من أين لك هذا ؟؟ لا تقل لي أن جوليا من أعدته لك ..
قلت بكذب : لا ليست جوليا ، إنها من إحدى الفتيات ..
أرمقتني بنظرة حادة ثم عادت إلى مقعدها .. وعادت تتحدث مع جوليا ..
نظرت إلى سوبارو مبتسما وقلت : شكرا لك ، لكن ماذا قلت لها ؟؟
ـ عندما خرجنا من الصف ، سألتها أين يقع غرفة المعلمين ، غضبت كثيرا عندما سألتها ذلك ، وظلت تصرخ في وجهي وتناديني بالمومياء ، يالها من فظة ..
أخفيت ابتسامتي حتى لا يغضب سوبارو .. روز فظة مع الجميع دائما .. وهذا ليس غريبا ..
قلت بعد صمت دام لثواني : صحيح ماذا كنت تريد مقابل الخدمة التي أسديتها إلي ؟؟
قال بهدوء : أريد أن نكون أصدقاء ..
تفاجأت قليلا من طلبه .. بعدها إنفجرت ضاحكا .. لم أستطع كبت ضحكي .. إنه شخص مضحك حقا ..
سمعت روز تقول ساخرة : شخص مجنون ..
قلت بعد أن هدأت وأنا أنظر لسوبارو : نحن أصدقاء أيها الأحمق ، حتى لو لم تطلب مني ذلك ..
إبتسم لي قائلا : ظننت أنك سترفض مصادقتي ..
لأول مرة أراه يبتسم .. يبدو أنه سعيد حقا بمصادقتي ..
قلت له : ولماذا كنت تظن أنني سأرفض ؟؟
قال بتردد : أمم كما ترى فالكل يخشاني لأني وكما تقول روز كالمومياء ..
تدخلت روز في حوارنا وقالت : إذا كنت تعترف أنك كالمومياء لماذا لاتنزع هذه الضمادات التي على وجهك ؟؟
نظرت إليها وقلت : هي أنت لاتتدخلي بيننا أيتها المتطفلة ..
قالت جوليا لروز : روز لايجب أن تكوني فظة هكذا ..
قال سوبارو ساخرا : أنت لست بأفضل منها يا جوليا ..
طأطأت جوليا رأسها وهمست معتذرة .. بعدها عادت تنظر للأمام .. وهي تعطينا ظهرها ..
أما روز فلا زالت ملتفة نحونا وقالت : هي أيها المومياء عندي سؤال ..
ـ إسئلي ماشئت لكن إذا سألتني عني سر الضمادات فأنا لن أخبرك ..
روز : لاتقلق لايهمني أمر الضمادات ، فأنا أعلم أن خلفها وجه مشوه بسبب حريق أو ماشابه ، سؤالي هو لماذا كنت أنت وجوليا تتبادلان النظرات الغريبة في صباح هذا اليوم ؟؟
إتسعت عينا سوبارو وقال : متى حصل ذلك ؟؟ لاتكذبي ..
ـ أنا من يجب أن يقول ذلك ، لقد رأيتكما تتبادلان النظرات بأم عيناي ، لاتحاول الإنكار ، إعترف مالذي حصل ؟؟
أمسك سوبارو الكتاب وقال : لاشيء حصل بيننا ..
عاد يقرأ كتابه .. وأنا أشتعل فضولا .. قلت لروز : هل حصل ذلك بينهما حقا ؟؟
قالت روز : نعم ، وهل تظنني كاذبة ؟؟
ـ مالسبب ياترى ؟؟
ـ وما أدراني أنا ، لقد سألته لأنني لا أعرف الجواب ايها الغبي ..
قلت متسائلا : ولماذا لاتسالين جوليا ؟؟ فهي صديقتك ولا أظن أنها ستخفي شيئا ..
إبتسمت عندها روز إبتسامة سااخرة .. لم أفهم ماتعني من تلك الإبتسامة ..
قالت بهدوء : وهل على الأصدقاء البوح بجميع أسرارهم ؟؟
تفاجأت من سؤالها .. ماذا تقصد بذلك ؟؟ قلت بغباء : أليس الأصدقاء يقومون بذلك ؟؟
ضحكت روز ضحكة خافتة .. بعدها اعتدلت في جلوسها ..
كنت أرمش مستغربا .. مالذي كانت تقصده من كل ماقالته ؟؟
***
~ سوبارو ~
بعد إنتهاء الدوام .. قمت بجمع أغراضي .. ما إن انتهيت حتى قال ياماتو لي : سوبارو هل أنت متفرغ هذا اليوم ؟؟
تفاجأت من سؤاله .. لكني قلت : نعم لماذا ؟؟
قال مبتسما : مارأيك أن تأتي معي اليوم ..
قلت متسائلا : إلى أين ؟؟
ـ لاتكثر السؤال تعال معي فقط ..
أمسك ياماتو بيدي وبدأ بجري .. كانت هناك مجموعة من الفتيات في الخارج ما إن رأوني حتى إبتعدوا بسرعة عن الطريق .. إنه شيء طبيعي بالنسبة لي .. فالجميع يخافني .. الفتيات والصغار .. والرجال يخشون من الحديث معي ..
لقد اعتدت الأمر تماما .. لذا فهذا لا يؤثر فيني إطلاقا ..
وقفنا أمام سيارة سوداء فخمة .. وقف رجل أمام الباب وهو يرتدي زيا رسميا وفتح الباب .. دخل ياماتو ودخلت ورائه .. بعدها أقفل الرجل الباب وعاد إلى مقعد السائق وبدأ بتحريك السيارة..
نظرت إلى ياماتو .. إنه من عائلة غنية حقا .. وهذا واضح جدا من نوع السيارة ..
قلت بفضول : ياماتو لدي سؤال ، لماذا شخص مثلك يدرس في مدرسة عادية مثل مدرستنا ؟؟ أنا أشعر أنك شخص ثري ، لماذا لاتدرس في مدرسة مرموقة أكثر ؟؟
إلتفت إلي ياماتو ثم إبتسم وقال : أمم لأسباب خاصة ، لا أستطيع البوح به ..
قلت له: حسنا لن أجبرك ..
بقينا صامتين طوال الطريق ..وعندما توقفت السيارة ..
قال ياماتو مبتسما : هيا ننزل ..
ترجلنا وإذا بي أتفاجئ من المكان الذي أنا فيه .. لقد كنا في حي متواضع .. عكس ماكنت أتوقعه ..
قلت متفاجئا : هل تسكن هنا ؟؟
قال ضاحكا : لا لا ليس كذلك ، أنا هنا لزيارة مكان ما ..
ـ وما هو ؟؟
ـ اتبعني ..
بدأنا نمشي بين البيوت المتواضعة .. والمحلات البسيطة .. حتى توقفنا أمام مطعم صغير ومتواضع ..
قال ياماتو مبتسما : هيا فالندخل ..
تفاجأت منه .. لماذا شخص بمثل ثراءه يدخل إلى محل متواضع كهذا ..
دخلت خلفه لأرى أن المكان ليست بتلك الفخامة ..
جلسنا على أحد الطاولات وطلبنا طبق رامن ..
قال ياماتو : هذا أفضل مكان يبيع فيه الرامن ، وطعمه ليس له مثيل إطلاقا ..
قلت متفاجأ : ولماذا أحضرتني إلى هنا ؟؟
قال بإبتسامة : حتى نتناولها معا ، إعتبرها عربونا لصداقتنا ..
إبتسمت على حديثه .. يبدو أنه ليس كما توقعت .. لقد ظننت أنه إنسان مغرور ومتكبر .. لكن يبدو أنه عكس ذلك تماما ..
ماهي إلا دقائق حتى قُدمت إلينا طبق الرامن .. بدأنا بالشروع بتناوله .. ولأكون صادقا لقد كان لذيذا حقا كما قال ياماتو ..
بعد أن إنتهينا من تناولها .. دفع ياماتو ثمنها عوضا عني .. وكما قال إنها هدية بمناسبة صداقتنا ..
عندما خرجنا قال ياماتو : ها مارأيك ؟؟ أليست لذيذة ؟؟
قلت بإبتسامة : بلى هي كذالك ..
ـ توقعت أنك ستحبها ، على الرغم من أن المكان متواضع ، إلا أنها أفضل من المحلات الكبيرة ..
مشينا إلى حيث السيارة .. ما إن إقتربنا حتى رأيت رجلا يمشي بالقرب منا .. أحسست بالإرتباك .. وبسرعة أخذت أسحب ياماتو وتوجهنا إلى إحدى الزقاقات الضيقة .. إختلست النظر حتى أراقب وجهته .. وماهي إلا دقائق حتى ابتعد عن المكان ...
تنهدت براحة عندما غادر .. بينما قال ياماتو بإستغراب : ماذا هناك ؟؟ لماذا اختبئنا ؟؟
قلت بإبتسامة : لا شيء ، لاتشغل بالك ..
نظر إلي ياماتو نظرة مريبة .. تظاهرت بالغباء وقمت بسحب ياماتو حيث السيارة ..
صعدنا معا .. بعد صمت دام ثواني قال ياماتو : سوبارو هل كان لك أصدقاء في الماضي ؟؟
ـ لا لم يكن لدي أصدقاء ، لقد كان الجميع يتجاهلونني ..
ـ إذا إسمعني هناك قاعدة مهمة في الصداقة ..
ـ قاعدة مهمة ؟؟
ـ نعم ، بين الأصدقاء يجب ألا توجد الأسرار ..
فهمت مايقصده .. يريد مني أن أفسر له ماحدث للتو ..
لكني قلت متغابيا : أوه حقا؟؟ لم أسمع بهذا القانون من قبل ..
ـ لأنك لم تكون صداقات من قبل ، لكن بما أنك صديقي الآن يجب ألا تخفي شيئا عني ..
ـ وهل هناك قوانين وقواعد أخرى ؟؟
ـ عندما يحين الوقت سأخبرك ، لكن الآن أريد تفسيرا لما حصل ..
أسندت بجسدي إلى الخلف وقلت بهدوء : عندما يحين الوقت سأخبرك ..
بعد أن قلت هذا بدا علامات عدم الرضى على وجه ياماتو .. لكن هذا لن يضعفني .. فعدم معرفته سيكون أفضل له ولي ..
ظل الصمت سيد المكان لدقائق .. حتى قطعه ياماتو بسؤال : أين يقع منزلك ؟؟ أخبرني حتى أستطيع أن أوصلك ..
ـ لا بأس أوصلني إلى المدرسة وأنا سأكمل باقي الطريق مشيا فهو ليس بعيدا عن المدرسة ..
ـ لاتكن أحمقا ، بما أنك في السيارة فسأوصلك إلى منزلك مباشرة لاداعي بأن تتعب نفسك ..
ـ أحب ممارسة الرياضة ، لذلك لابأس ..
ـ تبا يالك من عنيد ..
***
~ روز ~
على مائدة العشاء .. كان الصمت يسود المكان .. بسبب التوتر الذي حصل في صباح هذا اليوم .. بعد أن انتهيت وقفت قائلة : سأصعد إلى غرفتي ، لاتزعجوني ..
سمعت أخي يقول : فتاة أنانية ..
تجاهلت ما قاله .. لن أدعه ينجح في إغضابي .. صعدت إلى غرفتي .. وأقفلتها بإحكام .. سأبدأ الآن بما خططت له ..
إرتديت ملابس مريحة .. أنرخيت جسدي إلى مستوى الأرض .. وأدخلت يدي تحت سريري باحثة عن شيء ما .. شيء احتفظت به منذ سنتين .. ولم أخبر أحد عنه ..
ما إن وضعت يدي عليه حتى أخرجته وعلى شفتاي إبتسامة ماكرة .. وضعت هذا الشيء في حقيبتي السوداء .. وبعدها فتحت نافذة غرفتي ..
كانت هناك شجرة كبيرة قريبة من الشرفة .. ومن السهل جدا القفز نحوه .. أخرجت جسدي قليلا .. وقفزت نحو الغصن .. وبدأت بالنزول من على الشجرة .. أصبحت الآن خارج المنزل .. وأمي لن تكتشف غيابي .. فأنا عندما أطلب منهم عدم إزعاجي فهم لن يفعلوا ذلك أو بمعنى آخر هي لن تفكر مطلقاً في الإطمئنان علي ..
بدأت أمشي في الظلمة.. فالوقت قد تأخر الآن .. إنها الساعة الثامنة ليلا .. ووجهتي ليست بعيدة جدا .. إنها تستغرق ربع ساعة مشيا على الأقدام .. لذلك لن أتأخر ..
سرت بهدوء نحو هدفي .. كل ما أريده الآن هو منع زواج أمي .. لن أسمح لها بأن تتزوج رجلا آخرا ..
تجاوزتني سيارة حمراء وبعدها توقفت على بعد مسافة بسيطة مني ..
لم أهتم كثيرا .. لكني تفاجأت عندما خرج منها .........
*_* نهاية الجزء *_*