عرض مشاركة واحدة
  #13  
قديم 06-04-2016, 05:29 AM
 
الفصل الثالث : موت البريئة .
مرت عدت ايام على تلك الحادثة، تغيرت فيها روزي تغيرا جذريا، صارت شاردة الذهن اغلب الاوقات و تصرخ اناء الليل من شدة الالام ، فتحولت حياتها الى أحزان .......
في إحدى الليالي الباردة ، خرج مايكل مستاءا حاملا غضبا و ندما في طيات الكتمان جاعلا من الغاية هدفا يرتسم في ذهنه ، حرث الأرض حرثا بقدميه التي كانت تجري كأنها تلحق بشيء ما ، أما الشرر فيتطاير من عينيه يتوعد بالانتقام أكثر منه تهديدا للأرواح .
وصل إلى الجرف .... المكان البائس الذي فقد فيه حبيبته الجميلة ظن أنها ذهبت مع المياه إلا أن ظنه خاب فروحها تحوم حول زوجته البريئة .
صرخ في الهواء كأنه مجنون في هواه :" أخرجي إيفيلين ...... لماذا تفعلين هذا .... لا ذنب لها ....اتركيها ... أتوسل إليكِ ... أنا أحبها ."
هل قالها .... للأسف لقد فعل ... لقد أثار غضبها .... ظهرت .... من هي ؟! .... لم تعد إيف الجميلة .... الحسناء السجينة ..... بل وحشا قبيحا دمرت وجهه الصخور المدببة ليصبح قاسيا مثلها أو أشد .
صرخت بصوتها المخيف إنما يتضمن ألم كبير في مكان ما :" تحبها كما أحببتني .... تعشقها كما عشقتني ... أيها المنافق .... الجبان .... أيها الخائن . "
" لا لست كذلك ..... لم أرد ترككِ "
" لكنك فعلت ".
" لقد تركتك .... لأن والدي هدد بقتلك ."
" و صدقته ...؟!" قالتها باستنكار .
" لقد رأيت كيف " ليته لم يقلها لأنه ذكرها بتلك الليلة المشؤومة .
أردف قائلا : " لقد أُ جبرت على تصديقه ، أنا آسف ..... لما حصل معكِ .... أتركيني وشأني ."
" أريد أخذ ما هو لي ."
" ماذا تقصدين ؟!"
" كيون "
" لا .... لا يمكنكِ فعل هذا "
" جربني و سترى "
إنه صغير "ثم أطرد بحزن :" لا ذنب له بأخطائي ."
" أريد الصغير "
حاول مايكل أن يضرب على الوتر الحساس
:" أنتِ لست إيف التي أعرفها ... التي أحببتها
أين إيف حضنت الرضيع بين يديها و ضمته إلى صدرها ."
حاولت الشبح أن تصم أذنيها ولكن عبس ، بلا فائدة ، فاشتد الغضب و اخترقت جسد غريمها ، ثم تعالت صرخة قوية هربت حراءها الحيوانات من أوكارها و الطيور من أعشاشها من شدة الفزع .
تنهد مايكل بحزن شديد وعاد إلى القصر مطأطأ الرأي و ذابل العينين .
اتجه إلى غرفة نومه ، نحو روزي ، شق الباب فرأى كل من سمارا و كيون بجانب والدتهما الشاحبة ، كانت شفافة إلى حد أن أي شخص يستطيع اختراقها ، لم تكن روزي التي عهدها ،تلك الفتاة المرحة ... البريئة ...
تمتم بصوت هامس :" روزي حبيبتي ... عودي ..." لم يشعر أنه بكلماته تلك ، قد أشعل نار الغيرة ... و في من ؛؟!
في قلب الشبح المرعبة ... و التي لن ترتاح حتى تأكل نارها الأخضر و اليابس ... بهذا القصر ....
في الصباح الباكر أحضر طبيب العائلة ليكشف عن حالة حبيبته المريضة .
بعد ساعة طويلة خرج الطبيب ، لييرع نحوه مايكل و يمطره بوابل من الأسئلة .
" كيف حالها .... ما بها ... هل لديها مرض خطير .... و إن كان .... هل هناك أمل في علاجها ؟ "
على رسلك سيد مينيفوس " سكت قليلا ثم أردف :" في الحقيقة لم أعرف بعد مكان العلة ، لذا يجب أن تأخذها إلى المستشفى ." لم يتريث مايكل أو ينتظر بل أخذها مباشرة إلى أحسن مستشفى على أمل في شفاءها و لكنه في قرارة نفسه يعلم السبب ... إنها إيف ! رغم انكاره الحقيقة المؤلمة ... نعم لطالما كانت الحقيقة مرة .
في غرفة بيضاء بها جهاز كاشف طبي وضعوه عليها و هي ساكنة بلا حراك ... جامدة ... و فاتحة عينيها ، كأنها ميتة ... و خلف الزجاج ، كانت عينين يملؤهما الحزن و الاهتمام تراقبانها بيأس .
أمعن مايكل النظر في الشاشة ..... الثورة مشوشة ... تحت قفصها الصدري ، هناك شيء يتحرك ... إنها هي .... لا يصدق ... هي بداخلها ... صرخ :" أخرجي منها ... "
ظن الأطباء أن الإعياء و التعب قد تمكنا منه أخرجوه من الغرفة بصعوبة .... و أعطوه مخدرا لينام ، بعدها كالطفل الرضيع .
بينما هو نائم نُقلت روزي إلى غرفة أخرى ، وهي على حالها ، تتلقى نظرات الشفقة من الأطباء و همهمات الممرضات تتهافت على مسامعها :" المسكينة ماذا حدث معها .... إنها لا تزال في ريعان الشباب ... لا تزال صغيرة . "
لكن الموت لا يعرف العمر عندما يحدد ضحيته القادمة ، دقت الساعة إلى جانب سريرها معلنة أن منتصف الليل قد حل ، استيقظت روزي من سباتها ، و ياليتها لم تفعل ، سمعت خرخشة قادمة من النافذة فنظرت باتجاهها لتجد شعرا أسود كلحا كالليل ، يتقدم ببطأ شديد مخترقا سكون الغرفة و بعدها رأت عينان شديدتا الحمرة كالدم القاني ، وجه مهشم يخترقه جرح يبدأ من العين اليسرى و يمتد نحو الخد الايسر مع أنياب حادة تخرج من شفتين متشققتين ، ارتعبت من اليدين القذرتين ، بها أظافر صفراء و طويلة ، حادة ... تمزق الحديد ..... كان الشبح أشبه بوحش قبيح ، لا بل مخيف .
انفتح ذلك الفم الذ ظنت أنه سيلتهما ، خرج صوت مرعب أشبه بصرير الباب ... آه إنه الباب حقا ، ينفتح ببطأ شديد ، انزلقت عينا روزي نحو الصوت ، فانقفل الباب بقوة شلت قدرة روزي على النطق ، لقد سئمت من الشعور بالخوف .... بل تجرأت و نظرت إلي عيني الشبح ليختفي فجأة ، و لكن قرارها بالتخلي عن الخوف ذهب أدراج الرياح ، و ظهرت الشبح مجددا متشبثة في أعلى السقف بثوبها الرث المتسخ الذي يقطر منه الدم ليلوث أرضية الغرفة النظيفة بدأت الشبح بالتحرك ، تمشي كأسد يتربص بفريسته ، اختفت مرة ثانية ، بدأت روزي بالتفكير عن مكان ظهورها الثاني :" أين هي ؟ ..... هل ستظهر من جانب السرير ..... أم من النافذة ....... من السقف ؟! "
لم تكمل روزي أفكارها ، فقد سقط شعر أسود على على وجهها إنها فوقها ، أحست بيدين تقبضان على معصميها التقت نظراتهما الباردة ، انفلت السؤال من بين شفتيها :" ماذا فعلت .... ما ذنبي ؟"
زعقت الشبح فخرج صوتها كأنين حيوان مختنق :"ذنبك أنكِ أحببت مايكل ." صرخت الشبح في وجه البريئة ، توقف قلب روزي عن الخفقان.
و إن كان هناك ما يثبت الأمر فهو الشاشة الموضوعة جانب السرير ، فالخط الأخضر المتعرج صار مستقيما ، و صوت ثابت ، دخلت ممرضة يليها الطبيب و عدد من الممرضات لتعج الغرفة بالأصوات :" جهزوا آلة الصدمات ."
ينبثق صوت أنثوي :" تفضل دكتور ."
و ضع المقبضين على صدر روزي الذي علا و هبط ردا على الكهرباء التي تحاول انعاش قلبها ، لكن دون جدوى ، فقد باءت كل محاولاتهم بالفشل الذريع .
وضعوا الغطاء على وجهها مؤكدين على موت البريئة .
تلقى مايكل الخبر في الصباح ، صُدم لسماعه ، صرخ بيأس –" أنتم كاذبون ... هي لن تتركني ."
هدأه الطبيب بصوت ثابت مخفيا تأثره الشديد بذلك الموقف الميلودرامي :" سيد مينيفوس هذه هي سنة الحياة ."
مرت بضع ساعات ، جهز فيها كل شيء للجنازة ، المقبرة التي دفن فيها كل أفراد العائلة ، كان الجميع في الأسود ، يلتفون حول تابوت الجثة الهامدة ، كان الكاهن يقول : هنا ترقد روزيتا مينيفوس بابا سيكيس بسلام ، فلتدعو أن ترتاح روحها ." كانت سمارا على يقين أن والدتها قد ماتت ، لكن الصبي كيون جذب بنطال والده المزعوم ، سائلا إياه بنبرة الأطفال :" دادي أين ذهبت مامي ؟" انحنى مايكل حتى صار في مستوى كيون قائلا بصوت أجش :" إنها في السماء ."
" ألن تعود ؟"
جذبته يمارا صارخة في وجهه :" لقد ماتت .... ولن تعود ، و كل هذا بسبب والدك .... لو لم تتزوجه لظلت بجانبي ..."و اجهشت في البكاء بينما ارتمى كيون في حضن ماتيلدا ، أقر مايكل في صميم قلبه أن الفتاة على حق .... هو الذي تسبب في قتلها نعم هو ....
لقد ذهبت دون عودة .... سقطت دموعه المليئة بالخزن ، العتاب و الندم ..... لم يلاحظ أحد تلك العينين المتألمتين تنظران إلى حالته التي تقطع نياط القلب .
ظل مايكل يتألم ليالي عدة جراء فقدانه لمحبوبته الضائعة ، حب يموت مرتين ، بدأ يصرخ في غرفة نومه قائلا –" لماذا ..... لماذا فعلت هذا بي ؟ " انزلقت عيناه إلى الأرض و أكمل بحزن :" لقد كانت بريئة ... هي لم تفعل شيئا " سقطت دمعة متألمة ، مجرجرة وراءها سيلا من الدموع الجارفة .
تقطع قلب الشبح التي ظلت تكن له الحب رغم كل ما حدث ، عادت إلى هيئتها السابقة ، شقراء ساحرة ، تقدمت تواسي حبيبها ، لكنه نظر إليها بغضب قائلا: " أكرهك .... أكرهك ...."
لم يعي عقله ما حصل سوى موجة من الغضب العارم ، تحولت مجددا إلى الكائن المتوحش ، أماهو فتراجع إلى الوراء ، لم تسعفه عيناه في التقاط الأحداث ، فقط الأشياء بتلك الغرفة تتطاير نحوه و لكن دون أن تؤذيه ، هي فقط تريد التنفيس عن غضبها منه و لكن ليس عليه ، فهي تحبه ، آه ... آه من الحب و ما يهوى ، فتح عينيه ليجدها قد اختفت بلمح البصر .... دخل الخدم على رأسهم أنطونيو و ماتيلدا و هم في غاية الفزع مما حدث في الغرفة ، كأن إعصار قد ألم بها ..... كانت ماتيلدا أول المتكلمين :" بني ..... ماذا حدث ؟ "
" أريد البقاء بمفردي " خرجت الكلمات منه هامسة .
" و لكن بني ....." قاطعها بغضب :" أريد البقاء لوحدي "
تلعثمت قائلة :" حسنا ...... أعني .... أنطونيو .... لنخر ج من هنا ."
في صباح اليوم التالي كان الجميع يتهامسون عن شبحها الذي يسكن القصر و خافوا من فكرة أذيتها لهم كما فعلت مع روزي. سكتت كل الهمهمات في حضور السيدة ماتيلدا ولكن هذه الاخيرة على يقين تام من كون إيف تختبئ في جدران القصر و لتجن تهدأ روحها حتى تنتقم .
أخرج مايكل سيارته الفيراري الزرقاء و انطلق بأسرع ما يمكنه ، لقد كره الحياة بما فيها ... لم يعد يطيقها .....
كان الطريق هادئا في الجبل الكبير الذي يدعي لوفرز أي العشاق ، أخذت الأفكار تدور في رأس مايكل :" أزيد السرعة .... أفلت المقود و أخيرا أخترق الحاجز ... لأسقط في البحر ." ضحك بمرارة ، ثم أطرد :" لو كان والدي هنا لقال لي خذ سيارة قديمة و انتحر كما تحب ... لماذا التبذير "
حدث ما كان يتمناه ، كان الأمر سريعا ليس كما يشاهده في الأفلام ، تنهد بعمق ، اخترقت السيارة صفحة المياه الهادئة لتعكر صفوها . قال بسعادة :" انتظريني روزي أنا قادم إليكِ حبيبتي ، لكنه لم يرها ، بل كان شبح إيف الذي استكان بجانبه و سحبه لأعلى ، ثم فقد وعيه و ذهب كل شيء .
استيقظ في غرفته التي تحرق شوقا ليبتعد عنها ، جاءه صوت مألوف :" هل تحبها لهذه الدرجة ؟"
ثم عاود الصوت مرة أخرى و لكن مكبوت :" لم تفعل شيئا عند موتي .... فقط هربت بعيدا .... هذا يعني أنك .... أنك .... "
أكمل جملتها :" يعني أنني أحببتها فعلا ." توقع أن تغضب .... تصرخ .... تضرب الأشياء ببعضها و لكنها اختفت ، أو هذا ما ظنه فقد ذهبت إلى غرفة كيون و دندنت له قليلا ثم عادت إلى بيتها ... الجرف الذي أودى بحياتها إلا أنها هي من فعلت .
استيقظ من نومه و قرر زيارة والده في غرفته و يكمل نومه هناك ، إلا أنه وجد السرير فارغا .....
سمعت أذناه الصغيرتين ، حركة في الرواق ... فضوله الطفولي جعله يتبع الصوت .
كان مايكل متجها نحو المكان الذي عاش فيه لحظات جميلة مع إيف ، في ذلك الوقت ، ظن أنه متيم بها إلا أنه كان مجرد افتنان لا غير .....
كان حاملا معه حبلا يؤدي غرضه من شدة الاكتئاب و السكين التي تطعنه في الصميم ، لم يلحظ تلك الأقدام الصغيرة التي تلاحقه ... أعد كل شيء كما ينبغي .... ربط الحبل في العريشة ، ووضع كرسيا صغيرا تحته
خطوة إلى الأمام ... قفزة إلى الأعلى ...هوب ... الاستعداد ... يبي ...و لا ننسى إنشاد الأغنية :" حبيبتي الجميلة ..... حوريتي اللطيفة .... تعالي إلى الأحضان ...."
سقط الكرسي سهوا ... اشتد الحبل غصبا ..... اختنقت العنق طوعا ... خرجت الروح يسرا .
" أبي .... أبي .... لا تذهب "
خرجت إيف كالإعصار بوجهها المخيف مما أدي إلى تبلل سروال القطني للصغير ، كانت إيف حزينة و غاضبة ولكن عندما أحست بكيون خلفها عادت إلى طبيعتها ، و أخذته في الأحضان رغم أنها لا تستطيع امساكه ، غنت له حتى نام ....
تسللت أشعة الشمس لتنسدل على جثة مايكل المتدلية ، دخلا شخصان يتسامران و لكن عندما اصطدمت الخادمة بالجثة أطلقت صرخة جعلت القصر يصطبغ بالحزن على فقدان سيده ، عادوا مرة أخرى ليفتحوا قبرا بجانب قبر زوجته الذي لايزال رطبا ، لم يجف بعد ، سقطت دموع خفية لامست ، أيدٍ شفافة ترابه ، غنت له بصوت دافئ ،
لا أحد يسمعه سوى الطفلان سمارا و كيون ، ثم ذهبت ، تبعها الولدان إلى الغابة ، قطعا الأشجار الخضراء و النباتات و صولا إلى الجرف
توقفا جانبا يريان الشبح المرعبة تمشي ببطأ لا تكاد قدماها تلامسان الأرض ، ليتحول شعرها من الأسود المنتقم إلى الأشقر الجميل ... ، اختفت الجروح من جسدها الشاحب الوحد تلو الآخر ، عاد اللون إلى شفتيها الكرزتين ، عاد ثوبها إلى حالته الجميلة ، اختفت الأظافر الطويلة ، التفتت إلى الولدين وحركت يدها في اشارة وداع ، عندما وصلت إلى نهاية الجرف ، أدارت جسدها و ابتسمت في وجه كيون الملائكي ، ثم فردت ذراعيها و سقطت ، لتخترق المياه ، و لكن بقيت على حالها و منذ ذلك اليوم ، لأن روحها ذهبت مع موت مايكل. .....

الفصل الرابع : امرأة مقاتلة . 🎹🎹🎻🎻🎼🎼

بعد مرور أربع و عشرين سنة على تلك الحادثة الشنيعة ، و بمدينة باريس الفرنسية ... كانت الفتاة ذات القوام الممشوق ترتدي فستانا أبيض اللون يتوسطه حزام أسود مرصع بالجواهر ، يصل الفستان إلى منتصف فخذيها و شعر أسود طويل يميل إلى زرقة الليل يحيط بوجه مدور رقيق ، و عينان زرقاوان كبحر صافي بهما بريق مميز و انف صغير و دقيق ، و ما زاد ذلك الوجه رونقا هو تلكما الشفتين الممتلئتين و المصبوغتان بلون أحمر قاتم و مع بعض الكحل العربي ، صارت سيلينا هيونال ، جاهزة للخروج من أشهر فنادق باريس كوريوفوا ألقت التحية على الحارس و في يدها اليمنى حقيبة جلدية تساوي الكثير ، أما اليد الأخرى فتحمل معطف فرو جميل و هو الأخر مكلف .
فتح لها سائقها الشخصي باب ليموزين بيضاء باذخة ، استرخى جسدها فوق الجلد البني الفاتح المريح ، انتقلت يدها لتأخذ زجاجة من العصير و بعينين فارغتين شغلت التلفاز الصغير ....
بعد انتهاء حفل عشاء لدى عائلة دورثي و هي إحدى امبراطوريات المال فاحشة الثراء بفرنسا
في طريق العودة أشارت للسائق بالتوقف ، رغم أنه أبدى انزعاجا واضحا من ذللك .
لكن سيلينا هيونال العنيدة لا ترضى بأقل من رغبتها ..... فكلمتها فوق الكل ..... حياتها تشهد على استقلاليتها ......
أرادت تنشق بعض الهواء .... لأنها كادت تختنق من تلك الحفلات المملة ، قادتها قدماها إلى أحد الأزقة الخطرة بشوارع باريس الضحلة ، لم تلحظ ذلك إلا بعد أن سمعت صوتا ثملا :" لدينا ... صحبة جميلة .... معنا الليلة ... يا رفاق ." أدارت رأسها باتجاه الصوت لتجد شلة من الشباب الطائش إذا كان مظهرهم يدل على شيء فهو الأذية .
حذرتهم بصوت ثابت :" أياكم و الاقتراب و إلا ..."
لم يدعها أحدهم تكمل كلامها بل قاطعها بفظاظة :" و إلا ماذا يا حلوتي ؟ " قهقه عاليا ثم تقدم منها ببطأ و هو يتكلم ، لم تعره سيلينا أي اهتمام بل راحت تحملق فيه بوقاحة من أعلى رأسه الذي يغطيه قبعة من الصوف ووجهه الأسود إلى صدره العاري إلا من الوشوم
قالت بصوت مغري :" امم ..... ان وشم التنين جميل جدا .. "
ضحك الرجل الأسود بغرور :" حقا ؟!"
أكدت له :" حقا .. "
" يبدو أن عشيقتي الجديدة شجاعة و عدوانية قليلا .... يجب علي ترويضها ... ألا توافقونني الرأي ...؟"
ضحك الجميع و بدأوا يتهافتون :" روضها... روضها ...'
بدأت سيلينا تمشي ببطأ نحو الرجل الأسود ثم قالت بعد أن صارت في مواجهته :" هناك مشكلة صغيرة بعد ...... وهي ... أنا لست على القائمة الليلة .." و بكل قوتها ضربت الرجل في المنطقة المحرمة بينما هو صرخ من شدة الألم ... مان حقا شديدا بالنسبة للرجال أما هي فتركت رجليها تسابقان الريح ، و هتفت عاليا :" أظنك لن تنجب بعد اليوم ... يا عزيزي "
قال الرجل الأسود من بين أسنانه :" ما بكم أيها الحمقى .... الحقوا بها .."
خرج الجميع من هول الصدمة .. ثم جروا وراءها
كانت تجري بكل قوتها ، حيد أنها واصلت الذهاب إلى النادي الرياضي ، وصلت إلى الجسر ، ثم لمحتهم يلحقون بها ، ر أت شاحنة حمراء كبيرة ،ثم خطرت على بالها فكرة مجنونة ليست بالغريبة عن أفكارها ، جرت بالتجاه الآخر و قفزت و لحسن حظها أنها سقطت فوق الشاحنة التي صادف انها لمصنع الجبنة هي تحب الجبن كثيرا خاصة الجبنة الزرقاء ، غرانا بدانوا ... آه من اللازانيا الساخنة و الخارجة من الفرن ، يسيل اللعاب لمرآها ، ولكنها هزت رأسها بقوة مذكرة نفسها بورطتها التي خرجت منها بمعجزة حقيقية
توقفت الشاحنة في مكان نائي ... كان كتفها يؤلمها ، لا بد و أنه ارتض نتيجة ارتطامه بالشاحنة ، و الآن هي خرجت من مشكلة لتق بأخرى أكبر ، نزلت من الشاحنة بعد أن لاحظ السائق بوجودها و قد مان فظا معها وظل يصرخ بوجهها قائلا –" من أنتِ بحق الجحيم ... كيف صعدت لأعلى ... أنتن بنات هذا الزمان ... طائشات ..مستهترات ..." وضعت أصبعيها في أذنيها و قالت بصوت أعلى :" نعم ... نعم يا عم ... لقد فهمت ..... هاي !؟ هلا تصمت قليلا ، لقد خرقت طبلة أذني الرقيقة ، كم أنك أصبت رأسي المسكين بصداع حاد ... ".
صمت العجوز و ركب شاحنته بهدوء و وقادها حراثا الطريق و تاركا سيلينا في دوامة من الغبار ، أما هي و قد انتبهت انها على الطريق لوحدها .. وبخت نفسها :" غبية ... ألا يعرف لسانك البقاء داخل فمك .... اوه يا إلهي ماذا سأفعل الآن
مشت على الطريق ثم تذكرت هاتفها و لكن البسمة سرعان ما فارقتها ... لا يوجد تغطية .
مرت ساعة و لم تجد سيارة تقلها ، بدأ الخوف بالتربص بها و جف الأمل من صدرها و سيطر اليأس على عقلها ثم فجأة رأت ضوئين صغيرين قادمين ... قفزت فرحة ... توقفت سيارة مرسيدس ليطل منها رجل طويل ذو جسم رياضي ، هي لم تدقق في ملامحه كثيرا فقط قفزت، تعانقه قائلة :" الحمد لله أني وجدتك . "
أما الرجل فقد شعر بالارتباك ، لم يستطع تناسي الحرارة المنبعثة منها .... أبعدها بلطف قبل أن يفقد السيطرة على نفسه التي لطالما اشتهر بها.
قالت سيلينا :' أيمكنك أن تقلني .... أرجوك ...وافق "ثم حركت الدموع في عينيها قليلا ، نظر الرجل باندهاش إلى أجمل عينين زرقاوين في حياته ، أجابها بتردد :" نعم ... بالطبع ."
" رائع أنت .... عظيم "
ركبت من الخلف لأن المقعد الذي بجانب السائق تحتله امرأة جميلة جدا ، أما هي ففازت بصحبة طفل صغير و ظريف . قال الصبي :" مرحبا .... أنا كريسبن .... يمكنك مناداتي كريس ... و أنتِ ؟"
" مرحبا أنا سيلينا ... سررت بلقائك كريس ."
لاحظت سيلينا أن الرجل ينظر إليها عبر المرآة ، و هناك التقت عيناها بعينيه ،قالت سيلينا محدثة نفسها :" متزوج و لديه طفل ... و يحملق في النساء ... ها يالا الرجال "
سألها كريس قائلا :"لقد عانقت خالي كيون ..... هل أنتِ حبيبته ؟ "
شعرت بخديها يشتعلان ، فأجابت مبررة
رد مع اقتباس