عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 05-14-2008, 12:20 AM
 
رد: لماذا كانت المعصية شىء عظيم ؟

- المفهوم الشمولي لمعنى الذنب:

إذا عرف العبد ربه على الحقيقة، وأنه هو خالقه ورازقه، ومتولي شؤونه، ومن بيده نفعه وضره، ومن يعلم علانيته وسره، وحياته ومماته، وأن العبد لا يستغنى عنه طرفة عين، علم أن حق الله على عباده أن يطيعوه فلا يعصوه، وأن يشكروه ولا يكفروه، وأن يذكروه ولا ينسوه، وأن يتقوه حق تقاته.
وكل تقصير في هذه الحقوق تقصير ومعصية... فالغفلة ولو للحظة واحدة عن ذكر الله إثم، وعدم القيام بشكر نعمة واحدة من نعم الله التي لا تحصى إثم، ومعصية أمر الله في الكبير والصغير إثم.
وقد أمر الله عباده أن يتقوه حق تقاته، أي كما ينبغي له إذ هو سبحانه وتعالى أهل لأن يتقى، فهو الرب الإله القائم على كل نفس بما كسبت. قال تعالى: {وما تكون في شأن وما تتلو منه من قرآن ولا تعملون من عمل إلا كنا عليكم شهوداً إذ تفيضون فيه، وما يعزب عن ربك من مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين} (يونس:61)
وقد علم الله سبحانه وتعالى أن عباده لا يطيقون أن يقوموا بحقه وأن يتقوه كما ينبغي له سبحانه وتعالى، ففرض عليهم من ذلك ما يستطيعون، فقال جل وعلا: {فاتقوا الله ما استطعتم واسمعوا وأطيعوا} فمن غفل عن ذكر الله الواجب المستطاع فهو آثم، كما قال صلى الله عليه وسلم: [ما من قوم جلسوا مجلساً ثم قاموا منه ولم يذكروا الله فيه إلا كان هذا المجلس عليهم ترة يوم القيامة] أي حسرة وندامة... ولا حسرة إلا في ترك واجب.
ومن قصر في شكر نعمة عرفها فهو آثم ولو كانت في شربة ماء شربها، ولم يحمد الله عليها. قال تعالى: {ثم لتسألن يومئذ عن النعيم} وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر وعمر لما خرجا من بيوتهم بسبب الجوع ثم أضافهم أنصاري فقدم لهم عذقاً من تمر ورطب فأكلوا وقدم لهم ماءاً بارداً فشربوا... قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [إن هذا من النعيم ولتسألن عنه يوم القيامة].
ومن عصى الله في صغير أو كبير فهو تحت الحساب والمؤاخذة إلا أن يغفر الله ذنبه.
إذا علم هذا علم معنى الذنب الذي ينسب إلى الأنبياء والرسل فإنه ليس كبيرة بحال، وليس تعمداً لمعصيته الله، وإنما قد يكون اختياراً لخلاف الأولى، أو انقطاعاً لحظة عن الذكر الدائم، أو قعود لحظة عن الشكر الدائم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [إنه ليُغَانُ على قلبي وإني أتوب إلى الله في اليوم أكثر من مائة مرة]..
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل حتى تتفطر قدماه، فإذا سئل في ذلك قال: [أفلا أكون عبداً شكوراً] فمن عرف حق الله على عباده، وعرف أن حقه يعظم كلما عظمت نعمته على العبد وعلم أن حق الله سبحانه على عبده أن يذكره فلا ينساه، ويشكره فلا يكفره، وأن يطيعه فلا يعصاه، وأن يخافه ويتقيه كما ينبغي لجلاله وعظيم سلطانه..
علم العبد عند ذلك ماذا تعني المعصية والذنب؟

منقول
رد مع اقتباس