عرض مشاركة واحدة
  #119  
قديم 06-13-2016, 10:47 PM
 




الفصـل الثاني و العشـرون ج2






قبل ساعات..

فتحت ويندي عينيها الناعستين على أشعة الشمس الساطعة ، و رفعت بصعوبة رأسها عن الأريكة .. كان جسمها بأكمله يؤلمها جراء وضعية نومها غير المريحة !
ظلت طوال الليلة الماضية تنتظر مجيء كلارك و عندما تأخر كثيراً غلبها النوم !
اعتدلت في جلستها و تلفتت حولها .. وجدت رانكورت ما يزال متحجرا في مكانه منذ ليلة أمس و كان جليا من تعابير وجهه العصبية المرهقة أنه لم ينم مطلقاً !
لاذت بالصمت و لم تكلمه لأنها أدركت أن كلمة واحدة منها ستجعله ينفجر و يصب جام غضبه عليها !

فتح الباب و دلفت الفتاة الرشيقة ذات الملامح الآسيوية و التي عرفت نفسها بـ"هاي" وأنها أمريكية من أصول صينية !

ابتسمت هاي قائلة : آه من الجيد أنكما مستيقظان فالفطور جاهز !

قال رانكورت بحدة : أين هو رئيسك المهمل الذي لا يلتزم بمواعيده ؟!!

ردت بالأسلوب الرزين للسكرتيرات : إنه في انتظاركما على مائدة الفطور !


كان كلارك جالساً إلى المائدة برفقة جان و رونالد .. كان انطباع ويندي عن الأخير أنه جرو كلارك الوديع المدلل !
أظهر كلارك ابتسامته الفاتنة حينما دخلت ويندي خلف هاي ، قطب رانكورت جبينه و قال حانقا : إنه أنت إذن ؟!! ألم تسمع في حياتك عن شيء يسمى احترام المواعيد ؟!

بتكشيرة ماكرة قال كلارك معتذراً : آسف ، كان لدي عمل مهم ينبغي القيام به و قد أخذ وقتاً أكثر مما كنت أتوقع !

تحدث جان هازئا : و ما هو هذا العمل الخطير ؟!!

هز كلارك كتفيه و أجاب بغموض : إنه عمل !

فعقد المعني حاجبيه و حدجه بنظرة إنزعاج : تحدث بوضوح و كف عن إظهار تعبير "أعرف شيئاً مثيراً ولن أخبركم" حتى لا أبعثر لك معالم وجهك !

ضحك كلارك : اهدأ يا رجل ! سأخبرك لاحقاً لا تقلق ! < ثم حول بصره نحو ويندي و قال بابتسامته المرحة الجميلة : كيف حالك ويندي ؟! لم أرك منذ مدة ! تبدين مختلفة كثيراً هذه المرة !

أجابت وقد سرها رؤيته مجدداً على طبيعته المرحة : إنه نوع من التغيير ، أحببت أن أجرب القيام بشيء جديد !

تحدث رانكورت بنفاذ صبر : و الآن ما الذي تريده منا ؟!!

بابتسامة لطيفة قال كلارك مهدئا : تناولوا الفطور أولاً ! فليس من المعقول أن نفتح حديثاً طويلاً على بطون خاوية !


بعد ما يقارب العشر دقائق كانوا قد فرغوا تماماً من فطورهم.. و على المائدة المستديرة نفسها اجتمعوا مرة أخرى ! ترأس كلارك هذا الاجتماع :
و الآن قبل أن ندخل في موضوعنا.. هناك شخص آخر سينضم إلينا !

التفت نحو هاي فتحركت الأخيرة و فتحت الباب قائلة : تفضل بالدخول !

توجهت أنظار الجميع نحو الباب ... فشهقت ويندي و نهضت من مقعدها مذهولة مبهورة الأنفاس !

سأل رانكورت باستغراب : ما بك ؟!!

تمتمت باندهاش : إنه ... أول من التقيته منهم ... السكرتير تشارلز باتون !!


تبسم باتون حين وقعت عيناه عليها و خطى نحوهم ، سحب رونالد له كرسيا و جلس مقابلا لويندي !
التفتت الأخيرة نحو كلارك بنظرة متسائلة ثم قفزت من مكانها بشكل مفاجئ و تراجعت للخلف قائلة في انشداه : لا يمكن ... لا تقل لي أنك الكونت !!

انفجر الجميع ضاحكين.. باستثناء ويندي التي وقفت تحدق فيهم ببرود !

قال رانكورت متهكما : من المستحيل أن يكون هذا الشخص هو الكونت !

وافقه باتون بإيماءة من رأسه وأضاف : نعم ، آلويس مختلف عنه في كل شيء ، شكله ، شخصيته ، جلسته ، و الهالة التي تحيط به !

خاطبها كلارك بينما يستمر في الضحك : تعالي عودي إلى مكانك ! أنا لست الكونت فلا تقلقي لن آكلك !
عادت المعنية و جلست على كرسيها بحذر وهي تحدق بمن حولها بعين الشك !

تحدث باتون : أظنك تعرفين حقيقتي -أو بالأحرى ما كنت عليه- بما أنك مع ذلك الشخص !

قالت ويندي : تقصد انتماءك للعقارب ؟!!

كشر باتون : نعم !

سألت ويندي بنبرة جدية : إذن فأنت من قتل ريستارك ؟!!

رد باتون ببساطة : نعم !

أدهشتها هذه السهولة و اللامبالاة في إجابته على أسئلة خطيرة كهذه !

هذه المرة تحدث جان : لماذا أرسلك هذا الكونت إلينا ؟!!

أجاب باتون بابتسامة غامضة : لست هنا بأمر منه فأنا لم أعد من العقارب !

فوجئت ويندي و سألت مستغربة : هل تقصد أنك تخليت عنهم ؟!!

وضع باتون ذراعيه على المائدة و قال متجهما : لأكون دقيقاً أنا لم أكن من البداية منهم ! لكني تظاهرت بذلك لتحقيق انتقامي من ريستارك و لأكشف بعدها حقيقة آلويس للعقارب !

- تنتقم من ريستارك ؟!! تكشف حقيقة الكونت ؟!! ما الذي تعنيه بكلامك هذا ؟!!

رد باتون و حقده الدفين يشتعل في عينيه : ريستارك ذلك المجرم الحقير هو الذي تسبب بقسوته و جشعه في موت والدي !
كان أبي يعمل موظفاً في شركته ، لم يكن حاذقا أو موهوبا لكنه رغم مرضه و اعتلال صحته يبذل أقصى طاقته في عمله بكل إخلاص و تفاني ! غير أن ذلك الدنيء كان يستمتع بإهانته و إذلاله ناعتا إياه بـ"المغفل" تارة وبـ"عديم الفائدة" تارة أخرى ! واصل أبي مع ذلك عمله صابرا ! و رغبة مني في مساعدته لإزاحة هذا الحمل الثقيل عن كاهله قبلت الانضمام إلى مدرسة النجوم المضيئة كنت أطمح أن أغدو رجل أعمال ناجحاً و أريح والدي من معاناته !
لكن هذا لم يكن ليحدث و ذلك الطماع عديم الشفقة موجود! فقد طرد أبي من عمله دون رحمة فقط لأن مزاجه كان معتلا ذلك اليوم ! لم يكن لدى والدي أي مصدر دخل غير عمله في تلك الشركة اللعينة ، و أمي لم تكن مخلصة فتخلت عنه بعد أن ساءت أحواله المادية.
تدهورت صحته كثيراً و لفقره الشديد لم يتمكن من شراء الأدوية باهظة الثمن فضلاً عن إجراء العملية الجراحية ! لذلك بعد أقل من سنتين و قبل تخرجي من المدرسة بفترة قصيرة .. توفي والدي ! و ريستارك من قتله !
أنا لست نادما على فعلتي و لا أكترث إن دعيت بالمجرم أو إن قضيت بقية حياتي في السجن ، فقد حققت غايتي و ثأرت لموت أبي و شفيت غليلي من ذلك البغيض !

أطرقت ويندي رأسها .. فتنهد باتون و قال : على كل هذا ليس موضوعنا ! إن السبب الذي جعلني آتي إلى هنا.. هو رغبتي في أن أعرف الشخص الذي غير آلويس !!

رفعت رأسها متعجبة و سأل رانكورت : الشخص الذي غير الكونت ؟!! من تقصد بقولك ؟!!

رد باتون بتعجب : و من غيره ؟! الشخص الذي تعملان معه !!

تبادل الاثنان نظرات الصدمة و تمتمت ويندي بصوت غير مسموع : شادو ؟!!

استطرد باتون و هو ينظر إلى السقف سارحا بأفكاره : آلويس الآن مختلف لم يعد ذلك الطفل الذي رأيته في المدرسة آخر مرة !
في السابق كانت هناك نظرة حاقدة مرعبة في عينيه تتعطش للقتل و التدمير ! لكني لم أعد أرها الآن ! و حينما سألت أتباعه المقربين قالوا بأنه أصبح كذلك منذ عودته بعد إنتشار إشاعة مقتله !
لذا فلابد أنه التقى بصاحبكم في العشرة أيام تلك و إلا لعرف أتباعه عنه !

قال رانكورت : و أنت تعتقد أن الشخص الذي نعمل معه هو المقصود بسبب استجابة الكونت الفورية لطلبه بالصفح عن حياة ويندي ؟!!

رد باتون : نعم ! و ليس هذا فحسب بل هو يعلم بأمرك أيضاً يا رانكورت ، لكنه أمر بعدم التعرض لك مع أنك كنت حليفا لأعدائنا !
كما أنه.. في تلك الليلة حين أتيت يا ويندي لتحذير ريستارك و أسرعت أنا لإبلاغه بما حصل.. كان رد فعله آخر ما يمكن أن أتوقعه ! شحب وجهه كثيراً بشكل غير معهود ، و لأول مرة رأيت الخوف يلوح في عينيه !! لكن بالنظر إلى شخصيته التي دائماً ما تذهلنا بقوتها فمن غير المعقول أن يكون خوفه على نفسه.. بل أكاد أقسم أنه على ذلك الشخص !!


فتح رانكورت عينيه مدهوشا أما ويندي فقالت بحزن غريب لم يستطع أحد تفسيره : إذا كان هذا صحيحا ً.. فالكونت كان يريد قتلي ... لحماية شادو ؟!!

- لا أرى سبباً أكثر منطقية من هذا !

تكلم كلارك أخيراً بعد صمت طويل : إذن.. ما نريده منكما هو أن تحدثانا عن شادو كما تسميانه !

زمت ويندي شفتيها و ردت بصرامة : لا أستطيع !

امتنع رانكورت أيضاً : و أنا كذلك لن أقول شيئاً ، فلا أريد خسارة طوق نجاتي الوحيد من بحر الدماء هذا !

تبسم كلارك برقة و قال مخاطبا ويندي : ألا تثقين بي ؟!!

ثنت ذراعيها و أجابت بثبات : الأمر لا علاقة له بثقتي فيك من عدمها ! لكن شادو لم يأذن لي بالتكلم عنه !

اتسعت ابتسامة كلارك في إعجاب : يعجبني ثباتك على موقفك و إخلاصك لمن تعملين معهم !

توردت وجنتاها بحمرة خفيفة و تبسمت بينما أردف كلارك : إذن بما أنكما لا ترغبان في الحديث عن رفيقكما دون إذنه فلم لا تجعلناه يفعل هذا بنفسه ؟!! في حوزتكما رقمه أليس كذلك ؟!!

نفخ رانكورت في ضيق : لا فائدة هاتفه مغلق منذ يوم أمس !

إتكأ كلارك إلى الخلف : حسناً علينا الإنتظار إذن !

سألت ويندي : و ما الذي ستفعله بعد لقائه ؟!!

- يبدو عليه الذكاء و سعة الحيلة كما أننا نتشارك الهدف ذاته ، لذلك نريده أن يصبح حليفنا !!

قطبت ويندي جبينها في حيرة و قالت مستفهمة : عن أي هدف تتحدث ؟!!

همس جان لكلارك : هل ستخبرها بالحقيقة ؟!!

تبسم المعني لكن بطريقة أبعد ما تكون عن البهجة و المرح ، كانت بسمته تخفي وراءها قلباً يتعذب و يحترق ألماً ! نظر في عيني ويندي و قال بصدق : قد لا تصدقين ما سأقوله لك .. لكني سأخبرك على أي حال فهذا من حقك بما أنك قد انجرفت في هذه الحرب ! <أخذ نفساً عميقا ثم أكمل : أنا لست أمريكيا في الحقيقة و ستيفن كلارك لم يكن يوماً اسمي ... إنني فرنسي و أدعى وليام آيون !!

بهت رانكورت وصاح : آيون ؟!!

أما ويندي فقد اختطفت الصدمة صوتها و ظلت عيناها الذاهلتان تحدقان في كلارك دون أن ترمشا !
تكلم الأخير بصوت حزين : كما توقعت فأنت تعلمين بشأن أسرتي وما حل بها .. و بلونا أيضاً أختي الصغيرة !!

نطقت ويندي أخيراً لاهثة : قلت أن لونا أختك ؟!! لطالما شعرت بشيء غريب في نظرتك إليها.. كانت مختلفة عن نظرات بقية الرجال بطريقة لم أفلح في تفسيرها ! لكن أن تكون أختك ؟!!

- نعم .. لا ألومك على دهشتك فنحن مختلفان كثيراً في شكلنا و تصرفاتنا أيضاً !

قالت ويندي بقلق : إذن.. فأنت تسعى للانتقام لها و لأسرتك !

فتح فمه ليتكلم.. لكن في تلك اللحظة اندفع رجل أسود البشرة داخل الغرفة !

سأله كلارك : ما الأمر يا جيمس ؟!!

أجاب جيمس و هو ينهج : إنهم .. قادمون يا ويل !!

كشر كلارك و رفع حاجبيه متحديا : و أخيراً !

تساءلت ويندي : عمن تتحدث ؟!!

نهض كلارك و أجاب : ضيوف عنيفون كنا في انتظارهم ! < التقط معطفه ثم خاطب الحاضرين بلهجة عجلة : سنغادر المكان فورا !

نهضوا جميعاً وآمارات الحيرة بادية على وجوههم ، سأل جان : ما الذي يحدث ؟!!
قال كلارك مشيرا إلى ويندي و رانكورت : لقد جاؤوا لأجلكما !

صاحت ويندي : ماذا ؟!!

تبسم كلارك بمكر : نعم و هذا ضمن خطتنا ! لقد تعمدنا أن تبدو دعوتكما إلى مقرنا كعملية اختطاف ! و فسرنا الأمر أمام باقي أتباعنا -والذي كان من بينهم جاسوس للعدو- بأننا سنختطف الساحر رانكورت لإنتزاع المعلومات منه ثم جعله يصرح بها في العلن ليكتشف الناس حقيقتهم !
و كل ذلك لأنه من السيء أن يعلموا بكونكما إلى جانبنا فهذا لن يشكل خطراً عليكما أنتما فقط بل على كل شخص تربطه بكما صلة أو حتى قام بزيارتكما مرة واحدة !

- كلامك صحيح !

هكذا قالت ويندي في تفكير بعدها التفت نحو الساحر تنتظر جوابه.. فتنهد الأخير عابسا : حسناً أظن أنه لا خيار أمامنا الآن إلا الوثوق بكم !

تبسم كلارك في رضا ثم استدار نحو جيمس سائلاً : بعد كم من الوقت سيصلون إلى هنا ؟!!
أجاب جيمس بتوتر : لن يأخذ الأمر أكثر من خمس دقائق !

تحسس جان مسدسه في جيبه ثم تحدث بنبرة حازمة : لن نستطيع الابتعاد عن المكان بما يكفي ليضيعوا أثرنا خلال هذا الوقت القصير ! لذا أظن أنه لا حل إلا...

قاطعه كلارك بصوته الواثق دون أن تتسلل إلى قلبه ذرة من قلق أو خوف : لا ، سنغادر !

صاح جان فيه مستنكرا : ما الذي تقوله ؟!! هل جننت يا ترى ؟!! كيف سنتمكن من ذلك خلال هذه المدة الوجيزة ؟!!

لم يجب على تساؤلاته بل تجاهله تماماً ! استدار للخلف و تقدم بضع خطوات من رونالد !
حدق الأمريكي ذو الوجه الهادئ الخنوع فيه باستغراب..
مد كلارك يده و خلع نظارة رفيقه قائلا بجدية غريبة : لديك نصف ساعة فقط ! بعدها عد مباشرة إلى مخبئنا الرئيسي في وسط المدينة <وحينما أدار ظهره ليذهب أضاف : سنكون في انتظارك هناك !

تحدثت هاي باندهاش : ويل هل أنت جاد ؟!!

أضاف جيمس مشاركا إياها الصدمة : هل تخطط لتركه وحده مع أؤلئك الأشخاص ؟!!

نظر كلارك إليهما بحدة و قال بصوت صارم أخرسهما : إن واصلتم الثرثرة و الاحتجاج فلن يكون لدينا يقيناً أي فرصة للهرب ! أنا لست طفلاً و أدرك ما أفعل ! والآن هيا جميعاً !

نظرت ويندي إلى رونالد الذي كان ما يزال مصدوما و جسده بأكمله ينتفض !

صاحت معاتبة : كلارك ! كيف...
لكن رانكورت جرها من ذراعها يرمقها بنظرات موبخة !

تحدث جان باستسلام على غير عادته : هذا يكفي لنذهب ! مع أني لا أعرف ما يفكر فيه ذلك الخبيث لكنه يبدو مدركا لما يجري أكثر منا !

تبسم رونالد لويندي بود و براءة و قال يطمئنها : لا تقلقي آنسة ماكستر سأكون بخير !

أذعنت ويندي عابسة و انطلقت برفقتهم لكن شعورها العميق بالقلق لم يفارقها مطلقاً !
ركبت هي ، جان ، كلارك ، جيمس في سيارة أما رانكورت فانضم إلى باتون في سيارته الخاصة !
كان في المرآب الكبير أربع سيارات و قد انطلقت جميعها فور صعود الركاب إليها !
سألت ويندي : ولكن كيف سيلحق رونالد بنا ولم تتبق أي سيارة هنا ؟!!

أجاب كلارك باقتضاب مشيرا إلى يمينه : توجد دراجة نارية هنا و هو قادر على قيادتها بشكل جيد !


وقف رونالد أمام النافذة يراقب السيارات و هي تسير مبتعدة عن المبنى الصغير المنعزل الذي بقي وحيداً فيه !
تمتم في استهجان و عيناه تختلجان و يداه القابضتان على إفريز النافذة ترتعشان : نصف ساعة ؟!! هل تعبث معي ؟!! هل تحاول إثارة غضبي ؟!!

نظر للجهة الأخرى من الشارع ليبصر سيارات سوداء لا يقل عددها عن ستة متجهة نحو المبنى !
بزغت من طرف ثغره ابتسامة صغيرة .. ثم بدأت تتسع أكثر حتى ظهرت أنيابه !
كانت هذه الابتسامة النقيض الكامل من تلك اللطيفة الودودة التي تظهر على وجهه عادة !


حالما شرعت السيارة تشق طريقها في الشارع العام.....بثت ويندي ما يختلج في صدرها من مشاعر هائجة بقولها : كلارك ! أنا أعلم أنك واع تماماً لتصرفاتك ، لكن هذا خطير جدا !

وافقها كلارك ببساطة : نعم إنه خطير بالفعل !

اتسعت حدقتاها من الذهول ثم صاحت : كيف تترك صديقك وحده إذن ؟!!

التفت إليها بعينيه الزرقاوين الساكنتين كالبحيرة الراكدة و لاحت على شفتيه ابتسامة خفيفة : عندما قلت أن الوضع خطير.. لم أكن أفكر في رونالد !!

حملقت فيه في صدمة و كذلك جان الذي لم يستطع حتى إكمال سؤاله : ما الذي..


"ابتسامة ذئب شرس متعطش للفتك بفريسته"

هذا هو أدق وصف لما ارتسم على وجه رون !

نزل إلى المرآب حاملاً حقيبة متوسطة الحجم جلبها من غرفته ، ركب الدراجة النارية و تكشيرته تزداد وحشية : نصف ساعة ؟!! سحقاً لك يا وليام ! كيف تتجرأ على السخرية مني ؟!! كم أرغب بقتلك !! خمس دقائق.. خمس دقائق أكثر من كافية !!
<علت ضحكاته المجنونة ، و تردد صداها في أرجاء المبنى الخالي حتى بدا و كأن الجدران ستنهار رعباً من هذا الصوت الشيطاني الممعن في الشرور ، كعواء ذئب ينذر بقرب النهاية !!

"و أخيراً.. يمكنني أن أقتل مرة أخرى ! أن أفجر ! أن أدمر ! أن أسحق !
ذلك الشعور الرائع أستطيع تجربته مجدداً !!"

شغل المحرك.....و اندفع الذئب الجائع بسرعة البرق و لهفة الوحوش للانقضاض على فرائسه بعدما تحرر أخيراً من قيوده الحديدية !!


تحدث كلارك ناظرا إلى الشارع أمامه : رونالد كارتر لم يكن اسمه ، بل في الواقع هو لم يملك في حياته اسما !!
قبل سنوات.. كان مشهوراً جدا في كل الولايات المتحدة .. بوصفه القاتل المتسلسل الأول لهذا القرن !! "المفجر" !! هذا هو اللقب الذي أطلقته عليه وسائل الإعلام !!


تحدث سائق إحدى السيارات السوداء لقائده عبر الجهاز اللاسلكي : سيدي يبدو أن أحدهم لا يزال هنا ! إنه يقود دراجة نارية.. <أضاف بذهول ممزوج بالرعب : وهو يتجه نحونا !!

أخرج رفاقه مسدساتهم و بدؤوا في إطلاق النار عليه ، لكن ببراعته و رشاقته و سرعته الخارقة و خط سيره الذي ينحرف فجأة لم يكن في مقدور الرصاص أن يصيبه !

صاح أحدهم : إنه مجنون ! كيف يخطط لمواجهتنا وحده ؟!!

صرخ زميله مذعورا : إنه يتقدم في اتجاهنا ! سيصطدم بنا بعد ثوان !!

أضاف آخر : هل يريد الإنتحار ؟!! < خاطب السائق في هلع : انحرف بسرعة ! قلت انحرف !!

قبل الاصطدام بلحظة قفزت الدراجة النارية من فوق السيارة التي أدى انحرافها المفاجئ إلى انقلابها بصورة مرعبة مميته !!
أصيب السائق و فقد وعيه هو و رجل آخر أما الثلاثة في الخلف فتمكنوا من الخروج من السيارة !

قال أحدهم ناظرا إلى سائق الدراجة الذي أخذ سريعا يتحضر للهجوم الثاني : سدوا طريقه بأجسادكم !!

صاح زميله : ما الذي تقوله ؟!!

- إنه رفيق ابن أسرة آيون ذوي القلوب الرحيمة ، لذلك هو لن يستطيع دهسنا مباشرة و سيضطر للتوقف أو تغيير اتجاهه !

- آه.. أظنك محقاً !


نظر رونالد باستغراب إلى الثلاثة و هم يتحركون و يقفون في منتصف الشارع ليسدوا عليه طريقه ! انفجر ضاحكاً : الأغبياء ! <و انطلق كالرصاصة بدراجته في تلذذ واستمتاع : سأسحقكم واحداً واحداً كما تسحق الصراصير !!

قال أحدهم و ساقاه ترتعدان : إنه قادم !!

أردف الثاني : سيدهسنا بلا رحمة ! لنبتعد !!

تحدث صاحب الفكرة المتهورة بوجه شاحب شحوب الموتى غير مصدق لما يرى : إنه.. يستمتع تماما بقتلنا !! مجرم حقيقي !!

و قفزوا إلى جانبي الطريق قبل أن يصلهم رون بلحظة !

"اختبؤوا خلف السيارة !"

هكذا صاح الرجل الأخير ، فنفذ الاخران تلقائياً دون وقت للتفكير !

حاول الرجال في السيارات الأخرى إصابة رون بوابل من الرصاص بلا كلل أو ملل.. لكن دون أي جدوى !

"سأبدأ بتلك السيارة.. إنها تزعجني !"

قال رون في نفسه و تقدم نحو السيارة التعيسة بسرعة جنونية !
تفادى الطلقات بمهارة و مرونة مذهلة !

قال أحد الراكبين في هذه السيارة : لابد أنه يخطط لفعل نفس الشيء معنا لكن هذا لن ينفع ! أيها السائق لا تنحرف أبداً و استمر في التقدم بخط مستقيم !

ضحك رون بصخب وهو يتجه نحوهم.. و في اللحظة ما قبل الأخيرة...

صاح الرجل في السيارة : سيقفز الآن ارفعوا مسدساتكم لإصابته قبل هبوطه على الأرض !!

لكن رون أذهلهم بإنعطافه المباغت نحو اليمين !!
أبطأ من سرعته قليلاً ومن خلال النافذة المفتوحة بحركة خاطفة ألقى جسما ما داخل السيارة !!

زاد من سرعته مبتعدا.. بينما صاح أحد الرجال في السيارة مرعوبا : ما هذا ؟!! إنها.. إنها .. قنبلة !!

ولم يكد أحدهم يحرك إصبعا حتى انفجرت السيارة و أكلتها النيران الهائجة ثم تعدتها لتغزو السيارة القريبة منها بعد أن جعلها الانفجار تتشقلب على الأرض عدة مرات !!

هتف رونالد ليسمعه من تبقى منهم : لم ينتهي الأمر بعد ! لا زالت اللعبة في بدايتها !!

تحدث الرجال والرعب يلتهم قلوبهم : "ما هذا الكائن ؟!!"

"إنه ليس بشراً ! بل وحش كاسر !"

"انسحبوا بسرعة !"


استدارت السيارات لتعود أدراجها !

فصاح رونالد : إلى أين تذهبون ؟!!!

و هم باللحاق بهم.. لكن...

"هذا يكفي يا رون ! لقد انتهت النصف ساعة !"

هذا ما قالته هاي التي ظهرت فجأة من العدم مشيرة إلى ساعتها !

خلع رونالد خوذته و علامات السخط و الاستياء بادية على ملامحه بوضوح ! كز على أسنانه : لم أنت هنا ؟!!

تبسمت هاي : لقد أبقاني ويل هنا لمراقبتك ، فهو يعلم عن إهمالك للوقت و أنك ستنغمس في لذاتك و تنسى كل ما حولك !

ناولته نظارته : منذ هذه اللحظة تعود رونالد كارتر مرة أخرى !<ثم ركبت على الدراجة خلفه قائلة : و الآن لنعد لقاعدتنا !

احتج رون : وماذا عن أؤلئك الـ.. ؟!! هل سنتركهم يذهبون بهذه البساطة ؟!!

كان يقصد بكلامه الثلاثة المختبئين خلف السيارة و الذين تركهم رفاقهم خلفهم !

أجابت بتؤدة : نعم سنتركهم لا خطر يخشى من حياتهم و هم في هذه الحالة ، كما أننا لن نستفيد شيئاً من أخذهم أسرى فمعلوماتهم عن منظمتهم أقل بكثير مما لدينا !

قال محتدا : سحقاً لذلك الوليام ! كم هو متساهل !

ثم انطلق بدراجته سالكا الطريق المعاكس.. و في الأثناء بدأ شريط حياته يمر أمام عينيه !



قبل سنوات عديدة في نيويورك العاصمة السياحية للولايات المتحدة و موطن أشهر العصابات و المنظمات الإجرامية.. انتشرت أخبار مثيرة عن مجرم لقب بـ"المفجر" لإعتماده التفجير بالقنابل في جرائمه ! كان يرسل رسائل تحذيرية مشفرة للشرطة قبل كل جريمة يرتكبها يخبرهم فيها عن المنطقة التي يعتزم تفجير إحدى أبنيتها بالإضافة إلى بعض التلميحات المبهمة.. حول التوقيت و المكان بشكل دقيق !
كانت الشرطة رغم كل ما تبذل من جهود تفشل دوماً في الوصول إلى الحل قبل وقوع الانفجار ! و لم يتمكنوا من القبض على المفجر إلا بعد أن فجر ثمان بنايات !
أما كيفية إمساكهم به فهي الأكثر غرابة على الإطلاق !
فقد وصلهم اتصال من طفل يقول : أنا هو المفجر تعالوا إلى هذا العنوان !

في البداية ظنوها مجرد مزحة من طفل وحيد يشعر بالضجر لكنها تكررت ثلاث مرات أخرى مما جعلهم يستجيبون لدعوته !
بعد أن حاصروا المنزل تماماً لساعات تسلل الرجال المسلحون و اقتحموه بشكل مباغت !
و كان ما شهدوه آخر ما يمكنهم تصوره !
قنابل.. قنابل و بارود ، و أشياء شبيهة بذلك مرمية على الأرض في كل مكان !!
وفي وسط هذه الفوضى العارمة تمدد طفل لم يبلغ الثالثة عشر من عمره !!

التفت الطفل ذو الوجه الشاحب و قال بصوت بارد منهك : وصلتم أخيراً ؟!! لقد انتظرتكم كثيراً ! كم أنتم عديمو الفائدة !

وحينما علموا سبب استدعائه لهم.. زادت صدمتهم !!
فالصبي قد أنفق كل ما يملك على جمع الأدوات و المواد الضرورية لصنع القنابل و المتفجرات و لم يبق في حوزته أي نقود ليشتر بها طعاماً.. لذلك كان خائر القوى فهو لم يذق و لا لقمة منذ ثلاثة أيام !!

لصغر سنه الذي أدهش البلد بأسره تم إرساله لمركز للإصلاح الإجتماعي !

هناك.. سأله الطبيب المعالج : ما كان دافعك لفعل كل ذلك ؟!!

قال رون بلا مبالاة وهو يضع يديه خلف رأسه : دافع ؟!! ليس هناك شيء كهذا ! كل ما في الأمر أنني أردت تجربة ألعابي فقط !


بعد مضي سنوات من احتجازه في المركز الإصلاحي و للسلوك الحسن الذي أظهره سمح له بالخروج لبدء حياته من جديد كشخص صالح ! أو هذا ما كانوا يأملونه !

عمل ذلك الطفل الذي غدا شاباً قوياً صحيح الجسم.. كعامل بناء !
يذهب صباح كل يوم بانتظام إلى موقع البناء و يعمل هناك بجد و نشاط حتى غروب الشمس !

ذات يوم.. و بعدما استقل الحافلة عائداً إلى شقته الصغيرة في إحدى الأحياء القديمة !
قابل أمام مدخل البناء رجلاً وسيما أسمر البشرة أزرق العينين لم يسبق له رؤيته !

قال الرجل بابتسامة ماكرة ملوحا بجريدة في يده : لقد أمسكنا بشريكك ! موزع الجرائد الذي يدس لك داخل كل جريدة يضعها أمام باب شقتك جزءاً من المواد التي تستخدم في صناعة القنابل ! يبدو أنك لا تحب الحياة كإنسان جيد عكس ما تظهر ! أخبرني أي متعة تجدها في قتل أناس أبرياء لم يؤذوك في شيء ؟!!

ضحك رون بأعلى صوته : إنها كل المتعة ! صراخهم ! الخوف في عيونهم ! المباني التي يكدحون في إعمارها سنين ثم تنهار فوق رؤسهم في لحظة ! متعة لا مثيل لها..

في أقل من ثانية طرح بعنف على الأرض إثر لكمة قوية كالفولاذ سددها كلارك على وجهه !
حاول رفع جسده عن الأرض بصعوبة.. بينما يرمقه كلارك بنظرات لم ير في حياته كلها شيئاً أكثر غضبا منها ! تكلم كلارك ليتجلى في صوته حزن مكبوت و غضب كالنار المتأججة : أنا لا أعرف أي ماض عشت و لست مهتما أن أعرف ! فمهما تكن أسبابك و دوافعك لا يحق لك سلب حياة الأبرياء ! اسمعني جداً و افهم ما سأقوله لأنني لن أكرره ثانية ! <شد على قبضته بقوة حتى كادت أظافره تخترق لحمها واستطرد : أنا لست كأؤلئك السذج المتهاونين الذين يربتون على رأسك في إشفاق ! إن حاولت إيذاء أحد فأقسم لك بأنني سأحطم لك عظامك واحدة واحدة حتى لا تقوى على تحريك خنصرك الصغير هذا !

كشر رونالد في استهزاء..
فانحنى كلارك نحوه وجذبه من قميصه بشدة ليرفعه من الأرض بقبضة واحدة !

قال دون أن يفارقه الغضب : أنا أعلم أن اختيارك للعمل كعامل بناء لم يكن بصفاء نية ! <ازدادت نبرته حدة : لقد زرعت قنابل هناك لتفجرها حالما يكتمل بناء المبنى أليس كذلك ؟!! أين وضعتها بالضبط ؟!!

دهش رونالد.. ثم ضحك ضحكة خافتة : هذا ما عليك أن تكتشفه بنفسك أنا لن أخبرك مهما حاولت ! آه و أنت لا تملك الكثير من الوقت !

رماه كلارك على الأرض بعنف ثم ابتسم و قال : حسناً ماذا ستفعل لو نجحت في إيقاف قنلبتك في الوقت المناسب ؟!!
ضج رونالد بالضحك : أنا لم أخسر في حياتي كلها ! و لو تمكنت أنت من هزيمتي فسأصبح خادماً لك ما حييت !!

اتسعت ابتسامة كلارك : هذا عرض جيد ! أنا أقبل هذا التحدي ! لكن تذكر ! في حال خسرت أنت فستصبح تحت إمرتي و تنفذ كل طلباتي ! و هذا ليس عهداً بيني و بينك بل بينك و بين نفسك ، و حين تخلفه فأنت تهين ذاتك و تثبت جبنها !

بابتسامة ساخرة مفعمة بالثقة ود رون : أنا أقسم بذلك ! لكن تمكن من هزيمتي أولاً !

- إذن.. انتظر في شقتك لحين عودتي !


ثم استدار كلارك و غادر مسرعاً !

تحرك رونالد ببطء و صعد إلى شقته المتهالكة ! دلف إليها و أغلق الباب.. ثم انفجر في نوبة جنونية من الضحك !

"ذلك الأحمق ! يظن نفسه ذكياً و أني لا أعلم بمراقبتهم لي منذ قرابة أسبوع ! كم أتوق لرؤية وجهه المصدوم حينما يدرك الأمر بعد فوات الأوان !"

جلس على الأريكة البالية و أخذ يطالع الساعة في ترقب و لهفة.. فالقنبلة الموقوتة ستنفجر بعد دقائق !!

وبينما هو على هذه الحال.. فتح باب شقته !

نهض من مكانه بابتسامة انتصار : هل يئست إذن ؟!!

دخل كلارك خالي اليدين بتململ ثم رمى بجسده على أحد الكراسي و قال بنبرة آمرة : اجلب لي كوبا من الماء البارد ! أشعر بالعطش !

استنكر رونالد : ماذا عن القنبلة ؟!! ستنفجر بعد مرور دقيقتين من الآن ! هل جئت لتعلن عن هزيمتك ؟!!

عقد كلارك حاجبيه وقال ببلاهة مصطنعة : قنبلة ؟!! أي قنبلة ؟!!

ثنا رون ذراعيه و قال بابتسامة متهكمة : القنبلة في موقع البناء !

أجاب كلارك بدهاء و ابتسامة ماكرة : آه صحيح تذكرت ! لكن.. لا توجد قنابل في ذلك المكان !!

ضحك رون في استخفاف : إذن فقد استسلمت ؟!!

- تقصد عن البحث في موقع البناء ؟!! نعم لقد توقفت عن البحث الذي لم أبدأ فيه أصلا !!

حملق رون فيه بعيون ذاهلة.. فأردف كلارك بنبرة طفولية تبطن الكثير من السخرية : لكن أتدري ؟! و أنا في الحافلة متجه إلى هنا لأعلن عن هزيمتي أمام عبقريتك الفذة لمحت شيئاً غريباً تحت مقعدي ! كان حقيبة بنية صغيرة فتحتها لأرى محتوياتها فإذا بي أرى قنبلة ملفوفة بورق الجرائد ! يا لحظي الرائع !!

صاح رونالد وهو يشتعل غيظا : عليك اللعنة أيها الشيطان ! كيف عرفت المكان الحقيقي ؟!!

وضع كلارك ساقه فوق الأخرى : حسناً.. أنا لا أثق بنتائج ما تفعله مراكز الإصلاح الاجتماعي تلك ! فكثير من المجرمين يخرجون منها دون أن يتغير أي شيء فيهم لكنهم يظهرون العكس حتى يتمكنوا من الهرب و العودة لارتكاب المزيد من الجرائم ! لذلك.. بدأت بمراقبتك منذ ما لا يقل عن ثلاثة أشهر !!

فغر رونالد فاه و هو لا يكاد يصدق أذنيه : ثلاثة أشهر ؟!!

أكمل كلارك بلا توقف : نعم لكنني لم أسمح لك بادراك ذلك حتى أسبوع من الآن ! لقد تعمدت أن تكتشف أنت الأمر ، لأني توقعت أن تقوم بحيلة كهذه ! أن تفعل شيئاً ليس مما اعتدت عليه ! فأنت تهوى تفجير المباني لكنك غيرت هدفك لتضليلنا و دسست القنبلة في الحافلة !!

كز رونالد على أسنانه في حنق بالغ : أيها الوغد كان كل ذلك خدعة إذن !

كشر كلارك بخبث : أجل كل هذا كان ضمن الخطة بما فيه عهدك ذاك ! والآن جهز نفسك لتنتقل إلى العيش معي كـ"خادم" كما وعدت !

تحدث رون محاولاً تهدئة نفسه : ألست شرطيا ؟!! و مهمتك هي القبض علي و إرسالي للسجن ؟!!

تبسم كلارك : لا.. هذا لم يعد عملي ، فقد قدمت استقالتي للتو !

في تلك اللحظة دخل اثنان آخران إلى الشقة !

قال كلارك معرفا بهما : أعرفك على صديقيّ ، الشرطيان السابقان هاي و جيمس ! سيصبحان صديقيك كذلك !

أخرجت هاي علبة و سلمتها لكلارك ، ففتحها الأخير و أخرج منها نظارة !
دنا من رون و ألبسه إياها قائلاً بمرح : أعرفك على نفسك الجديدة ! رونالد كارتر صديقي الودود المخلص ذو السلوك المهذب و القلب الطيب ! يحب مطالعة الكتب و يخاف الحشرات و الفئران ! رحبوا به يا رفاق !

ضحك هاي و جيمس و صفقا في استمتاع : سررنا بمعرفتك رون !

أما رونالد فكان الموت حرقاً أهون عليه من هذه اللحظة : ستجعلونني أتقيأ !




فكر رونالد و هو يتذكر تلك اللحظات المهينة ( سأقتلك يوماً ما يا وليام ! سأقتلك !! )

كانت ويندي و الآخرون يجلسون في غرفة واسعة في القاعدة الأولى لكلارك و أتباعه !
و بعد انتظار طويل.. وصلت هاي أخيراً برفقة رون !

تحدث كلارك في شيء من التأنيب : لقد تأخرتما !

حك رونالد رأسه بشكل طفولي و اعتذر بأدب : أنا آسف !

في أثناء ذلك كان كل من ويندي و جان يحدقان فيه بدهشة وهما يفكران : (هل حقاً هذا الجرو المطيع كان يوماً ما قاتلاً خطيرا ؟!! )












رد مع اقتباس