الموضوع
:
قصّة راقية ~ المُضغةةُ الفاسِدة
عرض مشاركة واحدة
#
1
06-26-2016, 11:21 PM
.FIRE
قصّة راقية ~ المُضغةةُ الفاسِدة
أسلوبٌ فذّ و قوي
أجدتِ الطرح يا فتاة
سارآيْ..
ابشِر
أَيُّهَا القلب ، فهاقد أُعلِن موعِدُ
إعدامِك
.
أرى لكَ
مُستقبَلاً
زاهِراً بالتعاسةِ و المآسي .
أُتركْ كُل الزيفِ الذي
هُنا
، و ابحثْ عن المكانِ
الفاضِل
.
إشحذ سيكِينكَ فلا يوجدُ لكَ
مُرافِق
.
أعطيني مِنك جزءاً فبعدَ قليلٍ سيبقى في بدنِكَ كُل ما هو
فاسِد
و تتكونُ نواتُكَ مِن التعفُنِ المُتخمِّر
و ~ خلاصتُك ستكونُ
مُضغةً فاسِدة
~
كُل ما في الدُنيا هو نِتاجُ تعفُنٍ لِتعفُّن ، إستِئثارُ الجروحِ لن يودي بِالطيبينَ إلا لحتفِهم ، أعشاشُ الغِربان تتزايدُ فوقَ أشجارِ المدينةِ التي إصفرّت وريقاتُها ، أكانَ السببُ هُوَ خدشُ الفسادِ لعُذريتِها أم انها تستعِدُ لإستِقبالِ الخريف ..
لا يُهم السبب ، كلُّ ما يهُم هو أنها
ستفنى بعدَ مرورِ الفصول ...
تِلكَ الشجرة لم تعرِف أن كُل تعبِها و جُهدِها لإستقبالِ كُلَّ فصلٍ بِحلةٍ جديدة فقط سيُقرِّبُ أجلَها ، لِتلقى مصرَعها !
لن يُعينها وقتَ موتِها لا الصيفُ أو الشِتاء ، ولا الربيعُ أو الخريف ....
لربما كانتْ تعلمُ بِتِلكَ الحقيقة إلا أنها واظبت عاداتِها دائِماً...
و بِتِلكَ الشجرة إقتدتْ زهرةُ الزنبَقِ السوداء تِلك ....
كانت كُل يوم تتجرّعُ الأسى بإبتِسامةَ ، زوجُ والدَتِها الطاغوتُ لم يكُنْ سيئاً معها بل كانَ
شديد الإساءة لها ...
إهاناتٌ تنهلُّ عليها ليلَ نهار ، إعتداءاتٌ لفظيّة و جسدية تتعرضُ لها صباحَ مساء ...
و بِعكسِ ما يظنُّ الجميع ، فأفعالُه لم تُثبِّط من إرادتِها و لم تُكدِّر صفاءَ قلبِها .
لقد بقتَ فتاةً نقيّة من يراها لابُدّ أن ينتشيَ و يشعُرَ بالغِبطةة ...
بعدَ ليلةٍ عصيبة من التصديَ للألم الجسدي اللاحِق ببدنِها ، فَتحَت تويليبيا عينيها الزمُرديتين و حدّقت بالتشققات التي تحتلّ سقفَ غُرفتِها ، رفعتْ جسدها عن سريرِها البالي بتثاقُل و الألم يُنبِّهُ كل عصبٍ فيه ...
حرّكتْ يدها البيضاء حامِلةً مِشطاً صغيراً لتُسرِّح بِه شعرها المُسترسِل ..
أخفتْ المِشط مرةً أُخرى و هذا لكي لا يجدهُ ذلكَ المتبجِح ، إرتدتْ ملابِسها لتُخفيَ بإتقان كُل الكدماتِ التي تشوّهُ نَصوع بشرتِها ...
أحمر ، أزرَق ، بنفسجي كانت هذِهِ هي الألوانُ التي تُرقِّعُ جُثّتها النحيلة ...
أدلّت برأسِها خارِج غُرفتِها لتتأكد مِن ان الطريقَ سالِك ، مشَتْ على رؤوسِ أصابِعِها بتريُّث لكي لا توقِظ ذاك السكير النائم
و في ذاك اليوم أجابَ لها القدرُ عن أحدِ تساؤلاتِها السابِقة
لقد سألت قَبلاً :"هل عيدُ ميلادي يعني شيئاً في مسارِ حياتي ؟ "
حسناً عيدُ ميلادِها يعني الكثير ...
و لَكِنها لا تدري ما هي هديتُها مِن العالم هذا اليوم
أشجارٌ تتطايرُ وريقاتُها الشاحِبة مع النسيمِ العليل ، صراخُ الأولاد اللذينَ يلعبونَ بالأراجيح تصدَحُ بالأذان ..
خصلاتُ شعرِها القاتِم تُسايِّرُ الريح في وجهتِها و عيناها تُحدِقان بالضحكاتِ على أفواهِ المتواجدين ...
رؤية مشوشة و تعبٌ أصاباها فجأةً ، لم تعُد تقوى على رفعِ جفنيها ، لقد غلبها النُعاسُ على حينِ غرة .
” 12:35 „
محلّاتٌ مُغلقة ، أرواحٌ ساكِنة ، أضواءٌ بُرتقاليةة تُسلِّفُ الشارِع بعض ضياءِها لـ تدرءَ قليلاً مِن الظلام
فتحتْ تويليبيا عينيها لتُدرِك أن الليلَ إنتصَف ، و ان بُعدها عن البيت يبلغُ شارِعين
ازدرتْ ريقها و تنفستِ الصعداء ، شارعين من الخطر !
شارعين من إحتماليةِ الإختِطاف أو القتل أو أسوء مِن ذلك !!
أخرجت رِباطَ شعرٍ من جيبِها و جعلَت شعرها الأسود ملفوفاً بالرِباطِ الأخضر .
علّقت سِلسلة حقيبتها الصغيرة برقبتِها ..
تحولّت أماراتُ وجهها للِجد و بدأت باِلجري و كأن حياتها تعتمِدُ على ذلك ، و هي بالفعل تعتمِدُ على ذلك
صعّدتْ طرفها لِتلمَح الضوءَ المُطفئ من نافِذةِ المنزل ، حمَدتْ ربّها فهاقد نجتْ مِن براثِنِ ذاك الجبروت ..
إرتقتِ الأدراجَ بِكُلِّ هدوء ، أخرجت مِفتاحها و فتحتِ الباب ..
خَطتْ بِخطاً سريعة و خفيفة و لٰكِنها صُدِمتْ بإشتِعال النور فجأة !
ألقتَ بمُقلتيها إلى الواقِف بينها و بينَ بابِ غُرفتِها ، و بيدهِ سياط
شررٌ يتطايرُ من عينيه و هالةٌ سوداء تُغلِّفُه ..
هُنا قررتْ شيئاً ، إمّا أن تتلقى الضرب و هي غيرُ ضامِنة حتى أنهُ سيترُكها بعدَ ضربِها ...
أو ان تعودَ أدراجَها لِتهرُبَ بعيداً و عِند هربِها سيكونُ لِكُلِ حادِثٍ حديث ....
تسارعتْ نبضاتُ قلبِها ، قطراتُ العرقِ تنسّلُ مِن جبينِها و تعبرُ على وجنتيها لتنزلِق من على وجههِا إلى الأرض ...
إنتقتْ لها الخيارَ الثاني و نفذّتهُ بِسُرعة
و لٰكِنها لمَ تحسُب حِساب أنهُ سيلحقُ بِها على وجهِ السرعةة .
و لٰكِن بسببِ بطنهِ الكبيرة و رجليهِ السمينة و رقبتهِ الغليظة و عينيهِ الصغيرة
لم يستطِع مُتابعة اللحاق بِها
ففرتْ هاربة من مخالِبه الحادة
كانَ كمُفترسٍ أضاعَ ضالتّهُ ، فقصدَ إحدى الحانات ليشربَ حد الثمالةِ و ينسى ان فتاةً كانت تحتَ رِعايتِهِ يوماً !
أشجارٌ تُناطِحُ السحُب ، أعشابٌ خضراء ، فطرياتٌ تنمو على أخمصِ الأشجار ، سناجِبٌ تُطِل من جحورِها لترى مَن ذا الزائر ؟ .....
و هناكَ كانت تمشي تويليبيا ، لظنِها ان الغابة القريبة ستكونُ ملجأً لها لأيامٍ معدودة ..
سَمِعت صوتَ وشوشةٍ صادرٌ من خلف أحد الشجيرات ، شخصٌ يتكلم على هاتِفِهِ المحمول
فارِعُ القامة ، عريضُ المنكبينِ ، أشعثُ الشعر ، طويلُ الذقن ...
:" آه فهِمت ، قُل له اني سأحضرُ له فتاةً أُخرى ليستمتِع بِها ، عَلَيْهِ فقط تجهيزُ أموالِه ....."
توقفَ عن الكلام قليلاً لينظُر بِتعجُب لخُصلة الشعر الظاهِرة من طرفِ الشجرة ثم تابع :
" أخبِرهُ ان الفتاةَ معي ، و ليُسلِمنا المال !! "
أغلقَ هاتِفهُ و قد حُفِرتْ على ثغرهِ إبتِسامةً خبيثة
و اقتربَ مِن الشجرة ثم شدّ شعراً أسود لفتاةٍ بملامِحٍ فاتِنة ...
أمسكَ بذقنِها و ضغطَ عليها ليُعقِب :" يا للجمال ، أأنتِ ملاكٌ أم ماذا ؟! "
إضطربتْ أنفاسِها و تضيقتْ حدقتُ عينيها ،
إستجمعتْ قِواها و ضربتهُ بقدمِها على بطنِه بِكُلِّ ما أوتيتْ مِن قوة ، إنحلّتْ سيطرتُه المفروضةُ عليها قليلاً
فإستغلتْ تِلكَ الثغرة ، لِتنفَك من أنيابِ ثعلبٍ في البريّة ...
واصلتِ الركضَ و هي تسمعُ وقعَ أقدامِهِ خلفها ، حتى توقفت عِند جرفٍ صخري ..
رمَت بنظرِها للِخلف ، لا مهربَ فهو قد أغلقَ الطريق ..
ما الخيار ؟! ما الحل ؟!
لقدَ علِقتْ في شباكٍ نصبتها الأيامُ لها !
أخذَ الثعلبُ يقترِبُ مِن فريستِه ، هو يريدُ ان ينقضَّ عليها و يهشِّمها بأسنانه ثُمَّ يُحضِرُ رُفاتها لتتغذى مِنهُ بقية العشيرة ...
لٰكِن الفريسةُ مُختلِفةٌ هذِهِ المرة ، إنها فريسة تأبّى التراجُع و الإستسلام ، تكرَهُ ان يمُسّها الفساد ...
أخذتْ نفساً عميقاً مِن آخرِ قبضةِ هواءٍ لم يلوّث بَعد
و
قفزَت !!
هكذا فقط ، بهذهِ الطريقة فقط
هي أنقذت براءتها و تحررَت مِن الفسادِ الذي طغى الدُنيا ...
هي لم ترضَخ كتِلكَ الشجرة المخدوشة ، بل آثرتِ الموتَ على العيشِ في كومةٍ مِن الخراب و النجاسةة ...
بَقتْ أنانيةً على نفسِها حتى النهاية
صوتٌ طفولي يتساءل :" ماما لِماذا أسميتني بِهذا الاسم ؟ "
صوتٌ حنونٌ أجاب : اسمُ "( تويليبيا ) مُقتبسٌ مِن كلمةِ زنبَقة بالانجليزية ، انتِ هي زنبقتي السوداء التي ولِدت مِن البياض ، سوادُ تِلك الزهرة لم يكُنْ سيئاً بل كانَ طاهِراً للغاية ، لِهذا إبقي نظيفةً مِن دناءةِ الدُنيا يا زنبقتي الغاليةة ..."
أهانتكَ
الآفاتُ
أيُّها القلبُ الصغير ، و لٰكِنكَ ما تزالُ تلتحِفُ البراءة و تفترِشُ الحياء
غريبٌ أمرُكَ أيُّها الفؤاد ، تُعِزُّ النورَ في زمنٍ
ديجوري
و لٰكِن دُنيانا لن تقبلَ بوجودكَ فيها ....
فهي بعدَ كُل شيء
تَنتشي
بسحقِ الطيبينَ أمثالِك ...
إخسَر نفسَك و
سلِّم
إرادتكَ
و
عِندها سيتِّمُ
الترحيبُ
بِك ...
في مُجتمعٍ سادَ فيهِ مُصطلَحُ
~
المُضغةة الفاسِدة
~
التعديل الأخير تم بواسطة .FIRE ; 06-27-2016 الساعة
01:35 AM
.FIRE
مشاهدة ملفه الشخصي
إرسال رسالة خاصة إلى .FIRE
البحث عن المشاركات التي كتبها .FIRE