عرض مشاركة واحدة
  #15  
قديم 07-02-2016, 07:18 PM
 
مضت بقية الأيام بروتين يومي معتاد ..!
لا شيء جديد إطلاقاً ..!
و لم نغادر الشقة منذ اليوم الذي خرجنا فيه للتسوق ..!
كنا في الشقة طيلة الوقت .. و بالطبع عوضاً عن أن يكون سكانها أثنان صاروا أربعة بطريقة ما فكيت و ليونيل باتا يعيشان معنا تقريباً ..!
عزائي الوحيد أنهما عقدا هدنة في حين وجودهما داخل شقتي لذا انا مرتاح من شجاراهما ..!
ريك أيضاً على حاله .. أني بالعفل أشفق عليه .. فهو يبذل ضعف طاقته من أجل الاستذكار فقط كي يتمكن من الدراسة هذا العام ..!
أرجوا حقاً أن لا يؤثر هذا سلباً على صحته ..!
اليوم ذهب في الصباح لفحص روتيني .. من الرائع ان النتائج كانت مطمئنة لكن الدكتور ادوارد حذره من ارهاق نفسه ..!
انه يعود منزعجاً من كل فحص وهذا ما لاحظته .. حتى و إن كانت النتائج جيدة ..!
ربما لأن هذا يجعله يفكر اكثر في صحته ..!
لقد افتقدته للغاية في الفترة الأخيرة فهو طيلة الوقت يقابل كتبه .. فمنذ أن سكنا هنا لم نقض وقتاً جيداً معاً ..!
في الحقيقة .. أعترف هنا أن وجود كيت و ليو له فائدة لأني كنت سأجن وحدي ..!
غداً هو يوم المدرسة الأول .. قلبي يخفق بعنف و كأني سأخوض معركة ..!
ها أنا أستلقي في فراشي و قد أطفأت الأضواء ..!
يبدو أن ريك قد نام فهو مرهق اليوم بعد الفحص ثم الاستذكار للامتحان طيلة اليوم فامتحانه الأول غداً ..!
الساعة تشير للواحدة بعد منتصف الليل .. و أنا لم أنم بعد .. أو بالأحرى لم استطع النوم ..!
حين أذهب للمدرسة غداً .. سأجد نفسي في عالم مختلف تماماً عن عالم مدرسة مارسنلي الفاخرة التي كانت ملكاً لي ..!
هناك أشخاص جدد كثيرون .. و معلمون جدد سيعاملونني كالبقية و لن احظى بمعاملة خاصة كما في السابق ..!
ايضاً .. بالتفكير في الأمر .. لن يكون أصدقائي هناك ..!
دايمن .. ماثيو .. ليديا .. فلورا .. حتى تيموثي ..!
لا أحد منهم سيكون معي .. سأكون لينك هناك فقط ..!
حتى ريكايل لن يذهب معي فامتحانه سيكون في التاسعة و سينتهي في العاشرة و هذا يعني انه سيأتي بعد بداية الدوام و سينصرف قبل نهايته ..!
أعتقد أنه لن يتسنى لي رؤيته حتى ..!
بعد هذا كله أستنتج .. بأني سأكون وحيداً بالفعل غداً !!..
..................................................
شعرت بشخص يهزني بلطف : هيا لينك .. يجب أن تستيقظ ..!
فتحت عيني و نظرت إلى ريك الذي استقام واقفاً و سألت : كم الساعة الآن ؟!!..
أجابني وهو يعود لفراشه و يرتبه : إنها السادسة و الربع .. يجب أن تكون في المدرسة تمام السابعة ..!
جلست على السرير بإرهاق وخمول : لم استطع النوم الليلة الماضية .. أشعر بالنعاس ..!
نظر إلي ريك للحظات : لا تصعب الأمور .. سيسير كل شيء على ما يرام ..! أنا من يفترض به ان يقلق فامتحاني الأول اليوم ..!
- اطمئن .. لقد بذلت جهداً في الاستذكار لذا أنا واثق بأنك ستتجاوز الأمر ..!
- اتمنى هذا .. عموماً هيا حتى لا يضيع الوقت عليك ..!
اسرعت بدخول دورة المياه و اخذت حماماً ساخناً سريعاً فالجو بارد للغاية ..!
خرجت لأجد أن ريك قد رتب سريري أيضاً و غادر الغرفة فبدأت بارتداء ملابس المدرسة ..!
و بعد ان انتهيت وقفت أمام المرآة للحظات .. أعتقد أنها تناسبني ..!
جففت شعري بسرعة بالمجفف .. و بينما كنت ارتدي الحذاء : ما هذا ؟!!!..
رفعت رأسي بسرعة كردة فعل بعد سماعي لصرخة رايل المتفاجئة تلك ..!
ما به ؟!..
ارتديت الحذاء في الحال و ركضت خارجاً من الغرفة : ما الأمر ؟!!..
لكن الصدمة جمدتني .. حين رأيت تلك التي تقف عند الباب ..!
اتسعت عيناي و فاهي و بالكاد عرفتها !!..
ترتدي تنورة بلون تركوازي .. و قميص أبيض فوقه سترة بذات لون التنورة مع ربطة عنق ..!
كانت التنورة تصل إلى الركبة بينما الجوارب في منتصف الساق .. و لا أنسى الحذاء الأسود اللطيف ..!
.
.
كيت ترتدي تنورة !!..
.
لن أخفي عليكم أني انفجرت من الضحك كما حدث مع رايل !!..
أنا بالفعل لا اصدق عيني فمظهرها بدا لطيفاً رغم ملامحها العابسة و التي تحولت لغضب عارم وهي تسمع ضحكنا و قد صرخت : ما المضحك في الأمر ؟!!..
توقفت عن الضحك وقد دمعت عيناي و ريك أيضاً الذي قال وهو يكتم ضحكته : شكلك غريب .. لكنه لطيف أيضاً ..!
بغضب صرخت : أصمت !!.. لذا اكره المدرسة ..!
نظرت إليها بابتسامة : لكنه جميل جداً كيت .. إنك تبدين أنثوية للغاية بها ..!
بانزعاج قالت : أنا بالفعل أكره هذا !!..
لم ابعد ابتسامتي بل قلت : حسناً لا تكوني عصبيةً هكذا ..! لنذهب الآن و نعد الإفطار .. أم أنك تناولت إفطارك ؟!..
أومأت سلباً ببرود ثم سارت ناحية المطبخ وهي تقول : سأهتم بالأمر بنفسي لذا انتهي انت من تجهيز نفسك ..!
أنها تبدو غاضبة .. واضح أنها تكره الذهاب للمدرسة .. بل أني اعتقد أن الملابس ليست السبب الوحيد ..!
هل لديها مشاكل أخرى في مدرستها يا ترى ؟!..
.................................................. ...
ها أنا أخيراً أقف أمام تلك البوابة الواسعة المفتوحة .. حيث كان الكثير من الطلاب حولي يدخلون وهم يتحدثون لأصدقائهم ..!
أشعر بالتردد .. أخشى أن يتعرف علي أحدهم .. ربما كان من الأفضل ألا آتي ؟!..
لا لا .. يجب أن أدخل الآن بثقة كي لا يشتبه أحدهم بي ..!
و بالفعل سرت بضعة خطوات إلى الداخل .. و دخلت إلى تلك الساحة الكبيرة ..!
سرت بين الطلاب الذين يتجهون إلى بوابة ذلك المبنى .. منهم من يتحدث و يضحك مع زملائه و منهم من يسير شبه نائم وهناك بعضهم يحملون كتبهم يستعدون للامتحانات ..!
- الجو بارد اليوم ..!
- معطفي بات مهترئً .. لكن والدي يرفض شراء آخر .. يجدر بي أن أدخر بعض المال ..!
- لقد طردني مديري من العمل بالأمس .. قال أني لا أنفع كنادلة ..!
- معلم الرياضيات قال أني سأرسب إن لم أحصد نتائج جيدة في امتحان اليوم ..!
- ما رأيكن أن تأتين لزيارة منزلي اليوم .. سأعد كعكة الليمون ..!
كانت هذه الأحاديث التي اسمعها حولي .. هذا غريب .. في السابق كل ما كنت اسمعه هو ( لقد اشتريت سيارة جديدة / أمي مدعوة لحفل في قصر الدوق و سأرافقها / سأذهب للنمسة في الاسبوع القادم / خاتمك يبدو غالياً الثمن .. أهو من الياقوت ؟!.. / ابي قرر أن يهديني منزلاً في الريف في يوم ميلادي القادم ) ..!
كم هو مختلف !!..
دخلت إلى المبنى حيث كان الطلاب يصعدون إلى صفوفهم .. أنا لا أعلم أين هو صفي ..!
أوقفت احد الطلاب و سألته : عذراً .. أنا طالب جديد .. كيف يمكن أن أجد صفي ؟!..
نظر إلي باستغراب للحظات ثم أشار إلى جهة ما : تلك غرفة المشرفة الطلابية .. أذهب و اسألها ..!
- شكراً ..!
- العفو ..!
سار بعدها إلى وجهته .. بينما كاد قلبي يتوقف من التوتر ..!
يجب أن اسيطر على نفسي فأنا أكاد أتردد في الكلام ..!
نظرت إلى تلك الجهة حيث باب خشبي و اتجهت إليه .. المشرفة .. إنها امرأة إذاً ..!
طرقت الباب طرقتين فسمعت رداً : تفضل ..!
دخلت عندها إلى تلك الغرفة الصغير البسيطة .. هناك مكتب أمامي متوسط الحجم و بسيط المظهر و مكتبة على الجدار مليئة بالملفات ..!
نظرت إلى تلك الآنسة التي تجلس خلف ذلك المكتب وهي تقرأ في كتاب ما ..!
كانت تبدو في اوساط الثلاثينات .. لها شعر اشقر طويل تربطه كذيل حصان و عينان بلون عسلي خلف نظارة قراءة .. بمجرد النظر لها تشعر بالراحة و الاطمئنان ..!
خلعت النظارة و التفتت إلي و ابتسمت : ماذا هناك ؟!..
ترددت للحظات و لم استطع الكلام فأردفت هي : وجهك غير مألوف .. منذ متى تدرس هنا ؟!..
بتوتر أجبت : انه .. يومي الأول ..!
بدا عليها الاستغراب : من النادر أن يصل طالب جديد بعد كل هذه المدة من بداية الترم الدراسي .. حسناً بما أخدمك ؟!!..
أخذت نفساً عميقاً ثم قلت : في الحقيقة .. أنا لا أعرف أين هو الصف الذي يفترض أن أدرس به ..!
ابتسمت مجدداً بهدوء : هكذا إذاً .. أنت ضائع ..!
ضائع ؟!.. لا اعتقد أنه الوصف المناسب ..!
لكنها اردفت وهي تخرج سجلاً من درج مكتبها : ما اسمك و في أي سنة دراسية أنت ؟!..
- لينك براون .. في السنة الثانية ..!
قلبت صفحات السجل قليلاً قبل أن تنظر إلى أحداها ثم تقول و كأنها استدركت شيئاً : آها .. أنت الطالب الذي سجل اسمه منذ اسبوع ولم يحضر حتى الآن ..! حسناً أعتقد أنهم أخبروني عن طالبين ..!
- أجل .. الآخر هو أخي .. لكنه لم يجتز امتحانات الترم الأول بعد ..!
- سمعت بالأمر ..! حسناً يا لينك .. هل لديك كتب دراسية ؟!..
- حصلت عليها بعد التسجيل هنا ..!
- جيد .. تعال معي كي أدلك على صفك ..!
وقفت و خرجت أمامي فتبعتها وهي تقول : أنا المشرفة الطلابية هنا .. أسمي هو هيلين ..!
- تشرفنا آنسه هيلين ..!
- أن واجهت أي مشكلة فيمكنك اخباري كي اساعدك ..!
- حاضر ..!
كنت أشعر بالتوتر العميق خاصة أني حين خرجت كان المكان فارغاً .. يبدو أن كل الطلاب قد ذهبوا لصفوفهم ..!
سرت خلف تلك المشرفة التي كانت بطولي تقريباً أو أطول قليلاً إلى الدور الثاني ..!
إن تصميم هذه المدرسة بسيط للغاية .. و جدرانها الباهتة مليئة باللوحات التعليمية .. إنها تذكرني تماماً بمدرسة والدي إيان و نيكول التي زرتها مع ريك سابقاً ..!
في الأعلى كان هناك عدد من الممرات و الابواب المؤدية إلى الصفوف : وصلنا ..!
هذا ما قالته وهي تشير إلى ذلك الباب .. إنه صفي !!..
لقد حانت اللحظة الحاسمة .. يجب علي أن استجمع قواي العقلية و أن أكون واثقاً بنفسي ..!
طرقت الآنسة هيلين الباب طرقتين ثم دخلت وهي تقول : صباح الخير ..!
سمعت صوت الطلاب وهم يجيبونها بشكل منفرد و غير منسق بذات الجملة ..!
اشارت لي أن أدخل و حين دخلت كان الصف مليئاً بالطلاب لكن لا معلم هنا : أين معلكم ؟!..
هكذا سألت الآنسة فأجابها احدهم : يبدو أنه لم يحضر اليوم ..!
لم تبد اهتماماً بالموضوع بل طلبت مني أن أتقدم أكثر حتى صرت أمام الجميع و الكل بات يحدق بي ..!
كاد ينفجر قلبي حينها حين توجه جل اهتمامهم إلي : عرف بنفسك ..!
هذا ما قالته تلك الآنسة .. نظرت إلى الطلاب للحظات محاولاً تهدئة أعصابي ..!
يجب أن أكون واثقاً بنفسي .. اخذت نفساً ثم قلت : لينك براون .. في السابعة عشر ..!
صمت عندها لتابع تلك المشرفة : لينك براون هو طالب جديد سينظم إلكم من اليوم فصاعداً .. أرجوا منكم أن تعاملوه بلطف ..!
نظرت إلي للحظات و هي تشير إلى أحدهم : يمكنك أن تسأل إيثن عن أي شيء فهو رئيس صفك ..!
نظرت إلى الطالب الذي تشير إليه و قد كان ينظر إلي بابتسامة .. كان ذا شعر اسود و عينان بلون ازرق قاتم خلف نظارة طبية مستطيلة العدسات ..!
أومأت موافقاً فقالت وهي تغادر : حضاً سعيداً إذاً ..!
نظرت إليها بخوف .. لوهلة اشعر أني سأوقفها و أطلب منها البقاء هنا فلا يمكن أن تتركني في هذا الوقت ..!
لكن لينك .. لقد كبرت على هذه الأفعال ..!
كان الصف في حالة صمت .. و الجميع يحدق بي ..!
نظراتهم تنوعت بين التفحص و الاعجاب و الاستنكار و البرود ..!
لكن ذلك الفتى ذو النظارة وقف وهو يقول بابتسامته اللطيفة : أهلاً بك لينك .. أنا إيثن رئيس الصف .. هناك مقعد فارغ في نهاية الصف يمكنك الجلوس عليه ..!
أومأت موافقاً و قد بدأت اشعر بالاطمئنان لهذا الفتى ..!
و هكذا سرت بين الطلاب و أنا اسمع تهامسهم بشأني ..!
- غريب أن يصل طالب جديد في هذا الوقت من العام ..!
- انه وسيم للغاية اليس كذلك يا فتيات ؟!..
- أنه يبدو ثرياً و مترفاً .. معطفه يبدو غالي الثمن ..!
- لم يعجبني .. أشعر انه مغرور للغاية ..!
- سحقاً له انظروا كيف تنظر الفتيات اليه ..!
- بالنسبة لي انه يبدو شخصاً جيداً و هادئاً ..!
في النهاية وصلت لذلك المقعد .. و جلست عليه بهدوء .. و لا تزال النظرات و الهمسات تتركز علي ..!
أنه صف صغير .. انه اصغر من نصف مساحة صفي السابق .. هناك لوح قديم على الجدار بعكس اللوح الإلكتروني السابق ..!
الطلاب يبدون بسطاء للغاية .. لكن في مدرسة مارسنلي كان لكل طالب رونق خاص يلفت الانتباه .. إما من شكله أو ملابسه أو مواهبه ..!
ابعدت ناظري عن الجميع و قد عاد التوتر ليسيطر علي .. متى سيبعدون نظراتهم يا ترى ؟!..
- صباح الخير ..!
التفت ناحية الشخص الذي دخل الآن و ألقى تحية الصباح ليجيبه الجميع بحماس وسعادة .. من الوهلة الأولى يبدو محبوباً ..!
ذلك الفتى كان بشعر أسود كثيف يصففه إلى الخلف بطريقة غريبة مختلفة عن طريقة أخي .. و عيناه خضراوتان قاتمتان ..!
دخل وهو يتحدث إلى كل من يصادفه و يضحك بسعادة : من حسن حظك أن المعلم غائب و إلا لما سمح لك بالدخول بعد وصولك المتأخر ..!
- أعلم أعلم .. لكني استغرقت في النوم .. لقد جعلني والدي أعمل الليل بطوله فقد كان المتجر مزحماً بالأمس بسبب عروض التخفيضات ..!
انه يلفت الانتباه بطريقة خاصة .. رغم أن شكله عادي وهو ليس وسيماً و هو قصير القامة بعض الشيء ..!
اشار إلي احد الطلاب فجأة وهو يقول : انظر لدينا طالب جديد هنا ..!
كان يخبر ذلك الفتى الذي نظر إلي بذات ابتسامته المرحة لحظتها ..!
.
.
لكن فجأة !!..
.
.
اختفت ابتسامته و حلت الصدمة العارمة على وجهه و بقي يحدق بي للحظات مما ارعبني !!..
ركض ناحيتي بسرعة مخترقاً الصفوف و وقف أمامي مباشرة وهو يحدق في و يتمتم : انه أنت !!..
اتسعت عيناي لحظتها .. أيمكن أنه يعرفني ؟!..
صرخ عندها بحماس : أنه أنت صحيح ؟!!!!..
لا يمكن !!.. لا يمكن أن يكون تعرف ألي !!.. كيف ؟!.. هل رأى صوري في الصحف ؟!!.. هل عرفني من النظرة الأولى ؟!!!.. هل اكتشف بأني لينك مارسنلي !!!..
سأله احد الطلاب باستغراب : ماكس .. أتعرفه ؟!!..
صرخ بعدها بحماس مضاعف و سعادة غامرة و على وجهه ابتسامة واسعة : أنه أنت !!.. أنت ريكايل !!!!!!..
.
.
.
ريكايل !!..
.
.
.
هذا ما لم اتوقعه اطلاقاً !!..
رد مع اقتباس