الفصل التاسع.....
" من أجلك!!"
وفي الساعة الثامنة تماماً.., نزلت ايلا من غرفتها واتجهت الى غرفة الجلوس, وكان ريكاردو أول من التقت عيناها به, وحاولت بجهد اخفاء سعادتها..حينما رأت نظرة الاعجاب والانبهار على وجهه, خاصة عندما رافق ذلك تلك الابتسامة الساحرة التي قلما يوجهها لها!
بالطبع لم تخل الاجواء من ابتسامات ومغامزات السيد سلفادور ولولا.., ومن نظرات غل وحقد من فران...
" هل أنتي مستعدة؟"
أجابت ايلا بابتسامة عذبة:" أنا كذلك!"
رفع يده كفارس نبيل لتتأبط ايلا ذراعه, لكن صوت فران أوقفها...
" ايلا حبيبتي...لحظة من فضلك! اعذرني سنيور ريكاردو...ان كنت سأخطف منك هذه الحسناء لدقيقة؟!"
ردت ايلا بحنق:" ولكن ألا يمكنكي الانتظار حتى أرجع..أو الى الغد؟"
" لا أظن يا عزيزتي..فالأمر هام! ولا تخافي لن أؤخركي كثيراً!"
حاول ريكاردو التخفيف من حدة ايلا:" لا مشكلة سنيوريتا...! سأنتظركي في السيارة.." قال ذلك بابتسامة ناعمة..وهو يهز برأسه لايلا كناية عن تفهمه...وذهب..
خرجت ايلا ولحقتها فران...." ما الأمر فران؟"
ردت فران بغيظ:" أرى أنكي لا تدخرين وسعاً في اجتذاب الامير الثري!! وهذا جيد حقاً, ولكن منذ الان فصاعداً ستقومين باعلامي بكل شيء..ولن أسمح لكي بالتخطيط وحدك! فالخطة خطتي قبل كل شيء!"
أحست ايلا بالغثيان والقرف..قالت وهي تتجه الى خارج القصر حتى توقفت على أعلى درجة..
" لست أتبع أي خطة! ثم لا تفسري الامور على هواكي..لا يوجد أي شيء بيننا..بل على العكس..نحن في حالة حرب دائمة! فاتركيني وشأني!"
" لست عمياء يا فتاة! استطيع ان افهم جيداً سيل النظرات بينكما! لا ادري حقاً لم ذوقه مقرف هكذا! ولكنه بالتأكيد معجب بكي...لن تخفى علي ...تلك النظرات المحمومة!!"
ارتبكت ايلا..." لا أعرف شيئاً مما تتحدثين به!"
بصوت أقرب الى الهمس...الممزوج بالغيظ:" بل تعرفين جيداً! فكفي عن المراوغة واستمعي الي!!"
قالت ايلا بنفاد صبر:" لا! لن افعل ذلك ابداً! أتفهمين؟"
وقبل أن تمشي..أمسكتها فران من ذراعها مجبرة اياها على الالتفات اليها..
" ان لم تفعلي ما أقوله لكي...فسأخبر هذه العائلة الرائعة..وحبيبك الوسيم عن كل ما خططنا له سوية...أفهمتي يا صغيرتي؟"
"..لن تفعلي ذلك!"
قالت فران بضحكة شيطانية:" أوه..بلى يا صغيرتي..تعرفين بأنني سأفعل...!!حينها ستجدين نفسكي حقيرة وملقاة في الشارع..كما كنتي!"
ردت ايلا والغضب قد أعمى قلبها:".حسناً, لنقل بأنني أود أن أجرب كيف كنتي تعيشين قبل أن ينتشلكي أبي من مستنقعكي القذر!"
" أيتها الحقيرة البائسة!"
وهي ترفع يدها لتصفعها.., لكن ايلا أمسكت ذراعها...وقالت بمرارة وحزن..
:" كان هذا في الماضي! ولن يعود أبداً فران!"
وألقت بيدها..وركضت تنزل الدرجات الحجرية بسرعة وهي تحاول السيطرة على نفسها حتى لا تنساب دموعها أمام ريكاردو....
وصلت السيارة وجلست في المقعد الامامي بجانبه...وقالت بصوت يبدو عليه المرح..لكن باطنه يقطر منه الدم...
" آسفة على تأخري!"
نظر اليها طويلاً قبل أن يحرك السيارة..:" هل أنتي بخير؟!"
ردت بسرعة بدون أن تلتفت اليه:" لا يمكن أن أكون أفضل من هذا...ألن نتحرك؟"
رد بهدوء:" طبعاً!"
وتحرك بسيارته..وبدأ يقطع الغابات الشاسعة المحيطة بقصره...
كان القمر بدراً في تلك الليلة...ويرسل شعاعه الفضي لينير طريق رحلتهما...ويزيد من جمال اللحظة ولهيبها! سأل وهو ينظر أمامه..اذ لاحظ انها شاردة...
" ماذا كانت تريد فران منك؟"
حاولت التهرب:" لا ..لا شيء مهم!"
" لكنكما كنتما تتجادلان!!"
ارتبكت ايلا..وقالت :" لاأعرف ماذا أقول!! لن أستطيع فهمها أبداً!"
كان ينظر اليها بين لحظة وأخرى...وهو يدرك مرارة ايلا وهي تتحدث عنها, فنظر اليها وسأل..
:" اعذريني على ما سأقوله!"
التفتت اليه..تنتظر كلامه.., أما هو فقد ركز نظره أمامه حتى لا يحرجها....
" هل كانت تضربك؟"
احمر وجه ايلا..فأخفضت رأسها.. ا..اذاً؟ لقد رأى فران تحاول ضربها...لا فائدة اذاً من اختراع القصص!...... كانت تدعك يديها في حجرها بعصبية...وكان ريكاردو ينظر اليها نظرة جانبية متفحصة....
:" مرة...أو اثنتين!" قالت بصوت منخفض....
لم يعلق.., لكنها أحست بشعلة من الحرارة تنبعث بجانبها...لقد ازدادت ضربات قلبه..وازداد تنفسه..., لقد أحست به يلهث...فرفعت رأسها لتنظر اليه.., كانت يداه تضغطان على عجلة القيادة بقوة..وكأنه يريد اقتلاعها من مكانها...! وبدا وجهه محمراً غاضباً...وجبينه مقطباً. لم تكن قد رأت وجهه هكذا من قبل...! قطع شرودها صوته المتهدج الغاضب..
" سوف أطرد هذه المرأة فوراً حال رجوعنا!"
" لا ريكاردو!"
"عليها أن تكون ممتنة لأنني سأمسك نفسي عن فعل مايدور في خاطري!"
مدت ايلا يدها لا شعورياً الى ذراعه متوسلة:" أرجوك ريكاردو..لاتفعل هذا! انها تظل زوجة أبي...وهي الآن وحيدة..ولايوجد من تذهب اليه..أرجوك!"
نظر اليها بعصبية بالغة وقال:" أبعد كل مافعلته بكي؟ انها لا تستحق شفقتك! أوه....تباً! سأقتلها!!"
ارتاعت ايلا :" ريكاردو أرجوك!! أتوسل اليك أن تدعها...انني أسامحها حقاً! أرجوك..! من أجلي!!"
نظر اليها..ثم زفر زفرة طويلة....وبرغم النيران التي تشتعل في صدره..شقت ابتسامة بل نصف ابتسامة..طريقها الى وجهه...حينما أدرك يدها الممسكة بلطف بذراعه..., لاحظت ايلا ذلك فأنزلت يدها وهي تحمر خجلاً....
لكن ريكاردو سحب يدها من حضنها وقبلها...ثم ضمها الى صدره..., وقال بصوت دافئ حنون:" من أجلكي فقط يا ساندريلا! لكنني لن أسمح لأحد..أي أحد بعد اليوم...أن يؤذيكي! ولن يثنيني عن رأيي حينها..حتي توسلك الرقيق هذا... مع أنه.. يثير جنوني!!"
وعاد ينظر أمامه وهو يقود السيارة مبتسماً, أما هي؟ فكانت في عالم آخر...!!ما كل هذا الحب والحنان والخوف في صوته وفي عينيه عليها؟! هل هو حقاً يحبها؟! لكنه يتصرف تصرفات المحبين؟ وما أدراها هي بتصرفات المحبين وهي التي لم تحب أحداً في حياتها قبل ريكاردو..!
حاولت سحب يدها..لكنه قال مبتسماً:" هذه ستظل معي حتى نصل, وهذا أمر لا نقاش فيه, حتى لو اضطررت لعمل حادث!" ثم ابتسم براحة حينما لاحظ ابتسامة عذبة خجولة تكسو وجه ايلا..وتزيد من اشراقه وجماله!