الفصل الرابع عشر
" أسوأ كابوس!!"
فتحت ايلا عينيها في صباح اليوم التالي..رفعت رأسها..أوه..كان يؤلمها بشدة..نظرت الى نفسها..انها ما تزال بلباس المرقص!! آه المرقص!! وحالاً عادت لها خيالات الليلة السابقة...!!ومرارة ما سمعته من ريكاردو!! ولكن كيف وصلت الى هنا؟؟آخر ما تتذكره هو حينما كانت في السيارة!! ولا تتذكر كيف وصلت المنزل وصعدت الى غرفتها؟؟؟! أيعقل أنه....!!
نهضت من مكانها, وذهبت للاغتسال وتبديل ثيابها...وحينما نزلت الى الطابق السفلي في غرفة الطعام..حيث كان الجميع بانتظارها ويترقبون أحداث الليلة الماضية...طبعاً الجميع موجود باستثناء ريكاردو!!!
" صباح الخير...!"
قالت ايلا وهي تجلس لتتناول فطورها...ولم يستطع السنيور سلفادور أن يسكت أكثر
" هل كل شيء على ما يرام يا ابنتي؟!"
رفعت ايلا رأسها..وأيقنت من نظرات من حولها بأن الجميع على علم بصراع الامس....
فقالت بدون اكتراث:" طبعاً...كل شي بخير...أشكر لك سؤالك سنيور!!"
تابعت لولا:" وكيف كانت سهرة أمس؟؟أظن بأن ريكاردو وصوفيا قد انضما اليكما أنتي وغس صحيح؟؟بالتأكيد كانت سهرة ممتعة!!!"
أطرقت ايلا وهي تتذكر تفاصيل الليلة السابقة وقالت بابتسامة يعلوها المرار
" أجل..!!كانت ممتعة للغاية!!! عن اذنكم!!"
وهي تغادر مسرعة لتمنع دموعها من الانسياب...واتجهت الى مرسمها الذي كان قد أعده لها السنيور لوبيز حينما عرف حبها للرسم.....
كان المرسم رائعاً وفسيحاً له شرفة جميلة..تطل على البلدة بأكملها...كان اختيار موقع المرسم قد حدد بعناية حتى يتسنى لايلا اختيار المناظر المناسبة لرسمها...
كانت ايلا قد ارتدت قميصاً أبيض , وشورتاً من الجينز الازرق بحمالات...وغطت مقدمة رأسها بمنديل صغير بينما انسابت جديلتها الطويلة اللامعة على ظهرها وكأنها أفعى هندية....فبدت كقروية صغيرة بريئة...أو على الاقل هذا ما لفت نظر الشخص الواقف على باب المرسم.....
" ايلا البريئة! البسيطة...الطفلة!! أهذا ما تحاولين اقناع الاخرين به؟؟! حسناً, أعترف بأن هذا مقنع جداً....ومخادع أيضاً! "
كانت ايلا منشغلة بالرسم حينما دخل الاخير وأبدى ملاحظته اللاذعة...توقفت قليلاً وأطرقت, لكنها لم تلتفت اليه...بل عادت ورفعت رأسها وأكملت الرسم وهي ترفض أن تنساب الدموع من مآقيها...وقالت بهدوء....
" يؤسفني أن يكون هذا هو رأيك بي!! وان كنت أتساءل...لم تزعج نفسك بالقدوم الى هنا والبحث عني؟"
" هممم...أنا أبحث عنكي؟؟ لم يحدث هذا على ما أذكر!! حينما مررت بالمرسم لم أكن أعرف أنكي فيه! لكن ما ان وقعت عيني على هذه النكته..لم أستطع أن أمنع نفسي من التعليق...!!"
انسابت دمعة صغيرة على خدها...وكان هذا سبب أدعى حتى لا تلتفت اليه..فقالت وهي تبتلع غصتها....
" حسناً, أوضحت وجهة نظرك...وفعلت أكثر مما تتوقع!! بإمكانك الآن أن تكمل طريقك!!"
لم يعجبه تفاديها لمواجهته, فتعمد الدخول والتوجه الى كرسي والجلوس...بينما كانت تتابعه بنظراتها, وما ان جلس مواجهاً اياها...حتى عادت فأشاحت بوجهها عنه.....
"هذا بيتي! وسأتجول فيه كيفما أشاء!!" قال بتحدي وهدوء......
حينها ألقت ايلا الفرشاة...ومسحت يديها بفوطة بالية....وقالت وهي تلتفت اليه أخيراً.....
" هذا صحيح! وبالتالي سأغادر أنا الغرفة!!!" وقبل أن تخرج...اسرع اليها وجذبها من ذراعيها وقال بقسوة وحقد....
" لا تتحملين وجودك معي في نفس الغرفة؟! ألم تعودي منجذبة الي يا ساندريلا؟! هل تحولتي الآن الى غس؟؟؟أم مايك؟؟ أم أنكي من النوع الذي يبدل الرجال بحسب الموسم؟؟!! "
كيف تقول له بأنها منجذبة اليه أكثر من ذي قبل! بل هي تريد لو أنها تضمه وتضع رأسها على قلبه...وتناجي روحه المعذبة..وتقول له بأنها تحبه حتى آخر يوم في حياتها!! لكن كبريائها!!!!؟؟
ولما لم تنكر ذلك, عاد يهزها من أكتافها بوحشية:" لا تجيبين هه؟ أنتي أحقر مخلوقة رأيتها في حياتي!! ربما أكون ظلمت فران من أجلك!!"
مزق ذلك فؤادها....فقالت بحزن وغضب كبيرين:" وربماً كنت مخطئة بكل ما يتعلق بك!!! فأنت لا تملك من صفات الامير النبيل..الا الاسم!!"
أخذ منه الغضب كل مأخذ, فنفضها من بين يديه...وهو ينظر اليها ببرود واحتقار.."و ربما أنا أيضاً...أهملت المرأة الوحيدة التي أحبتني بصدق....من أجل فتاة؟؟؟" وضحك بمرارة.....ثم خرج.....
انهارت ايلا..., انه يقصد صوفيا!! هذا غير ممكن!! لابد أنها تحلم...ريكاردو حبيبها!! يفضل فران وصوفيا عليها!! ليس هذا فقط...بل ويصفها بأنها فتاة شارع؟؟؟!!! كيف؟؟ولماذا؟؟
أمسكت فرشاة الالوان وبدأت بتلطيخ كل الصور التي قامت برسمها بالاسود وبالاحمر...وهي تبكي!
ثم ألقت الفرشاة...وكومت نفسها على الكرسي نفسه الذي جلس عليه معذبها!! فكرت بانها لن تستطيع احتمال عذابه واهاناته أكثر...! بل انها لن تحتمل أن تراه مع صوفيا...فكيف لو قرر الزواج منها؟؟؟!
" أوه يا الهي!! لا تدعني أرى ذلك!! " وهي تعود لنحيبها المحزن......
ومع مرور الايام, كانت تزداد الاوضاع سوءاً بين ايلا وريكاردو, ولاحظ الجميع ذلك!! بل انها بدأت تتحاشى الظهور في المكان الذي هو فيه..حتى تتجنب اهاناته اللاذعة ونظراته القاسية!!
ومع أن فران كانت سعيدة بهذا النزاع والكره بينهما, الا أن ذلك لم يعجب السنيور سلفادور ولا لولا! ومع هذا لم تفلح جميع محاولاتهما في اصلاح الامور!!
" والآن؟ ماذا سنفعل أبي؟؟ هاقد حل موعد حفل القطاف لهذا العام..وهما ما يزالان على هذا الحال!!! ما العمل؟؟!"
حك السنيور سلفادور جبهته, وهو عاجز أمام تصرفات حفيده العنيد....
" آه!! لست أدري لولا!! هذان الولدان يتعبانني!! كنت قد عزمت أن أعلن خطوبتهما أخيراً في حفل هذا العام!! كما كنا قد خططنا انا ودايفيد- فليرحمه الله- ولكن لا يبدو هذا قريباً أبداً"
" لقد كانا كعصفورين جميلين....لا أدري ماذا حصل لهما؟؟! انهما يرفضان الافصاح عن اي شيء!! وايلا؟ آه..حبيبتي الصغيرة...تبدو التعاسة واضحة على وجهها....حتى ريكاردو حبيبي.....لم أره هكذا من قبل!!انهما يشقيان بعضهما...ولست ادري متى سيعرفان ذلك؟!"
قال السنيور سلفادور بحزم" سيعرفان في الوقت المناسب! وعلى كل...سيجري الحفل كما هو مخطط, ولنترك اصلاح الامور بينهما الى الوقت!! هو كفيل بذلك!!"
" كما تريد أبي!! سأقوم بالتحضير لكل شيء...فلا تقلق!!"
تنهد السنيور سلفادور طويلاً..وعاد لينظرمن النافذة في البعيد....وهو يأمل بأن يستيقظ في الصباح فتكون كل المشاكل قد سويت بين حفيديه!!!