الفصل السادس عشر
"ضوء القمر!!"
تقلبت ايلا في فراشها كثيراً! لقد انتهت الحفلة منذ ساعات الآن..وقد غادر جميع الضيوف...وبالتأكيد الكل الآن نيام!! ما بالها هي لا تستطيع النوم...مع أن الصداع يكاد يفتك برأسها!! لقد كانت متعبة الى أقصى حد.....لقد أنهكها ريكاردو واستهلك روحها....فلم تعد قادرة على التحمل أكثر....ليس وهي قريبة منه هكذا! انه العذاب بعينه!!! عليها ان تبتعد....أن تسافر في أقرب فرصة...!
ترسخت هذه الفكرة في رأسها..., ولكن؟؟هل تستطيع أن تبتعد عن هذا اللئيم!!! انها تحبه برغم كل ماحصل بينهما!! برغم كل الاهانات التي يتلذذ بتوجيها اليها....ومع هذا فهي لن تستطيع رؤيته مع صوفيا بعد اليوم!!
" أوه..يا الهي!! رأسي سينفجر!! أما آن لهذا العذاب أن ينتهي!!"
وهي تنزع عنها غطاء السرير...وتهب واقفة..خرجت الى الشرفة...جالت بنظراتها الحزينة في الافق البعيد...وتنهدت بمرار.....وما لبثت أن عات للنظر في الاسفل...حتى استقرت عينيها على البركة!! هذه هي!! بعض السباحة ستكون مفيدة لها..وربما تساعدها على الاسترخاء والنوم!
ارتدت مايوهاً من قطعة واحدة...وغطت نفسها بمئزرها الازرق, وما ان اقتربت من البركة...حتى خلعت المئزر وانسلت داخل البركة بهدوء حتى لا تسبب ازعاجاً أو تلفت أحداً اليها.....! كانت المياه باردة....لكنها منعشة...!
فأخذت تسبح بهدوء....وهي تحاول أن تصفي ذهنها.....استرخت الى أبعد حد...وقررت أن لا تفكر في أي شيء...., ولن تفعل أي شيء سوا الاسترخاء....!
لكنها سمعت همساً خفيفاً...ففتحت عينيها...وجالت بنظرها...حولها..حتى لمحت شيئاً صغيراً أحمر يتوهج في العتمة...ثم يعود فينطفئ...شعرت بالذعر حتى كادت تغرق نفسها....!! لم تكن تعي طوال الوقت..بأنها تسبح أمام ريكاردو!!
لم تره في العتمة, ويبدو أنه لاحظ ذلك..فاستغل الموقف لصالحه..وعمد الى جعلها لا تراه..حتى يراقبها بصمت وبحرية!! لكنه أخيراً.....تحرك من مكانه...عندما لاحظ بانها قد رأته....واقترب منها...حتى جلس على حافة الحوض...
" ألم تستطيعي النوم مثلي؟!"
كانت تحاول السيطرة على انفعالاتها ...فأجابت بالنفي....نظرت اليه...
اللعنة! هل كان ينقصني هذا! كان بثياب السباحة...وكان شعره الأسود مبللاً وجميلاً كعادته.....
قال بصوت متعب:" أرجو أن تخرجي من الماء الآن...حتى لا تصابي بالبرد!!"
ولكن؟ كيف ستخرج بهذا المايوه....وهو لا يكف عن تأملها...!! مع أنها بدأت تشعر بالبرد...
" ليس بعد! أحب أن أسبح دورة أخرى...!" وعادت لتعوم وهي تحس بأن نظراته ستحرقها.....
" حسناً! ان لم تريدي الصعود...سأنزل أنا!!"
ونزل ليسبح الى جانبها....,لكن ايلا أحست بأن ذراعيها قد فقدت الاحساس....ماذا تفعل هي هنا الى جانبه؟؟هل فقدت عقلها؟؟تسبح واياه في عتمة الليل على ضوء القمر...كأجمل عاشقين!! مانهاية هذا!!
جفلت حينما اقترب منها وهو يلمس كتفها....
" ايلا! هل أنتي بخير؟؟؟ يا الهي!! أنتي ترتجفين! هيا بنا نصعد..كنت أعرف بأنها فكرة حمقاء!!!"
أجل...لقد عرفت أن هذه الصورة التي رسمتها في مخيلتها كانت لعاشقين...وليس لهما! لأنهما ببساطة أبعد ما يكونا عن العشق...!
مد يده لايلا ليساعدها على الخروج....وحينما انتصبت أمامه واقفة..نظر اليها للحظة وكأنه مسحور...!! كانت تشبه حوريات الحكايات والاساطير...!! بجسدها الرائع...وشعرها الاسود الطويل !! هاقد عاد تأثير ضوء القمر من جديد....!
لكنها كانت ترتجف...., فتنبه فجأة...وتناول مأزرها ولفه عليها...وهو يشده ويقفله جيداً.....ثم ينظر في عينيها وهو يمسح قطرات الماء التي تبلل وجهها...
" هل تشعرين بالدفء الآن؟"
كانت تشعر بالنيران تحرقها....!!
" أه...أجل...أشكرك!!"
ثم ابتعد عنها للحظة وارتدى مئزره....وجلس في مكانه وقال مخاطباً اياها......" تعالي اجلسي قليلاً....واشربي بعضاً من مشروب الشوكولاته الساخنة! ستدفئكي وتساعدكي على الاسترخاء...."
ترددت ايلا....لكنها أذعنت لطلبه أخيراً....فقد كانت تشعر بالبرد حقاً...اقتربت وجلست على كرسي مجاور له....سكب لها بعض المشروب في كوبها وقدمه لها وعلى ثغره ابتسامة باهتة.....
" شكراً!" تناولت قليلاً من هذا السائل اللذيذ....فأحست برعشة من الدفء تغمر أوصالها وقلبها......
عاد لاشعال سيكارته....كان ينظر الى السماء وهو ينفث الدخان..وقال قاطعاً السكون الذي يلف المكان.....
" لم تكوني بخير الليلة!!!"
أطرقت ايلا...ثم عادت فنظرت اليه بابتسامة حزينة...." هذه الليلة ككل ليلة!!!"
نظر اليها حائراً..." هل انتي مريضة؟ هل هناك ما يؤلمكي؟!"
حاولت تمالك نفسها..خوفاً من أن تندفع باكية...." أجل !!هناك ما يؤلمني بشدة...!ولكن ليس بإمكان أي طبيب شفاؤه!!!"
فهم ريكاردو ما تعنيه..! في الحقيقة كانت تصف حاله بكل دقة!!
انها تعذبه بكلامها....بل هي تعذبه لأنها أمامه والى جانبه وهو لا يستطيع لمسها ولا أخذها بين ذراعيه!! وكل ذلك بسببها!! هي الخائنة الوحيدة التي دمرت حياتهما!!
ازداد حقده عليها أكثر...ولم يفطن الى أنها تتألم مثله بل وأكثر منه....فقال بحنق وجفاء....
" وهل يعني هذا أنكي تملكين الاحساس سنيورا؟ هذا شيء مثير حقاً!"
رفعت عينيها الدامعتين اليه وقالت بمرار:" هذا يكفي! لن أستمع الى اهاناتك أكثر من هذا....أيها المتعجرف...قاسي القلب!!!"
ووضعت كوبها على المنضدة وهبت واقفة..لكن قبل أن تتحرك حبسها بين ذراعيه.....
" لن أسمح لكي الآن بلعب دور الضحية!! ليس معي...! فكلانا يعرف الحقيقة!!!"
نزلت دموع ايلا رغماً عنها..ومع هذا ابتسمت..:" كنت قد وعدتني ريكاردو,,,بأنك لن تسمح لأي شيء أن يؤذيني!! "
تنفس ريكاردو عميقاً...." لكنني أعلن لك بأنني أتنازل عن وعدك هذا لي...فقد آذيتني بما فيه الكفاية!! "
قال بقسوة وهو يهزها..." وأنتي؟ ألم تؤذيني؟؟؟ عليكي اللعنة....أتظنين أن من السهل علي...أن أراكي هكذا أمامي طوال الوقت....ولا استطيع أن أضمكي الي وأدفن وجهي في شعرك ؟؟!" وهو يضمها اليه بشدة ولهفة....
" أتظنين بأنني أعيش؟؟؟ انني ميت....ميت يا ساندريلا....وأنتي سبب ما أنا فيه!! "
وهو ينزعها عنه بقسوة..وكأنه ينفض عن نفسه شيئاً قذراً....
" ولكنكي لا تستحقين شيئاً من هذا!! لا تستحقين!!"
مات آخر بصيص أمل لها مع كلماته الاخيرة....انه لن يسامحها أبداً...مع أنه يحبها.....وهي تحبه وستظل تحبه حتى تفنى هي لاهو....
" سيأتي يوم يا ريكاردو...تعرف فيه بأنك مخطئ في حقي...!! وبأنك ظلمتني مثل كل هذا العالم!! وحتى يأتي ذلك اليوم....سيكون قد فات الاوان.....! لأنني.....؟"
التفت اليها..." أشكرك على الشوكولاته.... تصبح على خير "
لكن ريكاردو جذب يدها...." لأنكي ماذا ؟!!"
" ستعرف حينها!...أما الآن....فأرجو المعذرة!"
لكنه أمسكها من يدها...." ايلا؟"
....فرأت نفسها تسحب يدها منه...وتسرع للداخل حتى لا يلحقها.....وما ان وصلت غرفتها..حتى تنفست بعمق وهي تقول بتصميم...ودموعها تنساب على وجنتيها.....
" لأنني سأغادر حياتك الى الابد! سأرحل عنك يا حبيبي!!"
مسحت دموعها بظاهر كفها...وخلعت ثيابها....ثم اندست في فراشها.....