.
.
ترى .. كيف كان شعورهم وهم يحترقون حتى الموت؟ ..
كيف كان شعورهم وقد فقدوا كل أمل بالخروج ليستسلموا للنيران التي إحتضنتهم بشغف؟ ..
هل بكوا؟ .. صرخوا؟ .. هل تألموا؟ ..
.
.
بعض البقايا من أجسامهم كانت متعانقة .. لقد تعانقوا قبل موتهم ..
ما الكلمات التي تبادلوها وقتها ؟ .. أولئك الشباب في عمر الزهور ..
تلك العوائل من الأطفال و النساء .. ملابس العيد التي لم ترَ العيد الذي تَطَلعَ له أصحابها ..
لم يعرف أحد ما هي تعابير وجوهكم .. فالوجوه كانت محروقة بالكامل ..
أجسادهم تلاشت .. لم يبقَ من تلك الضحكات أي شيء !.
.
.
ليس وكأنها المرة الأولى التي يحصل فيها شيء كهذا ..
إعتدنا حصول هذه الأشياء .. لكن ليس بهذه الوحشية .. ليس بهذا الحقد ..
لم يسبق وأن كان الأمر بهذه القسوة ..
الدموع لم تعد تستطيع التعبير عن ألمهم .. ولا الحزن بات يكفي ليواسي معاناتهم ..
لم يعد بوسعنا سوى اشعال الشموع على بقايا ذاك المكان ..
نتلو الصلوات .. مسلمين .. مسيح .. صابئة .. لم يَعد أحد يسمع وسط صمت الموت هناك سوى صوت القرآن وترانيم الإنجيل ..
لم يعد أحد يقوى على فعل شيء .. الكل فقط جالسون هناك يعيدون إشعال الشموع التي إنطفأت بسبب دموعهم .. يناجون بلوعة كل فقيد لهم ..
لم يبقَ لنا شيء .. لم يبقَ في قلوبنا متسع للمزيد .
.
.
لن يعود أحد كما كان من قبل .. قد نضحك لننسى .. لكن شيء ما إنكسر عميقاً في داخلنا ..
أرواحهم تلك التي تحررت حررت كل ما في داخلنا من ألم .. حررت كل تلك المعاناة المكبوتة ..
.
.
عذراً أيها العيد .. لا تأتِ إلينا .. نحن لا نستطيع أن نستقبلك .. إصعد لهم في السماء فهم من كانوا يتوقون لهفة لك .. إذهب هناك فالفرح في السماء وليس على أرض عراقنا .. الفرح ليس لنا فنحن لم نعد سوى جثث متحركة ننتظر بصمت أن تتحرر أرواحنا لنصعد لهم ونحتفل معك .