توقفت في مكاني حين سمعت تلك النبرة المحترمة من احدا الخادمات .. هل عاد والد ينار يا ترى ؟!..
ليس من الجيد الخروج الآن حتى لا يراني و يسألني عن نفسي و سبب وجودي هنا ..!
- أبي .. أهلاً بعودتك ..!
كانت هذه نبرة ينار السعيدة لأسمع بعدها والدها الذي بدت السعادة في صوته هو الآخر : أهلاً حبيبتي ..! أرجوا أن لا أكون قد تأخرت عليك ..!
.
.
ذلك الصوت !!..
.
.
اتسعت عيناي بذهول .. ذلك الصوت !!..
.
.
اسرعت لأنظر من زاوية ذلك الممر ناحية البوابة الداخلية .. و في تلك الردهة رأيت ذلك العناق الحار بين الأب و ابنته ..!
أو لنقل .. بين ذلك الحقير و ابنته !!!..
.
.
أيعقل ؟!!!!!..
أهو نفسه أم أني أتخيل ؟؟!!..
مستحيل !!.. هو لم يكن له أبناء !!..
.
.
أجل أنا واثق بأنه لم يكن متزوجاً إطلاقاً و ليس لديه أية أبناء !!!!!..
لكن .. أنه هو .. يستحيل أن أخطأ به !!..
أدريان سميث !!.. ذلك الخائن !!..
.
.
ها هو أمامي من جديد !!.. يحتضن تلك الفتاة و يضحك في وجهها !!..
أيجرأ على الضحك بعد ما فعله بي ؟!!.. أيجرأ على الشعور بالسعادة بعدما جعل والدتي تموت و هي في قمة الحزن و الأسى ؟!!..
ذلك الحقير !!!!!!..
شعرت بارتخاء في ركبتي فسقطت أرضاً ..!
ما هذا الذي أشعر به ؟!.. أهو خوف ؟!..
أجل .. أشعر بالرعب !!..
كيف بات أدريان يرعبني الآن !!.. هل لأنه طردني من منزلي ؟!!..
هل لأنه شردي و سلبني ثروتي ؟!..
.
(( بل أنت من سيخرج .. فهذا القصر .. صار ملكاً لي ..! ))
.
دارت تلك الجملة في رأسي .. آخر جملة خاطبني بها ..!
ذلك الخائن !!..
لا أعلم ؟!.. لكني أشعر بالتوتر لدرجة أني لا أجرأ على مقابلته الآن !!..
يجب أن لا يراني !!.. أجل يجب أن لا يراني !!..
- لقد جاء أصدقائي إلى هنا .. ما رأيك في الجلوس معنا قليلاً ؟!..
- حقاً ؟!.. يسعدني رؤية أصدقائك عزيزتي ينار ..! حسناً .. سأبدل ملابس العمل و أنضم إليكم ..!
- أنا واثقة أنك ستحبهم و هم كذلك ..!
- أتمنى هذا ..! فهم اصدقاء ابنتي الوحيدة في النهاية ..!
أيكذب أم ماذا ؟!..
كيف صار له ابنة فجأة ؟!..
من المستحيل أنه قد تزوج دون أن نعلم !!..
أيعقل أنها ليست أبنته ؟!..
لينك هذه لست المسألة الآن !!.. هذا الرجل يخطط لرؤية أصدقائها و تبعاً لهذا سيراني و يرى ريكايل كذلك !!..
يستحيل أن أسمح بهذا !!..
عادت الفتاة ناحية المطبخ بينما سار هو ناحية المصعد ..!
لا أخفي عليكم أنه لو التفت قليلاً لتمكن من رؤيتي .. و لكن الحظ حالفني هذه المرة !!..
قدماي مرتخيتان تماماً من شدة التوتر و القلق .. لكن هذا ليس وقت الجلوس هنا !!..
وقفت عندها و أنا استند للجدار .. أشعر بالتعب بسبب المجهود النفسي الذي بذلته ..!
علي أن أسرع قبل أن يعود ذلك الحقير إلى هنا و يراني !!..
وصلت لغرفة الجلوس عندها لأجدهم جميعاً جالسين يتحدثون إلا انهم صمتوا و التفتوا إلي في الحال ..!
تقدمت بضع خطوات و أنا أقول : أعذروني .. لا أشعر أني بخير ..! سأغادر الآن ..! هيا بنا ريكايل ..!
بدا عليهم القلق عندها لكن ايثن قال بهدوء : أنك شاحب بالفعل لينك .. تأكد من أن ترتاح جيداً ..!
أومأت موافقاً فوقف رايل عندها : حسناً .. لننتظر قليلاً حتى تعود ينار و نخبرها بمغادرتنا ..! ليس من اللائق أن نخرج فجأة ..!
بسرعة قلت : لا وقت لهذا ..! يا رفاق .. هلا أخبرتم ينار باعتذارنا الشديد ..! سنغادر الآن ..!
تقدمت بضع خطوات و أمسكت بيد رايل اسحبه خلفي .. أخشى أن يقف في مكانه لوقت أطول إن لم أفعل هذا ..!
خرجنا من القصر بأكمله دون نطق حرف و حين بدأنا السير في الشارع وضعت قبعة معطفي على رأسي حتى تقلل من احتمالية التعرف إلي .. لا أعلم من قد يراني في هذه المنطقة ..!
- إلى أين نحن ذاهبان ؟؟!..
- إلى المنزل بالطبع ..!
- لينك أنت لا تبدو بخير .. هل أثر فيك الأمر لهذه الدرجة ..!
- أنا بخير .. لا تقلق ..!
- إذاً لما غادرنا بهذه السرعة ؟!.. أعتقد أن هذا قد يفتح باباً للشك إضافة لتصرفاتك الغريبة ..!
توقفت عندها بتوتر .. هل أخبره بأن سبب مغادرتي الحقيقي هو أن أدريان لا يزال هناك ؟!..
هل يجب أن يعلم بأن أدريان هو صاحب هذا القصر الآن ؟!..
لا !!.. لا يجب أن يعلم !!.. لأنه إن علم فسيعرف أن ينار هي ابنة أدريان !!..
لا أريده أن يعلم بشأن هذا ..!
أنه يحب ينار !!.. أجل أنا واثق أنه أحبها في الماضي و لا يزال يحبها !!..
لذا لن أخبره بهذا حتى لا أسبب له المشاكل معها : لم أكن سأحتمل البقاء في ذلك المكان أكثر ..! ها هو السبب لا غير !!.. لنذهب لأقرب محطة حافلات الآن ..!
بدا أن حجتي كانت مقنعة لذا لم يسأل أكثر ..!
أي مصيبة جديدة هذه التي ظهرت لي ؟!..
.................................................
الساعة هي الثانية بعد منتصف الليل .. لكنني لم استطع النوم ..!
ها أنا استلقي في فراشي احاول أن اخذ قسطاً من الراحة لكن هذا مستحيل ..!
ريك نائم و كذلك ليو .. كيت أيضاً عادة لمنزلها منذ مدة ..!
ما طرد النوم من رأسي هو تلك الأفكار ..!
الكثير من الأمور أخذت تدور في ذهني .. اشعر بالإحباط ..!
لم أعتقد أن رؤية منزلي ستجعلني أنهار هكذا ..! لكن هذا طبيعي فذلك كان مكان الدائم و ملجئي الأول ..!
لكني اليوم كنت مجرد ضيف لا يمكنه التجول بحرية في المكان ..!
حتى في السنوات التي عشتها في ادنبره .. كنت أعود إليه في كل عطلة ..!
أشعر أن رأسي فارغ و لا يحتوي إلا على ذكريات لي فيه ..!
أمي .. أبي .. جيسكا .. و أنا .. المكان الأهم بالنسبة لنا هو ذلك القصر ..!
لقد رحلوا جميعاً و تركوني وحدي فيه .. و لكن تم رمي خارجه بعنف و لم استطع اكمال حياتي في المكان الوحيد الذي يجمعني بأسرتي ..!
حتى ريكايل .. لقد عرفته في ذلك المنزل .. تشاجرنا كثيراً فيه ثم صرنا صديقين داخل أسواره ..!
اغمضت عيني عندها .. هذا لن يغير شيئاً من الحقيقة ..!
فأنا لم أعد هناك .. لقد أخذت ينار مكاني فيه ..!
أجل .. ربما تكون في غرفتي الآن !!.. فهي احدا أفضل ثلاث غرف ..!
أو ربما غرفة أمي ..!
لا اعتقد أنها غرفة جيسكا فتلك العجوز قد صممت غرفتها بطريقة قديمة تناهز عمرها ..!
اتساءل منذ متى صار لأدريان ابنة جميلة كهذه ؟!.. أنها في مثل عمري وهذا يعني أنه قد تزوج منذ مدة طويلة ..!
ربما قام بتبنيها ؟!..
لكني اعتقد أن ماكس ذكر أمر انفصال والديها منذ زمن ..!
رغم ذلك مستحيل أن أمي إلينا لا تعلم بهذا الشأن ..!
هل كانت تعلم و لكنها لم تخبرني يا ترى ؟!..
بالحكم على شخصيتها العطوفة فهي كانت ستجعل ابنة ادريان في مقام ابنتها و تدللها أيضاً ..! هذا يعني أنها لم تكن تعلم ..!
بدأت اشعر بالصداع ..!
ليذهب ذلك الحقير و ابنته للجحيم !!.. لقد دمرا حياتي !!..
لكن .. ما ذنب ينار ؟!..
أكاد أقسم أنها لا تعلم شيئاً !!.. فهي حتى لا تعرف أن صاحبة تلك الصورة هي الينا مارسنلي ..! كما أنها لم تذكر اسم مارسنلي مطلقاً و كأنها لا تعرفه ..!
أجل .. لاشك أنها بريئة من كل أعمال والدها ..!
لكن لحظة .. أنها ابنة أدريان سميث !!..
أليس هذا ذنباً بحد ذاته ؟!!..
توقف لينك !!.. لا تدع شيطانك يسيطر عليك !!..
تلك الفتاة هي صديقة ريكايل !!.. أنها الفتاة التي أحبها أخوك الأصغر ذات يوم ..!
على الأقل لا تكرهها لأجله !!..
أجل .. يبدو أني سأقنع نفسي ببراءتها وحسب !!..
..................................................