عرض مشاركة واحدة
  #25  
قديم 07-12-2016, 05:29 AM
 



الافتراضي رد: روايتي الأولى : لماذا أرى ملاكًا وسَط جحيمي





السلام عليكم ورحمة الله ..

كيفكم ان شاءالله تمام ؟! .. فصل اليوم يعتبر قصير شوي مقارنة مع اللي قبله ..

يلا نبدأ ؟!

قراءة ممتعة ..







الفصل التاسع عشر ( 19 )
- ما قبل الأخير -





مرت سنتان , و تزوج خلالها عادل من ابنة أحد أصدقاء أبيه .. كانت نية الزواج الأولى هي توطيد العلاقة بين آباء العروسين لتثمر من خلالها أعمالهما المشتركة .. و لكن بعد فترة , كان عادل متيم بزوجته التي تصغره بخمسة سنوات , بعدما كان يراها في البداية مجرد صفقة نجاح لأعمال والده ..
و لكن مع مرور الأيام تحولت ( فرح ) إلى معشوقته الأولى و الأخيرة , كانت هي الوحيدة التي تخفف عليه آلامه على فقدان أخيه مع كامل جهلها بوجوده أصلًا ! ..

أحبت عادل من أعماق قلبها , حتى أتى اليوم التي أصبحت تحمل في أعماقها قطعة منه .. كان حملها بابنها الأول بدر هو الفرحة التي أعادت الحياة للمنزل بعدما كانت تتلبسه الكآبة و الضجر .. كان الجميع يرى السعادة و الحياة متشكلة على هيئة انتفاخ في بطنها ..

مضت فترة حملها ببعض الصعوبة , و عندما حان وقت ولادتها , كان الحياة أنانية للغاية , فلم تكن لتعطي فرح هذا الاسم و الفرحة الحقيقة معًا , فأصبح الفرح هو مجرد اسم لها , و تركت الفرحة خلفها بعدما أخذها الموت عندما كانت تنجب حياة و روح جديدة ! ..

توفيت أثناء ولادتها بابنها , و هي تبلغ من العمر 21 عامًا فقط .. و لم يكن عادل مكسور الجناحين كما كان في يوم وفاتها .. لقد سلمته المستشفى جسدين : حي و ميت , ابنه الجميل , و تلك الجثة الهامدة لزوجته الحسناء ..

جلس على كراسي المستشفى وهو يضم ذاك الصغير إلى صدره , و ما كان يرى في بكاء بدر سوى مواساة له و حزنًا على والدته ..

كان عادل يرى زوجته عبر أغراضها الأنثوية التي تركتها خلفها , و كل تلك التجهيزات التي قامت بها في غرفتها لاستقبال مولودها , و كل تلك الأكياس المملوءة بفساتين ما بعد الولادة و عطوراتها و مساحيق التزيين , لم تكن تلك الأغراض و الألوان الزاهية تزيد عادل سوى حزنًا و سوداوية ! ..

أمضى عادل عدة أيام و هو يضع كل أغراض زوجته في صناديق كبيرة , و يقوم بتغليفها بعناية فائقة , ثم قام بوضعها في غرفة خاصة بالمنزل و أقفلها و منع الجميع من محاولة دخولها أو حتى المرور بمحاذاتها , لقد كانت تلك الغرفة بجوار غرفة فيصل التي قام بإغلاقها أيضًا .. فقد أصبح يرى أن للأموات أحقية الحصول على غرف تخصهم في هذا البيت أكثر من الأحياء ! ..

و لكنه لم يترك من أغراضها سوى عطر صغير كان الأحب إلى قلبها , تركه على طاولة الزينة الخاصة بهما , و قد كان يقوم برش بضع قطرات منه على وسادته قبيل نومه , لم يكن يتحمل انعدام حضورها حتى في الهواء ..

أعاد نظره بعد ذلك إلى طفله الرضيع و الفرحة الوحيدة في حياته : بدر ..

كان يمضي ساعات و هو يلاعب أصابع ذاك الصغير و يجعلها تتلمس وجهه و ملامحه , كان يجهل تمامًا كيفية الاهتمام بطفل .. فتركه في الأشهر الأولى مع أم زوجته و أخواتها , فأحسنّ رعايته و الاهتمام بشؤونه , و ما أن بلغ بدر السنتان , حتى أصبح عادل يتركه عندهم في أوقات عمله فقط , و يعود لأخذه منهم عندما يحل الليل و يعود لمنزله ..

و لكن الحياة لم تنتظر جِراح عادل لتلتئم , بل زاد عليها جرح آخر مزق روحه بالكامل .. كانت وفاة والده هي الشعرة التي قسمت ظهره , فقد حولته فجأة إلى رجل بقلب عجوز يائس .. فقد الأخ, الزوجة ثم الأب خلال 4 سنوات فقط .. !

لم يكن عادل ليحتمل كل هذا لوحده .. كان يريد سندًا قويًا غير ذاك الذي يزوّده به أصحابه و أقاربه , كان بحاجة إلى من يمسك يده حين يصبح و يحين يمسي و يخبره بأن هذه هي الحياة و إن جارت عليه و أهلكته !

حاول التفكير في الزواج مرة أخرى , ولكنه شتم نفسه لمجرد التفكير , لم يعد يثق بأحد أو بأي شيء , و لن يترك امرأة غريبة تعتني بحياته و حياة ابنه ..

لم يكن أمامه سوى أن يحمل كل الأعباء على ظهره , و أن يهرب مما يحصل حوله من خلال الغرق التام و الصامت في العمل ! ..

فقد قرر استلام أعمال و شركة والده بالكامل , و بذل عمره فيها لعلها تعطيه راحة البال ..
و أما من الناحية الأخرى , فقد كان لا يسمح لأي أحد أن يتولى رعاية و تعليم ابنه سواه .. فمنذ كان بدر ذو الثلاثة أعوام , كان والده في أوج شبابه .. فقد كان يأخذه معه أينما ذهب , حتى و إن تسبب له بالإزعاج ..

و كلما كبر هذا الطفل في العمر , كلما رأى فيه عادل الحياة بالكامل .. حتى صار رجلًا في 21 من عمره , يحمل وسامة عمه , لطف أبيه , عينا والدته و القليل من إصرار و عناد جده ! ..


********


في الطرف الآخر من العاصمة , الطرف المظلم شبه المجهول , حيث تقع أغلب الجرائم و يسكن أغلب الوافدين و العمالة الأجنبية , كان هناك من يشابه عادل و يناقضه بنفس الوقت ! ..

بعدما اعتبره الجميع ميتًا , قرر الانتقال من منزل عبدالرحمن بعد مسرحيته المتقنة تمامًا إلى شقة مجهولة العنوان و مظلمة الممرات في أعلى أحد العمائر في جنوب الرياض ..

كان عبدالرحمن لايزال شديد الولاء لفيصل , فبعد سنوات من العمل في وظيفته و الارتقاء الملحوظ في عمله , كان يجني الثمار و يقدمها لفيصل على طبق من ذهب .. !

كان يحس بالشفقة تجاه رفيقه , فقد كان يعطيه من المال ما يشتهي و يتمنى , و على الرغم من الحالة النفسية لفيصل التي تجعله يشتم الجميع و يتعارك مع الكل و أولهم عبدالرحمن , إلا أن ذلك لم يجعل صديقه يتوانى لحظة في مساعدته في كل ما يريد .. فقد كان عبدالرحمن يدفع أجر الشقة , و يحضر له المؤونة بشكل أسبوعي, و يغرقه بكل ما يشتهي من المال و غيره ..

إلا أن فيصل كان يأخذ هذه الأموال من جهة , و يسكبها بالكامل على المخدرات و النساء من جهة أخرى , حتى غرِق فعليًا ! ..

و في نفس الوقت , كان عبدالرحمن على صحبة ممتازة مع عادل , فقد كان عادل يعتبره الوحيد الذي يحمل له ما يجهله الجميع , أخوه فيصل ..

كان يحس بوجود فيصل في كل مرة يتحدث أو يجالس عبدالرحمن , كان يشعر و كأن توأمه يتوسط المكان و يتحادث معهم تمامًا مثلما كانوا يفعلون قبل 12 سنة في دراستهم الثانوية , حين كانوا ثلاثتهم على أقوى صلة من الصداقة ..

ولكن أتى ذاك اليوم الذي سأل فيه فيصل عبدالرحمن سؤالًا غيرت إجابته حياة الجميع ! ..


" عبدالرحمن , ما حال عادل ؟! ".. سأل فيصل و هو مستلقي على الأريكة بجانب صاحبه ..

" في أفضل حال , إنه يعيش مجده بالكامل , ذاك المجد الذي كان من المفترض أن يكون لك نصيب منه ! "..

اعتدل فيصل في جلسته و هو يقول :" ماذا تعني بـ يعيش مجده ؟! "..

" بعد وفاة والدك , أخذ الورث بالكامل , و الشركات و كل الأملاك .. "

هز فيصل رأسه بشرود وهو يقول :" و أنت , ما رأيك في الوضع ؟ "..

" رأيي واضح ! .. أنا لست راضٍ أبدًا بحالك يا فيصل , انظر حولك , أهذه حياة يعيشها المرء في عز شبابه !؟ "

قال عبدالرحمن و هو يمسك بملابس نسائية كانت مرمية بجانبه , و قد تركتها إحداهن بعد خروجها من عند فيصل ..

أكمل كلامه قائلًا :" كيف ترضى لنفسك هذه الحياة و توأمك يمتلك حقك و حقه من هذه الدنيا و أكثر ؟! "..

قال فيصل وهو يعود للاستلقاء :" لم يكن ليأكل حقي إن علِم بأنني حي إلى الآن ! "..

" لا تبرر له الأعذار , لقد خذلك كثيرًا ! .. "

" و أنا تعبت كثيرًا , لم أعد أكترث لشيء "..

" لا تفقد شهيتك تجاه الحياة , على الأقل لا تفقد شهيتك تجاه حقك من الحياة ! "..

" لقد تنازلت عن حقي عندما اخترت الموت ! "..

" ولكن .. " قال عبدالرحمن وهو يسترجع شيء في عقله .. " ولكنك عندما اخترت أن تكون ميتًا , أخبرتني بأنك تريد ذلك حتى تتمكن من العيش خلف الستار و التخطيط للانتقام على مهل ! "..

أغمض فيصل عيناه وهو يقول :" بالضبط , هذا ما أفعله الآن , و هذا ما سيحصل , ولكن صبرًا جميلًا , صبرًا جميلًا يا عبدالرحمن "..

صمت عبدالرحمن و ساد السكون للحظات , ثم قال بخفوت :" بالحديث عن ذلك ... " ثم أكمل بشيء من التردد :" هل حضرت جنازة والدك "..

" لم يحضر هو إلى جنازتي , و بالإضافة : أنا ميت , كيف لي أن أفعل ذلك ؟ "..

هز عبدالرحمن رأسه مبتسمًا على قناعات صاحبه المريبة !


********


مرت السنوات , و قد أصبح التوأمان في منتصف الأربعين , وقد شارفا على الوصول إلى نقطة تحول شديدة في حياة كلاهما ! ..

ازدهرت تجارة عادل في شركات المعادن التي استلمها من بعد والده , و أتى ذاك اليوم الذي وظّف فيه سكرتير جديد يمتلك الكثير من الكفاءات , و القليل جدًا من الولاء .. !

استلم سلطان منصبه هذا بالكثير من الشغف و الأطماع , لقد رفع رأسه عاليًا , فكُسرت رقبته و طُعِن ظهره ! ..

بعد عمله لفترة قصيرة لصالح عادل , كان قد استيقن بأن عبدالرحمن يمتلك مكانة خاصة لدى رئيسه , فقد كان دائم القدوم للزيارة , بشكل أسبوعي أو شهري أحيانًا .. و عرف عنه الكثير بعدما كان يستمع سرًا إلى أغلب أحاديثه مع عادل من خلال باب المكتب الفاصل بينهم ..

و لكن بعد أشهر طوال , أتى ذاك اليوم الذي وضع سلطان في كل ما حصل له , و الذي جعله يدفع ثمن فضوله دماءً غزيرة ! ..

كان سلطان يرتب مكتبة عادل و يبحث عن بعض الأوراق بين الكتب , حين لمح طرف صورة قديمة و ممزقة الأطراف قد دسّت بين صفحات أحد الكتب ! ..

نظر سلطان إلى المكان حوله بهدوء ثم أعاد نظره للكتاب و هو يسحبه و يُخرج الورقة بهدوء و صدمة عظيمة ! ..

لقد كانت صورة قديمة باللون الأصفر و البني الباهت تجمع أخّين توأمين يلبسان نفس الثياب , و قد كانا في السابعة أو الثامنة من عمرهما .. ! عقد سلطان حاجبيه و هو يدقق النظر " إنه عادل ! ".. قال بهمس لا يُسمع :

" وهذا الذي بجانبه , أهو توأم ؟؟! "..

استغرب سلطان الوضع وهو يقلب الصورة بين يديه , فلمح كلامًا مكتوبًا بخط قد خفف من لونه الزمن , وقرأ :

" عادل و فيصل , الصف الأول الابتدائي .. "

ولكن سلطان اهتز في مكانه بعدما سمع صوت خطوات قادمة , أعاد الصورة بسرعة البرق و قام بترتيب كل شيء و كأن شيئًا لم يكن ! .. و لكنه تفاجأ بدخول عبدالرحمن إلى المكتب بدلًا من عادل ..

" سلطان , السلام عليكم ".. قال عبدالرحمن بنبرة سريعة

" و عليكم السلام , أهلًا أبا سعود "..

" أين عادل , هل حضر اليوم ؟ "..

" نعم , إنه في اجتماع في الدور الثالث , من المفترض أنه انتهى منذ خمس دقائق ".. قال سلطان وهو يتوجه إلى أحد الكراسي و يزيح الوسادات عنها قائلًا :" تعال و ارتاح هنا , سيأتي عادل في أي لحظة "..

جلس عبدالرحمن , و سأله سلطان :" هل تود أن تشرب شيئًا ؟ "..

" لا شكرًا .. سأنتظر عادل , عد أنت لعملك و لا تكترث لوجودي "..

هز سلطان رأسه بابتسامة و هو يعود إلى رف الكتب , و لكنه كان يلتفت كثيرًا إلى عبدالرحمن بين الفينة و الأخرى , و ما أن تلتقي أعينهما , حتى يبتسم سلطان بسرعة و إحراج , و يعود إلى ما كان يفعله ..

قال عبدالرحمن بصوت واثق :" أتريد سؤالي عن شيء يا سلطان ؟ "..

رفع ذاك رأسه ببلاهة و هو يقول :" عذرًا ؟! ".. و قد احمرّ وجهه

" هيّا تكلم , ماذا تريد ؟ "..

هز سلطان رأسه دون أن يضع عيناه على عبدالرحمن وهو يقول :" لا, لا شيء ! "..

" لا تجعلني أشك في فراستي ! .. أستطيع رؤية بعض الكلام على شفتيك , هيّا تحدث لا أحد هنا ! "..

أغلق سلطان ملفًا كان في يده وهو لا يزال يخفض عيناه بشرود , ثم رفع رأسه قائلًا :

" إن كنت لاتزال مصرًّا ! .. أريد سؤالك عن أمر ما ولكن ... دون أن يعلم عادل "..

" نعم بالتأكيد , لا عليك "..

" إنه أمر خاص به بعض الشيء و لكنه لم يفصح يومًا عنه ! "..

رفع عبدالرحمن حاجباه باستغراب , فقال سلطان :" هل لعادل أخ ؟ "..

سكن عبدالرحمن في مكانه و قد سرت رجفة في جسده , وقد حدث نفسه قائلا : " ماذا يعلم هذا الفتى عن فيصل ؟ و لماذا يسأل عنه ؟ و كيف عرف بوجوده أصلًا !! "..

قال عبدالرحمن بشيء من التردد :" لــ لماذا تسأل ؟ "..

قال سلطان بنبرة أشبه بالهمس :" لقد .. لقد وجدت للتو صورة !.. صورة قديمة تجمع عادل مع فتى آخر شبيه به للغاية ! "..

هز عبدالرحمن رأسه و هو يقول :" نعم , لقد كان له أخ , توأم "..

" كان ؟؟ "..

" نعم , كان ذلك من وقت بعيد مضى .. لقد توفي قبل 22 عامًا "..

قال سلطان بصدمة :" أوه , هذا .. هذا مؤسف حقًا ! .. رحمه الله و غفر له "..

ردد عبدالرحمن :" رحمه الله "..

قال سلطان :" عذرًا , لم أعني التطفل , ولكن خرجت تلك الصورة أثناء بحثي بين الكتب و .. " سكت سلطان فجأة ثم قال :" و لكن غريب , لم يذكر عادل قط أن كان له أخ ! "..

قال عبدالرحمن و هو ينهض بانزعاج :" و لم قد يذكر ذلك ؟ لقد توفي أخاه و انتهى الأمر ! "..

توجه عبدالرحمن نحو الباب , فتبعه سلطان مسرعًا و هو يقول :" أسترحل ؟ .. لم أقصد ازعاجك بهذا الموضوع , أنا أعتذر .. "

التفت عبدالرحمن و هو يبتسم بمجاملة واضحة ويقول :" لا , لم أنهض بسبب ذلك .. ولكن تذكرت بعض الأمور التي يجب علي فعلها .. "

لم يصدق سلطان ذلك , و لكنه تركه ليرحل على أي حال .. و ما أن غادر ذاك المكتب , حتى عاد سلطان إلى عمله و ذهنه مملوء بالأسئلة ..


********


كان فيصل يجلس بانتظار عبدالرحمن ليأتي , بعدما هاتفه قائلًا بأن هناك أمر مهم يدور في باله , و قد حان وقت تنفيذه .. و ما أن وصل ذاك حتى بدأ فيصل بالحديث :

" لقد حان الوقت "..

" وقت ماذا ؟! "..

" أن نتعادل أنا و أخي في نصيبنا من الحياة "..

ملأت علامات الاستفهام وجه عبدالرحمن , فأكمل فيصل قائلًا :" أريد الأخذ بثأري "..

تراجع عبدالرحمن في كرسيه وهو يقول :" لماذا الآن ؟ .. لقد مضى وقت طويل أليس كذلك ؟ "..

" لا , هذا هو الوقت المناسب , أريد أن أجعل عادل يصل إلى القاع .. أن يتحطم كليًا , هو و من معه !! "..

" ولكنك لم تجبني , لماذا قررت فعل هذا الآن ؟ "

" بسبب بدر .. ! "..

استغرب عبدالرحمن قائلًا :" و ما شأن بدر ؟ أنت تريد أن تطيح بعادل ! "..

" لا .. أريد أن يصل الضرر إلى ذاك الشاب أيضًا , أريده أن يستشعر هو و والده معنى العار الذي شعرت به منذ سنين .. لن أكتفي بعادل , أريد أن أقحم الجميع في ذلك , الجميع ! "..

سكتا الاثنان لبرهة , ثم تكلم عبدالرحمن قائلًا :" حسنًا , أنت تعلم بأني كنت أنتظر قرارك هذا منذ زمن بعيد , لعله يخفف قليلًا مما تعانيه .. قل لي ماذا ستفعل بالضبط .. ؟"

استراح فيصل في جلسته و هو يخرج من جيب ملابسه 4 صور ! ..

رماها في حضن عبدالرحمن وهو ينتظر علامات الصدمة على وجهه ... أمسك عبدالرحمن بالصور و هو يحدق فيها بمفاجأة و بحاجبين معقودين , ثم رفع رأسه باتجاه صاحبه الذي كان يبتسم بمكر ..

سأل عبدالرحمن بهمس :" أهذا أنت الذي في الصور ؟ "..

" و من سيكون إذًا ؟! عادل ؟! .. ذاك الجبان يخاف حتى من ظله , أتعتقد بأنه سيغامر و يضع نفسه في هذه الأماكن و بين هؤلاء الحسناوات ؟! "..

" لا تقل بأنك ... " سكت عبدالرحمن و هو ينتظر إجابة من فيصل ..

" نعم , هذا ما سيحصل .. أنت الوحيد الذي يعلم هوية صاحب الصورة , أما الآخرون ... فـ لا "

سكت فيصل لثواني و هو يرفع كتفيه بعفوية ثم قال :" الآخرون لا يعرفون سوى شخص واحد يمتلك هذا الوجه "..

" يبدو ذلك ... عادِلًا للغاية ".. سكت عبدالرحمن ثم أكمل :" و لكن كيف ستنشرها ؟ "..

" هنا يأتي دورك , أنت على معرفة أقوى بعادل , ستعرف جيدًا كيف تنشرها , أنا متأكد بأنك ستجد الطريقة المثلى للنشر "..

" لا تقلق , سأفعل كل ما في وسعي .. "

" انتظر لحظة ".. قال فيصل وهو ينهض و يتجه إلى الغرفة ويعود حاملًا ظرف صغير مربع الشكل .. أعطاه لعبدالرحمن و عاد للجلوس ..

رفع عبدالرحمن حاجباه بابتسامة و هو يقول :" وما هذا أيضًا ؟! "..

ابتسم فيصل قائلًا :" إنها هدية مع الصور , ستعجب الجميع أنا متأكد "..

" و ما محتواها ؟! "..

" عليك أن تراها بنفسك , سيفسدها شرحي "..

طرق عبدالرحمن الصور و الظرف على فخذه ببعض التوتر و هو يقول :

" طالما أنت مرتاح لهذا الأمر , سنفعله .. و لكن هل فكرت جيدًا فيه ؟ .. أعني العواقب ؟ .. "

أخذ فيصل نفسًا عميق ثم قال و هو يزفر :" بالتأكيد , ستكون هناك عواقب وخيمة , وخيمة للغاية .. و لكن لن يمسني شيء منها .. "

هز عبدالرحمن رأسه بشرود و هو متوتر بعض الشيء من قرار فيصل هذا ! ..


(( و بعد عدة أسابيع ))


أتى عبدالرحمن إلى فيصل و أخبره بشأن الفتية الذين وضعوا مبالغ مادية في أماكن متفرقة من مدينتهم , ثم أعلنوا عن مواقعها في أحد شبكات التواصل الاجتماعي .. !!
اقتنع فيصل بهذه الفكرة سريعًا , قائلًا بأنها ستكون رائعة خصوصًا إن انتشرت أسماء المواقع من حساب عادل نفسه !! ..



يتبع ...


الرد باقتباس اقتباس متعدد لهذه المشاركة الرد السريع على هذه المشاركة
رد مع اقتباس