عرض مشاركة واحدة
  #34  
قديم 07-13-2016, 05:43 AM
 






16

~ كازوما ~
وقفت وقد إتخذت قرارا لمعاقبته ، قلت بصرامة : سوبارو أنت .......
لم اكمل ما كنت سأقوله ، لأنه تم إقتحام مكتبي ، وكان ياماتو هو القادم وخلفه روز ..
توجه الإثنان إلى سوبارو ، وأخذو يتهامسون فيما بينهم ..

لم أستطع سماع ماكانوا يقولونه ، إلا أن ملامح ياماتو كانت غاضبة ، وروز كان يبدو عليها التوتر والقلق ..
وسوبارو لاتزال ملامحه الباردة تكسو وجهه ..



قلت بصوت عاالٍ : إلتزموا الهدوء حالا ، ألا ترون أنني واقف الآن أمامكم ..
إلتفت الجميع ناحيتي ، ثم أردفت قائلا بغضب وأنا أنظر إلى ياماتو : ياماتو ماذا تفعل هنا ؟؟
قال ياماتو الذي كان مرتديا زي مدرسته الجديدة : اعذرنا أيها السيد كازوما ، لكني أطلب منك عدم معاقبة سوبارو ..

هنا أيقنت أن سوبارو لم يسرق إلا بسبب ..
قلت : لقد أتحت لسوبارو القرصة لتبرير فعلته ، لكنه لم يقل شيئا ، لذا أنا مضطر لتأديبه ..
ثم أردفت بإبتسامة ماكرة : لكني قد أعفو عنه إذا أخبرتني عن سبب فعلته ..

فتح ياماتو فمه لكن وقبل أن ينطق بحرف أتانا صوت سوبارو الحازم وهو يقول : ياماتو سنتحدث بشأن الموضوع لاحقا ، لذا فلتخرجا الآن ..
قال ياماتو مبرراً : لكن ......

قاطعه سوبارو للمرة الثانية وهو يقول : من دون لكن ..
ثم همس ببضع كلمات في أذن روز ، لتقوم روز بعدها بسحب ياماتو خارجا ..


بعد أن خلا المكان إلا مني ومن الممرضة يومي وسوبارو ..
قلت بعد أن تنحنحت : أنا مضطر لفصلك مدة أسبوع كامل بسبب فعلتك ..
هز سوبارو رأسه بلامبالاة ..

حدقت في عينيه لثواني وبعدها قلت بهزوء : فلتغادر الآن ، وأرجو ألا تعاود الكرة ..


خرج سوبارو لتلتفت إلي الممرضة يومي قائلة بغضب : حضرة المدير كازوما ألا ترى أنك متساهل كثيرا !!
قلت بهدوء : ماذا تعنين ؟؟

قالت وصوتها يعلو شيئا فشيئا : ماذا أعني !! حسنا سأقول لك ما أعنيه ، لقد قام هذا الطالب بالسرقة وكل ما استطعت فعله هو فصله لمدة أسبوع ، ألا ترى أنه كان يستحق عقابا أكبر من هذا ؟؟ إن تهاونك هذا سيجعله يعاود الكرة دون الخوف من العقاب ، لذا لو أنك كنت صارما وأكثر جدية سيكون خائفا من السرقة مجددا ..

صمتت لثواني وهي تتنفس بصعوبة ، يبدو أنها وضعت كل طاقتها في كلماتها هذه ..


قلت محاولا إمتصاص غضبها : آنسة يومي فلتهدئي قليلا ، أنا لم أكن متساهلا معه إلا لأنني أعلم أنه لم يفعلها إلا لسبب معين ..
- وماهي الأسباب التي دفعنه للسرقة ؟؟>> قالتها يومي بنبرة ساخرة ممزوجة بالغضب ..

أجبت عليها وأنا أمسح شعري بأصابعي : لا أعلم لكن ............
قاطعتني بصراخ : إذا أنت لا تعلم ، لماذا إذا كنت تتحدث وكأنك تعلم ؟؟

ثم زفرت بغيظ قائلة : أنت لا تستحق منصب المدير إطلاقا ، علمت بهذا منذ أن رأيت منظرك الغبي هذا ..
أنهت جملتها لتغادر مكتبي بعد أن أقفلت الباب بقوة خلفها ..

إبتسمت بسخرية وأنا أنظر إلى إنعكاس صورتي في المرآة الموجودة على مكتبي ..
هذا ليس مظهر مدير إطلاقاً ، إنه منظر رجل مشرد وغبي ..

لكن على الرغم من ذلك فأنا أحب مظهري هذا أكثر ..



***

~ يومي ~
خرجت من مكتب ذلك المدير الغبي ، وأنا غاضبة بحق ..
لو أن المدعو سوبارو قد قام بسرقة شيء آخر ما كنت لأغضب هكذا..
لكنه قام بسرقة كنزي الثمين ..

بينما كنت أسير عائدة إلى غرفة العيادة ، رأيت سوبارو وبرفقته روز وشاب آخر كان هو ذاته الذي إقتحم مكتب المدير للتو ..


توجهت إليهم غاضبة وقلت : سوبارو إسمعني جيدا ، لا تظن أنني راضية بهذا العقاب السخيف ، ولو سمعت أنك عدت للسرقة فأنا من سيتصرف معك في المرة القادمة ..

أخذ صاحب الضمادات ينظر إلي بعينيه الباردتين ، دون أن يتفوه بكلمة ، وهذا ما أشعرني بالغيظ أكثر ..

قلت محاولة إستفزازه : بالطبع ستظل صامتا خجلا من فعلتك ................

لم أكمل ما كنت أرغب في قوله عندما استداروا جميعا متجاهلين وجودي ..

قلت غاضبة : قف مكانك أيها السارق ..
إلتفت إلي ذلك الشاب الذي كان يرتدي زيا مغايرا لزينا ..
ثم قال : ماذا تريدين يا ......
صمت قليلا لأنه لا يعلم من أنا ، لكن عيناه وقعت على البطاقة التي أضعها في الجانب الأيسر من معطفي ليكمل : آنسة يومي ؟؟ لقد قام المدير بفصله لمدة أسبوع ألا يكفيكِ هذا ؟؟
أجبت بخشونة : لا ، أنه لا يكفي ..
- إسمعيني آنسة يومي ، لا تأخذي عن صديقي سوبارو فكرة خاطئة ، فهو كان مجبرا على ذلك ..

قلت بغضب : وما شأنك أنت ؟؟ لقد كنت أتحدث إليه لا إليك ..
زفر بضيق قائلا : ماذا تريدين أن تفعلي حتى ترضي ؟؟

فكرت قليلا ثم قلت : أريد صفعه .

إعتدل الشاب واقفا وقال : سأستقبل الصفعة عوضا عنه ..

تفاجأت مما قاله حقا .. أقبلت روز قائلة : ياماتو هل أنت جاد ؟؟
أجاب عليها مبتسما : كلكم كان لكم دور في هذا إلا أنا ، والآن حان دوري ..

ثم أكمل وهو ينظر إلي : فلتصفعيني الآن ؟؟


رفعت يدي اليمنى ، وأنا مترددة قليلا ، لكن بمجرد أن تذكرت أنه صديق سوبارو الذي سرق قلادتي ، صفعته على خده الأيمن بقوة ..
بعدها إبتعدت عن المكان ..

دخلت إلى العيادة وأنا غير مصدقة ، لقد قمت للتو بصفع أحد الطلبة ، يالفظاعتي !!

جلست على الكرسي ووضعت رأسي على المكتب ، وتأنيب الضمير يكاد يقتلني ..
لقد غضبت كثيرا لدرجة أني فعلت أمورا سيئة ، بلإضافة إلى أنني قلت كلاما سيئا للمدير ، و قمت بصفع فتى لا شأن له في الموضوع إلا أنه كان صديقا لسوبارو ..


أمسكت القلادة وفتحت على الصورة ، تأملت الرجل الذي كان بجانبي في الصورة وأنا أتمتم بضعف : لماذا قمت بهذا العمل الفظيع ؟؟ قل لي ماذا أفعل الآن ؟؟

بعدها إنكبت قطرات من الماء على وجنتاي لأدرك أنها لم تكن سوى دموعي النادمة ..



***


~ ياماتو ~

عندما كنت في مدرستي الجديدة ، أتت إلي رسالة على هاتفي المحمول مكتوب فيها: ( صديقتك جوليا رهينة عندنا ، وصديقيك روز وسوبارو في ورطة ، لا تخبر أحدا بشأن هذه الرسالة وإلا دفعت جوليا الثمن )

لم أكن لأستطيع التفكير في شيء إلا جوليا ، هربت من المدرسة واستقليت سيارة أجرة لأذهب إلى مدرستي القديمة ، إقتحمت الصف لأسحب روز معي وأستفسر عن الأمر ..

أخبرتني روز بشكل مختصر عن ما طُلب منهما ، بعدها توجهنا إلى مكتب المدير ، هناك حاولت إنقاذ سوبارو من العقاب لكنه طلب منا الخروج ..


والشكر للرب أن العقاب كان بسيطا ، فقد ظننت أنه سيتم فصل سوبارو من المدرسة نهائياً ..

بعد أن تلقيت صفعة من الممرضة لم أتأثر بالأمر كثيرا ، فقلقي على جوليا أكبر ..


كنا في ساحة المدرسة الخلفية نتحدث ونحلل الأمور ..
قالت روز : ماذا سنفعل يا ترى ؟؟ هل نخبر والديها بأمر الرسالة ؟؟

قلت لها : نعم أشعر أنه من الأفضل أن نخبرهما ونخبر الشرطة كذلك ..

لكن سوبارو قال بصرامة : لن نخبر أحدا ، وسيظل هذا سرا بيننا نحن الثلاثة ..
قلت معارضا : ولماذا ؟؟ هل أنت خائف من تهديده ؟؟ لا أظن أنه يستطيع رصد تحركاتنا دائما ..
قال بعصبية : ألا تفهم يا ياماتو ؟؟ لن نخبر أحدا يعني لن نخبر ..


نظرت أنا وروز إليه متفاجئين ، لأول مرة نراه غاضبا وصوته يعلو إلى هذه الدرجة ..
لقد إعتدنا رؤيته هادئا ونبرته باردة دائماً ، لكن يبدو أنه قلق عليها كثيرا ، لذا يتصرف على غير عادته ..


أكمل حديثه وهو يعود إلى نبرته المعتادة : أعني أنه يجب علينا عدم التهور ، فقد يراقبوننا الآن ونحن ما نعلم ..

كنت لأرد عليه لكن صوت رنين هاتفي الذي يُعلن عن وصول رسالة قاطعني ..
كان الرسالة من رقم مجهول وكان مكتوب فيها : (( إلى دُمٓاي المتحركة ..

يجب عليكم إلتزام شروطي حتى لا تدفع صديقتكم الثمن وليكون الأمر أكثر تسلية ..
وشروط لعبتي كالتالي :
1 - يمنع التصرف بطريقة تثير الشك بأي شكل من الأشكال ..
2- يمنع الإقتراب من أحد أفراد عائلة جوليا ، ويمنع الإقتراب من منزها بشكل عام ..
3- يمنع عليكم الإختلاط بالآخرين ويفضل الجلوس بإنفراد دائما ، لكن ثلاثتكم تستطيعون التحدث مع بعضكم البعض ..
4- إذا حاولتم تتبعي وإكتشاف شخصيتي فالموت سيكون مصير صديقتكم ..
5- أوامري يجب أن تنفذ بحذافيرها ويُمنع عليكم ستر بعضكم البعض _ كما حدث اليوم _ ..
6- لو شعرت بحركة تمرد واحدة فلن أتردد في عقوبة جوليا ..

هذه هي شروط لعبتي ، ولدي ملاحظات أحب توضيحها لكم :
1- أنتم مراقبين أربعا وعشرين ساعة ، لذا لا تظنوا أن بإستطاعتكم التصرف بحرية _ وبالطبع سمعت حواركم للتو ، وسأتغاضى عن الأمر هذه المرة _ ..
2- إتصالاتكم ومكالماتكم مراقبة لذا لن تستطيعوا إخبار أحد بالأمر ..
3- في الشرط الأول حين قلت ( يمنع التصرف بطريقة تثير الشك ...) قصدت بذلك محادثات غامضة ، أو رسالة ورقية وما إلى ذلك ..

أتمنى لكم أياماً سعيدة معي
ترقبوا أوامري القادمة فما هو آتٍ أجمل بكثير
))

أنهيت قراءة الرسالة وأخذت أتلفت يمينا وشمالا ، وأنا أشتعل غضبا ، حتى خُيل إلي أن دخانا سوداء تتصاعد أعلى رأسي ..
سمعت روز تقول : ماذا بك يا ياماتو ؟؟
أريتهم الرسالة وأنا أتمتم بغضب : إنه يتلاعب بنا تبا له !!
قال سوبارو : يجب أن نكون نحذرين للغاية حتى لا تتأذى جوليا ..

قالت روز والدموع متحجرة في عينيها : لماذا يحدث هذا لنا ؟؟
صمتنا ولا أحد منا يمتلك جوابا لسؤالها ..
وقفت روز بهدوء لتقول بعدها بإنفعال وهي تشير إلينا : أنتما السبب فيما يحصل ..
توسعت بؤبؤة عيني بإندهاش قائلا بإستنكار : ماذا ؟؟ نحن السبب !!

هزت رأسها بإيجابية وهي تصرخ غاضبة : لو أننا لم نصبح أصدقاء لما كان ليحصل هذا لنا ، تبا لكما ..
هنا وقف سوبارو وقال بغضب مشابه لغضبها : لا تلقي باللوم علينا ، ثم أنني أظن المختطف قد يبغضكما ونحن من تورطنا معكما لأننا صديقين ..

شعرت أنني إذا لم أوقفهما الآن فستحل كارثة ..
لذلك وقفت بينهما قائلا : إهدئا قليلا ، فالجدال لن يجدي نفعا الآن ، ففي نهاية المطاف كلنا قد تورطنا وانتهى الأمر ..

صمت كلاهما ، لكنهما كانا يحدقان في بعضيهما بحدة .
لم أتعجب كثيرا من غضب روز ،فهي سريعة الغضب دائما ..
لكنني متعجب كثيرا من سوبارو ، ويبدو أن جوليا تعني له الكثيير ..

***

~ جودي ~

مرت ثلاثة أيام ولم تصلنا أي خبر عن جوليا ، أبي أخذ يكثف البحث والتحقيق ، وأمي المسكينة طريحة الفراش منذ أن سمعت بضياع ابنتها ..

الغريب أننا لم نتلقى أي إتصال ولم نطالب بأي فدية ..

لم أذهب اليوم إلى المدرسة ، فأنا لا يمكنني ترك والدتي المريضة وحدها ، وأبي مشغول كثيرا ولا يمكنه المكوث مع أمي في المنزل ..

بينما كنت مستلقية على الأريكة أفكر في جوليا ، وأتذكر شجاري الدائم معها ، قاطع حبل أفكاري صوت جرس الباب ..

تسائلت في نفسي عن هوية الطارق ..
لأقف بعدها بتثاقل متوجهة نحو الباب ..


فتحت الباب وعندما لمحت الزائر تقوست شفتاي للأسفل ، لأقول بملل : ماذا تريد يا زاك ..
نظر إلي زاك قائلا : ألن تسمحي لي بالدخول ؟؟
قلت غاضبة : إذا لم يكن لديك شيء تخبرني به ، فاغرب عن وجهي حالا ..


نظر إلي بنظرات متألمة وهو يقول : قاسية كعادتك ..
كدت أغلق الباب في وجهه ، فإنا لا أطيق رؤيته مطلقا ..

لكنه دفع الباب بقوته ليدخل إلى المنزل ، ثم قال : أردت أن أسألك لماذا لم تحضري اليوم إلى المدرسة ؟؟
وأخذ يتفحص ملامحي ليردف بعدها بقلق : تبدين شاحبة الوجه ، هل أنت مريضة ؟؟
قلت وأنا أشيح بوجهي بعيدا عنه : لا شأن لك ، فلتخرج حالا من فضلك ..

لمحت أمي وهي تخرج من الغرفة بوجهها الشاحب وعينيها الذابلتين وبالكاد تُسند جسدها بالجدار، وأخذت تتمتم : هل عادت جوليا للتو هل عادت إبنتي أخيراً ..

هرولت بإتجاهها ، وأمسكت بها قائلة بحنان : أمي عودي إلى فراشك أرجوك .

أبعدتني عنها بغضب ،لتتهاوى بعدها على الأرض كورقة ضعيفة وأخذت تصرخ والدموع تسيل على وجنتيها كنهر جاري : أريد أن أرى إبنتي ، أريد رؤيتها ، إلى أين ذهبت ؟؟

إحتضنتها وهي جالسة على الأرض وأخذت أحاول تهدئتها : أمي جوليا بخير وأنا واثقة من هذا ، أبي سيجدها بكل تأكيد ، ثقي به أرجوك فهو يبذل أقصى جهده للبحث عنها ، ورؤيته لكِ بهذا الشكل سيحزنه ، لذا تماسكي قليلا يا أمي ..


أخذت أمي تجهش بالبكاء كالأطفال ، وصوت شهقاتها العالية يمزق أوتار قلبي ..
بقينا على هذا الحال قُرابة ربع الساعة ، بعدها غطت أمي في النوم على حضني ..


رفعت رأسي لأرى زاك الذي نسيت أمره كان ينظر إلينا بإستغراب والفضول يملأه ..

زفرت بضيق لأقول له بنبرة آمرة : ساعدني في حمل أمي إلى سريرها ..
حملنا أمي وأعدناها إلى سريرها وأطفأت الأنوار ، خرجنا بعدها من الغرفة وأغلقت الباب بهدوء ..

- إشرحي لي ما يحصل ..
هذا ما قاله زاك بعد خروجنا مباشرةً ، يبدو أنه لم يستطع الصبر أكثر ..

أجبت عليه ببرود : أمور عائلية لا شأن لك بها ..
- هل حقا ضاعت أختك الكبرى جوليا ؟؟

صرخت غاضبة : قلت لا شأن لك أيها المتطفل ، ألا تفهم !!
تقدم إلي بضع خطوات قائلا : جودي لا تغضبي ، كل ما هنالك أنني قلق عليك ..

أشرت بسبابتي نحو الباب المؤدي إلى الشارع : أخرج من منزنا ، لا أريد منك القلق علي ، أنا لا أحتاج إلى قلقك ، أغرب عن وجهي حالا ..


أخذ يتأملني بهدوء دون أن ينطق بحرف ، نظراته أربكتني حقا ، وأخذت أشتت أنظاري هنا وهناك ، لكن مهما حاولت تظل عيناي تقعان عليه مرارا وتكرارا ..
زفرت بضيق قائلة : زاك غادر أرجوك ..
زاك : لقد كلفت أحد أصدقائي اللذين في صفك بتسجيل الملاحظات حتى يسعك نقلها ..

ثم مد إلي دفتر الملاحظات منتظرا مني أخذه ..
ضربت يده ليسقط دفتر الملاحظات أرضا ، وأخذت أقول بإنفعال وغضب : أنا لا أريده ، ولست بحاجة إليه ، كل ما أريده هي أختي جوليا ، دفتر الملاحظات لن يفيدني في إيجاد جوليا ، ووجودك هنا لن يفيدني كذلك ، أغرب عن وجهي حالا ..


قال بخوف والقلق بادٍ على محياه : جودي فهمتك ، لكن لا تبكي أرجوك فجودي التي أعرفها قوية وصامدة ..

أبكي !! ماللذي يقوله ؟؟
رفعت يدي إلى خدي لأجد أنها مبللة ، ياللسخرية !! لقد بكيت دون ان أشعر ..
لم تعد قدماي قادرة على حملي أكثر ، سقطت على الأرض بضعف ، رأيت زاك يتوجه إلي ويقول شيئا ما ، لكني لم أسمع ما قاله ، فقط رأيت شفتيه تتحركان ، وشيئا فشيئا أصبح الظلام يحل ، حتى أظلم المكان حولي تماما ..


***.




~ زاك ~

حملت جودي من على الأرض ووضعتها على الأريكة ، هذه الفتاة العنيدة مصابة بالحمى كثيرا ..
لم أفهم كثيرا عن وضعهم ، لكنني أدركت أن أختها الكبرى جوليا مختطفة أو ضائعة ..
ويبدو أن جودي مرهقة كثيرا بسبب إعتنائها بوالدتها ..

أخذت أفتش المكان بحثا عن المطبخ ، وعندما وجدته وضعت ماءً باردا في سطل كبير ، بعدها أخذت معي منشفتين نظيفتين ..
أصبحت أحاولت تخفيف حرارتها بوضع المنشفة المبللة بالماء البارد على جبينها ، وعندما تصبح ساخنة أبدلها بأخرى ..

أخذت أتأمل ملامح وجهها ، من يراها الآن لا يظن أبدا أنها ذات لسان سليط وحاد ، فهي أشبه بلبوة برية تكشر عن أنيابها لمن يقترب منها ..

لكن مع ذلك فأنا أحبها حقا ، وهي تجرحني كثيرا بصدها لي ، وقد إعترفت لها عدة مرات لكنها ترفضني بقسوة ، لكن ذلك لا يثبط من عزيمتي إطلاقا ، وأنا مصر عليها وسأظل أحبها ..


قطع تأملي صوت جرس الباب ، فتحت الباب لأجد أمامي فتاة ترتدي زي المدرسة الثانوية وشابين خلفها ..

شعرت أنني رأيتهما قبلا ، اووه صحيح لقد رأيتهم في محل أبي إنهم أصدقاء أخت جودي ..
سمعت روز تقول : من أنت ؟؟ وماذا تفعل هنا ؟؟
أجبت بهدوء : أنا زاك صديق جودي ..

تقدم الشاب الوسيم واللذي كان يُدعى ياماتو على ما أذكر وقال : صحيح أنت زاك المعجب بجودي ..
ضحكت بهدوء دون أن أقول شيئا ..

تقدم الثلاثة ودخلوا إلى المنزل ، قالت روز : أين أهل المنزل ؟؟
قلت وأنا أشير إلى الأريكة التي تنام عليها جودي : كما ترون جودي مريضة وكذلك والدتها ، أما والدها فيبدو أنه في العمل ..
نظر إلي الرجل الملفوف بالضمادات وقال : ماذا تفعل هنا يا فتى ؟؟

أجبت بصراحة : لقد غابت جودي عن المدرسة وكنت هنا لأسلمها دفتر الملاحظات ..
وضع ياماتو يده على رأسي وقال مبتسما : أنت فتىً جيد حقا ..

قلت بتوتر وأنا أنقل ببصري إليهم : أممم هل تعلمون ما حدث لصديقتكم جوليا ..
تبادل الثلاثة النظرات بينهم قليلا ليقول بعدها ياماتو : وكيف تعلم أنت يالأمر ؟؟
- لقد أخبرتني جودي ..
أخذ الثلاثة يتهامسون فيما بينهم ، والقلق بادٍ على ملامحهم ..
لم أستطع سماع ما يقولونه ، على الرغم من أنني أرغب في سماعهم حقا ..

بعد مدة إلتفتوا إلي وقالت روز : كيف حال جودي الآن ؟؟
أجبت بضيق : كما ترون هي طريحة الفراش ، ووالدتها ليست بأفضل منها حالا ..
تقدم ياماتو إليها وقال وهو يتأملها : يبدو أننا يجب أن نحملها إلى المشفى ..

لكن ذو الضمادات قال : ياماتو لقد قلنا أننا لن نتأخر ، فأنت تعلم أن ما نقوم به مخالف لشروط اللعبة ..
ياماتو بضيق : لكنها تبدو مريضة حقاً ..
الفتاة : لندع أمرها لهذا الفتى ولنصعد إلى غرفة جوليا ..


زفر ياماتو وقال وهو يلتفت إلي : زاك أرجو أن تعتني بها جيدا حتى تُشفى ، نحن منشغلون قليلا الآن ..
قلت له : لا تقلقوا سأعتني بها جيدا ..
إبتسم في وجهي إبتسامة جذابة وقال : لو علمت جودي بأنك اهتممت بها وقت مرضها فستحبك فعلا ..
خجلت مما قاله ولم أجب عليه ، بينما هم صعدوا السلالم ويبدو أنهم متجهين إلى غرفة جوليا ، لكن لماذا ؟؟

***


~ سوبارو ~

على الرغم من أن ما نقوم به مخالف لشروط الخاطف ،إلا أننا قررنا زيارة منزل جوليا لنفتش غرفتها ، علنا نجد شيئا يقودنا إلى المختطف ..

وبالطبع لم نأتي هنا إلا بخطة ، لقد توجهنا إلى منزل روز بسيارة ياماتو ، ودخلنا إلى منزل روز ، وأخذنا نارقب المكان بحثا عن أحد ما يراقبنا ، لكن بعد أن تأكدنا أن المكان خالٍ تماما من أي أحد قد يكون جاسوسا ، أتينا إلى منزل جوليا المجاور لمنزل روز ..

مافعلناه كان عملا متهورا ، لكن هذا قد يفيدنا قليلا ..
وقفنا أمام الباب المعلق عليه تلك اللوحة التي كُتب عليها ( غير مسموح للحمقى بالدخول )


سمعت روز تقول : هل تعلمون أن هذه هي المرة الأولى التي سأدخل فيها إلى غرفتها ..
سألها ياماتو بإستغراب : ولماذا ؟؟ على الرغم من أنكما صديقتين منذ الطفولة ..

هزت كتفيها قائلة : لا أعلم لكنها لا تسمح لي بدخوله إطلاقا ..
قلت لهما : إذا لندخل الآن ونرى ما خلفها ..

أدرت مقبض الباب البني وفتحته ببطء ، كان المكان مظلما ، أضأت المصابيح لنندهش جميعا مما رأيناه ..

غرفتها لم تكن كغرفة فتاة في الثانوية ، كانت غرفتها متوسطة الحجم ، جدرانها مطلي بالرمادي ، في زاوية الغرفة سرير باللون الأبيض ووسائد رمادية ، بجانبه مكتبة صغيرة وكرسي ، والمثير للدهشة أن الغرفة مليئة بالكتب المرصرصة بإهتمام على تلك المكتبة الضخمة ذات اللون الأبيض ..


قالت روز : يالها من غرفة تثير إشمئزازي ، أينما إلتفت أرى كتبا ..
ضحكت وأنا أدرك أخيرا المقصد من تلك اللوحة المعلقة خلف الباب ، يبدو أنها مهووسة بالقراءة كثيرا ..
والأشخاص الذين يبغضون القراءة من أمثال روز لن يعجبهم الغرفة إطلاقا ، لكن جوليا لديها ذوق غريب حقا ..


سمعت ياماتو يقول : إبحثوا في الغرفة عن أي شيء قد يساعدنا ، فليس أمامنا الوقت الكثير ..
أخذنا نفتش الغرفة بأكملها ، روز أخذت تفتش خزانة ملابسها ، وياماتو يبحث في أدراج المكتب ، وأنا أبحث في الكتب وبين الرفوف ..



أثناء بحثي لاحظت أن جوليا لديها مجموعة من الروايات البوليسية ، وكتب لفنون القتال والعديد من الكتب الأجنبية العلمية ..

لم أظن أن فتاة مثلها قد تهتم لمثل هذه الكتب ، إنها غريبة حقا ..

بعد بحث طويل لم نجد شيئا قد يفيدنا ، لذا غادرنا المنزل ونحن مصابون بخيبة أمل كبيرة ..


***



~ جوليا ~

غابت الشمس ليُظلم زنزانتي ، إلا من الضوء الخافت الذي من خارج الزنزانة ..
كنت أجلس بجانب القضبان الحديدية فالمكان مضيء هنا قليلا ، وعيناي مثبتتان نحو ذلك الحارس الجالس في المقعد الموجود خلف المكتب ..


بقيت هنا ليومين وهذا هو اليوم الثالث لي ، حتى الآن لم أرى وجه الشخص الذي اختطفني ، ولا أعلم حتى أهدافه ..
في الصباح يقوم أحد الحراس على مراقبتي ، وعندما تغرب الشمس يأتيني شخص آخر غير الأول ..
الحارس في الصباح أمتع بكثير من هذا الحارس ، فهذا الاحارس أصلع الرأس ولم أسمع صوته قط ، فعندما أتحدث معه يتجاهلني وكأنني غير موجودة البتة ..
أما حارس الصباح فأنا أحب إستفزازه كثيرا ، وأشعر بالمتعة عندما أتشاجر معه ، ودائما ما ينتهي شجارنا بإنسحابي والإعتذار له ..


قلت مخاطبة للأصلع : هي أنت أنا جائعة اجلب لي الطعام ..
رفع بصره قليلا دون أن يتفوه بكلمة وبعدها عاد إلى هاتفه المحمول الذي يعبث به ..

أنا لا أتناول هنا إلا وجبتين ، وجبة الفطور والعشاء ، ولا يوجد ما آكله في الغداء ..
وطعامي عبارة عن القليل من الحساء والخبز الناشف وكأس ماء ، يبدو أنهم يرغبون في أن أتبع الحمية رغما عني ..

نظرت إلى الحارس مجددا وأنا مصرة على أن أسمع صوته ، قلت محاولة إستفزازه : أيها الأصلع لماذا لا ترتدي شعرا مستعارا ؟؟
لم يجبني ولم ينظر إلي حتى ..
أردفت بعدها : هل تعلم أن سيدك حكيم للغاية ، فلو أنك حرستني في الصباع لعكس رأسك الأصلع أشعة الشمس وآذت بصري ، أنا ممتنة له كثيرا ، أوصل سلامي إليه وقل أنني أحبه حقا ..

لم يجبني إلا الصمت ، يبدو أنه لا أمل من أن يتحدث ..

لكنني لست باللتي تيأس سريعا لذلك قلت مرة أخرى : لدي سؤال هل لديك عائلة ؟؟ وهل صلعك هذا وراثي ؟؟ هل سخر أحد منك قبلا ؟؟ أم أنني أول من سخرت منك ؟؟ لا تأخذ فكرة خاطئة عني فأنا لا أسخر منك ، نيتي حسنة لذا لا تغضب .حتى لو غضبت فليس لك الحق في ذلك فكل ما قلته واقعا ولم يكن من خيالي ،ماذا يوجد في هاتفك حتى تُبقي عينيك ثابتا عليه وتتجاهلني ؟؟ أريد أن أرى ما تفعله ..


على الرغم من كل هذه الثرثرة إلا أنه لا يزال صامتا ، ولم يكلف نفسه عناء النظر إلي حتى ..

عندها فضلت الصمت أنا الأخرى ، لأنه لا فائدة من كل ما أقوم به ..
مر الوقت ببطء شديد قطع هذا الصمت القاتل صوت صرير باب الغرفة ..
نظرت نحو الباب لأجد رجلا يُقبل نحو زنزانتي ويحمل بين يديه إمرأة لم أستطع تمييز ملامحها ..

فتح الأصلع باب الزنزانة ليلقي ذلك الرجل تلك المرأة أرضا ويقفل الزنزانة بعدها .

توجهت نحو المرأة وأنا غاضبة منهم كثيرا ، كيف لهم أن يعاملوا أنثى بهذا الشكل القاسي !!

وضعت رأس تلك الأنثى في أحضاني ، وأبعدت خصلات شعرها عن وجهها ، ليتضح لي بعدها ملامحها ، وأدركت مباشرة أنها ممرضة المدرسة ..

أخذت أضرب وجنتيها بخفة محاولة إيقاظها بعد أن أدركت أنها لا تزال حية من صوت أنفاسها ..
كنت أرغب في سؤال الأصلع عن سبب جلبهم الممرضة إلى هنا ، لكني متأكدة أنه لن يرد علي ، لذا لن أضيع وقتي في سؤاله ..

بعد دقائق أخذت الممرضة بفتح عينيها شيئا فشيئا ..
قلت بإبتسامة : الحمد لله أنك بخير ..
جلست بسرعة وأخذت تتلفت يمينا وشمالا وهي تقول : أين أنا ؟؟ ومن أنت ؟؟ ومن جلبني إلى هنا ..
- أنا جوليا يا آنسة يومي وأنا طالبة في المدرسة التي تعملين فيها ..
- وأين أنا الآن ؟؟

قلت لها : ألا تتذكرين ما حصل معك ؟؟
- كل ما أتذكره أنني كنت عيادة المدرسة ، وبعدها لا أتذكر ما حصل ..

إذا فقد تم إختطافها بالطريقة ذاتها ، لكن لماذا نحن الإثنتان ؟؟
وقفت الآنسة يومي وأمسكت بالقضبان المعدنية وأخذت تقول للحارس : أيها السيد الجالس هناك أخبرنا أين نحن ؟؟ ولماذا تحبسوننا هنا ؟؟

لم يجبها وظل صامتا ، قلت لها : آنسة يومي لاا تحاولي ، فيبدو أنه أخرس لا يستطيع الكلام ..

إلتفتت إلي قائلة : إذا هل تعرفين أين نحن يا جوليا ؟؟
أجبت عليها : في الواقع أنا لا أعلم أين نحن ، كل ما أعرفه أنه قد تم إختطافنا ..

بدأ الخوف يتسرب إلى قلبها ، وهذا كان ظاهرا على وجهها ..
قات محاولة طمأنتها : أرجوك يا آنسة يومي لا تقلقي ، فأنا متأكدة من أن أحدا ما سينقذنا ..

قالت والدموع متحجرة في عينيها : هل أنت واثقة ؟؟
قلت بإبتسامة عريضة : كل الثقة ..

رفعت يدها إلى عنقها وأخذت تتلمس عنقها وكأنها تبحث عن شيء ما ، بعدها أصدرت شهقة عالية وهي تقول : قلادتي !! أين قلادتي ؟؟
بدأت تبحث عنها على الأرض ، وهي تتمتم بطريقة هسترية : قلادتي أين هي ، يجب أن أجد القلادة ....

قررت مساعدتها في البحث ، لكننا لم نجد شيئا ، إنفجرت الآنسة يومي بالنحيب عاليا ، يبدو أن قلادتها ثمين حقاً ..
نظرت إلى الحارس قائلة : أيها الأصلع إبحث عن قلادة الآنسة أرجوك ..
لم يعرني إهتماما وهذا أغضبني ، إلتفت إلى الآنسة يومي وأخذت أحاول تهدئتها لكن دون جدوى ..

بعد دقائق فُتح باب الغرفة مجددا ، ودخل منها حارس الصباح ، وقام بفتح الزنزانة ليقول لي : جوليا تعالي معي ..
لا أعلم لمَ ، لكنني شعرت بالتوتر والقلق ، خرجت من الزنزانة برفقته وهو خلفي ..

قلت له : لم يحل الصباح بعد لماذا أتيت ؟؟ هل إشتقت إلي ؟؟
لم يجبني وخرجنا من الغرفة ، لأجد نفسي في ممر ضيق ، أشار إلي بالدخول إلى الغرفة المجاورة ، وعند دخولي كانت الغرفة خالية تماما ، وفي منتصفها كرسي حجري ..

قال لي الحارس : إجلسي هنا ..
جلست عليها وأنا أترقب ما سيفعله ، رأيته يربطني بالمقعد حتى لا أستطيع الحركة ، وربط يدي في مكان وضع اليدين ، بعدها أغلق عيناي بقطعة قماش ..

قلت والخوف يتسرب إلى داخلي : ماذا ستفعل أيها الأحمق ؟؟
قال لي : أنا لا أكرهك لكنها أوامر السيد ..


شعرت به يمسك بكفي الأيمن ، وما هي إلا ثواني معدودة حتى أطلقت صرخة تردد صداها في أرجاء الغرفة ..
لقد قام بخلع ظفر إبهامي ، شعرت وكأن روحي قد انترعت معه ..
أخذت ألهث ألما ، لكن لم أستطع إستيعاب الأمر إلا وشعرت به يخلع ظفري الآخر ..
وبعدها تلتها جميع أظافر يدي ظفرا ظفرا ..

مع كل ظفر يقتلعه كنت أصرخ متألمة ، وألتوي ألما في مكاني ، لكن ولأنني مثبتة على هذا المقعد الحجري لا يسعني الحركة جيدا ..

أخذت جميع أصابع يدي بالألم ، كنت أحاول جاهدة كبت دموعي ، لن أبكي أبدا ولن أضعف ..

ثواني شعرت بأن أصابعي تحرقني بشدة ، هذه المرة أطلقت صرخة أعلى من سابقتها ، وأخذت أتلوى بألم أكبر ..
قمت بعض شفتي السفلي من شدة الألم ، وبعدها بدأت أحس بطعم الدم في فمي ، يبدو أنني قد قمت بعضها حتى جرحتها ..
لكن الألم الذي أشعر به في أطراف اصابعي كانت أكبر ، كانت تحرقني بشدة ، يبدو أنهم قد وضعو كلتا يداي في حامض الليمون ، فهذا الشعور هو ذاته الشعور عندما أجرح في يدي ثم أعصر الليمون ..

لا أعلم لماذا يفعلون هذا بي ، لماذا يرغبون في تعذيبي ؟؟

بعد دقائق أحسست بذلك الحارس يقوم بفك وثاقي حتى أصبحت قادرة على الوقوف والتحرر من المقعد ..
لكنه قام بربط يداي إلى الخلف مجددا ، وحتى الآن أنا لازلت لا أرى شيئا ..
لكن ما أعلمه أن االتعذيب لم ينتهي حتى الآن ..

بقيت واقفة في مكاني أترقب ما سيأتيني من مفاجئات ..
دقائق وشعرت به يسكب شيئا على رأسي ، لكنه لم يكن ماءً أو أي مائع ، لقد كان شيئا غريبا ، لم أعرف ما هو ..


ثواني وشعرت بشيء يسير على قدمي ، وآخر على يدي ووجهي ..
إنتفضت من مكاني ، وبدأت الركض كالمجنونة ، شعرت أنه مجموعة من الحشرات المقززة ..
أخذت أدور حول الغرفة وأنا لا أرى سوى الظلام ، وأتخبط بالجدار ، شعرت بغيظ شديد ، وددت حقا أن أقتل المسؤول عن هذا ..


سرت بخطوات مترددة نحو الأمام وأنا أشعر بحركات غريبة عند قدمي ، لم أنتبه إلا عندما تعثرت وسقطت على رأسي بقوة ..
أدركت أنني تعثرت بذلك المقعد الحجري لذا سقطت أرضا ..
رفعت رأسي وأنا أتأوه بألم ، وشعرت بسائل يسير على وجهي ، أدركت أن رأسي ينزف أثر السقوط ..

لم يعد لدي المزيد من الطاقة ، ولا جدوى من الركض فأنا بهذا أوذي نفسي لا غير ..
وقفت ساكنة في مكاني وعندما أشعر بشيء يتسلق قدمي ما علي إلا نفض قدمي ..
الظلام الألم الخوف كان يستوطنني لكني عاجزة عن فعل شيء ، لو كان البكاء سينهي كل هذا لبكيت لكن لا أظن ذلك ، وإنما سيزيد من سعادة المختطف لذا لا ولن أذرف دمعة حتى لو أنني أتمزق ..


بعد فترة ليست بالطويلة سمعت صرير الباب ، أخيرا جاء الفرج على ما أظن ..
سمعت صوت الحارس يقول : هيا تعالي إلى هنا يا جوليا ..
تمتمت غاضبة : أنا لا أستطيع الرؤية لذا لا أعلم أين أنت ..

سمعت صوت تأففه علامة الضجر ، وشعرت به يقترب مني ويمسكني ، ثم سرنا معا وأنا واثقة أنه سيعيدني الآن للزنزانة ..

وعندما سمعت صوت قفل باب الزنزانة تأكدت من ذلك ..
أتاني صوت الآنسة يومي تقول بقلق : جوليا ماذا حل بك ؟؟

نزعت الآنسة يومي العصبة التي تغطي عيني ، نظرت إليها مبتسمة وأنا أقول : لا تشغلي بالك يا آنسة يومي ، أنا بخير ..
قالت بحدة : كفاك كذبا ، إن رأسك ينزف وأنت تقولين أنك بخير !!


وقفت بعدها خلفي محاولة فك الحبال التي تقيدني ، لكنها شهقت عاليا بشكل أرعبني ..
قلت لها : آنسة يومي ماذا بك ؟؟

قالت وهي تنظر إلي برعب : أظافرك !! ماذا حل بها ؟؟
زفرت بضيق قائلة : آنسة يومي فكي وثاقي فهذه الحبال بدأت تؤلمني ..


قطعت الآنسة يومي الحبال ، وعندما نظرت إلى أصابعي كانت مفزعة حقا ..
أعادت الآنسة يومي السؤال : جوليا من فعل هذا بك ؟؟
قلت لها بإبتسامة هادئة : يجب أن أوقف نزيف رأسي أولا ..
- اوه صحيح ، تعالي معي ..

توجهنا إلى دورة المياه الضيقة والقذرة ، وأخذت الآنسة يومي بغسل رأسي وبعدها ربطت مكان الجرح بقطعة قماش مزقته من ملابسها جهة الأكمام ..


بعدها خرجنا وجلست كلتانا على الأرض ، وأنا مدركة تماما لنظرات الآنسة يومي ، لكني كنت أتجاهلها عن عمد ..

بقينا صامتتين لدقائق وكلتانا تفكر في أمر مختلف ، أنا كنت أفكر عن سبب تعذيبهم لي بهذا الشكل ؟؟ لماذا قاموا بذلك يا ترى ؟؟

قطع حبل أفكاري صوت الآنسة يومي المرتعش وهي تقول : هل سيحصل لي مثل ما حصل لك ؟؟ هل سيقومون بتعذيبي أيضا ؟؟

إحتضنتها بحنان محاولة طمأنتها ، وهمست في أذنها بصوت خافت : لا تخافي يا آنسة يومي لن أسمح لهم بالإقتراب منك ، ثقي بي ..
لكنها قالت بصوت باكي : لن تستطيعي عمل شيء يا جوليا فأنت لست سوى فتاة في الثانوية ، لن تستطيعي منعهم ، سيعذبونني بكل تأكيد ..


مسحت ظهرها بكفي بحنان علِّي أشعرها بقليل من الأمان ، وأنا أقطع على نفسي عهدا أن لا أسمح لهم بالإقتراب منها مهما كلف الأمر ..


ليس الأمر وكأنني كنت أعرفها منذ مدة طويلة لذلك أحاول طمأنتها ، وليس الأمر وكأننا كنا صديقتين مقربتين حتى أحميها ، لكني وبعد أن ذقت هذا العذاب أيقنت أن المسؤول عن اختطافنا شخص عديم الرحمة ، وأي أنثى لا يمكنها تحمل مثل هذا الألم ..
والآنسة يومي لن تتحمل هذا أبدا ، لذا سأحاول جاهدة منعهم من الإقتراب منها ..


نظرت إليها لأدرك أنها قد غطت في النوم على حضني ، يبدو أنها متعبة كثيرا ..

- ألا يجدر لهذه المرأة أن تقوم بتهدأتك ، لا أنت التي تهدئينها ..
رفعت بصري نحو الحارس الأصلع ، لقد تحدث نعم تحدث !! من يصدق ذلك ؟!!
أملت فمي بسخرية وقلت : ظننتك أخرسا أيها الأصلع ..

قال وهو يحدق فيني بغموض : ألا يجدر بك البكاء والنحيب ؟؟ أم أن هذا التعذيب لم يؤثر فيك وتريدين عذابا أشد؟؟

أشحت ببصري بعيدا قائلة : لا شأن لك ، لكن أخبر رئيسك أنني لن أدعه يفلت بفعلته هذه ..
لم يرد على ما قلته ، وأنا لم أقل شيئا بعدها ، وغرقت بعدها في النوم متمنية أن يكون ما حصل ليس سوى حلم مزعج ..


***

~ روز ~

يوم جديد وجوليا لا أثر لها ، جلست على مقعدي بملل ، حتى سوبارو لم يأتي بما أنه تم فصله لأسبوع ..
إذا سأظل اليوم وحيدة !!

في الواقع ليست هذه المرة الأولى التي أكون فيها وحيدة ، ففي العامين الماضيين كنت كذلك ، لأن جوليا كانت قد انتقلت إلى مدينة أخرى مع عائلتها ، ولكن هذه المرة أحسست بوحدة أكبر ولست أفهم حقاً لم ..

تذكرت أن أتصفح درج طاولتي ، علي أجد شيئا من المختطف ..
وبالفعل كنت قد وجدت قرصا بالإضافة إلى رسالة ..

فتحت الرسالة (( لا تلوموني بل لوموا أنفسكم لمخالفتكم أمري ، إذا فعلتم شيئاً ثانيةً فسيكون العقاب أشد من هذا ، استمتعوا بمشاهدة القرص ))

قطبت حاجباي بإستغراب ، هل يمكن أن يكون قد علم بأننا ذهبنا إلى منزل جوليا وخالفنا أوامره ؟؟
لا هذا مستحيل ، فنحن قد تسللنا خلسة ولم يرنا أحد ..

طوال اليوم المدرسي وأنا أفكر في مقصده ، وكلي فضول لمعرفة ما يوجد في القرص ..
لكن المشكلة تكمن في أنني لا أمتلك حاسوبا ، إذا كيف سأشاهد محتواه ؟؟


في الحصة الرابعة كانت المعلمة راي لدينا ، وطوال الوقت أشعر بأنها تنظر إلي ، لكنني كنت أتجاهلها ، شيء ما يرعبني فيها ، إنها تذكرني بأحد ما لكن لا أعلم من يكون ، كما أنها تذكرني بذلك اليوم السيء ..


نفضت الأفكار من رأسي ، لا أريد تذكر شيء حتى لا أضعف ..
بعد إنتهاء الدوام ، وضعت القرص في حقيبتي ، وتوجهت خارج المدرسة ..


تفاجأت حين رأيت سوبارو الواقف بإنتظاري عند البوابة الرئيسية للمدرسة ، كان مستندا بجسده إلى الجدار ..

وقفت أمامه وقلت بسعادة ممزوج بالتساؤل : سوبارو !! ماذا تفعل هنا ؟؟
قال سوبارو : أردت أن أعرف ما إن حصل أي أمر جديد يخص موضوع جوليا ..
قلت وأنا أتدكر القرص والرسالة : صحيح لقد وصلتني رسالة بالإضافة إلى قرص مدمج ..

قمت بإخراج الرسالة والقرص ومددتها إليه ، أخذ مني الرسالة وعندما قرأه قطب حواجبه بضيق ..

قلت بتوتر : هل تظن أن المختطف قد رآنا ونحن متوجهون إلى منزل جوليا ؟؟ أنا قلقة عليها حقا ..
قال لي سوبارو : سآخذ هذا القرص لأشاهد مافيه و بعدها سأخبرك ..
خبأت القرص خلفي وقلت : لا سنشاهده معا ..
- إذا لنذهبت إلى منزلك ونشاهده ..

قلت محرجة : أن لا أمتلك حاسوبا ، لم لا نذهب إلى منزلك ؟؟
أجابني بصرامة : مستحيل ..

نظرت إليه متسائلة ، بالتفكير في الأمر نحن لم نزر منزله قبلا ، ولا نعلم عنوانه حتى ..
إنه شخص غامض حقا !!



توقفت سيارة سوداء أمامنا ، وفُتحت النافذة الخلفية ليظهر منها ياماتو وهو يقول : اصعدا هناك شيء يجب أن نشاهده ..

أيقنت أن القرص قد أُرسل إليه كذلك ، لذا صعدنا السيارة دون أن نقول شيئا ..

قال ياماتو وهو يمسك بحاسوبه : لقد وجدت قرصا في درج طاولتي ، وبعدها طلبت من السائق أن يحضر حاسوبي عند مجيئه حتى نشاهده معا ..


أدخل القرص في الحاسوب واتضح لنا أن فيها فيديو واحد فقط ..
لا أعلم لماذا لكنني شعرت بالخوف والقلق ، فتح ياماتو مقطع الفيديو ، لتظهر لنا جوليا وهي مربطة على مقعد حجري ، وهناك رجل يقف بجانبها ..

قلت بذعر : إنها جوليا ماذا سيفعلون بها يا ترى ؟؟
ياماتو : سنعرف الآن ..

جلس الرجل على ركبتيه وأمسك كف جوليا اليمنى ، وكان في يده شيئا لم أعرف ما هو لأن الصورة لم تكن واضحة ، فجأة علت صرخة جوليا ..

قلت بخوف : ماذا حصل لها ؟؟ لماذا تصرخ ؟؟
سمعت بعدها صرخة أخرى ، أعدت السؤال وأنا أكاد أبكي خوفا عليها ..
سمعت سوبارو يقول : ذلك الرجل اللعين إنه يقوم بقلع أظافرها ..


شهقت بخوف وأخذت أدقق في الرجل وبالفعل كما قال سوبارو ، إنه يقتلع أظافرها بوحشية ، ومع كل ظفر يقتلعها كانت جوليا تصرخ بشدة ..

لم أستطع الإحتمال أكثر وأخذت أبكي بشدة ، لم أتحمل سماع صريخها أكثر أغلقت أذناي ، فبمجرد تخيل الألم الذي تشعر به أصبح جسمي يرجف فكيف بجوليا ..



أخذت أشهق بصوت عالي ودموعي كنهر جاري يأبى التوقف ، فجأة هدأت صرخاتها ، وأيقنت أن عذابها قد انتهى ..
نظرت لأرى ماذا حل بها ، وجدتها ساكنة لم تبكي حتى ، رأيت الرجل يقرب سطلين متوسطين الحجم وفيها سائل ما ، وبعدها غمر كفيها فيه لتصرخ جوليا عااليا بشكل أقوه هذه المرة ، وهي تنتفض في مكانه وتتلوى ألما ..

قلت وسط دموعي بهستيرية: ما بها ؟؟ ماذا فعل بها ؟؟
قال ياماتو ويبدو على ملامحه الألم : يبدو أنه قد غمر يدها بحامض الليمون فكما تعلمين هذا يزيد من الحرقة ..


صرخت بغضب وأنا أضرب باب السيارة بقبضتي : متوحشون متوحشوون لن أسامحهم على فعلتهم أبدا ..
سمعت سوبارو يقول بغيظ : أنظروا لا أظن أنه قد انتهى لا زال هنالك المزيد ..

همست متألمة : المزيد !! ألم يكفهم هذا ؟؟
مسحت دموعي وعدت أنظر لشاشة الحاسوب ، رأيت الرجل يحمل سطلا كبيرا به أشياء لم أعرف ما هو ..

وبعدها سكبه على رأس جوليا الساكنة في مكانها ، شهق ثلاثتنا معا عندما علمنا أنه سكب مجموعة من الحشرات على رأسها ..

سرت قشعريرة على جسدي من شدة إشمئزازي ، نظرت إلى جوليا المسكينة والتي بدأت تتخبط هنا وهناك والحشرات من حولها ..
كان الأمر مقززا للغاية ، جوليا المسكينة عانت كل هذا بسببنا ..

أخذت أشهق بصوت عالي ، لماذا يفعلون بها هذا ؟؟ لماذا يجب أن تعاني ؟؟ نحن من خالفنا أوامره وليست جوليا ، نعم جوليا لا شأن لها أبدا..


لم أظن أبدا أنني سأراها تتعذب وليس بيدي أي شيء سوى النظر والبكاء ..
بعد دقائق شعرت بيدين حانيتين تلتف حولي ، لأدرك بعد ثواني أنني في أحضان ياماتو ، دفعته بعيدا وأقول بخوف : لا تقترب مني ..


أخذ الإثنان ينظران إلي بإستغراب ، فيما تابعت وأنا أشير إلى سوبارو وسط دموعي : سوبارو أنت السبب فيما حل لها ، لو أنك لم تقترح علينا فكرة الذهاب إلى منزل جوليا لما حصل لها هذا ..

ياماتو : روز أعلم أنك حزينة بسبب ما حصل لجوليا ، لكن لا تلومي سوبارو وحده ، نحن جميعا السبب ..
سوبارو بهدوء : روز محقة يا ياماتو أنا السبب ، ظننت أننا لو تأكدنا من خلو المكان من المارة سنستطيع دخول منزلها من دون لفت الإنتباه ، لكنني أخطأت ..
ثم صمت لبرهة وأكمل بنبرة متألمة : وجوليا من دفعت ثمن خطإي ..


نهاية الجزء ..




رد مع اقتباس