part 8
دخلت إلى الصف و أنا أشعر بالإرهاق فأنا لم أتمكن من النوم ليلة البارحة ..!
كان ايثن أول شخص قابلته و قد نظر إلي بقلق : صباح الخير لينك .. لا تبدو بخير ..!
ابتسمت له بهدوء : صباح الخير مجرد ارهاق بسيط ..!
- وجهك شاحب .. كان عليك أن لا تأتي للمدرسة ..!
- انه امر لا يستحق أن أتغيب لأجله ..!
سرت ناحية مقعدي و تركت حقيبتي فوق الطاولة و هناك ربت على كتفي فالتفتت إليه لأجد نظراته الجادة تحدق بي : لقد كنت بخير في الأمس .. لكنك بدأت بالارتجاف فجأة منذ رأيت تلك الصورة .. أهناك شيء ما لينك ؟!..
شعرت بالتوتر لحظتها لكني قلت بهدوء : لا شيء حقاً .. أنها فقط تذكرني بشخص أعرفه ..!
قطب حاجبيه باستغراب : فقط ؟!..
ابتسمت له عندها : تتذكر حين أخبرتك أني عشت في ادنبره لفترة .. تلك السيدة تشبه المرأة التي اعتنت بي هناك .. لذا شعرت بالحنين لأن تلك المرأة كانت طيبة و لطيفة كثيراً معي ..!
ابتسم عندها : هكذا إذاً .. لا يمكنني أن ألومك إن كان الأمر هكذا ..! عموماً إن كان هناك شيء فلا تخفي الأمر عني .. نحن صديقان في النهاية ..!
صديقان ؟!.. تلك العبارة التي قالها كانت ذات تأثير عميق بالنسبة لي ..!
رغم أن ايثن لا يعرف شيئاً عني .. و لا عن مارسنلي فهو يستمر بمناداتي بالصديق طيلة الوقت ..!
اعتقد أن الأصدقاء الحقيقين هم من أمثاله .. انهم الأشخاص الذي يمكنك الثقة بهم دائماً ..!
شكراً .. ايثن : بالتأكيد .. نحن أصدقاء ..!
اتسعت ابتسامته اللطيفة حينها مع رنين الجرس : حسناً .. سأعود لمكاني الآن ..! إن لم تكن بخير فعليك العودة لمنزلك ..!
أومأت موافقاً عندها فسار هو ناحية مقعده ..!
اتمنى حقاً أن يمر باقي يومي على خير ..!
.................................................. .....
كنت شارد الذهن أفكر ببعض الأمور التي ترهقني ..!
أنا لا أزال غير مستوعب أني رأيت أدريان بالأمس ..!
لقد كان الأمر كالحلم .. لا بل كالكابوس !!..
- براون .. كف عن الشرود و ركز في الدرس ..!
التفت للمعلم الذي قال هذا بانزعاج فأيقظني من أفكاري لأجيبه عندها : حاضر ..!
عاد إلى اللوح وهو يتمتم بكلمات لا أسمعها و كأنه ضجر فهذه المرة الثالثة التي ينبهني فيها ..!
مضت بضع دقائق قبل أن يرن الجرس معلناً بداية وقت الاستراحة ..!
خرج المعلم من الصف وهو يقول : ايثن .. خذ الدفاتر إلى غرفة هيئة التدريس ..!
خرج الطلاب خلفه فوراً فوقت الاستراحة قد بدأ .. ماكس أيضاً ذهب من أجل شراء الفطائر بينما سرت ناحية ايثن و أنا أقول بابتسامة : هل أساعدك ؟!..
التفت إلي و ابتسم : لا عليك .. أنه عملي بما أني رئيس الصف ..!
- رغم ذلك فأنا مصر على مساعدتك ..!
- لا بأس إذاً ..! هلا أخذت تلك الأوراق إلى مجلس الطلبة بينما احمل الدفاتر إلى غرفة هيئة التدريس ؟!..
- بالتأكيد ..!
قلت هذا تلقائياً إلا أني تذكرت بأن ذلك المكان هو وكر ذلك الشيطان يوجين ..!
عموماً لا يمكنني التراجع الآن ..!
حملت تلك الأوراق التي كانت على طاولة المعلم و سرت خارج الصف ناحية غرفة مجلس الطلبة التي في نهاية الممر ..!
حين وصلت إليها طرقت الباب طرقتين ثم فتحته ..!
كانت غرفة مجلس الطلبة تشبه إلى حد ما تصميم الصفوف و بها طاولة كبيرة مستطيلة في المنتصف حولها مجموعة من المقاعد .. و في زاوية يوجد طاولة صغيرة خلفها مقعد واحد و عليها جهاز حاسوب مكتبي ..!
انها بسيطة و عملية للغاية ..!
غرفة مجلس الطلبة في مدرسة مارسنلي لم تكن غرفة بالمسمى بل قسم مستقل في المدرسة يحتوي على مجموعة من الغرفة حيث في كل غرفة ثلاث مكاتب فاخرة للأعضاء بينما يحضا الرئيس و النائب بغرفة خاصة كبيرة و فاخرة كمكتب رئيس في شركة .. و قد كانت هناك غرفة للحواسيب كذلك ..! اعضاء المجلس كانوا يعاملون معاملة خاصة في تلك المدرسة أيضاً ..! أما هنا فمثلهم مثل بقية الطلاب ..!
انتبهت إلى ذلك الشخص الذي يجلس على رأس تلك الطاولة يقلب في ملف معه .. أنه رئيس هيئة الطلبة ..!
يوجين ..!
أخذت نفساً عميقاً ثم قلت : أين أضع هذه الأوراق ؟!..
رفع بصره ناحيتي للحظات دون أي تعبير : من أين أتيت بها ؟!..
تجاهلت نظرة الازدراء في عينيه : احضرتها نيابة عن ايثن ..!
وقف عندها و اتجه ناحيتي ثم أخذ احداها و نظر إليها قليلاً ليقول : ضعها على تلك الطاولة ..!
اشار إلى طاولة الحاسوب المكتبي فسرت لأضعها هناك و حينها سمعت : آه صحيح .. سمعت من ريا أنكم ذهبت لمنزل ينار بالأمس .. أنه قصر فاخر أليس كذلك ؟!..
تجمدت مكاني للحظات فأنا غير مرتاح لنبرته الماكرة .. رغم ذلك أجبته ببرود قبل أن ألتفت إليه : أجل .. أنه كبير للغاية ..!
التفت ناحيته عندها لأجد ابتسامة غرور على شفتيه و هو يقول : لقد كان ذلك القصر لأحدى الأسر النبيلة ..! لكنه بطريقة ما صار لوالد ينار .. هل سمعت بالأمر ؟!..
ما الذي يلمح له هذا الشيطان ؟!..
رغم ذلك كنت لا أزال اسيطر على اعصابي و برودي : حقاً ؟!.. لم تخبرنا ينار شيئاً بهذا الشأن ..!
سار ناحية مقعده مجدداً : طبيعي .. لأنها لا تعلم عن هذا الأمر كما يبدو !!.. لقد أفلست شركة مارسنلي و كل من في البلد يعلم هذا ..! و لكن هذا لا ينفي أنهم من النبلاء لذا كان بإمكان فردهم الأخير استعادة مكانته متى شاء بدل الاختفاء فجأة ..! كثير من الأثرياء يريدون شرف اسم اسرته بطرق كالزواج مثلاً ..! ذلك الفتى الأحمق .. لو كنت مكانه لبحثت عن فتاة جميلة من تلك الطبقة و تزوجت بها ..!
كنت لا أزال أحافظ على هدوئي الذي أكاد أفقده ..!
لما تطرق للحديث عن مارسنلي الآن ؟!.. أهو يتعمد هذا أم أنها مصادفة في سياق الحديث ؟!..
ربما علي أن أجاريه : حقاً ؟!.. لم أعلم أنك من هذا النوع حضرة الرئيس ..! هل كنت ترجوا أنك ولدت في احضان الطبقة المخملية ؟!..
لحظتها نظر إلي نظرة ماكرة ذات مغزى : ما رأيك ؟!.. أترى أنها مكان يستحق المرء العيش فيه ؟!..
أغمضت عيني بهدوء و تجاهلت تلميحاته هذه : و ما أدراني ؟!..
قبل أن أقول كلمة أخرى دخل احدهم بسرعة : يوجين .. أعضاء نادي كرة السلة يسألون عن ميزانية ناديهم و إن كان قد تم زيادتها أم لا ؟!..
انتبهت تلك الفتاة لي عندها فابتسمت : مرحباً لينك .. تبدو بخير اليوم على عكس الأمس و هذا رائع ..!
انها هي !!.. أنها ابنة ادريان !!.. هذه الفتاة كانت تعانق أدريان بالأمس عناقاً حاراً !!.. تعانق الرجل الذي دمر حياتي !!..
توقف لينك .. لقد وعدت نفسك أن تتركها و شأنها !!.. لا تتورط مع أبيها مرة أخرى !!..
أشحت بوجهي بهدوء و أنا أقول : كنت مرهقاً فقط ..! أراك فيما بعد ..!
خرجت من غرفة المجلس التي جمعتي بشخصين مشاعري مضطربة تجاههما ..!
ينار و يوجين ..!
ما قصة هذا الشاب ؟!.. لما يلمح لي بهذه الطريقة ؟!..
أيعقل أنه يعلم الحقيقة ؟!..
مستحيل !!.. من أين له أن يكتشف أمري ؟!..
لا شك أنها مجرد مصادفة و حسب !!..
..................................................
جلست مع ريكايل .. سام .. ماكس .. ايثن و ريا على شكل دائرة في السطح كالعادة بعد أن ذابت الثلوج و بات المكان أدفأ من السابق ..!
تلقائياً بدأوا الحديث عن زيارتهم لينار بالأمس حيث هتف ماكس بحماس : لقد ضيعتم عليكم الكثير يا توأم براون .. تلك الحلوى التي أعدها الطاهي كانت اسطورية !!.. أنها كالحلويات التي تقدم في المقاهي الفرنسية الفاخرة التي لا يدخلها إلا النبلاء ..!
لم يضع علينا شيء ماكس .. فقد أكلت طيلة عمري من تلك الحلويات حتى انفجرت معدتي ..!
و حتى ريكايل زارها معي عدة مرات و اكتفى منها ..!
لكن ايثن نظر إلي بابتسامة وهو يقول : لكن المفاجأة كانت حين انضم ألينا والد ينار ..! لقد توترنا في البداية فهو يبدو شخصاً ثرياً و مترفاً بل و كأنه واحد من النبلاء ..! لكننا اكتشفنا أنه شخص مرح و لطيف كثيراً بل انه كان يتحدث معنا بتلقائية و ابتسامة بشوشة !!..
طأطأت رأسي بهدوء كي أخفي ملامح وجهي ..!
ايثن .. أنت لا تعلم بأن ها الشخص هو الشر بعينه !!..
لا تعلم بأنه قد نسف حياتي تماماً و أفسد الكثير من أحلامي !!..
لا تعلم بأنه خان من احسن إليه في الماضي !!..
اني أكرهه .. أكرهه بحجم هذا الكون الواسع !!..
سام نطقت عندها بنبرة حالمة : والد ينار وسيم للغاية !!.. انه في ريعان الشباب و من يرى ينار معه سيظنها شقيقته الصغرى لا ابنته !!.. انه يدللها كثيراً بالأقوال و الأفعال ..! هنيئاً لها به !!..
هنا كان رايل هو من علق بابتسامة : حقاً ؟!.. يبدو أنه شخص متواضع رغم ثروته ..! أعتقد انه مثال جيد لكل الأثرياء ..!
وافقه الجميع على كلامه بينما لم أجد أن علي سوى الصمت ..!
فلو نطقت بحرف فقد أندم على ما سأقوله طويلاً ..!
.................................................. ..