رد: موعظة جليلة موعظة : عِبَادَ اللهِ مَا نَدمَ مَنْ أَطَاعَ اللهُ فِي أَيِّ وَقْتٍ كَانَ ، وَلا عَادَتْ الطَّاعَاتُ عَلَى صَاحِبِهَا إِلا بِالخَيْرِ وَالبَرَكَةِ فِي كُلِّ آنٍ ، وَالعُصَاةُ فِي كُلِّ زَمَنٍ هُمْ المَمْقُتُونَ مَهْمَا ابْتَسَمْتْ لَهُمْ الدُّنْيَا وَقَضُوا فِيهَا بَعْضَ مَآرِبِهِمْ ، وَمَهْمَا هَامُوا بِحُبِّهَا وَأَحْكَمُوا أَسَالِيبَ جَمْعِهَا ، فَإِنَّ الدُّنْيَا لا تَبْتَسِمُ لِفَاسِقٍ إِلا لِتَسْحَقَهُ ، وَلا تَفْتَحُ ذِرَاعَيْهَا لِمُقْبِلٍ عَلَيْهَا إِلا لِتُحْرِقَهُ ، قَالَ اللهُ تَعَالَى : ﴿ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ ﴾ فَمَاذَا غَرَّكَ فِيهَا أَيُّهَا المِسْكِينُ ، إِنْ كَانَ الذِي غَرَّكَ فِيهَا كَثْرَةُ النَّقْدَيْنِ أَوْ مَا نَابَ مَنَابَهُمَا مِنْ أَوْرَاقٍ ، فَإِنَّ الجَنَّةَ حَصْبَاؤُهَا اللُّؤْلُؤُ ، وَتُرَابُها الزَّعْفَرَانُ ، وَبِنَاؤُهَا الذَّهَبُ وَالفِضَّةُ ، وَالدُّرُ وَاليَاقُوتُ ، وَإِنْ كَانَ الذِي غَرَّكَ مِنْهَا فَوَاكِهُهَا وَمَطْعُومَاتِهَا وَمَا حَوْتَ مِنْ مَتَاعٍ ، فَإِنَّ فِي الجَنَّةِ مَا لا عَيْنٌ رَأَتْ وَلا أُذُنٌ سَمِعَتْ وَلا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ ، وَإِنْ كَانَ الذِي غَرَّكَ جَمَالُ نِسَائِهَا ، فَإِنَّ فِي الجَنَّةِ : ﴿ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ ﴾ ، ﴿ وَكَوَاعِبَ أَتْرَاباً ﴾ لَوْ ظَهَرَ بَنَانُ إِحْدَاهُنَّ عَلَى الدُّنْيَا لأَضَاءَتْ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ يَنْظُرُ إِلَى وَجْهِهِ فِي خَدِّهَا أَصْفَى مِنَ المِرْآةِ ، وَتُسَرُّ بِمُشَاهَدَتِهَا سُرُورًا لا يَعْلَمُ قَدْرَهُ إِلا اللهُ ، لا تَنْظُرُ إِلا إليها وَلا تَنْظُرُ إِلا إليك ، لا تَتَكَلَّمْ إِلا بِمَا يَسُرُّكَ ، تَأْمُرُهَا فَتَخْضَعُ ، وَتُحَدِثُّهَا فَتَسْمَعُ ، إِذَا تَكَلَّمَتْ أَطْرَبَتْ ، لا تَفْتَخِرُ عَلَيْكَ بِحُسْنِهَا وَجَمَالِهَا ، وَلا تَمُنُّ بِجَمِيلِ صُنْعِهَا ، لا تَنْفُرُ مِنْكَ وَلا تَغْضَبُ ، وَلا تَلْهُو عَنْكَ وَلا تَصْخَبُ ، الجَمَالُ كِسَاؤُهَا ، وَالكَمالُ رِدَاؤُهَا ، وَالوُدُّ وَالوَفَاءُ مِنْ طَبْعِهَا ، لا يَعْلُو صَوْتُهَا عَلَى صَوْتِكَ ، وَلا تَجْتَهِدُ إِلا فِي مَرْضَاتِكَ ، هَادِئَةً ، سَاكِنَةً رَاضِيَةً . تِلْكَ وَأْمَثالُهَا لِلْمُؤْمِنِينَ المَعْلُومِينَ ، مِن قوله تعالى : ﴿ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ ﴾ إلى قوله : ﴿ أُوْلَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ أَيُّهَا المسلمون ، لَقَدْ فَازَ وَالله مِنِ اجْتَهَدَ فِيمَا يُنَجِّيهِ ، وَخَابَ مَنْ أَتْعَبَ نَفْسَهُ فِيمَا يُخْزِيهِ ، وَأَنْتُم الآنَ في فُسْحَةٍ مِنْ أَجَلِكُمْ ، وَصِحَّةٍ مِنْ أَبْدَانِكُمْ ، وَاكْتِمَالٍ مِنْ عُقُولِكُمْ ، وَآخِرُ الأَجَلِ غَائِبٌ عَنْكُمْ ، وَلا تَدْرُونَ كَيْفَ حَالُكُم بَعْدَ يَوْمِكم فَسَارِعُوا ﴿ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاء وَالْأَرْضِ ﴾ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَفْقِدَ البَدَنُ صِحَّتَهُ ، وَيَقُولُ الحَقُّ كَلِمَتَهُ ، فَيَنْقَضِي الأَجَلُ ، وَيُخْتَمُ عَلَى العَمَلِ ، فَلا يُنْقَصُ فِيهِ وَلا يُزَادُ ، وَلا يُعَدَّلُ فِيهِ شَيْءٍ إِلَى المَعَادِ ، تَقُولُ : لَيْتَنِي أَطَعْتُ ، وَمَا هِي بِنَافِعَةٍ ، وَلَيْتَنِي مَا عَصَيْتُ ، وَلَيْسَتْ بِدَافِعَةٍ ، إِذًا فَأَضْيَعُ النَّاسِ وَأَخْسَرُهم صَفْقَةً مَنْ سَوَّفَ فِي طَاعَةِ رَبِّهِ ، وَأَشَدُّهُمْ خُسْرَانًا مَنْ لَمْ يُبَادِرْ فِي التَّوْبَةِ مِنْ ذَنْبِهِ ، قَالَ تَعَالَى : ﴿ فَأَمَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَعَسَى أَن يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ ﴾ وَفِي الحَدِيثِ : « أَحَبُّ الأَعْمَالِ إِلَى اللهِ أَدْوَمُهَا وَإِنْ قَلَّ » . رَوَاهُ البُخَارِيّ . إِلَى اللهِ تُبْ قَبْلَ انْقِضَا زَمَنِ العُمْرِ ( أُخَيَّ وَلا تَأْمَنْ مُسَاوَرَةَ الدَّهْرِ ( لَقْدَ حَدَّثْتَكَ الحَادِثَاتِ نُزُولَهَا ( وَنَادَتْكَ إَلا أَنَّ سَمْعَكَ ذُو وَقْرِ ج ( تَنُوحُ وَتَبْكِي لِلأَحِبَّةِ أَنْ مَضُوا ( وَنَفَسَكَ لا تَبْكِي وَأَنْتَ عَلَى الأَثْرِ جج ( آخر: وَمَا حَالاتُنَا إِلا ثَلاثُ ( شَبَابٌ ثُمَّ شَيْبٌ ثُمَّ مَوْتُ ( وَآخِرُ مَا يُسَمَّى المَرْءُ شَيْخًا ( وَيَتْلُوهُ مِنْ الأَسْمَاءِ مَيْتُ ( آخر: إِنِّي أَبُثُّكَ مِنْ حَدِيثِي ( وَالحَدِيثُ لَهُ شُجُونْ ( غَيَّرْتُ مَوْضِعَ مَرْقَدِي ( لَيْلاً فَفَارَقَنِي السُّكُونْ ( ججج قُلْ لِي فَأَوَّلُ لَيْلَةٍ ( فِي القَبْرِ كَيْفَ تَرَى تَكُونُ ( آخر: فَبَادِرْ إِلَى الخَيْرَاتِ قَبْلَ فَوَاتِهَا ( وَخَالِفْ مُرَادَ النَّفْسِ قَبْلَ مَمَاتِهَا ( سَتَبْكِي نُفُوسٌ فِي القِيَامَةِ حَسْرَةً ( عَلَى فَوْتِ أَوْقَاتٍ زَمَانَ حَيَاتِهَا ( فَلا تَغْتَرِرْ بِالعِزِّ وَالمَالَ وَالمُنَى ( فَكَمْ قَدْ بُليْنَا بِانْقَلابِ صِفَاتِهَا ( آخر: إِذَا مَرِضْنَا نَوَيْنَا كُلَّ صَالِحَةٍ ( وَإِنْ شُفِينَا فَمِنَّا الزَّيْغُ وَالزَّلَلُ ( نُرْضِي الإلَهَ إِذَا خِفْنَا وَنُسْخِطُهُ ( إِذَا أَمِنَّا فَمَا يَزْكُوا لَنَا عَمَلُ ( اللَّهُمَّ وَفِّقْنَا لِسَبِيلِ الطَّاعَةِ ، وَثَبِّتْنَا عَلَى إِتِّبَاعِ السُّنَّةِ وَالجَمَاعَةِ ، وَلا تَجْعَلَنَا مِمَّنْ عَرَفَ الحَقَّ وَأَضَاعَهُ ، وَاخْتِمْ لَنَا بِخَيْرٍ مِنْكَ يَا كَرِيمُ ، وَاغْفِرْ لَنَا وَلِوَالِدَيْنَا وَلِجَمِيعِ المُسْلِمِينََ الأحْيَاءِ منْهُمْ والمَيِّتِينَ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِيْنَ ، وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آله وصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ . |