أفلت الفتى الذي لم يحرك ساكنا بعنف، وأضاف صارخا: تكلم يا هذا....تمتم بأعذارك الواهية يا صانع السلام الممجد...تكلم فهذه آخر فرصة لك لتحريك شفتيك !
أغمض هيرو عينيه وزفر بعمق قائلا بهدوء:
-لقد قلت ما لديّ وانتهيت...لقد اعترفت بجريمتي ...ومستعد لدفع الثمن...لكنني لن أفعل ذلك حتى تمتنع أنت الآخر عن تنفيذ جريمتك...هذا هو شرطي الوحيد!
عاد ذلك الرجل الضخم يمسك هيرو من كتفيه ويهزه بعنف :
- سيسامحني الناس كما سبق وسامحوك...فأنا لم أنفذ خطتي بعد...تعرف جيدا أنها مرهونة بحياتك ...لن أبالي ببعض السنوات في السجن مقابل التخلص منك...
حدجه هيرو بنظرة حملت كل معاني القسوة قائلا:
-اللعب بأرواح الناس ليس لعبة يا هذا...والناس لن يسامحوا من سعى في دمارهم بكل سهولة...أنت لم تسامحني على خطأ لم أقصده...فكيف تطلب هذا من غيرك...
تطاير الشرر من عيني ذلك الرجل المخيفتين وكأن الشيطان قد تمثل له في صورة هيرو:
- تظنون أن الجميع يصدقون ترهاتكم يا رجال السياسة الحمقى...كيف تريدني أن أصدق أنك لم تكن على علم بوجود كل أسرتي في القرية الفضائية...ألا تتدعون بأنكم تتأكدون بأنفسكم من خلوها من أي روح قبل تدميرها... إذا كيف لم تنتبهوا لوجود خمسة أشخاص بها....أخبرني كيف.
- التفت هيرو بوجهه عنه وقال بنبرة هادئة غريبة: أخبرتك أنه خطئي وأني مستعد لدفع ثمنه...لكن لا تنسى أنك من احتجز أسرته في ذلك القبو الكميائي العازل..
- التمعت عينا الرجل البنيتان الواسعتان و هو يقول بألم مكبوت: كان علي أن أحمي أسرتي من هجمات المعتدين...لم أكن أثق بأحد....كلكم متشابهون
...أوز ...المخلب الأبيض...جنود الكاندام... كلكم تبحثون عن السلطة فقط...
خنقت الغصة المكبوتة عباراته فتوقف لبرهة ثم أكمل بأسى شديد: كان عليّ أن أسافر إلى الأرض لأبحث عن دواء لولدي المريضين بمرض عضال...ولم يكن من حل أمامي لأحمي أسرتي سوى إبقائهم في ذلك القبوالذي جهزته بنفسي لكي يكون مضادا لكل الأسلحة وعازلا لكل الذبذبات.....لم أكن أعرف أبدا أن حربا كونية ستقوم وبأنني سوف أكون احد ضحاياها...لأظل بالمستشفى أكثر من ستة أشهر... كم أنتم قساة ..........بلا رحمة ولا شفقة......
انهمرت دموع الرجل تلقائيا وأخذ تنفسه يتسارع بشدة وهو يحاول كتمان شهقاته، أخرج كلماته الضائعة في أعماق حلقه بصعوبة قائلا:
- لقد سرقتم فرحتي أيها الأوغاد...لكم كانت فرحتي عارمة عندما استعدت ذاكرتي تماما....وأنا أسمع الطبيب يبشرني بشفائي و يسمح لي بالخروج....لكن هيهات...لا يمكنكم أبدا أن تتصوروا حالتي عندما اكتشفت أن القرية نسفت عن آخرها... ولم يبق لها أي أثر.....مستحيل أن تدركوا حجم ما أصابني من ألم حينها ....عدت إلى الحياة وأنا خائف من أمر واحد هو عينا ولدي الصغيرين....لكنكم كنتم أقسى وأظلم فقد قضيتم على حياة جميع اسرتي....ولن أسامحكم على ذلك أبدا...
توقف الرجل ليكفف دموعه....ورمق هيرو بنظرة ملؤها الحقد والبغضاء ...دنا منه بعد أن أخرج مسدسه بسرعة كبيرة وألصق فوهته على جبهة هيرو.قال بصوت ملأته الحرقة والحقد الكبير:
-هيرو يوي...أنت المسؤول عن إخلاء القرى الفضائية وسلامة أهلها...و ستدفع الثمن غاليا ....كنت أتمنى لو أبيد كل جنود الكاندام...وكل حكومة الدولة العالمية...لكنني تراجعت عن ذلك...ليس لجبن مني ولكنني عرفت أن قتل هيرو يوي أهم بكثير من قتل أي شخص آخر....وأيضا...وفاء لزوجتي التي كانت تحب السلام...ولن ترضى بأي حال بأن أكون سببا في زوال السلام.....
ثبت هيرو بصره الحاد بعيني الرجل وقال مشككا:
-مالذي يضمن لي أنك لن تنفذ خطتك بعد قتلي.... كيف تريدني أن آمن شرك...وأنا أعرف أنك على وشك تفجير السفينة التي سيقام بها حفل الليلة....
ابتسم الرجل بثقة قائلا: أظنك تعرف كل تفاصيل خطتي يا سيد هيرو....و لكن هذا غير مهم الآن...لأنك ستغادر الحياة بعد ثوان
اشتعلت عينا هيرو غضبا فأبعد فوهة المسدس بعنف قائلا بغضب: أنا لست غِرّا يا هذا..كان بإمكاني أن أتجاهل قصتك و أتخذ معك الإجراءات اللازمة بصفتك خارجا عن القانون ..أو بالأحرى مجرما خطيرا...إياك أن تحاول التلاعب معي...و إلا ستندم كثيرا....
عاد ذلك الرجل يرسم ابتسامته الواثقة وهو يعاود إلصاق مسدسه بجبين هيرو قائلا بهدوء:
-لست خسيسا...ولم أتعود على نكث عهودي....لقد اتفقنا على أن تكون حياتك مقابل حياة كل ركاب سفينة زهور السلام...أنا انسان شريف بأصلي ... ولكني الآن مستعد تماما لنسف كل من تسبب في خسارة أسرتي....للأسف لا أستطيع كبح رغبة الانتقام....ولهذا من الأفضل أن أفرغها فيكَ حتى أرتاح....وحتى لا أظلم أحدا....
- أريد إثباتا!..قاطعه هيرو بحدة
أخرج الرجل جهاز تحكم دقيق بشكل قرط صغير و قذفه إلى هيرو قائلا: مجرد إغلاق هذا القرط على الساعة التاسعة كاف لتدمير سفينتك الفاخرة في أقل من ربع ثانية !
رفع هيرو حاجبيه متأملا القرط، تفحصه بدقة ثم فككه ليستخرج شريحة صغيرة جدا. استطاع ملاحظة تلك الرموز الصغيرة بها
"wfop "تمتم بخفوت:white flowers of peace " "زهور السلام البيضاء"، ...صحيح هذا هو رمز الشيفرة السرية.
سحقها هيرو بأنامله الخشنة، ثم رماها في الهواء لتختلط بحبات الرمل الدقيقة، وراح يتأملها بنظرة غريبة.
رفع بصره إلى الرجل وقال: لننه الأمر إذا سيد دارك...قاتل أسرتك أمامك الآن .....فلتثأر لهم مرتاحا...
أحكم الرجل أصابعه على زناد المسدس، وقد التمعت عيناه ببريق نصر ساحق،قال بصوت متزن واثق: أعترف أن بكَ بعضا من الشهامة أيها الشاب...ولكن حان وقت نهاية هذه اللعبة....لا تقلق سيد هيرو لازلت على اتفاقي وسأترك جثتك أين يجدها الجميع...ولن آخذ منك شيئا....
زفر هيرو بارتياح وارتسمت عليه ملامح الرضا، لن يطلب أكثر من أن تقرأ رلينا كلماته، ولن يتمنى أكثر من أن تبحر سفينة زهور السلام البيضاء التي اختارا لها هذا الاسم معا في أمان، إنها الذكرى الثالثة لنهاية الحرب،وقد نظم الاحتفال الضخم على ظهرها، و اجتمع على ظهرها الآلاف من كل أنحاء الأرض، إذا فحياته لا تساوي شيئا أمام حياة هؤلاء، ولكم هو فخور لأنه سيموت حماية للسلام مجددا !
برقت عيناه الزرقاوتان ببريق نظرة حالمة غريبة وهو يردد: لننه اللعبة إذا !أردفبخفوت: وداعا رلينا !
أغمض عينيه وأخذ ينتظر اللحظة التي تخترق فيها الرصاصة جبهته، كان يستمع إلى صوت الزناد وهو يتحرك ببطء شديد ودقات قلبه تتسارع بقوة، شد أعصابه إلى أبعد حد وراح يحاول نسيان موقفه، وما إن شعر بأن الرجل على وشك ضغط الزناد أخيرا حتى سمع صرخة عالية شقت الأجواء، التفت بفزع ليرى تلك الفتاة المرتعبة التي تقف لاهثة بالقرب منهما، اتسعت حدقتاه بأقصى اتساع حين أدرك أنها رلينا، التفت بسرعة ليرى ردة فعل الرجل الذي لم يغير وضعيته وسمعه يقول مهددا: ابتعدي من هنا حالا..رلينا بيسكرافت...من الأفضل أن لا ترتكبي أي حماقة تدفعين ثمنها غاليا.....
دنت منه بهدوء وقد شع من عينيها السماويتين إصرار وثقة كبيرة، خاطبته بهدوء قائلة: يجب أن تسمعني أيها السيد ...هناك أمر مهم يجب أن تعرفه ....هيرو ليس من فجر قريتكَ
يتبع~ |
التعديل الأخير تم بواسطة Crystãl ; 02-18-2018 الساعة 03:45 PM |