انحنى كواتر وأمسكه برفق ومدده على الرمل وراح يفحصه، التفت إلى الشبان الثلاثة حوله وقال بحزم وقلق: جرحه عميق...علينا أن نأخذه إلى المشفى حالا....بسرعة تروا اتصل بالإسعاف حالا !
اغرورقت عينا ديو دموعا واندفع يهز ذلك الرجل بعنف كبير وهو يصرخ بألم وحرقة كبيرتين: أيها المجرم الحقير...لقد قتلت شخصا بريئا ...هيرو لم يقتل أسرتك...أيها التافه الأحمق...ألا تعلم أن أسرتك لا تزال على قيد الحياة !
لم يكمل كلماته حتى تناهى إلى أسماع الجميع صوت أنثوي غاضب: هاهيذي أسرتك سالمة سيد دارك !
التفت الجميع ليلمحوا هايلد وكاثرين تتوسطان أربعة أطفال وامرأة، أردفت كاثرن بألم : ....لقد تسرعت كثيرا....وارتكبت خطئا فادحا....
صعق الرجل وسقط على ركبتيه محاولا استيعاب ما يرى، أتاه صوت خشن قاس شده صاحبه من ياقته بعنف: ارفع رأسك أيها السيد...أليست هذه أسرتك؟
إنها سالمة معافاة...بعد أن ظلت في ذلك القبو لخمسة اشهر...احمد الله أنني و تروا اكتشفنا مكانها...وإلا لكان....ولكن مالذي تفيده إلا !
جذبه تروا قائلا بحزم: هذا ليس وقت العتاب يا ووفي...سيأخذ جزاءه أمام العدالة...علينا أن نأخذ هيرو بسرعة لن ننتظر الإسعاف !
صرخت رلينا فجأة: كواتر..إنه يتحرك ... هيرو ....هيرو...هل تسمعني...
حاول هيرو فتح عبنيه بصعوبة، وهو يتعرق بشدة وقد انخفض مستوى تنفسه،تمتم بصوت خافت غير مفهوم:..ر.لي..نا....رلينا
انتفضت رلينا مرتعبة، أسندته مجددا إليها وقالت بحنو: أنا هنا هيرو..هل تراني...هيرو
رفع أهدابه ببطء شديد، لاح منه طيف ابتسامة شاحبة حين تمكن من تبين ملامحها بعينيه نصف المفتوحتين،أمسكت يده المضرجة بالدماء ووضعتها على قلبها...وقالت بصوت خنقته الغصة: أرجوك هيرو قاوم... من أجلي .. تماسك... لم يبق الكثير..
تسلل الدفء إليه واستسلم إلى حرارة صدرها الصاهرة، أسدل أهدابه بهدوء وهو يستمع إلى دقات قلبها المتسارعة، ارتاح وهو يردد في نفسه : سأحيا بقلبها إلى الأبد، تمتم ببطء: ودا ....ع...ا........
شقت صرخة مزلزلة سكون المكان لترتخي صاحبتها هي الأخرى وتغط في سبات عميق...
حمل الجسدان المتراميان بسرعة إلى المستشفى وسط جو من الألم والدموع.
ربت كواتر على كتف ديو وهو يهم بالمغادرة: هيا بنا ديو لم يبق لدينا ما نفعله الآن!
نظر إليه ديو بطرف عينيه وقال: لا تهتم لأمري يا صديقي ....لا زال لدي حساب أود تصفيته!
أومأ كواتر برأسه موافقا وقال وهو يغادر: إذا لا تتأخر...هيرو سيحتاجك بجانبه !
التفت ديو إلى الرجل المتهالك على الرمال قائلا: لست خسيسا مثلك...سأسمح لك بعناق أولادك قبل أن أقودك إلى السجن !
عانق الوالد أولاده وزوجته بحرارة كبيرة،وقال بحسرة و ندم: أنا آسف يا أعزائي لقد خيبت أملكم ....لا أستحق أن أكون أبا لهذه الأسرة الرائعة!
أضاف ديو بحدة: بدل أن تشكرنا لأننا تكفلنا بعلاج ولديك ها أنت تفقدنا أعز صديق....لقد فقدت الأرض بسببك إنسانا نادرا لا يعوض !
انهار الرجل ينتحب كطفل صغير، بينما قيده ديو ليصطحبه حيث ينال جزاءه.....
وما لبث الظلام الأسود أن حل مكان الضباب الرمادي لينهي تلك الأمسية المأساوية ، وما هي إلا دقائق حتى تحول ليل الكوكب الأزرق إلى نهار طويل لا ينتهي ...في إحدى أسعد الليالي التي تمر عليه.
***
تسللت أشعة الشمس الدافئة عبر تلك الستائر الرقيقة،لتداعب ذلك الوجه الشاحب ،فتح صاحبه عينيه بصعوبة، ابتسم حين رآها تغط في نوم عميق، حرك يديه المثقلتين بأنابيب الأدوية ليمررها على شعرها الطويل الناعم، وراح يتأملها بشرود. تململت في رقدتها وسرعان ما أفاقت ، رفعت بصرها إليه فاصطدمت بعينيه اللتين تتأملانها بذهول، توردت وجنتاها وتلعثمت وهي تقول مبتسمة بخجل: صباح الخير هيرو...أرى أنك أفضل اليوم....
داعب خصلات شعرها بحنان وقال وهو يبادلها الابتسامة وتلك النظرة الحالمة لم تفارق مقلتيه: كيف لا أتحسن إن كانت من تعتني بي هي أرق فتاة في هذا الكوكب !
عادت وجنتاها تكتسيان لون الزهر...حين فتح الباب فجأة ليدخل جميع الأصدقاء،تبادل الجميع التحية والسلام. دنا ديو من هيرو وداعب شعره كطفل صغير قائلا:
-كيف حال مريضنا الصغير اليوم...أروع ما في الأمر أنني أستطيع إغاظتك كما يحلوا لي دون أن تستطيع فعل شيء!
انفجر الجميع ضاحكين بينما اكتفى هيرو بالابتسام، تداول الجميع على السؤال عن حاله والتخفيف عنه بالمداعبات، بينما راحت رلينا تتأمل هذا الجو الجميل بسعادة، لم تكن تتصور أن هيرو سيعود للحياة مجددا وأنها ستعيش مثل هذه اللحظة مرة أخرى..لقد تمكن الأطباء من إنقاذه في آخر لحظة، ليعيدوا إلى قلبها وقلوب الملايين ماء الحياة....نعم فلهيرو الحق في الحياة أيضا...ولن تسمح له بعد الآن بأن يلغي حياته من القاموس...سيساعدان الناس معا ومع كل الأصدقاء...لكنهما سيظلان حريصين على حياتهما وعلى سعادتهما...انتبهت على انه قد أمسك يدها وضغط عليها برفق، فابتسمت له هامسة:أجمل ما في الحياة قلب أبيض صافٍ!
تمت بحمد الله^^ |
التعديل الأخير تم بواسطة Crystãl ; 02-18-2018 الساعة 03:47 PM |