وصلت إلى الحي بينما الساعة تشير إلى الحادية عشر ..!
لقد قضيت الوقت الفائت بعد توديعي ميشيل بالتجول على قدمي حائراً بما أفعله من أجلها ..!
و في النهاية .. لم أجد حلاً !!..
أيعقل أنها نهاية علاقتي بها ؟!.. أيمكن انها نسيتني حقاً ؟!..
في الماضي حين كانت تقول انها ستنساني يبدو الحزن على وجهها .. لكن اليوم كانت طبيعية تماماً و كأني لم أعد اشكل شيئاً في حياتها !!..
أشعر بالإحباط حين أفكر هكذا ..!
ربما في الماضي .. لو أنني احببت ليديا حقاً و صارت خطيبتي لحلت الكثير من الأزمات !!..
منها أني كنت سأستمر في ذلك العالم رغم كل شيء ..!
و ليديا فتاة يتمناها الجميع .. مع أن الفرصة سنحت لي إلا أني ضيعتها من أجل ميشيل ..!
ميشيل التي قررت أن تنساني الآن !!..
توقفت عن هذا لينك !!.. ليديا الآن صديقة لوي !!.. لا يمكنك أن تفكر بها هكذا !!..
عموماً دعني من هذا الآن .. أريد الذهاب للمنزل كي أنام فأنا مستيقظ منذ الصباح و العمل اليوم استدرك الكثير من طاقتي كما ان تنظيف المحل كان متعباً أيضاً ..!
و ها أنا اسير بين ممرات الحي الصغيرة كي اصل للعمارة ..!
الشوارع فارغةٌ تماماً باعتبار أن الغد هو يوم دراسي فالناس قد أغلقوا ابواب منازلهم الآن ..!
لكن .. حين انعطفت من آخر منعطف تقريباً لفت نظري شيء ..!
هناك شخص يقف قرب احد المنازل .. يستند إلى عامود الكهرباء و يطأطأ رأسه .. انها فتاة !!..
أجل .. لا أزال اراها من بعيد لكني استطيع الجزم انها فتاة من خلال رؤيتي لملابسها حيث كانت ترتدي تنورة سوداء و كنزة قطنية رمادية ..!
و ما إن دققت اكثر حتى عرفت من هي تلك الفتاة بالضبط ..!
تقدمت بخطوات متوسطة السرعة حتى بت بالقرب منها لكنها لم تنتبه لي فقد كانت تحدق بالأرض شاردة الذهن و الحزن بادٍ على وجهها و قد كانت ياداها خلف ظهرها ..!
اثارت تعجبي بالفعل فشكلها غير طبيعي كما ان الساعة متأخرة على الوقوف خارجاً ..!
هنا نطقت بنبرة بسيطة مستغربة : ريا ؟!.. ماذا تفعلين هنا ؟!..
شهقت بخفة فيبدو أني فاجأتها و قد التفت بسرعة و ملامح الرعب على وجهها ..!
لكنها نظرت إلي للحظات قبل ان تتنهد براحة : أهذا أنت يا لينك ..!
بقلق سألت : عذراً .. هل أخفتك ؟!..
ابتسمت بهدوء ابتسامة شاحبة : لا عليك ..! ظننتك شخصاً آخر ..!
انها غريبة بالفعل : الوقت متأخر و الجو بارد .. لما تقفين هنا في هذه الساعة ؟!..
بدا عليها التوتر قبل أن تجيب : أنتظر عودة أبي من عمله ..!
- الا يفضل أن تنتظري في الداخل ؟!..
- لا عليك .. لا بأس لدي ..!
- لكن من الخطر وقوفك هنا وحدك في هذه الساعة ..! قد تتعرضين للمشاكل فمع هذا الوقت يبدأ الناس المخيفون بالظهور ..!
- سيصل أبي قريباً لذا لا تقلق .. تابع طريقك الآن ..!
كانت تقول عبارتها الأخيرة بخوف و قد ابعدت وجهها .. أنها تطلب مني الذهاب لكنها ترجوا في داخلها ألا افعل و كأنها خائفة بالفعل من الوقوف وحيدة هنا ..!
القيت نظرة على منزلها و تذكرت بأن يوجين ليس موجوداً اليوم .. أيعقل أن هذا فقط سبب وقوفها خارجاً و انتظار والدها ؟!..
تذكرت أيضاً تلك المرأة المريبة التي كانت معهما ذلك اليوم خارجةً من المنزل و داخلةً إليه ..!
هل هي خائفة من تلك المرأة ؟!..
رن هاتفتها في تلك اللحظة مما جعلني التفت إليها و قد رفعته بلهفة و أجابت : مرحباً أبي ..!
بقيت صامتة للحظات قبل ان تتغير ملامحها إلى القلق : ماذا ؟!.. لا أرجوك أبي يجب أن تكون في المنزل اليوم !!.. ............... أخي يوجين ليس هنا الليلة لذا اعتمدت على وجودك ..! .................. هذه الليلة فقط .. أني انتظرك بالفعل منذ ساعة هنا ..!
دمعت عيناها حينها و هي تقول : كيف تطلب مني الاعتماد على صوفي و هي السبب في كل هذا ؟!.. ................. بلا !!.. لقد بدأت بالعفل و لا يمكنني احتمال هذا !!.. ................ أرجوك أبي اليوم فقط .. لن أطلب منك شيئاً مرةً أخرى ..!
كنت متفاجئاً منها بالفعل لكني في الوقت نفسه شعرت بالأسى عليها ..!
لحظتها جلست القرفصاء أرضاً و كأنها لم تعد تستطيع الوقوف و أخذت تمتم بحزن للحظات ثم أغلقت الهاتف بدون أي كلمة وداع ..!
لم اكن استطيع رؤية وجهها لكن من الواضح انها على وشك البكاء أو أنها بدت تبكي بالفعل ..!
لم انتبه لنفسي إلا و قد جثيت أرضاً و ربت على كتفها : ألن يأتي والدك ؟!..
رفعت يدها و مسحت دموعها ثم التفت إلي و ابتسمت : لديه بعض الأعمال ..!
وقفت بعدها فوقفت معها و أنا أشعر بالقلق عليها فهي لا تبدو بخير إطلاقاً ..!
بقينا صامتين للحظات و هي تنظر للأرض بشرود و التعاسة باديةٌ على وجهها البريء قبل أن تقول دون أن تنظر إلي : يمكنك العودة لمنزلك لينك ..! سأدخل بعد أن استنشق بعض الهواء ..!
بدت هادئةً أكثر من ذي قبل مما جعلني أحتار بشأن الذهاب أو الانتظار معها قليلاً ..!
و قبل أن أقوم بأي خطوة فتح احدهم باب المنزل ..!
التفت حالاً لأرى ذات المرأة التي رأيتها في المرة السابقة تقف بشكل غير مستقيم و كأنها ستسقط في أي لحظة بينما وجهها أحمر و في يدها سيجارة مشتعلة أخرجتها من فمها للتو و رائحة الكحول و التبغ الرخيص تفوح منها !!..
ما بال هذه المجنونة الآن ؟!..
كانت تقول بملل و نوع من الغضب : ريا !!.. هيا ادخلي الآن قبل ان يظن الجيران اني طردتك من المنزل !!.. هيا لنحتفل سوية ..!
كنت اسمع اصوات الموسيقى الصاخبة تخرج من المنزل بشكل بسيط مما أثار حيرتي أكثر ..!
لكن تلك الفتاة قالت عندها بهدوء : يجب أن أنام فلدي مدرسة ..! لذا لن احتفل معك ..!
التفتت ناحيتي و ابتسم بهدوء : إلى اللقاء لينك .. أراك غداً ..!
سارت ناحية المنزل و عيناي تتبعها و قلبي غير مطمئن إطلاقاً لتلك المرأة و لا لحفلتها ..!
و قبل ان تغلق الباب ركضت بلا شعور و امسكت به مما جعلها تلتفت الي بسرعة و قد لحظت الدموع في مقلتيها الرماديتين لحظتها ..!
تجاوزتها حينها داخل ذلك الممر المضاء بإضاءة صفراء و نظرت إلى احد الابواب الشبه مفتوحة و أصوات الموسيقى و الصراخ الحماسي تخرج منه ..!
قادتني قدماي إلى ذلك الباب و فتحته قليلاً لأرى منظراً لا يليق بهذا المنزل !!..
حيث كان هناك الكثير من الفتيات و بعض الشباب يرقصون و يتمايلون على ألحان الموسيقى و كؤوس البيرة الرخيصة تتراقص معهم و رائحة دخان السجائر تملأ المكان !!..
و كأنه مشهد من أحد البارات و ليس من منزل في حي هادئ كهذا ..!
لحظتها شعرت بأحد يربت على كلا كتفي من الخلف فسرت قشعريرة في جسدي كله و اتسعت عيناي ..!
بينما قربت تلك المرأة المقرفة رأسها من رأسي و هي تقول بنبرة سقيمة : لما لا تنظم لحفلتنا أيها الوسيم ..! ستحب اصدقائي و أنا أثق انهم سيحبونك أيضاً ..!
بلا شعور دفعتها عني فتراجعت إلى الخلف متفاجئةً بينما عدت أدراجي ناحية المخرج و لم أنسى أن أمسك بريا و أسحبها معي إلى الخارج مغلقاً الباب من خلفي ..!
و بعد أن صرنا في منتصف الشارع نظرت إلي هي بقلق و خوف : ما بك ؟!..
كتمت غضبي و قلت : لا يمكن ان تبيتي هنا في منزل يضج بالثملين !!..
أوشحت بوجهها بعيداً عني قليلاً : لا بأس .. يحدث هذا دائماً ..!
تنهدت عندها لأنفس من الحنق الذي اجتاحني : يحدث حين يكون يوجين موجوداً ليحميك منهم ان تعرضوا لك ..! لقد كنت تريدين أن يعود أبوك كي يطردهم صحيح ؟!..
تفاجأت حينها من دموعها التي سالت و قد طأطأت رأسها و هي تمتم : لن يفعل ..!
لم أفهم من قالته لكنها عندها أغمضت عينيها بأسى و ازدادت دموعها : لم يكن ليفعل !!.. كان سيدخل و يمر بتلك الغرفة و يراهم هكذا ثم يطلب منهم أن يخفضوا صوت الموسيقى قليلاً و بعدها يصعد إلى غرفته و ينام !!.. هذا ما كان سيفعله فقط !!..
صدمت من كلامها عندها !!.. أتقصد أن والدها موافق على ما يحدث في منزله ؟!..
ازدادت دموعها و هي تحاول كتم بكائها : لهذا صار ينام في مكتبه كل ليلة !!.. فقط كي يرتاح من ازعاج الموسيقى غير مكلف نفسه بطردهم !!.. كنت اريده أن يعود فقط كي اشعر بالاطمئنان لوجود احد لا يزال عقله معه !!.. لكن البقاء وحدي مع هؤلاء المجانين يرعبني و رغم ذلك قال انه لا بأس علي و أن صوفي ستكون حريصة علي !!.. كل ما استطاع فعله هو أن قال " أدخلي لغرفتك و أقفلي الباب و سيكون كل شيء على ما يرام " !!..
كان كلامها يصدمني أكثر و أكثر و قد اشفقت عليها بالفعل فقد بدأت تبكي و هي تمسح دموعها في الآن نفسه و كأنها ترفض الرضوخ لدموعها ..!
لكنها عندها قالت و هي تحاول السيطرة على نفسها : لا أريد البقاء وحدي هناك ..! أنا خائفة .. خائفة جداً !!.. حتى صوفي ترعبني حين تكون ثملة فماذا أفعل بجماعتها كلهم !!.. لا أريد البقاء في ذلك المكان ..!
تقدمت ناحيتها عندها و ربت على كلا كتفيها فلم يكن منها إلا ان اسندت رأسها على كتفي فوراً و بدأت تبكي بالفعل !!..
لم أعلم كيف يمكن أن أواسيها .. فقد اخرستني تماماً ..!
أفهم شعورها حقاً .. أجل لقد جربت هذا الشعور ذات يوم ..!
وجودك بين مجموعة من المجانين الذين غابت عنهم عقولهم تماماً امر مرعب بالعفل ..!
انه أمر سبب لي ازمة نفسية من تلك المشروبات الكحولية سواء كانت خفيفة التأثير أو قوية ..!
لكني عندها ربت على رأسها و همست بجدية و قد قررت ان احمل جزءاً من هذا العبء عنها : اطمئني ريا .. أنا لن أتركك لهم !!.. مهما حدث ..!
.............................................
خلعت معطفي و تركته على كتفيها ثم جلست بجانبها على ذلك الكرسي الطويل في ساحة اللعب من العمارة ..!
لم يكن هناك أي اصوات غير صوت الرياح الباردة الخافتة ..!
كنا صامتين .. و قد بدت ريا هادئة تماماً و شاردة الذهن ..!
نظرت إلى السماء السوداء عندها و سألت : تلك المرأة التي تعيش معك .. هي ذاتها صوفي التي ذكرتها ؟!..
أومأت ايجاباً دون نطق حرف ..!
لكنها بعد فترة تكلمت من تلقاء نفسها دون ان تنظر إلي : امي توفيت حين كنت في العاشرة .. و حين صرت في الثالثة عشر أي منذ ثلاث سنوات تزوج ابي بصوفي ..! رغم انها تصغره بعديد من الاعوام لكنه احتج بأنه يريد امرأة تهتم بشؤون المنزل ..! أنا لم استطع قول شيء بينما اعترض اخي على الأمر كثيراً قائلاً بأننا نستطيع تدبر امرنا دون وجود شخص غريب في العائلة ..! لكن ابي ضرب بأقواله عرض الحائط و تزوج من تلك الفتاة رغماً عنا ..! والدي شخص غير مبالي اطلاقاً ..! لذا حتى بعد أن بدأت بدعوة اصدقائها و المبيت جميعهم في منزله لم يهتم ..! حتى حين تبيت خارج المنزل دون ان تخبره لا يهتم ..! مهما فعلت فهو لن يلقي أي بال فهو لم يتزوجها لأنه يحبها او شيء من هذا القبيل بل كل ما أراده هو ان يكون هناك من ينظف و يطبخ ..! لقد كانت تقوم بهذه الأعمال في البداية لكنها اهملتها تماماً فيما بعد و لكنه ايضاً تغافل عن هذا !!..
كنت استمع لكلامها عن زوجة ابيها التي يبدو انها كانت كالغيمة السوداء التي احاطت بمنزلهم ..!
تابعت بعدها و قد طأطأت رأسها أكثر : ومنذ العام الماضي بدأ ابي بالتغيب عن المنزل حيث يبقى في مكتبه و ينام هناك .. يعود لتبديل ملابسه فقط و لكنه لا يتناول الوجبات معنا او أي شيء من هذا القبيل و ذلك جعل صوفي اكثر سعادة فأبي في نظرها مجرد رجل يصرف عليها و يسمح لها بالعيش في منزله ..! حفلاتها لا تنتهي أطلاقاً .. احياناً في منزلنا و احياناً خارجة ..! هناك الكثير من الأيام التي ابقى فيها وحدي مع يوجين في المنزل بسبب غياب الاثنين عنه و لكنها رغم ذلك تكون الأيام الأفضل على الاطلاق ..! حين تم الاعلان عن الرحلة المدرسية لطلاب السنة الثالثة كان اخي ينوي البقاء في المنزل من اجلي خوفاً من تلك المرأة و رفاقها ..! لكني اقنعته بأني سأبيت عند سام و ان عليه ان يذهب فأنا لم أرد حرمانه من آخر رحلة مدرسية مع زملائه و اصدقائه ..! شقيق سام عاد من السفر مع زوجته و هو عندهم الآن و كذلك جدتها لذا لم ارد التطفل على جوهم الأسري فأخبرت سام ان ابي سيكون في المنزل و ان لا مشكلة من بقائي هناك ..!
دمعت عيناها عندها و هي تتمتم : كان علي ان اعلم انه لن يأتي مهما طلبت منه ..!
لم اعتقد ان فتاة بهذه الرقة و اللطافة تعاني من محيط كهذا ..!
لو كنت مكانها لما احتملت البقاء في ذلك المنزل إطلاقاً ..!
ربت على كتفها عندها و ابتسمت حين التفت إلي ابتسمت بهدوء كي أطمئنها : لا تقلقي بشأن هذه الليلة ..!
توردت و جنتاها و اشاحت ببصرها : لا داعي ان تقلق فقد ازعجتك بما فيه الكفاية ..! سأعود للمنزل و حسب ..!
- اسمعي ..! جارتي في الشقة المجاورة فتاة شابة ..! قد يبدو عليها انها فتاة صاخبة للغاية لكنها في الحقيقة لطيفة و طيبة القلب ..! أنا واثق انها سترحب بك فهي تعيش وحدها ..!
بدا عليها التوتر و طأطأت رأسها : لا أريد أن أكون حملاً على احد ..!
لكني رغم ذلك ابتسمت : ريا .. انظري إلى الخلف ..!
التفتت عندها كما فعلت أنا .. كل ما كان خلفنا هو مبنى العمارة الكبير المليء بالشقق التي تحتضن العديد من الأسر : في هذا المكان .. يوجد الكثير من الأشخاص غريبو الأطوار و الطباع ..! لدا بعضهم مشاكل اسريه ..! و بعضهم متشائمون و غاضبون ..! بعضهم يكافحون في هذه الحياة ..! و الآخرون يعيشون بمرح دون الالتفات لأي مشكلة تحصل لهم ..! ان سكنتي في هذا المكان لفترة فستجزمين انه ينفع ان يكون مستشفى للمجانين ..!
كتمت ضحكتي و انا أقول : هناك السيدة آنيا التي تبكي طيلة الوقت و تتشاجر مع ابنها صباح مساء ..! هناك السيد كاسبر الذي يعشق ابنته ايميلي و يخاف عليها من اتفه الأشياء مما يجعل زوجته تصرخ به طالبة منه التوقف عن هذا ..! هناك الجدة مادلين ذات النظرة الحادة التي لا تحب هاري أطلاقاً و تصفه بالمدلل دائماً ..! و هناك اركيف الصغير و والده الذين يعيشان سويةً بتناغم كي يعوضوا عن عدم وجود الام التي تعمل في مدرسة داخلية ..! و بالطبع هناك كيت التي تصنع الرجال الثلجين في كل مكان حتى و ان ازعجت الآخرين بهذا ..! العم جاك .. و الجد توماس .. و الآنسة ماندي .. و جماعة اقزام الحلوى و العديد من الأشخاص الآخرين ..!
نظرت ناحيتها عندها و ابتسمت بطلف : هناك شيء واحد يجمعهم ..! جميعهم طيبون للغاية و يحبون الخير للآخرين .. يساعدون بعضهم و يعيشون كأسرة واحدة في هذا المجمع ..! رغم اني كنت في مكان مختلف تماماً إلا اني احببت هذا المكان الذي جمعني بهم ..!
ربت على كتفها حينها و تابعت : لذا تأكدي انك لو طلبت المساعدة من احدهم .. فهو سيقدمها دون مقابل و بابتسامة لطيفة تعلوا شفتيه ..!
ابتسمت عندها لي و قد زال جزء من الحزن عن وجهها : كلامك هذا يجعلني اتمنى العيش هنا ..!
وقفت عندها و قلت : حين تستقلين يمكنك استئجار شقة هنا .. فالإيجار ليس بذلك الغلاء أيضاً ..!
ابتسمت بمرح و وقفت : ربما اتبع نصيحتك ..!
- حسناً .. الوقت تأخر و لدينا مدارس ..! أنا واثق بأن الآنسة ماندي سترحب بك ..!
.................................................. .
ضغطت على الجرس فلم تمر سوى لحظات حتى فتح الباب لتطل من خلفه تلك الآنسة التي بدت أقل صخباً من المعتاد فقد كانت تربط شعرها للمرة الأولى بالنسبة لي و ملابسها كانت بسيطة للغاية عبارة عن كنزة و بنطال جينز ..!
ابتسمت لي : أهلاً لينك ..!
بادلتها الابتسامة : أرجوا أن لا أكون قد ازعجتك في هذه الساعة المتأخرة ؟!..
- أطلاقاً فقد كنت ساهرة أمام التلفاز .. ليس لدي جامعة غداً ..!
- آه حسناً ..! آنسة ماندي ...!
اشرت إلى ريا و تابعت كلامي : أعرفك بها .. تدعى ريا اندرياس ..!
لمعت عيناها و هتفت بحماس : أيمكن أنها رفيقتك لينك ؟!..
احمر وجه ريا بينما اسرعت لأقول : ليس كما تعتقدين ..! أنها صديقة عادية فقط ..!
بدا ان كلامي احبطها لكنها قالت بعدها بابتسامة : تشرفنا ريا .. أسمي ماندي تايلر ..!
ظهر شبح الابتسامة على وجه تلك الفتاة رغم توترها : تشرفنا آنسة ماندي ..!
تنهدت عندها : آنسة ماندي .. صديقتي هذه تواجه بعض المشاكل في المنزل و لا تستطيع المبيت هناك الليلة ..! ان منزلها هناك في نهاية الشارع ..! في الحقيقة ستكون خدمة عظمية لو سمحت لها بالمبيت عندك هذه الليلة ..!
ابتسمت بمرح عندها : بالتأكيد لا مانع لدي ..! سأكون سعيدة بهذا ..!
التفت لريا و ابتسمت : أرأيت ؟!.. أخبرتك أنها ستساعدك ..!
نظرت هي ناحية الآنسة ماندي عندها : أني بالفعل أشكرك .. و أتمنى أن لا أكون عبئاً عليك هذه الليلة ..!
امسكت بيدها و سحبتها معها : لا عليك عزيزتي .. تصرفي و كأنك في منزلك ..! و الآن لينك عليك أن تعود لمنزلك فريكايل كان يخرج كل دقيقة و ينظر للشارع قلقاً ..!
أومأت موافقاً بينما نظرت إلي ريا بابتسامة لطيفة : شكراً لينك .. تصبح على خير ..!
ابتسمت لها بدوري : تصبحين على خير ..!
دخلت مع الآنسة ماندي و أغلقتا الباب فسرت أنا ناحية شقتنا ..!
وقفت امامها قليلاً متعجباً من الباب الذي كان مفتوحاً بشكل جزيء لكني تذكرت كلام ماندي عن ريكايل .. ربما رآني من الأعلى و تركه مفتوحاً لأجلي ..! |