تنهدت بهدوء و سرت إلى الداخل و ما إن فتحت الباب حتى فوجئت بشيء صدم رأسي بقوة كما أن شيئاً رطباً و بارداً يغطيني من أعلى رأسي إلى أخمص قدمي بينما صار المكان مظلماً فجأة ..!
اخذت لحظات لاستدرك ما حصل فرفعت يدي لأبعد ذلك الوعاء الكبير المعدني الذي كان مملوءً بالماء عن رأسي و أنا مصدوم بما حدث ..!
أخذت نفساً عميقاً و قد اتسعت عيناي وقد وصل الغضب مبلغه مني !!..
سرت بخطوات متسارعة بعد ان صفقت بالباب خلفي و اتجهت إلى غرفة الجلوس لأجد ريك يجلس على الأريكة وقد غفا دون أن يشعر ..!
اتجهت إليه و أنا اهتف : ريكايل !!..
فتح عينيه بفزع و التفت إلي : آه .. أخيراً عدت ..!
زمجرت بغضب : من ترك دلو الماء فوق الباب ليسقط على رأسي ؟!..
تثاءب عندها بخمول : لا أعلم عما تتحدث ..! لقد تأخر الوقت فكف عن الصراخ ..!
أعلم أن رايل لن يفعل هذا بي ..!
إذاً لم يبقى غير شخص واحد و أنا أجزم بأنه الفاعل !!..
خرجت من غرفة الجلوس و رميت بالدلو بأقوى ما لدي ناحية احد الأبواب و أنا أصرخ : ليو أيها المتشرد !!.. أقسم اني سأنتقم منك !!..
اتجهت لباب غرفته و حاولت فتح الباب لكني وجدته مقفلاً بينما مر ريك بالقرب مني و هو يشعر بالنعاس و دخل لغرفتنا ..!
طرقت الباب بقوة و صرخت : ليونيل !!.. أخرج في الحال كي أحطم عظامك عظمة عظمة !!..
سمعت صوته من الداخل : لا يحق لك فعل هذا !!..
- ماذا ؟!!.. لم أسمعك جيداً أستاذ مشرد !!..
اقترب من الباب و صرخ : أولاً لست مشرداً فأنا أحد سكان هذا المنزل !!.. ثانياً هذا مجرد انتقام صغير لينك ..! أم أنك نسيت أنك تسببت بكسر يدي و قمت بصفعي و شلخت رأسي أيضاً منذ شهر ..!
ركلت الباب بشدة عندها : أنتظر فقط حتى أراك في الصباح ..! و سترى ما سأفعل بك ..!
أردفت بعدها بغضب مضاعف : يا متشرد !!..
سمعت صوت ريك من داخل الغرفة بانزعاج : لينك توقف عن الصراخ فأنا أريد أن أنام ..!
تنهدت بغضب عندها و دخلت لغرفتي .. علي ان استحم بمياه دافئة قبل أن أنام حتى لا أصاب بالبرد بسبب ذلك المغفل ..!
.................................................. ...
جلست على طاولة الافطار في اليوم التالي مع كيت بعد أن أعطيتها ابرتها الصباحية و قد مر الأمر بهدوء كالعادة ..!
انه يعتمد على وجود هاري أو عدمه فما إن يكون هنا حتى يكون الخراب مصير بيتنا بمجرد أن يعارضها في شيء .!
أما في غيابه تكون هذه الكيت كالقطة التي تلعب بالصوف مسالمة تماماً و تجلس على أريكتها المفضلة في غرفة الجلوس و التي يحرم على غيرها استعمالها إما تشاهد التلفاز أو تكون نائمةً أيضاً ..!
ريك استيقظ متأخراً اليوم لذا لا يزال يبدل ملابسه .. أما ليو فقد قرر أن ينتظر حتى أخرج من المنزل كي يغادر غرفته فهو يعلم أني سأقتله فور رؤيته ..!
أنهيت افطاري و وقفت عندها : شبعت ..!
نظرت إلي كيت لحظتها بتوتر : لينك .. هناك أمر مهم أريده منك ..!
التفت ناحيتها بتعجب فللمرة الأولى تقول هذا فهي فطالباتها دوماً تخترق رأسي على شكل أوامر مطلقه ..!
سألت عندها : ماذا ؟!..
- ليس الآن .. حين تعود من المدرسة ..!
- كما تشائين ..! أتريدين شيئاً آخر ؟!..
- اشتري بعض الشوكولا في طريق عدوتك ..!
- مرفوض !!..
بدا العبوس عليها بينما سرت لخارج المطبخ و أنا أقول بصوت مرتفع : ريك .. سأخرج قبلك ..!
سمعت رده بالموافقة فسرت خارجاً و اتجهت اولاً لمنزل الآنسة ماندي لأطمئن على ريا ..!
رننت الجرس ففتحت بعد لحظات وهي تحمل كوب قهوة يتصاعد منه البخار : صباح الخير أيها الوسيم ..!
- صباح الخير ..! أين ريا ؟!..
- لقد غادرت منذ دقائق ..! قالت أنها ستذهب لمنزلها كي تبدل ملابسها و ترتدي ثياب المدرسة حتى لا تتأخر ..!
- آه .. شكراً لك على استضافتك لها ..!
- لا داعي للشكر ..! لقد كانت هادئةً تماماً و نامت على الفور فقد بدا انها متعبة نوعاً ما ..!
- حسناً .. أنا ذاهب الآن ..!
- بالتوفيق ..!
سرت ناحية الدرج الذي أفضله على المصعد حيث يعطيني حيوية و طاقة أكبر و نزلت كنت التقي بالكثير من الجيران و الجميع يلقي تحية الصباح بسعادة على الآخر ..!
يا لهذه الحياة المريحة ..!
التقيت ايميلي التي كانت قد خرجت تواً من شقتهم : صباح الخير لينك ..!
- صباح الخير ..! كيف حال الدراسة ايمي ؟!..
- كل شيء على ما يرام ..!
خرج والدها خلفها و هو ينادي : عزيزتي .. هل أخذت طعامك ؟!.. هل تريدين أن أوصلك ؟!.. المدرسة بعيدة فما رأيك أن أرافـــ ...!
قبل أن يكمل كلمته خرجت زوجته و سحبته للداخل بانزعاج : ألن تكف عن هذه العادة ..! هيا بدل ملابسك و إلى العمل ..!
كتمت ضحكتي فهذا المشهد يتكرر بشكل يومي بدون أي تغير ..!
خرجت من ساحة العمارة و قد تذكرت شيئاً ..!
هل ستكون ريا بخير ؟؟!.. لا بأس فقد ذهبت لتبدل ملابسها فقط ..! و لكن ماذا إن كان أولئك المخمورون قد باتوا في منزلها ؟!..
شعرت بالقلق لحظتها .. ربما من الأفضل أن اذهب للاطمئنان عليها ..!
بدلت عندها طريقي الذي كان باتجاه المدرسة ناحية منزل ريا بعد أن بات الشعور بالقلق يراودني أكثر فأكثر !!..
.............................................
سرت بخطوات مترددة داخل اسوار المنزل حيث كان الباب الخارجي الصغير مفتوحاً ..!
صعدت على تلك الدرجات الثالث و ترددت هل اطرق الباب أم أضرب الجرس أم أنتظر حتى تخرج ريا ؟!..
لكن ربما تكون قد غادرت بالعفل ..!
قبل ان أضع في رأسي أي احتمال سمعت صرخة من الداخل لفتاة صغيرة مما جعلني أوقن أنها تلك المنكوبة ذاتها : قلت لك ابتعد حالاً !!..
لم أتمالك نفسي ففتحت الباب بسرعة و لحظتها لأجد انها كانت تستند إلى الجدار بخوف بينما شاب يبدو في السابعة و العشرين من عمره يقف أمامها و يبدو أن آثار ما شربه ليلة الأمس لا يزال يسيطر على عقله : ما بك يا فتاة ؟!.. انا سألتك الرقص معي لا أكثر ..! أريد أن أرقص رقصة فكتورية و أنت تعلمين اني احتاج لشريك ..!
كادت ان تبتعد عنه لكنه امسك معصمها و قد غضب : لا تتجاهليني ..!
كان يترنح و طريقة كلامه متقطعة و غير منظمة لذا اسرعت ناحية الداخل و حين رأيت دموع ريا التي تجمعت في محجريها و هي تنظر ناحيته برعب ..!
بغضب هتفت : أنت .. هلا تركت الفتاة بحالها ؟!..
نظر ناحيتي و رفع أحد حاجبيه و قال بنبرة كريهة : لما ؟!.. أهي فتاتك ؟!.. إن لم تكن كذلك فابتعد عن طريقي ..!
سرت ناحيته بلا تردد : انها كذلك لذا افتلها في الحال ؟!..
ابتسم بمكر و خبث : أنتزعها إذاً ..!
ازداد غضبي كما انه لا وقت لدي لأمثاله لذا لم يحتج مني الأمر إلى دفعه بقوة بيدي ليسقط أرضاً فهو كان يترنح من الأساس ..!
كاد يسحب ريا خلفه لولا أني امسكت بيدها الأخرى و سحبتها منه ثم تركتها خلفي و انا أقول : اسمع يا هذا ..! ان فكرت بالتعرض لهذه الفتاة مرة أخرى فصدقني لن يمر الأمر على خير ..!
بدا انه ازعج بشدة فقد صرخ : كنت اريد الرقص فقط ..! اذهب اذهب قبل ان احطم رأسك ..! سأرقص مع صوفي في النهاية ..!
امسكت بيد ريا و سرت إلى الخارج وهي معي فقد كانت قد بدلت ملابسها و ها هي تحمل حقيبتها أيضاً ..!
بعد ان بدأنا السير في الشارع تركت يدها و قد كنت اتقدمها ببضع خطوات ..!
هنا قالت هي بهدوء و نبرة حزن وقد كان وجهها محمراً بالكامل : لا .. لا أعلم كيف أشكرك لينك ؟!.. لقد انقذتني بالفعل ..!
دون ان التفت إليها قلت بهدوء : لا داعي لان تشكريني أو تفكري بالأمر .. ففي الفترة الأخيرة بت لا أطيق رؤية احد مهم لي في مشكلة ..!
أعلم أنها لم تفهم مقصدي من كلامي خاصة الجزء المتعلق بالفترة الأخيرة ..!
....................................... |