الموضوع
:
ختم برونزي | التائب
عرض مشاركة واحدة
#
1
07-24-2016, 10:23 PM
Tн͠uи͠d͠eя͠
ختم برونزي | التائب
احسنت النقل
نورت القسم
Zizi
يا رب ؛ هل من توبة فأتوبَ ؟
هل من عفو فأتعلقَ به ؟
إن ذنبي كبير ، ووزري خطير ، وإثمي جثم على قلبي ،
ما من ذنب إلا ارتكبت ، ولا ظلم إلا فعلت ، ولا كبيرة إلا اجترحت ،
وها أنذا أشعر كأن الجبال الرواسي تحطم صدري ،
والبحار تفجّر فؤادي ، والندم يأكل قلبي
....
هل من توبة فأتوب ؟ هل من أوبة فأثوب ؟
يا غفار قد لجأت إليك ، وعوّلت عليك ، فلا تردني كسيراً ...
أعلم أنني أسأت إلى نفسي وإلى عبادك ، وهل أكبر جرماً من معتد قتل تسعة وتسعين نفساً ؟!.
إلا أن رحمتك أكبر ، وعفوك أوسع ، وغفرانك أرحب ،
اللهم لا تردني خائباً .. اللهم لا تردني خائباً ...
وانطلق عمّن يبثه سريرة نفسه ، ويعلن التوبة والإنابة إلى الله على يديه .
فدلّوه على راهب انقطع إلى صخرة يتبتل في فيئها ، ويعبد الله في ظلها .
فباح له بمكنونات نفسه ، واعترف له بما فعل ..
لم يكن الراهب سوى عابد جاهل لم يعرف الله حق المعرفة .
جهل أن الإنسان إذا جاء بقراب الأرض خطايا نادماً تائباً قبله الله تعالى بملئها عفواً ومغفرة .
فقال الراهب للرجل مستعظماً ما فعله بملء فيه :
لا توبة لك ، لا توبة لك . ...
واسودت الدنيا بعيني الرجل ، وشعر بالإحباط يشله .
ثم حرّكه شيطانه ، فوثب على الراهب فقتله فأكمل به المئة ...
ثم ثاب إلى رشده يقول :
إنّ من يقتل مئة كمن يقتل تسعة وتسعين ، والتوبة لا تقف عند حد . ..
هل من رجل يتوب على يديه ؟ هل من عالم يروي ظمأه ؟
إنه يبحث عن أعلم أهل الأرض كي يرتاح بمساعدته من وَعثاء الطريق المظلم ، وينتشله من وهدة المفاسد ...
فدلوه على رجل عالم آنس منه أذناً صاغية ووجهاً مشرقاً ، وذهناً وقّاداً ، وبصيرة نافذة .
ففضفض له عما في نفسه ، وقال له :
هل من توبة؟ أيغفر الله لي أفعالي وجرائر أعمالي ؟
أجابه العالم إجابة الواثق مما يقول :
نعم ؛ ومن يحول بينك وبين التوبة ؟ .
قال التائب : يا سيدي إني فعلتُ وفعلتُ
قال له العالم : إنه سبحانه يفرح بتوبة عبده أشدّ مما يفرح العبد بتوبته .
قال التائب : ولكنني أسرفت في الفساد ، وروّعت العباد ، ولم أترك مَوبقاً إلا أتيته !.
قال العالم : يقول الله تعالى مخاطباً أمثالك "
قل يا عباديَ الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله ، إنه يغفر الذنوب جميعاً ، إنه هو الغفور الرحيم
لا شيء يحول بينك ، وبين التوبة يا أخي ...
أسرعْ إلى الله يسرع إليك . ، واستغفره يغفرْ لك .
لم يتمالك الرجل أن بكى من الفرح .
وأي فرح أعظمُ من الرجوع إلى حظيرة التقوى وروضة الإيمان ؟
هنالك حيث تتخلص الأرواح من أدرانها ، وتعيش في طهر الملائك السابحين في ملكوت الله ..
ولكنْ يا أخي – قال العالم للرجل – أنت بحاجة إلى من يشدّ أزرك ، ويأخذ بيدك إلى الخير ، ويدلك على طريقه ،
وتلك الأرض التي كنت فيها أرض فساد وشر ، فلا تعُد إليها ، وانطلق إلى أرض كذا وكذا ، فهي عامرة بالحب والتقوى ، وفيها أناس يعبدون الله تعالى ،
فاعبد الله معهم ، فمن خالط السعيد سعِد، ومن عاشر المؤمن استقى منه ،
إنما يأكل الذئب من الغنم القاصية .
فابحث عن المجتمع المؤمن الطاهر تكن طاهراً ، وابتعد عن المجتمع الفاسد تنجُ منه وتتّقِ شرّه .
انطلق الرجل التائب إلى تلك الأرض بنفس غير التي كانت له ، وروح غير الروح التي كان يحملها ،
انطلق بإيمانه الجديد ونفسه الطموح ، وروحه الوثـّابة إلى عالم الأمن والامان ،
إلى مجتمع الفضيلة والرشاد ، يسأل الله العون والسداد ، يلهج لسانُه بذكر الله ،
وتتحرك جوانحه شوقاً إلى إخوانه في العقيدة .
وانتصف الطريق أو كاد ، ولم يبلغِ الأمل المنشود .
كانت نيتُه صحيحة ، ورغبته في الهدى صادقة ، إلا أن الأجل وافاه ، وملك الموت قبض روحه ، ولكل أجل كتاب .
تنازعت ملائكة الرحمة وملائكة العذاب فيه ، كل فريق يريد أخذه .
قالت ملائكة الرحمة :
نحن أحق به ، فقد جاء إلى الله تائباً ، مقبلاً بقلبه ، عازماً على فعل الخير ، مصمماً على نسيان ماضيه ، والبدءِ من جديد إنساناً مؤمناً تقيّاً .
قالت ملائكة العذاب :
بل نحن أحقّ به ، إنه لم يعمل خيراً قطُّ .
واختصمت فيه ، كل فريق يُدلي بحجته ، ويسعى لأخذه .
وأراد الله عز وجل أن يعلّم ملائكته أولاً ، والناسَ ثانياً إن التوبة إنْ صحّتْ ، والإنابة إن تأكّدَتْ فالعمل تبَعٌ لها ،
وكأيّنْ من أناس دخلوا الجنّة ، ولمّا يصلّوا لله ركعة واحدة إذ وافتهم مناياهم ، وقد خضعت قلوبهم لذكر الله ، فآمنوا به ، وأسلموا له .
أراد الله برحمته أن يعرّف عباده أن اللجوء إليه نجاة ٌمن النار ، ويالها من نجاة ! وفوزٌ بالجنه ، وياله من فوز! ،
فأرسل ملَكاً في صورة آدميّ - تنويهاً ببني آدم ، وتنبيهاً إلى أنّ منهم من يصلح لأن يفصل بين الملائكة إذا تنازعوا – فحكّموه بينهم ، فقال لهم :
قيسوا ما بين الأرضَين ، فإلى أيتهما كان أقربَ فهو له .
فأوحى الله إلى أرض السوء أن تباعدي . وإلى أرض الخير أن تقرّبي .
فقاسوا ما بينهما ، فوجدوا الرجل التائب أقرب إلى الأرض التي قصدها بشبرواحد!
ياسبحان الله ، ويارحمة الله ! ...
صدَق اللهَ ، فصَدَقه الله ُ ...
صار أقربَ إلى أرض النور والإيمان بفضل الواحد الديّان ...
فقبضتْه ملائكة الرحمة .
من كتاب
رياض الصالحين
__________________
سبحان الله
الحمد لله
لا إله ألا الله
الله أكبر
التعديل الأخير تم بواسطة زيزي | Zizi ; 07-27-2016 الساعة
04:51 PM
Tн͠uи͠d͠eя͠
مشاهدة ملفه الشخصي
إرسال رسالة خاصة إلى Tн͠uи͠d͠eя͠
البحث عن المشاركات التي كتبها Tн͠uи͠d͠eя͠