عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 07-30-2016, 02:38 AM
 
رجفة الرحيل ـــ خاطرة

رجفة الرحيل





انتظرت طويلا موعد سفري البعيد .

نسجت في مخيلتي آفاقا مشرقة للقادم العنيد .

وطدت عزمي .

أعددت لوازمي .



على عتبة الحدود ،

أذكر حين لوحت بيدي معلنا رجفة الرحيل ،

لمحته يخفى محياه خلف كفيه .

نفث زفيرا أشعل الحرائق في كل سبيل .

أطرق متماسكا ،

رافضا إبداء ملامح تجهش أسفا على فراق الغض النحيل ،

إجهاشا يحث النائحات الواجمات على العويل .



انزوت فرحتي .

اختفت تحت أسارير الدهشة الخانقة .

أخذت الألوان التي تتلألأ في داخلي تتوارى

مستسلمة لهبوب العتمة الكاسحة .



بدأت أقلب اختياراتي .





أغدو وأروح وكأني أعد حبات فسيفساء الرصيف ،

تتقاذفني أنامل مشيع متحسر ، ومجادف قارب متحفز .



طموحي يبدو مصرا على الرحيل ،

يربت على كتفي ،



ينضو عن ناصيتي غبار التردد المارد .



انزلقت نحو عتبة الركب الرابض .

أبحر بي ،

يسجي عتمة قلبي النابض .



شغلني الهيام .



خلفت ورائي همسات أحلامي .

نشرت ذكرياتي على الرصيف الممدد خلفي .

أطبقت جفوني ، أهون من هول مصابي .



استعرضت أسراري الدفينة المتوارية بأستار غفلتي .

طرحت بعيدا باقات الدلل المتساقطة من أغصان أيام طفولتي .



سافرت في سكينة مميتة ،

أناجي دؤابات القلق الملح ،

أستانس بخيوط الضوء الباهت المتسلل ،

عبر ظل سحابة المجهول الزاحف .



يحدوني طموح سامق .

أسبح في عراء هذه البيداء المتموجة ،



أحاكي صفير الرياح ،

أسير عدوا إلى أبعد من مدى الصياح .



يسوقني أمل تفجر نبعا من داخلي ،

ملأ شراييني دما فوارا ، يفيض سناه على الوجنتين .



تلقفني الوسط الجديد .

يدروني بلطف مثلما يدرو النسيم رذاذ السحاب المديد .

مد جناحيه ، فتسلقت مدارات النجوم .

قاومت الانتماء القديم بأتراس النسيان والوجوم .



غدوت في متاهات الجديد أشيخ ألف مرة بين ليل ونهاره .

وعلمت يقينا أن كل ملتفت إلى الخلف يشنق بحبال ارتداده ،

ويمثل بمشكاته على مدخل إقامته وفوق ألواح جدرانه .



سحبت روحي من ظلمتي . طرحت جانبا أكداس ذكرياتي .

تركتها لتعبث بها أيدي رياح غربتي .



أجدني أعدو بلا جسد ولاهدف ، أسابق طيفي .

أنسج من ومض البرق رداء لحظات حتفي .

أحجب وجهي بكفي .

أحضن الظلام .

أزدري الكلام .

أحتمي بالحلكة .

أنتظر مصيري .





aminwalid
رد مع اقتباس