الموضوع
:
روايةة || ” تَطلُّع : نَيْطَلٌ مُدلهِّم “
عرض مشاركة واحدة
#
32
07-31-2016, 05:45 PM
.FIRE
الفصلُ الرابِع
~ تَكتُّلُ الآصِرة ~
لو يقرأُ الإنسانُ أفكار طرائِده ، لعدلَ عن قرارِه بذبحِها ، و لكنهُ لم يُكلِّف نفسه عناء وضعَ نفسِه مكانها ...
كُل بشريٍّ ذو أنانية كبيرة كبقية أقرانه ، لا يراعونَ غيرهم لا مِن ذويهم و لا من الأغرابِ ..
و لا حتى من الحيوانات او النباتات .
طغيانُهم و عدوانيتهُم ستكونُ السبب في خسارتِهم و لقاءهم الفاجعات ..
إلّا إن نبذوا حِقدهم و مشاعرهم السلبية ، و لكن أسيحدثُ هذا حقاً ؟!
خرير نهرٍ لطيفٍ يجاري بعضَ المساحاتِ في الغابة ، أشِعةُ الشمسِ العسجدية تُضيءُ تِلك المساحات ، نسماتٌ عليلة تحرّك عُشبها
مكانٌ جميلٌ للجلوسِ و التأمُل ، جلست صاحبةُ العينينِ اللازورديتين مرافقةً بعضاً من الكائناتِ الزغبية الناصعة ، ذات الرِقابِ الغليظة ، و الجسدِ المتكتِلِ البدين ، بأطرافٍ أمامية قصيرة و خلفية طويلة ، أسنانٌ كبيرة لطحنِ العشب ، و عيونٌ حمراء لامعة
إنها أرانِبُ الغابة ، مشهدٌ يغذّي المشاعِر و يُحيي الأحاسيس
و لكِن من منظور عيني صوفي ، كان منظراً مأساوياً ، إنها ترى أن مجزرةً ستُجزِع أولاء الأرانِب ، كيفَ و لماذا ؟ هي لم تدري إلا انها ترى اللون الأحمر الدموي يمدُّ قنائهُ نحوهم
أمسكَت براسبوتين الخاصِّ بها ، حضنتهُ و همّتْ تاركةً المكان ، مودعةً أيّاهم غيرَ مدركةٍ سبب موتِهم ما سيكون و ما هيئتُه !
بخطاها الثابتة وطأتْ منزِلها الخشبي في كنفِ الغابة ، منزلٌ دُرِء من قِبَلِ ساكنيه ، هُجِر منذُ زمنٍ بعيد لم يُسئَل عن وضعِه ، و لم تُصلّح أساساتُه
سكنتهُ العناكِب و ألتجأتْ لهُ المخلوقات ، حتى جاءت صوفي ، و تغيَر الوضع ...
فَتحتِ الباب ، رائحةُ حساءِ الخُضر تَعبَقُ بأرجاءِ المنزلِ الخشبيّ النظيف ، أثاثٌ رثّ مرقّع تظهرُ عَلَيْهِ علاماتٌ عديدة لمحاولةِ أصلاحِه و جعلِه قابلاً للاستخدام و عَلَيْهِ تربّع قوسٌ و سِهام ، تستعملهما لحمايةِ نفسها ..
نزعتْ حذائها ذو اللونِ الكريمي و معهُ وشاحُها الرقيقُ بذاتِ اللون ، ليظهرَ لون فستانِها الأحمر العقيقيّ بوضوع
زَلجت بابَ المنزلِ خلفها ، و تقدمت نحو المطبخِ الصغير ، لتُطفِئ الغازَ تحتَ قِدرِ الحساء ...
جهّزتْ صحنينِ و ملأتهُما بحساءِها
وضعتهُما على طاولةٍ بالية ، فكّت رِباط شعرِها لينسدِل حتى أسفلَ ظهرِها بإنسيابيّة بينما جمّلتها غُررُ رأسِها القصيرة
جلست على الكرسي بجانبِ المنضدة ، أمسكت بشكوتِها و تناولت قِطعَ الفُطرِ و البطاطا و بعدها ارتشفت بملعقة ، رشفةً من الحساء ، على الجانِب الآخر غاصَ راسبوتين بصحنِ حسائِه معتدل الحرارة ، و بدأ بمضغِ الخُضر ....
* * *
” 1:20 ظُهراً „
مشارِفُ الغابة رحبّت بزائرٍ جديد ...
استّلّ سيفهُ و دخلَ ليظفرَ بفريستِه و مِن ثم الجائزة
” 6:49 بعدَ الظهر „
زالتِ الشمسُ و لازال يبحثُ عن مُرادِه ، لم يجدها او يجد أثراً عنها بعد
حتى رأى مجموعة قفّازةً من الأرانِب فصبَّ بِهم جامَّ غضبِه ، انتهى من غرسِ السيفِ بجماجِمهم فـ جرّ واحداً منهم ، و قامَ بِـ شيِّه
” 12:00 مساءً „
ودعتِ الغابة ضيفها و تمنت ألا يُطِلَّ عليها بنورهِ ثانيةً ...
كَرر نفسَ العمليةِ مراراً و تكراراً حتى مضى اسبوعٌ مِن مهلةِ المهرجان المتمثلة بشهرٍ واحد
إلى ان جاءَ يومُ الأحد ” 10 / 5 / 1910 م „
دخلَ الغابة مرة أخرى عازِماً على دقِّ أبوابِ الناس و سؤالهِم بحالِ لم يِجد مُراده فيها ..
مشى واثِقاً بنفسِه ، رابطاً سيفهُ بخصرِه ، واضِعاً مسدسهُ بجيدِه
لمَح وشاحاً كريمياً يطيرُ وحدهُ بالأرجاء ، هرولُ نحوهُ و إلتقطهُ ، استدارَ ليرى جهةَ قدومِه
ففؤجِئ بإرتطامِهِ بشيءٍ راكضٍ بسرعة
حاولَ ان يرتفِع عن الأرض إلى ان شيئاً ما يُثقِلُه ، إرتقتْ عنهُ تلك الفتاة ليلمحَ تقاسيم وجهها
فيفتحُ فاهه و يتصدَع ، و يسمحَ لعينيهِ بالتوسُع ، و من حُسنِها بدأت حواسُه بالتمتُع
بقَت عيناهما متلاقيتانِ فترة ، كسرتْ غشاء الصمت بإمساكِها لوشاحِها قائلةً :" لو سمحت ؟ "
أفلتهُ من يدِه
فوجدها قد فاضت مع الريح ، أسرعَ و أمسكها من كفِّها لينبُس :
" آنستي ، أتسمحينَ لي بسؤال ؟ "
لم تُجب و لكِن الدموع ترقرت بعينيها لسببٍ ما
لاحظَ الشابُّ ذلك ...
" انا دميتري ، آسفٌ اذا اخفتكِ و لكن لا تقلقي لن أؤذيكِ لابدّ ان الجو أرعبكِ ، وحدنا و في الغابة ! أظنُ ان الحق معكِ بالفعل "
نظرت لهُ بصدمة و لكنها شعرت بعذوبة كلماتِه الصادقة ، كفكفتْ دمعاتِها و بإبتسامة مبهرة نبستْ :" اسمك جميل ، و صدقك واضح "
وضعَ قبضتهُ على ثغرهِ و سعل ثم قال :
" ألن تعرفيني بشخصِك الكريم ؟! "
أجابتهُ بإقتضابٍ و الإبتسامة التي أغرتهُ لا تزال موجودة : " لا .. "
خيبةُ أملهِ ظاهرة و ارتياحُها واضِح ...
هبطَت كتلةُ فراءٍ بذيلٍ طويل و خطٍّ أبيض من الرأسِ إلى أخمصِ الذيل على رأسِ دميتري
لم تكُنْ ردةُ فعلِه سريعة ، و ببرود حمل السنجابَ مِن ذيله و رماه جانباً
حتى أمارات وجهه لم يظهر عليها التعجب كما لو انه عَلِم بذلك ...
أعادَ ناظريهِ للواقفِة أمامه و قد احمرّت وجنتاه، و قال :" خذيني إلى منزلكِ رجاءً .. "
ردت بفتور و قد زمّت شفتيها :" و لماذا ؟ "
أجابَ :" لدي سؤال ، بالإضافة انني جائع .."
نظرت لهُ بلامبالة و اردفت :" ليس لدي إجابات أيّاً كانَ السؤال و ماذا سأفعلُ بجوعك ؟! "
رمقَها بعينٍ واحدة و فقدَ الأمل فيها ، استدار و تابَع طريقه مبتعداً ، ثم و كأن شيئاً ما عاد لذاكرته
ابتلعَ ريقهُ و همس :" أيعقلُ أنها هي الساحِرة !؟ "
تراءت لهُ لقطاتٌ ما ، منها تأكد من هويةِ الحسناء التي قابلها !
~ يُتبَع ~
.FIRE
مشاهدة ملفه الشخصي
إرسال رسالة خاصة إلى .FIRE
البحث عن المشاركات التي كتبها .FIRE