عرض مشاركة واحدة
  #50  
قديم 08-04-2016, 02:13 PM
 




.













الفصل الرابع

"خيانة...لقاء!"


امتزجت حروفه الغريبة لتلف بإعصارها ذهنه المذهول بما سمع..
مسح وجهه بكفيه بحيرة بينما بصره يتنقل بين مقابله و بين شتات أفكاره الطارقة أبواب المحال...
تحشرج الصوت بحلقه قبل أن يخرج بطلاقة موجها كلمته الثقيلة لقمة التهور القابعة أمامه: أنت مجنون.
اقتصر على شق إبتسامة هزلية ثبتت من تقاسيم وجهه لناظره لكثرة إبصارها: تظن.
أدار سيتي سبابته ناحية رأسه مؤكدا: بالكامل مينا...
أخذ العقلانية مركز لتتمة حديثه الذي رفض تفسيرات لاسبيل لها إلا الخطر: ...تغيير أسس دولة و ظوابط حياة نمت عليها العقول ليس بالشيء اليسير..تفهم؟
ردات فعل سيتي كانت ما يستأنسه و كأنما تلهيه في كلله و ملله: و هل قلت أنه عكس ذلك ؟
رفع رأسه و أطلق زفرة يأس من حاله مع هذا المستفز: رحماه منك ، إن بت تتحدث بشقاوة لن ترى مني ما يعجبك.
واجهه بظهر مستو و جلسة متكبرة أظهرت لملامحه خبثا لا يكتمل دون دهاء: لن يصعب شيئ، ألا ترى أني حولت صعب مراس مثلك لصديق لي بلحظات.
تكور فمه معوجا و يده تحك شعره حالك السواد: من صعب المراس أمامك.... !
قطب حاجبيه قائلا بجدية: سيتي هل تعينني؟
أجاب بإنزعاج يصارع الإجابة: مجبر على القبول؟
قال الآخر: لا، لن أربطك معي في هذا القرار...
أزاح عنه ثقل التفكير و ترك قدميه تتمدد برخاء : بالتفكير في الأمر، أنا أتطلع لرؤية نتيجة جنونك... و أيضا، ليست من شيمي ترك صديق.
غيب الجدية بضحكة ساخرة: شكرا للشيمة التي بزغت توا..
قلب نفسه ميمنة ليضع رأسه فوق كفه متململا: و كيف ستبدأ؟
سبق لسانه صوت زقزقة بطنه ليردف سيتي بإبتسامة خفيفة: بملئ بطوننا الخاوية إذا، لو أنك فقط أحظرت بعض النقود من قصرك يا أمير...
حاول تقرير تبريره لتصرفه الغريب : سيتي، لو أخذت معي شيئا ملفتا كالمال سيعرف حاشيتي و الفرعون عن خروجي بقدمي.
رفع سيتي نفسه قليلا بوضع مرفقه على التراب: تهوى المشاكل..

*******************************
الخيانة...
قد أنشأتها نفوس خاوية من الإخلاص و تفرغت لإلهام النفس طمعا و جشعا لا إختتام له..
و ما أينعت ثمار الخيانة هي تلك الفتاة التي تسحب نفسها بما تبقى لها من قوى خائرة و بدأت تربت على صدر المغشي عليها مطلقة إسمها : بريفيت...بريفيت هل أنت بخير؟!
شعلة الحياة حركت عينها لتفتحا مظهرتان بؤبيها الناعسين بتعب: أين نحن؟
استجمعت المقتربة مابها من حول لترفع مرافقة دربها و تضعها بحجرها: يبدوا أن الوزير لابوف مخطط للخيانة.
قطبت المسترخية حاجبيها الدقيقين لتخرج كلمات الإستحقار: كيف تجرأ ؟...
زينت الأولى خبث ملامحها المليحة بإبتسامة واثقة: لاتقلقي عزيزتي ، فهو لن ينجوا بفعلته.
أدركت شيئا أرعبها بعد استعادة تركيزها: ويلي..المستلقيةأنت مبللة بالكامل!
خففت من توتر بريفيت المحدقة بثوبها القطني الطويل: ليس بالثوب الثمين، و شمس مصر ستتكفل بالأمر كما يجب.
لم تترك إحتجاجها في لحنها المقتضب: لا يجب أن تكوني متساهلة ...
قاطعتها بنظرة حذر :COLOR= lightble]r"] هناك صوت ما ....


*************************

تنقل على أطراف أصابعه حذار إصدار صوت يوقظ مفسدي خطته، فألئك البدناء سيقتلونه مخافة سلب طعام الآلهة رع...!
لاحظ من بعد ضوء فانوس ما ليختبئ خلف أقرب حائط يلوذ به و صرح عن ماجال خاطره بخفوت:أليس الحري به أن يكون نائما؟!
التقط أصواتا يجهل كنهها و لم يكن يهتم بها بالأصل ، فله شيئ أهم للتفكير به...
ماذا لو رآه أحد الكهنة يسرق من المعبد، خيانته ستكون اثنتان دون شك، و مينا المضطجع برخاء سيفلت بجلده كأمير برئ...
لعن سوء إقباله و فكر بالهرب تاركا الساحة لقائدها إلا أن السكون قطع فكرته ليتأهب لمواجهة الخطر...
لم يضرب أو يصفع بشيء وسط عتمة الغرفة ، فعيناه كعيني الهر معتادة على الظلام الدامس...
اقترب حيث المجسمات المنحوتة بمهارة و انحنى تبجيلا معتذرا في نفسه على شناعة فعله ، و اعتذاره نتج من مخافة لعنة الآلهة لا اعتقادا بسوء هذه السرقة....!
سلب بخفة رغيفي خبز شعير مع بعض الفاكهة و هم بالخروج...
و ما أن وطأت قدمه خارج المعبد حتى أطلق تنهيدة غاضبة: مابك مغتصب راحتي، ألا تعرف معنى تواجدك هنا؟...ماذا لو رآك أحد الكهنة؟
ربت على كتفه بلا مبالاة: الهروب منهم ليس صعبا، بطونهم الممتلئة خير رادع.
تجاهل غضبه الذي سيلازمه طويلا قرب هذا المرافق: تعال لنأكل شيئا مينا.
أوقفه مسك رسغه من قبل الأمير: قل أرتيميس سيتي.
فهم مقصده فصحح مستهدفا نقطة ضعف الموقف: مجيئك أكثر علنية ،أرتيميس.
أصدر أمر الصمت بتجاهل الأمر خالقا أجواء اندماج مع الأكل...
اندمج كل منهما في متناسون أي اتجاه يجب أن يسلكوا حتى توقف سيتي مبهوتا: [COLOR="orange]أنظر، هناك فتاتان ملقاتان هنا؟!

اقترب مينا منحنيا بجانب إحداهما مبعدا خصلاتها الكستنائية المبتلة عن ملامحها الخالية من التعابير: مازالت حية، تفقد الأخرى.
فعل سيتي المثل ليومئ إيجابا و هو يقول بعد ملاحظته لزيهما: يبدوا أنهما أميرة و وصيفتها.
همهم تأييدا لمقولة صديقه و قد شغل باله الكثير...

*******************************

كادت توقعه الصدمة أرضا لولا تدخل الخادم المنحني بقربه ليمسكه بهلع: مولاي، هدئ من روعك... هي بخير ، أنت تعرف صلابة جلالتها.
جلس على فراشه المحاط بأقمشة شيفونية صفراء اللون ثم استلقى بوجه لم يخلوا من شحوب: لكنها مازالت فتاة يافعة ، لا تستطيع حصر المخاطر التي تحوم حولها...
غطاه الخادم بغطاء خفيف قد وضع هناك: ارتح قليلا سيدي، الخدم موكلون بالبحث عنها و سيجدونها بالقريب العاجل.
أغلق غابريس عينيه ليستسلم لقول خادمه ،إلا أن قلقه جمع الهواجس الرادعة عن لحظة راحة...

***********************************


قال بلهجة باردة: استيقظت؟
بسطت راحة كفها على رأسها المشوش قبل أن تنتبه للناطق توا، صوبت نظرها نحوه لتلحظ سكون بحر عينيه السوداوان ، سكون يجلب الرهبة دون وعي منه...
تفحصت ملامحه بلحظات قبل أن تنطق أول حروفها أمامه: من أنت؟
أجاب مشيرا لصديقه الخاضع لسلطان النوم : أنا و هو ،عثرنا عليكما قرب النهر... سيدتك بخير أيضا.
أومأت إيجابا بصمت بعد تفكير لهنيئة ثم ضمت نفسها بيديها الناعمتين سارحة في خيانة الوزير الأعظم...
و لم تترك التفكير بالطبع عن الخطر المحتمل من جليسها الجديد...!
هذا الشاب الذي لم تكبح عينيها العسليتان عن اختلاس النظر له بين فينة و أخرى...
حتى ابتسم بسخرية مستهدفا إحراجها: أبهرتك طلعتي البهية..
امتعضت و أشاحت بوجها: بالحتم لا...
مد قطعة من رغيف خبزه نحوها: كلي، ليس لدي غيره و خادمة مثلك لا تأكل أكثر منه إن كنت محقا.
لم تأخذ شيئا و صرحت بجوابها الشافي بجرأة: قد آكل الرمل أيضا، لكني لن أخسر كبريائي أمام متعجرف مثلك.
فتح كفها المقبوضة واضعا الخبزة بها و هو يوجه بسمة حانية سمرتها: نجحت في إختباري يافتاة، وهذه مكافئتك.
ظلت بؤبؤتيها جامدة رغم إخبار عقلها بضرورة التوقف عن التحديق به، فهي على عجب من تعقل بات في أرضها حكمة نادرة...

************************************

أفرج عن قهقهة النصر المعتقلة في حلقه بين تلك الجدران المزينة بنقوشات ملكية...
كان لوحده يحدث عقله الجهنمي مفتخرا بدهاء سيكون سبيل رفعته للعرش: أخيرا تخلصت من تلك الأفعى الدخيلة... أستطيع النوم براحة الآن...
ولج حارس قطاعه متعجلا قاطعا خلوته : سيدي الوزير..
تهيب الحارس من ضجر توضح في لحنه الهادئ مهددا: ماذا؟..كيف تجرأت على الدخول دون إذن!
أسرع بالإجابة التي أفزعت الوزير: الحاكم... جلالة الحاكم ليس بخير..!
تعجل في النهوض بتلبك: الحاكم غابريس!...
خرج من فوره واضعا قبعته المخططة بلمعة الذهب و ظلمة الأسود بعد أن خاطب الحارس الآتي بالنبأ: أحظر الحكيم.


قراءة ممتعة،،،،،،،،،،

[/COLOR]




.[/COLOR]

التعديل الأخير تم بواسطة وردة المـودة ; 08-04-2016 الساعة 03:38 PM
رد مع اقتباس