بسم الله الرحمان الرحيم والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
نبدأ البارت الثالث
#3
رفع راوند -أخي -يديه في الهواء دلالة على الاستسلام ، ابتسمت لعلمي بما يخطط له ،
شأشتت إنتباه الخصم إذًا ، دعست على قدمه بأقصى قوتي فارخى يديه الغليظتين
الممسكتين بي ، ولهذا جريت لألتقط المسدس وعدت أنظر إليه ، لنقل أنه الآن في عداد
المفقودين ، ركلات راوند الهوائية المستهدفة للرأس لا يستهان بها ،
إرتعدت أوصالي .. لا أصدق أن ذلك الكابوس إنتهى أخيرا ، جريت نحو راوند ودفنت رأسي
في صدره ، فيما أخذ بالتربيت على رأسي بحنان ، قائلا بنوع من العتاب كأنه يكلم طفلة :
" شقية لمَ لمْ تتصلي بالشرطة ؟" قلت له بعد ابتعادي عنه قليلا :" اتصلت بالطوارئ ، لكنهم لم يأتوا !! "
لم أكمل جملتي إلا وقد أتوا ، وقف راوند قليلا ليحادثهم ثم أشار إليّ بالقتراب ، أسرّ
في أذني أننا سنذهب لمكان آخر ومشى ليخرج من بوابة الحديقة ، لم أستوعب ذلك جيدا
فلحقت به سائلة :" إلى أين ؟" ، ردّ :" إلى شقتي ، ستقيمين معي هناك إلى أن أجد حلا
لوالديك المهملين " ، أخرجت الكلمات من بين صرير أسناني :"والداي المهملان تركاني
معك يا عديم المسؤولية ، أنت الملام لجعلي أعيش مع الخدم وأنام في اللي وحيدة في منزل ضخم !! "
توقفت قدماه وكاد يرد على كلامي السابق مدافعا ، لكنه قال كمن تذكر أمرا مهما :" الخدم ! أين
كان الخدم يا إستيرا ؟ " ، أجبت بهدوء : " لا أدر ، بعد الغداء لم أرَ أحدا منهم " ، هزّ رأسه
واتصل مباشره بالشرطة ، دقائق مرت إلا وقد عاد يمشي بهدوء بجانبي ، جاريته في ذلك
إلى أن وصلنا لمبنى كبير ، من الجيد أنه يعيش في هذا المكان الفخم ، ظننت مسكنه سيبدو
كوكر لبيع المخدرات .
حينما تحرك المصعد ليجتاز الطوابق الواحد تلو الآخر ، سألته بريبة :" كيف استطعت
استئجار شقة هنا ؟ أليست غالية ؟ " قال بمزاح ساخر : " أنسيتِ أنّ والدي غني ؟ "
أردفت بسرعة : " لكنك لا تأخذ مالا منه ؟ " أجاب بلا مبالاة :" أملك منحة دراسية ،
وإلى جانب ذلك أعمل محاسبا بدوام جزئي ، فمالي يكفيني " ,
إنقتح باب المصعد منهيا أسئلتي وأجوبته ، مشينا في رواق طويل مزدان بنباتات جميلة مغروسة
في أصص بجانب أبواب الشقق ، وسجادة حمراء طويلة تمتد على أرضيته الرخامية البنية ،
ناداني راوند لأدخل الشقة ، " اعتذر " همست قبل اللحاق به ، فقد ذهلت للمشهد المرسوم
بإبداع إلهي وراء النافذة الضخمة المطلة على حديقة خلابة .
أحسست أني في أحد غرف الفنادق الشهيرة ، شقة راوند متوسطة نسبيا ، أرضيتها سوداء بالكامل
وكل حيطان الحجرات فيها مطلية بلون قرمزي قاتم ، يملك عليها الكثير من الإطارات والصور،
مطبخه أنيق رغم صغره ، غرفته جميلة ذات ستائر مخملية وسجاد أسود ، أفرشتها قاتمة الحمرة
إلى جانب أثاثها الخشبي الموضوع بدقة ليزيد الغرفة رونقا ، أما غرفة المعيشة فمكونة من سجادة حمراء
ذات نقوش كثيرة ، مع أريكتين حلديتين واحدة بثلاثة أماكن والأخرى بمكان واحد ،
إضافة لطاولة زجاجية في مركز الغرفة و طاولة جميلة تحمل الهاتف والتلفاز
تنتشر التحف هنا وهناك ، فهذا تمثال لقطة فرعونية سوداء وذاك مبنى أثري ، مجموعته الكاملة من
الأوسمة والجوائز التي حصدها جراء لعبه الممتاز في كرة القدم أثناء فترة مراهقته ،
لنقل أنه أبهرني بحسه الفني خاصة عندما علمت انه من يقدم على ترتيب كل شيء ،
مع تنسيق الأوان ، بصراحة أحسده على هذا !
أراني بعد تلك الجولة في الشقة تلك الغرفة التي ستحتضنني لأيام قادمة ، فراوند لم يفكر في إعادتي للفيلا بعدما
حدث و صرّح حرفيا :" إن لم يحرص والداكِ على مرافقتك لهما دوما وحمايتك ، فسأفعل أنا ،
لن تعيشي وحدك بعد الآن مع خدم كسالى "، تراقصت روحي فرحا داخلي حينما أدركت أني سأظل
هنا معه لربما أجد مفرا من وحدتي ،
إحتجت لأخذ حمام بارد ، وعدت لأرتدي نفس ملابسي كوني لا أملك أخرى .
إلى هنا أكملت بارت اليوم ، أتمنى ان طوله ممتاز
إنتظروني في بارت جديد عما قريب
في حفظ الله