الموضوع
:
قلمٌ ذهبيّ || لعبة بين يدي حاقد
عرض مشاركة واحدة
#
53
08-15-2016, 09:39 PM
Lune~
..( 19 )..
~ ياماتو ~
إلتفت ببطء بإتجاه الصوت ، وأنا مندهش كثيراً ..
ما إن وقع عيني على آلبرت حتى هرولت إليه فارداً بذراعاي لأحتضنه ..
لكنه رفع يده قائلاً بحزم : لا تقترب مني ..
شعرت بإحباط شديد حين قال هذا ، أنزلت ذراعاي قائلا بغيظ : يبدو أنك سعيد برؤيتي مطروداً من القصر ..
قال وهو يدير ظهره : إلحق بي يا سيدي الصغير ..
بدأت أسير خلفه وأنا أسأله عن وجهتنا ، لكنه لم يجبني بكلمة واحدة ، لذا استسلمت وتابعت السير بصمت ..
لاحظت أننا بدأنا بالمشي في الأحياء المتواضعة ، وبعدها وقفنا أمام منزل بباب بني اللون مصنوع من الحديد ..
أخرج آلبرت مفتاحاً من جيبه وفتح الباب و هو يقول لي : تفضل ..
دخلت إلى ذلك المنزل التواضع لأسمع صوت خطوات قادمة ، وتظهر بعدها فتاة صغيرة تركض بأقصى سرعتها ثم تستقر بين أحضان آلبرت ..
قلت متسائلاً : أهذه الفتاة الصغيرة هي إبنتك ؟؟ لم أعرف أنك متزوج ..
قال آلبرت وهو يمسح على رأس الفتاة الصغيرة : ليست إبنتي ، وأنا لست متزوجاً حتى ..
عبثت بشعري قائلا : إذاً هي أختك الصغرى ..
هز رأسه نافياً وقال : إنها ابنة أخي المتوفى ..
قاطعنا صوت إمرأة مسنة تقول : بني من هذا الشخص الذي معك ؟؟
إلتفت إلى تلك المرأة الطاعنة في السن ، لأسمع آلبرت يقول : أمي إنه سيدي الصغير الذي أحدثك عنه وسيمكث هنا لفترة ..
نظرت إليه وأنا متفاجئ لأسمعه يقول موجهاً خطابه إلي : سيدي الصغير تستطيع البقاء في منزلي لمدة ، فأنا أعلم أنه لا مكان لديك لتلجأ إليه ..
إحتضنته بقوة وأنا أقول بسعادة : شكراً لك يا آلبرت ، أنا متأثر حقاً ..
دفعني بعيداً وهو يقول : لا تقترب مني وإلا ألقيت بك خارجاً..
تمتمت بغيظ : أنت لا تتغير أبداً ..
سمعت والدة آلبرت تقول : يسعدنا تواجدك يا بني في منزلنا المتواضع ..
إلتفت إليها لأقول بإبتسامة : شكراً لك يا سيدتي على استضافتكم لي أنا ممتن لك ولإبنك كثيراً ..
سمعت آلبرت يقول لوالدته : أمي حضري بعض الطعام فالسيد الصغير لابد وأنه جائع كثيراً ..
- حسناً ، سيكون جاهزاً بعد ساعة ..
عندما غادرت والدته لإعداد الطعام قلت له : آلبرت أنا سعيد حقاً حقاً وأكاد أبكي من شدة السعادة ، لقد حزنت قليلاً عندما لم تودعني كالبقية ، وظننت أنك تكرهني ، لكن يبدو أن...................
قاطعني آلبرت بنبرة باردة وهو يحمل تلك الفتاة الصغيرة : لا تظن أبداً أنني أحبك ، لكنني أقوم بهذا لأجعلك مديناً لي ليس إلا ..
إبتسمت دون أن أقول شيئاً ، أنا واثق أن آلبرت لا يكرهني ، وهو خجول فقط من الإعتراف بهذا ..
***
~ روز ~
عندما وصلت إلى منزلي رأيت والد جوليا يقف بالقرب منه ، توجهت إليه لأسأله ما إذا كان هناك أي جديد ..
لكنني توقفت حين تذكرت أن الخاطف قد منعنا من التحدث مع عائلتها ، لذا تراجعت إلى الوراء محاولة الإختباء فأنا لا أريده أن يراني ..
عندما انعطفت في الإتجاه المعاكس ، إصطدمت خطئاً بفتاة ، وهذه لم تكن سوى جودي أخت جوليا ..
نظرت إلى وجهها وعيناها المتورمتان ، يبدو أنها كانت تبكي ، وبجانبها صديقها زاك ..
كنت سأعبر من جانبها لأهرب من والدها ، لكنها أمسكت برسغي وقالت بحدة : أيتها الحقيرة أنا لن أسامحك أبداً ..
حدقت في وجهها بدهشة ، ما الذي تعنيه جودي بذلك ؟؟
سمعت زاك يقول مخاطباً جودي : جودي لا تقولي هذا عنها ، فنحن لسنا متأكدين من أنها هي من نشرت تلك الإشاعة ..
قالت بنبرة غاضبة : بلى إنها هي ، الجميع شاهدون على هذا ..
قلت وأنا أرمش بغير إستيعاب : ماذا تقصدين يا جودي ؟؟
أمسكتني جودي من شعري وأخذت تجره بعنف وهي تقول بصوت عالي ودموعها تنهمر من عينيها : لا تتظاهري بالغباء ، أنت من أخبر الجميع بأن جوليا قد هربت من المنزل وفي أحشائها طفل غير شرعي ، لن أسامحك أبداً أيتها الحقيرة ..
أمسكت يدها محاولة تحرير شعري وأنا أقول بصوت متألم : جودي دعيني أنت تؤلمينني أيتها الغبية ..
قال زاك وهو يحاول إبعادها عني : جودي إهدئي قليلاً ، لا يجب أن تتصرفي بهذه الطريقة ..
صرخت جودي في وجهه : ألم تسمع ما قاله معظم الطلبة ؟؟ هذه الفتاة اللعينة هي السبب ، سألقنها درسا لن تنساه في حياتها ..
دخلت أنا وهي في شجار بالأيدي ، كنت أخمش أي جزء يقع عليه يدي وهي كانت تزيد من جذب شعري حتى خُيل إلي أنها ستنزع كل شعري من جذورها ..
فجأة أتى شخص ما أبعدنا عن بعضنا بقوة هائلة ، نظرت إليه لأدرك أنه والد جوليا وكلتانا نلهث من التعب والغضب ..
قال والد جوليا بحزم مخاطباً إبنته : جودي لماذا تتصرفين بهذه الطريقة مع فتاة أكبر منك ؟؟ أهذا ما علمتك ؟؟
ردت وقد احتقن وجهها من شدة الغيظ : لكن يا أبي هي فعلت شيئاً لا يُغتفر أبداً بحق جوليا ..
ثم صمتت قليلاً وهي تكتم عبراتها وقالت بصوت مبحوح ينذر ببكائها : لقد لفقت كذبة صدقها الجميع ، وهي السبب في تدنيس سمعة جوليا ..
ما إن أنهت جملتها حتى إنهمر الدموع من عينيها ، شعرت بالألم يعتصر قلبي ، أنا السبب الآن في بكائها ..
إحتضنها والدها وهو يقول : عزيزتي نحن لسنا متأكدين بعد من أنها هي من نشرت هذه الإشاعة ، يجب أن نتأكد منها أولاً قبل أن نقدم على أي تصرف أحمق ..
ثم أردف وهو ينظر إلي : روز نحتاج لأن نتحدث معك قليلاً ..
تراجعت إلى الوراء بضع خطوات وأنا أقول بخوف : لا وقت لدي لذلك ، أرجو المعذرة ..
قال بنبرة صارمة : الموضوع مهم جداً لذا أرجو أن تكوني متعاونة معي ..
نبرته الصارمة جعلتني أرجف في مكاني من شدة الخوف ، والد جوليا ضابط شرطة وبارع في الإستجواب وإرغام الطرف الآخر على الإعتراف ..
أخذ يرمقني بنظرات مرعبة جعلتني أتيبس في مكاني وأعجز عن الرفض ..
فجأة شعرت بيد توضع على كتفي ، وصوت من خلفي يقول : ماذا تريد من روز يا سيد روك ؟؟
عرفت صاحب الصوت من دون الإلتفات ، إنه أخي ماركو بلا شك ..
رد عليه السيد روك : أريد أن أتحدث معها بشأن موضوع جوليا ..
أمال ماركو شفتيه قليلاً وقال ساخراً : إذا تريد أن تتناقش معها بشأن موضوع إبنتك الهاربة ..
صرخ السيد روك وجودي في الوقت ذاته معاً : هي لم تهرب ، إنها مجرد إشاعة ..
قال أخي وهو يهز كتفيه ببرود : الإشاعة يمكن أن تكون الحقيقة ..
ردت عليه جودي بغضب : أصمت أيها الجورب العفن ، ولا تتحدث عن أختي بسوء وإلا ..
قال بسخرية وهو يشير نحوها بإستصغار : وهل تظنين أنك سترعبينني ياصاحبة الفم الكريه ؟؟ لست الوحيد الذي يقول هذا الجميع يتحدثون بهذا الشأن ..
كانت جودي سترد عليه لكن والدها أشار لها بأن تصمت ، لكن زاك تدخل قائلاً : لا تنادي جودي بصاحبة الفم الكريه ، هل فهمت يا ماركو ..
أجاب عليه ماركو بذات النبرة الساخرة : وهل تم توكيلك محامياً لها يا متصنع المثالية ؟؟
قاطع السيد روك شجارهم وهو يقول بنبرة مرتفعة : يا أطفال كفاكم شجاراً ، وأنت يا روز ستأتين معي شئت أم أبيت ..
وقف ماكو أمامي وهو يقول : لا يمكنك أن تجبر روز على شيء لا تريده ..
- لا تتدخل فيما لا يعنيك يا ماركو ..
- روز أختي وأنا لن أسمح لك بإجبارها على شيء لا تريده ..
نظرت إليه وأنا متفاجئة ، هل الشخص الواقف أمامي الآن هو أخي ماركو الذي يكرهني ؟؟ لماذا يقوم بحمايتي ؟؟ هذا غريب حقاً !!
رأيت أنهم عادوا إلى الشجار مجدداً ، ويبدو أنهم لن يتوقفوا أبداً ، لذا استغليت هذه الفرصة وركضت مسرعة نحو المنزل ، متجاهلة نداء السيد روك ..
دخلت إلى غرفتي وأقفلت الباب وأنا أتنفس بصعوبة ، أغمضت عيناي بقوة وأنا أرغب حقاً في أن يكون ياماتو وسوبارو معي الآن ..
لا أستطيع مواجهة السيد روك وحدي ، أحتاج إلى أحد يجانبي ..
بعد فترة ليست بطويلة سمعت صوت طرقات متتالية على باب غرفتي ، يتبعها صوت أمي الغاضب : إفتحي الباب حالاً يا روز ، وأخبريني أي مصيبة قد أقحمت نفسك فيه هذه المرة ..
تقوقعت على نفسي فوق السرير محتضنة نفسي بذراعاي محاولة إطمئنان نفسي بنفسي ، وعيناي مثبتتان نحو الباب خوفاً من أن تكسر أمي باب الغرفة وتضربني بقسوة ..
دموعي تنهمر بصمت وضعف ، وجسدي لم يتوقف عن الإرتعاش ، ودقات قلبي تنبض بسرعة جنونية ..
جسدي قد اعتاد على الضرب ، إذاً لماذا أخاف من أمي ؟؟ ألا يجب أن أكون قد اعتدت على ضربها وقسوتها ؟؟ لماذا لا أستطيع إستجماع قوتي والوقوف ضدها ؟؟
بالتفكير في الأمر أنا لست سوى فتاة ضعيفة ترتدي قناع القوة ، أنا أجبن فتاة على وجه الأرض ، لذا لا يمكنني ردع كل من أمي وأخي ..
انتشلني صوت تكسر الباب من سلسلة أفكاري ، لأجد كل من السيد روك وأمي وماركو يدخلون إلى غرفتي بعد أن كسروا قفل الباب ..
***
~ روك ~
عندما قمت بكسر الباب واقتحمت غرفة روز تفاجأت كثيراً من منظرها ، كانت تجلس في زاوية السرير وتحتضن نفسها بذراعيها ، والدموع يسيل من عينيها دون صوت ، وشعرها مبعثر وغير مرتب حتى أنها لازالت بزيها المدرسي ..
كانت تبدو بحال يرثى لها ، لم أكن أريد أن أكسر الباب وأقتحم غرفتها بهذه الطريقة ، لكن والدتها من أشارت إلي بهذا ..
قلت مخاطباً والدة روز وأخيها : أخرجا من هنا ، أريد أن أتحدث معها على انفراد ..
رمقتني والدة روز بنظرة غرور قائلة : أنت في منزلي لذا لا يمكنك طردنا ..
قلت بقليل من الحدة : سيدة توسان أنا أقوم بعملي وأنت يجب عليك إطاعتي مهما كان السبب ..
ضربت الباب بقبضتها قائلة بنبرة عالية : روز لا شأن لها بإبنتك العاهرة التي هربت من المنزل ..
صرخت غاضباً بعد أن عجزت عن كبت غضبي أكثر : سيدة توسان لا تقولي عن إبنتي أنها عاهرة ، فهذه مجرد إشاعة ، والآن غادري حالاً وإلاا ألقيت القبض عليك بتهمة عرقلة التحقيق ..
إحتقن وجهها ويبدو عليها الغضب ، لكنها لم ترد علي بكلمة ، إنها سيدة جبانة بعد كل شيء ..
في هذه اللحظة تحدث ماركو : سيد روك إذا أردت أن تتحدث مع روز فأنا لن أمانع لكن أسرع ..
بعدها غادر ماركو وهو يمسك بيد والدته وغادرا الغرفة ..
إلتفت إلى روز مجدداً ، وكانت كما هي ولم تغير وضعية جلوسها ..
أخذت كرسياً خشبياً موجود في غرفتها ، وقربته من سريرها وقلت بنبرة حانية : روز إمسحي دموعك فجوليا لن تكون سعيدة إذا ما علمت أنك تبكين ..
حدقت فيها منتظراً أي ردة فعل ، لكنها بقيت ساكنة كما هي ..
زفرت قائلاً : روز سمعت الإشاعة التي كانت تدور حول جوليا ، وغضبت كثيراً عند سماعي له ، وقررت البحث عن مصدر الإشاعة ، في النهاية توصلت لشيء ..
صمت قليلاً لأتيح لها فرصة التحدث ، لكنها بقيت صامتة لذا أكملت ما كنت أقوله : لقد قالوا أن الإشاعة إبتدأت من مدرستك ، وحين كثفت التحقيق علمت أنك من أصدر هذه الكذبة ..
- لست أنا ، لا لست أنا من قالها ، هذا كذب ..
هذا ما صاحت به روز أخيرا وهي تهز رأسها بالنفي ، بعدها رفعت كفها ممسكة رأسها وهي تتمتم بهسترية : بلى أنا من قلتها ، أنا من نشر تلك الإشاعة ..
ثم بدأت تجر شعرها وهي تصرخ : لم أكن أنا ، لقد كنت مجبرة ، لا يجب أن تلوموني ، أنا فعلت هذا من أجل جوليا ، أنا لم أذنب ، نعم لم أذنب ..
كنت أراقب تصرفاتها عن كثب ، وأحاول ترجمة ما تقوله ، لكنها تقول أموراً متناقضة ، تارة تعترف بأنها هي الفاعلة ، وتارة تنكر ذلك..
لكن ما لفت نظري هي عبارة ( لقد كنت مجبرة ) أيعقل أن هناك من أرغمها ، لكن من يكون يا ترى ؟؟ وماذا تقصد بأنها فعلتها من أجل إبنتي ؟؟
أمسكت بها محاولا تهدئتها : روز إهدئي قليلا وتحدثي جيداً حتى أفهمك ..
لكن روز دفعت يدي بعيداً ، والخوف بادٍ على محياها ..
أدركت أنها تخفي الكثير ، لكنها لن تبوح لي أبداً وهي بهذه الحالة ، وأنا لم أحبذ فكرة إجبارها ، لذا قررت التحدث إليها لاحقا ..
وقفت بعد أن ودعتها ، وأخبرتها أني سأعود في وقت لاحق ، وبعدها غادرت منزل السيدة توسان ، لتقفز جودي في وجهي وهي تقول : ماذا حصل يا أبي ؟؟ هل إعترفت تلك اللعينة بفعلتها ؟؟
قلت بصرامة : جودي من الأفضل أن تبقي بعيدة عن روز وإياك والإقتراب منها أو قول أي شيء لها ، هل فهمت ؟؟
قالت وهي مقطبة الجبين : ولماذا؟؟ لو أنك فقط لم تمنعني من الدخول لكنت لقنت تلك المنحطة درساً لن تنساه ..
ثم أردفت وجسدها يرتعش من شدة الغضب ، وعيناها بدأتا بذرف الدموع : لماذا تقول شيئاً كهذا عن جوليا التي كانت تعزها كثيراً ؟؟ لماذا أصدرت مثل تلك الإشاعة عنها ؟؟ أولم يكونا صديقتين ؟؟ أهكذا يفعل الأصدقاء ببعضهم ؟؟
أحطتها بكلتا ذراعاي قائلاً بنبرة حنونة : جودي نحن لسنا متأكدين من أنها هي ..............
قاطعتني جودي وهي تبتعد عني بغضب : بلى إنها هي أؤكد لك يا أبي ..
ثم إلتفتت إلى الفتى الذي معها والذي كان يدعى زاك لتقول : زاك لقد كانت هناك فتاة لديها أخت كبرى في صف روز وقد أكدت لنا أن روز هي من أخبرتهم بهذا ، أليس كذلك ؟؟
هز رأسه بإيجابية دون أن يقول شيئاً ، بينما قلت لها : لربما كانت تلك الفتاة وأختها متآمرتين على روز ، لذا لا يجب أن نصدق أي شيء نسمعه ..
***
~ جوليا ~
فتحت عيناي ببطء شديد ، لأرى مباشرة الآنسة يومي التي قالت فور رؤيتها لي : جوليا الحمد لله أنك بخير ، لقد قلقت عليك كثيراً فقد كنت فاقدة للوعي لوقت طويل ..
جلست بمساعدة الآنسة وقلت وأنا أتلفت يميناً وشمالاً : لماذا عدنا إلى الزنزانة ذاتها ؟؟ ماذا حصل بعد أن أغمي علي ؟؟
أسندت الآنسة يومي بظهرها إلى الجدار ، وقالت وهي مطأطئة الرأس : بعد أن سقطت أرضاً خفت كثيراً، ولم أعرف كيف سأتصرف ، لقد كنت خائفة كثيراً ، لذا لم أتصرف بالطريقة الصحيحة ، كل ما قمت به هو البكاء من شدة الخوف ..
عندها بدأت الآنسة يومي تجهش بالبكاء ، وتتمتم بالإعتذار ..
صحيح أنني غاضبة قليلاً لأننا أضعنا فرصة ثمينة للهرب ، لكن اللوم يقع علي أيضاً ، فلو لم يُغشى علي لاستطعنا الخروج ..
قلت بإبتسامة هادئة : لا داعي للإعتذار يا آنسة يومي ، في النهاية النساء ضعيفات دائماً وليس بوسعنا القيام بشيء لأشخاص مثلهم ..
ظننت أن ما قلته سيهدئها قليلاً ، لكن ما حصل هو أن نحيبها قد ارتفع أكثر من قبل ..
زفرت بضيق وأنا في حيرة من أمري ، كيف أجعلها تصمت يا ترى ؟؟
فجأة سمعت صوت غليظ من خارج الزنزانة يقول : توقفي عن الصراخ أيتها المرأة المزعجة وإلا نزعت حنجرتك وقطعت حبالك الصوتية ..
كردة فعل قامت الآنسة يومي بوضع كلتا يديها على فمها محاولة منع شهقاتها من الخروج ..
كنت أدير ظهري إلى الحارس الموجود خلف الزنزانة ، لذا لم أرى من هو الذي صرخ ..
إلتفت ببطء لأتفاجأ بشخص يجلس على ذلك الكرسي ووجهه مغطى بالضمادات ، حدقت فيه بذهول ، لا يمكن أن يكون هو الأصلع ذاته ، وهو مربط الآن بالضمادات بسبب أن الحارس كيتورا قد سكب الزيت الحار على وجهه ..
رفع الحارس عينه لتلتقي نظراتنا ببعض ، ليقف بعدها متجهاً نحو الزنزانة ..
لم أتحرك من مكاني خطوة واحدة ، لو أراد قتلي فأنا لن أمانع أبداً ، ففي النهاية أنا فعلت شيئاً فظيعا للغاية ..
وقف أمام باب الزنزانة ولازالت نظراتنا متصلة ببعضها ، لا هو أبعد عينيه عني ولا أنا قمت بذلك ..
بقينا على هذا الحال لفترة ، أستطيع قراءة ما يخفيه من خلال عينيه ، من الواضح جداً أنه يحتقرني ويرغب في قتلي ، ويحمل حقداً كبيراً في داخله علي ..
قطع نظراتنا صوت باب الغرفة لتتوجه أبصارنا جميعاً نحو الباب ونرى الخادمة تدخل وفي يدها صينية الطعام ..
أدخلته من خلال القضبان قائلة : تناولي هذا يا آنسة جولي ، الطعام لك ..
نظرت إلى صحن الحساء ورغيف الخبز وكأس العصير لأقول بعدها : سيدتي ألا ترين أن هناك سجينتين هنا وليست واحدة ؟؟ ألم أخبركم قبلا، أن تحضروا للآنسة يومي الطعام أيضاً ..
أجابتني الخادمة : إنها أوامر السيد ، هو لم يخبرنا بإحضار الطعام لها ، وإنما أمرنا بإحضارها لك فقط ..
إنه الجواب ذاته الذي سمعته في صباح الأمس، زفرت بضيق حين رأيت الخادمة تغادر المكان ، ويعود الحارس الأصلع إلى مكانه ..
قربت الطعام من الآنسك يومي وقلت : تستطيعين تناول الطعام ، أنا لست بحاجة إليها ..
هزت الآنسة يومي رأسها قائلة : لا يا جوليا أنت من يجب عليك تناول الطعام ، فأنت تبدين جائعة أكثر مني ..
بدأت أنقل ببصري من الطعام إليها ، في النهاية أمسكت رغيف الخبز الصغير وقسمته لنصفين ثم قلت : هكذا سنتناول كلتانا الطعام ..
قالت يومي ويبدو عليها التأثر : جوليا لقد قمت بالكثير من أجلي وأنا لا أستحق ذلك ، أنا أكبر منك سناً ، لكن كل ما أقوم به هو البكاء والإختباء خلفك ، لذا فلتأكلي لوحدك يا جوليا ..
وضعت رغيف الخبز بين يديها دون أن أقول شيئاً ، صحيح أنني قدمت الكثير من أجلها ، إلا أنني قمت بالكثير من الأمور السيئة للحارس كيتورا والحارس الأصلع وشيبا من قبلهم ..
وضعت في فمي لقمة صغيرة ، صحيح أنني جائعة لكن شهيتي مغلقة ، ولا أرغب في تناول أي شيء ، وربما بسبب أن ضميري يؤنبني كثيراً ..
أطلقت زفيراً طويلاً سمعتها الآنسة يومي التي قالت بقلق : ما بك يا جوليا ؟؟
قلت بإبتسامة باهتة : لا لاشيء ، تستطيعين أخذ حصتي من الطعام ، فأنا حقاً لا أشتهيه ..
إقتربت الآنسة يومي ووضعت يدها على جبيني لتقيس درجة حرارتي ، قالت بإستغراب بعدها : درجة حرارتك طبيعية وليس بك حمى ، لكن لماذا تبدين شاحبة على غير العادة ؟؟
إبتسمت ساخرة من سؤالها ، كيف لشخص يمر بموقف كالذي مررنا به ولا يتأثر ؟؟
لكنني لم أكن لأجيب عليها بهذه الطريقة أبداً ، جل ما فعلته هو أن أسندت برأسي إلى الجدار وأغمضت عيناي متمتمة : لا شيء ، كل ما هنالك أنني مرهقة قليلاً ..
بقيت ساكنة في مكاني لأغرق في ذكريات الماضي ، تلك الذكرى التي غيرتني تماماً ، بدأ ذلك عندما أنتقلت أنا وعائلتي من هذه المدينة إلى مدينة أخرى بسبب عمل والدي ..
كنت في ذلك الوقت في السنة الأخيرة من المرحلة الإعدادية ، ومرت تلك السنة على ما يرام ، لكن في السنة الأولى من المرحلة الثانوية كانت هي بداية المأساة ..
وبعد تلك الحادثة قرر والدي العودة إلى هذه المدينة ، فقد أصبح الجميع ينظرون إلي بإحتقار ، ولم يعد يطيقني أحد ..
كما أنه حاول أن ينسيني ما اقترفته ، لكنني لم ولن أنسى ما فعلته ، أنا السبب في موته ، لذا بعد عودتي إلى هذه المدينة قررت أن أغير من نفسي ، وأرتدي قناع الضعف والجبن ..
القوة والشجاعة التي كنت أتصف بها سابقاً هما السبب الرئيسي في موت شيبا ، لذا لن أسامح نفسي إطلاقاً ..
فتحت عيناي لأجد أن الآنسة يومي قد غطت في النوم ، نظرت إلى الفتحة الصغيرة الموجودة في أعلى الحائط لأجد أن ظلام الليل قد بدأ بالتبدد ، وشعاع الشمس يخترق الغطاء الأسود في السماء ..
لقد غرقت في التفكير لدرجة أنني لم ألاحظ كم من الوقت بقيت أفكر ..
شق هذا الصمت والسكون صوت صرير الباب ، الذي فُتح ليظهر خلفه رجل كلتا يديه معلقتان على رقبته ..
فور رؤيتي له علمت أنه المسؤول عن إختطافنا ، ولازلت أجهل إسمه حتى الآن ..
دخل هو ليغادر الأصلع ، وأخذ الرجل يقترب من زنزانتي بطء وهو يقول بهدوء : لا تزالين مستيقظة إذا ..
ضيقت عيناي محاولة تمييز ملامح وجهه ، إنه مألووف لدي كثيراً ، أشعر بأنني رأيت هذا الوجه سابقاً ، لكن أين يا ترى ؟؟
- لماذا تحدقين في وجهي ؟؟
قلت بشك : هل قابلتك من قبل ؟؟
أما شفتيه بإبتسامة وقال بغموض : لم تقابليني لكن لربما قابلتي نصفي الأنثوي ..
لم أفهم ما قاله كثيراً ، وأنا لا زلت أحاول تذكر وجهه ، لكن يبدو أن محاولاتي باءت بالفشل ..
وقف أمام باب الزنزانة مباشرة وهو يقول : يجب أن تكوني ممتنة لأنني لم أعاقبك على ما فعلته بي أيتها الفتاة ..
أجبت ساخرة : ممتنة !! لا تضحكني أيها العجوز ، على ماذا أكون ممتنة ؟؟ أعلى إختطافك لي أم على قلع أظافري وسكب الحشرات على رأسي ؟؟
قال بنبرة حادة : لا تسميني بالعجوز أيتها الفتاة الحقيرة ، فأنا لا زلت في التاسعة والعشرين من العمر ..
قلت وأنا أتصنع التفكير : أوه صحيح لقد ظلمتك حين أسميتك بالعجوز ، فلقب العجوز قليل بحقك وبحق عمرك ، سأحاولا التفكير في تسمية تناسبك وتناسب عمرك الذي تعدى مرحلة الشيخوخة ..
قال وهو ينظر إلي : لم أتوقع أن تكوني هكذا أبداً ، فقد سمعت أنك لست سوى فتاة جبانة وضعيفة ، لكن ما أراه الآن ينفي ما سمعته تماماً ، لقد جلبت الكثير من المشكلات وهم من سيدفعون الثمن ..
قلت بإستغراب : من تقصد بهم ؟؟ أهم عائلتي ؟؟
فكر قليلاً ليقول بعدها : لن أجيب عليك ، ستشاهدين ما يحصل في العالم الخارجي قريباً ..
***
في صباح اليوم التالي
~ كازوما ~
حركت نظارتي وأنا أقول مخاطباً الشخص الواقف أمامي : إذا تريد أن تحقق مع طلاب صفها جميعاً ..
أجابني بصوته الغليظ : نعم فالأمر مهم كما تعلم ..
قلت له : كما تشاء يا سيد روك ، تعال معي إذا حتى أدلك على الصف ..
خرجت أنا برفقة السيد روك والد جوليا الذي أتى إلى المدرسة للقيام بالتحقيقات حول الإشاعة التي انتشرت مؤخراً عن جوليا ..
طرقت باب الصف وأدخل بعدها ، وقد كانت المعلمة رين هي من عليهم ..
قلت مخاطباً الجميع : إسمعوني جميعاً أمامكم الآن المحقق روك والد جوليا و المسؤول عن قضية إختطافها ، وهو هنا ليطرح بعض الأسئلة لذا فلتكونوا متعاونين معه ..
بدأ صوت همساتهم تعلوا أكثر فأكثر ، والإضطراب قد طغى على المكان ..
وحتى أسيطر على الوضع ضربت بقبضتي الطاولة بقوة ، وأقول بعدها : أرجو من الجميع إلتزام الهدوء ، والتنصتوا لما سيقوله السيد روك ..
تقدم السيد روك وقال بهدوء وهو يوزع نظراته عليهم : سيتم إستجوابكم جميعاً على انفراد ، لذا كونوا متعاونين جميعاً الكذب والمراوغة ليس في صالحكم ..
رفع أحد الفتية يدهم ليقف بعدها قائلاً : سيدي لماذا تظن أن ابنتك قد اختطفت ؟؟ هل تحدث معك الخاطف ؟؟ لماذا لا تكون قد هربت بملئ إرادتها ..
تغيرت ملامح السيد روك ، ويبدو أنها ستحدث كارثة إذا لم أتدخل ، لكن قبل أن أتكلم قال صوت أنثوي : أيها الفتى ليس من الجيد أن تتحدث عن زميلة لك بهذه الصورة، حتى لو أن صديقتها المقربة هي من أصدرت هذه الإشاعة الغريبة ..
إلتفت إلى الآنسة راي التي تفوهت بتلك الكلمات ، لأقول بإبتسامة : هيا جميعاً سيتم إستجوابكم بالترتيب ، لذا فليستعد الجميع ..
كنت آركز ببصري نحو روز التي بدى عليهت الخوف والإرتباك ، ومن الواضح كثيراً أنها على وشك البكاء ، والمحزن أنه لا أحد حولها لمساندتها ..
لاحظت الآنسة رين وهي تشير إلي بالإقتراب منها ، فعلت ما طلتبه لأسمعها تهمس : لماذا سمحت له بالقدوم إلى هنا والإستجواب ؟؟
قلت بنفس النبرة الهامسة : لو أنني رفضت فسيبدو الأمر غريباً ..
صمتت قليلا لتقول بعدها : أنت تعرف أنك لا تستطيع التفكير في خيانتنا أليس كذلك ..
قلت بإبتسامة واثقة : بالطبع أنا لا أفكر بذلك ، ثقي بي ..
نهاية الجزء ..
Lune~
مشاهدة ملفه الشخصي
إرسال رسالة خاصة إلى Lune~
البحث عن المشاركات التي كتبها Lune~