الموضوع
:
روايةة || ” تَطلُّع : نَيْطَلٌ مُدلهِّم “
عرض مشاركة واحدة
#
40
08-15-2016, 09:56 PM
.FIRE
الفصلُ السادِس
~ قانون المَصرع ~
تجفلُ الحياةُ بلحظاتٍ لا يجوزُ القنوطُ فيها ، لا تبالي أن جُفولها سيودي بأرواحِ الكثيرين ..
و اقتداءً بالحياةِ عاشَ البشرُ لحظاتِهم ، يتبلدونَ متى ما أرادوا ، غير مهتمينَ بنتائِج ذلك ...
المتعة ، تعبيرٌ مبنيٌّ على عذابِ الآخرين
و إن سألتَ ما العذاب ؟ تُجابُ أنه مُتعةٌ إرتوى مِنها الأحياء
فهلِ الموتُ متعة ؟! ...
على أريكةٍ عتيقة جلست صوفي و أسندت ظهرها ، إصابةُ قدمِها ليست بالخطيرة و لكنها مؤلِمة ...
ملفوفة بِقماشٍ أبيض ، حتى تسترِّد قدرتها على الحركة .
بعينيها الخزفيتينِ تتأملُ ما خلف النافِذة ، أسدلَت جفنيها و أطلقت العنان لزفيرها ...
صوتُ فتحِ الباب ، دَلفَ مِنهُ ذو الشعرِ المموج
حاملاً بيدِه عدة أكياس ورقية ...
- " لقد عُدت "
همست و قبضتُها على خدِّها :" ليتك لم تفعل ... "
-" إبتهجي هيا ، على الأقلِ ساعدتُك ، لولاي لكنتِ الآن في طريقكِ للوضعِ في المعرِّض العلني و لا احد يدري ما ستفعلهُ تِلك المجنونة قبل ذلك ... "
أزاحت يدها عن وجهها و صرخت فيه :" كيف أبتهِج و قد علِمتُ للتو أنني ملاحقة ، بالإضافة كيف يرضى البشرُ بصيدِ بعضهم ، ألم يحقق لهم صيدُ الحيوانات الإكتفاء الذاتي بالفعل ؟
أنا محتارة من بينكم هو الوحش !! "
رمقَها بعينٍ واحدة و أردف :" ولا ذرةُ إمتنان ، عديمةُ العرفان ! لقد استسلمتُ عن المسابقة لأجلكِ كما تعلمين ... "
تابع :" « من بيننا هو الوحش » ؟ ، تقصدين البشر أم طيفكِ صحيح ؟ "
لم تنبس ببنتِ شفة ، فمِن عاداتِها أن تنسحِب من المحادثة إذا أزعجتها ...
* * *
صوتُ صفيرِ غليانِ الماء ، صبَّ الماء بأكوابٍ ليُستحالَ لونها للأحمرِ القاتِم
- " تفضلي كوب شايٍ ساخِن .. "
نظرت لهُ بإستخفاف و أعقبت :" من يشربُ الشايَ بالصيف ، و بهذا الجوِّ الحار و أيضاً ..... "
قاطَع توبيخها قرعُ الباب ، انتصَب دميتري من مكانِه ليتعرّف هوية الطارِق ...
إنهُ عجوزٌ قصير يعتمِرُ قبعةَ صيد ، و بيدهِ جثمانُ طير ...
لا خطر ، فتح الباب و أدخله ...
نقلّ ناظريهِ بين التي على الأريكة ، و بين الواقفِ أمامه
-" تزوجتي صوفي ؟! "
أحمرت وجنتاها و أجابت متلبكة ، بإبتسامة مصطنعة :" لـ... لا أيها العم ، هذا فقط رجلٌ ضالّ ، سيرحلُ حالاً "
-" فهمت ..."
* * *
بينما صوفي في المطبخ تطهو يخنةَ الطيور ، كانت تسترقُ السمع للحوارِ المتبادل بين الرجلينِ في الغرفةَ الخارجية
-" أيها العمَ ، ما اسمُك ، و كيف تعرّفت على صوفي ؟ "
-" انا فيودور جورج ، لقيتُ صوفي حينَ كانت بالحادية عشرَ ، و قد كانت بحالة سيئة ، لم ترضَ أن تبقى معي في المنزل ، فأمنّتُ لها سكنها بالغابة ، و أعطيتها ما تحمي فيهِ نفسها من الغرباء ..."
إبتسمت صوفي بنقاء بعد سماعِها لكلماته ، فقد تذكرت كرمهُ و إنسانيته ، فالجميعُ بشر، و لكن ليس الجميعُ إنسان ، الإنسانية لقبٌ تقوم بإكتسابِه عبرَ تجارب الحياة ، و هذا العم قد نالهُ بكل جدارة ، و لكن من الغريب أن هذِهِ المرة كانت أول مرة تعرف فيها اسمه ، بالعادة لا تصغي جيداً عندما يذكرُه لها ...
قدّمت صوفي قِدرَ يخنةِ الطيور الذي اعدّتهُ ، لكي يأخذهُ فيودور معه إلى منزله و زوجته ، لأن صوفي دائماً تطهو لهما ما يصطادهُ العم ...
أرادت أن تقول لهُ شيئاً و لكن سبقتها صرختُها بالبوح ، لقد صرخت ، لأنها علِمت الآن بأن أَجَل العمِّ الطيب قد حان ، لماذا في هذا الوقت ، بعد أن أرادت البوح بمشاعرها و الإفصاحَ عن إمتنانِها ...
فجأةً هَمَد جسدُ العجوزِ على الأرض ، لا يشهقُ أو يزفر ، لا يحرّك عينيه ...
لا حياةَ تجري في عروقِه ، مات بسكونٍ كما عاش .
بإنهمارِ العبراتِ على وجنتيها ، نظرت بحقدٍ للظلِّ المبتسمِ ، المنتصِب في زاويةِ الغرفة ...
مَشت نحوهُ ، وقفت أمامه للمرة الأولى ، حاولت النظرَ بتجويفِ عينيهِ للمرة الاولى ، لم ترَ شيئاً رغم ذلك ...
شدّت قبضتها ، و ضربتها في معدته للمرة الأولى ، كما توقعت لم تصبه ضربتها بل حطّت عند الجدار ، اخترقتهُ كما لو انه مجرّد غاز ...
-" لماذا ؟.... فقط حينَ اعتقدتُ انك لربما لستَ بذلك السوء .......
فقط عندما ظننتُ انني انا من تهيأ لي أنكَ تريدُ تحطيمَ حياتي !
أنتَ بالفعلِ .............شخصٌ حقير ..."
تهادلَ جسدُها النحيل حتى وصلت إلى الأرض و ارتاحتْ اخيراً ...
وضعت كفيها على الأرضية ، الرؤية ضبابية جداً
ارتطمت دمعةٌ ندية بكفِّ يدِها ، لتعقبها الأخرى فالأخرى ...
أحست بيدٍّ تلمسُ كتِفها ، همسَ دميتري لها بأسىً :" لا يجبُ أن تبقى جثتّهُ هكذا ، علينا دفنُه ، كفكفي دمعاتِك ..... "
~ يُتبَع ~
$ لا احد يرد :heee:
.FIRE
مشاهدة ملفه الشخصي
إرسال رسالة خاصة إلى .FIRE
البحث عن المشاركات التي كتبها .FIRE