عرض مشاركة واحدة
  #41  
قديم 08-15-2016, 10:58 PM
 












الفصلُ السابِع ~ الِوِجهة : موسكو ~




جلُّ ما تملكهُ بالحياة ، عليكَ التمسك به ، فَفي هذه الحياة ، عليكَ ان تتحلى بالكثير مِن الطمع ....
يجبُ ان تكون غيوراً على ما تملك ، طمّاعاً بما لدى غيرك .....
هذا ما يقال و لكن يمكنك تطبيقُ ذلك كما يحلو لك
إيجابياً أو سلبياً
لا يهم ، لأنه بهذهِ الحياة عليكَ بناءُ سعادتِك فوقَ قبور الآخرين !!


بتلاتُ زهرةٍ حمراء لمعت على ذراتِ التراب ، حجرٌ نُقِشَ عليه « فيودور جورج ، 1840 - 1910 م »

لذعة حارقة تعتصِر فؤادها ، لماذا ؟ فقط باللحظة التي أرادت فيها ان تشكرهُ لأول مرة ...
لماذا عندما آمنت أن الأمور قد / لربما تأول للأفضل ، حين صدّقت بأن مستقبلها ليس سيئاً ....
لازال الطيفُ واقِفاً يراقِب ، يتربصُّ لفعل كل ما من شأنه أن يُعكر حياتها أكثر ...

" صوفي ، سنذهب إلى جدتي في موسكو ، حتى تعرفي أكثر عن طيفك ... "

إجابتُها تحورّت إلى سؤالٍ كالعادة :" لماذا تهتمُ لأمري ؟ بالإضافة لماذا لم تمت حتى الآن ؟! لقد رأيت شذاذاتِ اللون القرمزي تحومُ حولك مِن قبل و لكنها اختفت الآن ! كيف ؟! "

لم يجب و اكتفى بالصمت .....
ثم بعدها فرّك صفوةَ رأسِه و قال بتلبك :
" انا و انتِ متشابهان ، فكلنا تم ربطنا بطيف و هناك آخرون حصل لهم الأمرُ ذاته لكنهم كانوا تجارباً فاشـِلةة ...."

أردفتْ بتساؤل :" فاشلة ؟! ما الذي تعنيه ...؟ "

تنهد و نظرَ لها بجدية ثم ردّ
:" أي أنهم لقوا حتفهم ...."

أفكارٌ مُتلاطِمة و خليطُ مشاعِر ، شعرٌ بالندم و الأسى يحثُّ على فقدانِ الأمل ، كل ذلك انخرطَ في جِيدِها مُثقلاً على أنفاسِها ....
خالجها غضبٌ مضطرِم ، و تساؤلاتٌ مبهمة ، لا حلّ إلّا بِشدِّ الرِحال للاتجاه نحو موسكو
البلدُ الذي تقبعُ بِه الإجابات ...

شابكت أصابِع يديها و ضغطتهُم ثم نبستْ :" خذني إلى تِلك العجوز .... "



* * *

أراضٍ حضريّة مزدهرة ، مساحاتٌ خصراءَ شاسِعة ، تتخللُ الأراضي أقنية مائية تبثُ الحياة ....
إنها موسكو عاصِمةُ روسيا القيصرية ....

مدت قدمها لتخطو خطوتها الاولى نازِلةً من القطار الذي انطلقَ من سانت بطرسبرغ ، وضعت يدها على صدرِها
لتشعرَ بخفقاتِ قلبِها
أهو حماسٌ للمجهول أم شوقٌ لتجربةِ الجديد ؟
وصفُ تِلك المشاعِر كانَ صعباً ، هي فعلاً تريد ان تحتفِظ بهذي الذكرى للأبد ، ان تقفِل عليها بصندوقٍ صغير بعقلِها ، و تستعيدها لاخقاً لتستلِذَ بتِلك الذائِقة العسلية المُسكّرَة .....
التي ذابت في جسدِها و انصهرتْ مختلِطةً بـ تجاويفِ عظمِها ....

قالت و عيناها تبرقانِ ، آخذة شهقةً عميقة
" جمييييييييييييل "

نظرَ لها بإبتسامة حنينية و أعقبَ :
" بالفعل ، هذه مسقطُ رأسي موسكو الحبيبة ! "

لك تصغي لما نطقَ بِه و انطلقت مع الرياحِ لترى كم أن العالم لا يزالُ جميلاً ...

تُحدِّقُ بِكُلِّ النواحي ، عيناها اللازورديتانِ تتلألأان كلما وجدتْ شيئاً جديداً ...
لقد أطالتِ التجوال فهاهوَ الغسقُ قد أتى ليصحبَ قرصَ الشمسِ إلى رحلةِ ما وراء الجِبال ....

أمسكَ دميتري بيدِ صوفي و قال :
" يكفيكِ هذا الكمُّ مِن اللعِب ، هي إلى بيتِ جدتي ... "

أرادتْ أن ترشُقهُ بكلامٍ جارِح كالعادة و لكن إستوقفتها زقزقةُ عصافيرِ معدتها ...

رَمقَ خجلها بإستخفاف و علّق على الموقفِ بسخرية :" و هاقد جاعتْ الفتاةُ التي لم تطعمني ، ماذا علي ان افعل يا ترى .....
آحذُها إلى مطعَم ؟! "

وسعّت صوفي عينيها مع إبتسامة عريضة

فتابع دميتري واضعاً قبضتهُ على ذقنِه :" أم لا أُبالي بجوعِها و أردُ لها الصاع ؟ "

هزت صوفي رأسها بترجٍ و أغرورقت عيناها بالدموع


* * *

تَرك بعضَ القِطعِ النقدية على الطاوِلة و نبسَ بصوتٍ عالي :" شكراً على الوجبة ...."

مسحت الصهباءُ معدتها بكفِّ يدِها الناصِع و اردفت برِضىً :" لقد شبِعت ....... "


أجابها مبتسِماً :" حسناً إذاً هيا إلى بيتِ جدتي ... "

~ يُتبَع ~







رد مع اقتباس