عرض مشاركة واحدة
  #71  
قديم 08-15-2016, 11:24 PM
 




.













" خيوط الهوى... و شمس تشرق"


ثلاثة أحرف تنبت الرهبة و مع ذلك تتصدر لائحة وصف مايذهل !
فهل يعقل هذا التناقض ، شيئ مهول يكون ما تسترجي سماعه العقول؟!
سينها، سؤال القلب عن عجب الأحداث...
حائها، حيرة لامست غرابة المئال...
رائها، رغبة توضيح الإنقلاب لممكن سابقه المحال...
هي سحر، لم تحو من التعاويذ شيئ غير كلمات طوت معان يحفرها هذا الشاب في من يقابل...
فحتى برفيسيا وقعت بشباك تلاعبه...
زمجرت بغضب و يديها تبعد خصلاتها عن عينيها المشوشتين للعاصفة الرملية التي فتحت لهم أبواب حربها: لا أرى شيئا.
أجاب سيتي و هو في صدد ترويض الخيل الأسود الهائج مما أصاب عينه من رمال: قليلا و سيعود الوضع طبيعيا..لا تقلقي.
أما مينا فقد ألقته خيل بريفيت البيضاء بركلة طرحته سجين ألم لايقاوم: تبا لك، كنت أحاول تهدئتك فقط..
ذراع بريفيت كانت خير المسكن لمركبها مع عبارات سهلت غايتها لتشتعل إبتسامة النصر مواجهة بها الأمير:جلالتك ، أنت فاشل.

عاود مسك اللجام بعد أن هدأت الرمال الهوجاء و بدأ بالسير الحثيث: شكرا لرد الجميل، سأتركه لك في المرة التالية أيتها الخبيرة.

سلبها الشرود لتفكر بواقعية ، هل خيارها الصواب أم أنه تتمة العذاب، و أ شكها له محط يستقر به ليريها الحق أم أنها ستظل تلاحق ضلال الحيطة و الوهم حتى النهاية، أو حتى يظهر المستور...
بغضت نفسها لعدم قدرتها على قراءة أفكاره، باتت تختلس النظر بين حين و آخر علها تجد في ملامحه ما يعين بغيتها وما آلت لها تطلعاتها لم يكن سوى الخيبة بناتج عقم شد بؤبؤيها الذهبيين نحو مساعده الهادئ رغم يقينها من ذات النتيجة... فسيتي هو الأكثر جهلا عما يفكر هذا المخادع، أم أنه يملك تخاطرا معه...!
أرهقها التفكير فقالت لممسك اللجام المختبئ خلف قبعة ردائه : أنا ضمأة ، هللا أعطيتني الماء.
تجاهلها فقالت بحنق: توقف أيها الأمير لأنزل و آخذ القربة بنفسي...
لم يفلح ذلك إلا بتغيير وجهته مؤشرا لسيتي بالتحرك خلفه...
دقائق حتى توقف منحنيا بجانب الخيل موجها كلماته المستهجنة من شخصه: إنزلي.
تسائلت عما لا تجرأ على التفكير به خادمة و هي ترى كفيه المتشابكين بإستقبال قدمها: على كفيك!... لن أفعلها.
رمقها بشقاوة: للتو فقط أطلقت صرختك التي كادت تخرق طبلة أذني، فلا موجب لتواضعك الآن.
نفخت خديها السهلين بسخط : سترى.
ضحك سيتي مبديا إعجابه الملحوظ بمجابهتها لرفيقه من تأهب للإنقضاض: بريفيت، لك القدرة على مجابهته...
رفع إبهامه من كفه المقبوضة مشجعا: إفعليها.
رجع المجني عليه بخطواته للخلف مرتبكا: هي، فتاة لطيفة مثلك لن تفعلها...
قاطعته بركلتها التي استهدفت صدره ليرتمي على بعد أمتار ثم حركت خصلاتها السوداء بعشوائية تبدي الغرور : ها قد نزلت.
أعان سيتي الأميرة على النزول ثم توجه بشماتة نحو مينا: هل أنت بخير؟
رفع حاجب استنكار له: إبتسامتك لا تعني القلق علي سيتي.
انحنى سيتي ليرفع المعاتب مفضفضا التراب من ملابسه: حسنا، لم توقفت هنا؟
نظر للفتاتين مجيبا: لقد تعبت، فقلت هما أولى بالتعب...لذا توقفت للراحة.
بدى الإعجاب متسلسلا لقلوب السامعين حتى أظهرت برفيسيا ذلك بالإقتراب و الجلوس عنده: سيادة الأمير، أقدم امتناني لتعاملك معنا....
فاجأ الجميع بحمرة خجل توضحت بوجنتيه ليقول سيتي مستغلا ما يرى: مينا، ما سر هذا الإحمرار؟
حك وجنته بحيرة: لا شيئ مهم، لم أعتد المديح.
ربت على كتفه: قل كذبة أخرى..أمير لا يمدح لم يوجد في الخلقة.
سرح مينا ثوان حتى نهض بصمت ليتركهم في حيرة من إنعزاله!

**********************

الأمر بالإجتماع أسوء نبأ لهذا اليوم...
فماذا يفسرون لذو العين المتعطشة لدمائهم، عدم عثورهم على ولي العهد الذي يعد انكسار شوكتهم أم... سر الشائعات المنتشرة في الأيام الأخيرة ؟!
كان الموت حليفهم إن لم يحالفهم الحظ..
نطق أحدهم متحدثا بتلبك: أليس من الأفضل أن ننجوا بحياتنا؟
سأل مجاوره الذي يمسح عرقه المتصبب : كيف ..؟
" كيف تتصور؟... الهرب"
أطرقت عصى التفاؤل على البلاط الذي يرد صداه: لن يمس منكم شعرة.
لم يكذب ، فلسانه الطليق و حكمته المستورة بظلم حاكمه ستقوده للفلاح....
ماهي إلا دقائق و هو يوجه عينيه الصارمتان للجالس على العرش بادئا بتقريعه بينما يدور في أطراف القاعة: ماذا دهاك أخناتوس... تريد فقدان ملكك و نهاية نطاقك؟....إن مبيد كل شيئ...
استنكر هذا الإعتراض فقال و هو يتلمس لحيته السوداء محلقة الجوانب: بل الإحتفاظ بحياة عديمي النفع سيشوه زمام سيطرتي على الأمور.
رفع سبابته و أنبأ عن الشائعات: بسبب طغيانك تتناقل الألسن لعنة الآلهة، إن قتلك لهم إثبات هذه الأقوال أخناتوس.
نهض لينزل ببطئ مواجها ذاك العجوز: صحيح أنك مستشار والدي أيها العبد، لكني لست بأبي لتتلاعب بعقله.
أعلن تحديه بإبتسامة واثقة: افعل ما تريد أيها الطائش، أقسم... شهر و لا نطاق بمصر... فأنت ستنتهي.
زم شفتيه بحنق مهددا من لا رهبة تمر من قلبه الثابت: رمسيس..
استدار خارجا : نادني عندما تحتاجني، فلقد أتممت عملي الآن..
خرج متحررا من قيود السياسة ليطلق زفرة امتعاض: متى سيولي عهد الطغيان هذا...

رفع بصره الضعيف لأعلاه مردفا في نفسه: أ عند عودتك مينا..؟... لم يجب علي تصحيح أخطائك أيها الطفل المشاكس؟...
مشى و إبتسامة دافئة قد سيطرت عليه:... حفظك الرب أيها الأمير... فأنت الشمس التي أشرقت لنا.

********************

إرتشف ما بالكأس من شراب مر ثم أومأ لخادمه بأخذه...
ثم أزال ما انسكب اطراف ذقنه بظاهر كفه: يا لفضاعة هذا الدواء.
ابتسم الحكيم قائلا بلطافة : مولاي، كل مصيبة مرة لها دواء يحاكيها.
أطلق غابريس ضحكة خفيفة : جيد جيد أيها الحكيم، أصبت الهدف.
تحولت ابتسامته لحزن قاتم علا وجهه بكآبة الأحداث: مر أسبوع منذ إختفاءها.
ازدرأ الحكيم ريقه المحجوز في حلقه: أرجوك مولاي... لا تفكر كثيرا، ستسوء صحتك.
وجه نظرة تحمل من العمق مغزى: هل لك أن تخبرني، أي أب أنا؟... حتى أني لا أستطيع البحث عنها بنفسي.
أجابه بوفاء وصدق: أنت أب يتحمل عبئ غيره من شعب و لم تتسن له فرصة عبئ نفسه، إلا أنك مولاي ربيتها واعية لأهدافك..لذا لن ترضى لك أن تهلك نفسك.
ابتسم بإمتنان قبل أن يشير له بالإنصراف...
أما الآخر خرج بحسرة سعادة افتقدها هذا الأب هناك...
الحديث أمامه عن واقع الحال لم يكن بالأمر العسير ، فغابريس... رحيب الصدر كريم الأجر، حكيما يجد الحكمة بنصح غيره...

******************

أدبر من الوقت ما استقبل به الليل و مازال مينا في عزلته حتى شعر بخطوات هادئة خلفه فنطق دون أن ينظر: سيتي، هل ناما؟

" لست هو، للأسف.."

لم يكترث لخطأ توقعه بل أطال النظر نحو الجالسة عنده: ماذا هناك؟..برفيسيا.
أجابته وهي تعدل ثوبها القصير رغبة في إخفاء ما بدى من فخذيها: أزعجك تواجدي..
قال مختصرا: لا..
دخلت لما استخرج فضولها: جلالتك تفكر بها.
تصنع الجهل لتقول بسخرية: من أتحفتك بركلة اليوم..
تنهد عميقا من واقع لافرار منه: لاحق لي للتفكير بها..كما تعرفين ، هي خادمة.
أطلقت شعلة غضب مدتها ببعض الجرأة: لاتختلف عن غيرك في النهاية.
تطلع لتحرك الرمل البسيطة تحت قدميه: لو صرحت بتأييدي لك، هل سأمنح فرصة الحرية و الإختيار؟... أنا مكبل برفيسيا بما عايشته طيلة عمرك...يجب أن تدركي هذه النتيجة و تفهميني أكثر من أي شخص ...

رفعت بصرها تحدق بالنجوم التي أصبحت لحافهم في ليلة دامسة الظلام: إن كنت تطمح بتغيير مفاسد هذا العالم فلابد أن تغير أفكارهم...
أجاب بيأس ظاهر: كل شيئ يسير عدى هذا...
أحنت جسدها قليلا لتقول بمرح: أود أن أعرف، كيف لك أن تهوى فتاة بيومين؟...هل هذا طبيعي؟!
سرح قليلا ليهمس: مخطأة، هي لاتذكر...هذا ليس أول لقاء لنا.
خطف لونها و بالكاد استفسرت خيط الإيهام الذي تملكها: إذن... أنت...
أجابها بطيف ذكريات حالمة: كانت طفلة مشاغبة، لا أعرف منها سوى هذا...
القى نظرة خاطفة نحوها قبل أن ينظر أمامه: أواضح حبي لها..؟

قالت: ربما، لكن سيتي هو من لاحظ...
إبتسم لسماعه هذا و سلبته نشوة الفخر بذاك الأسود: هو يلاحظ كل شيئ..قبل أن أنطق.

*********************

" إلى متى ستمثلين دور النائمة ؟..."

تململت قبل أن تواجه: لم أمثل شيئ أيها الفتى، كنت أسترخي فقط.. لا تقل أني مجبرة على الإفصاح عن هذا أيضا!
قال لها: هل أنت واثقة أنك لاتمثلين؟...ماذا عن خدعتك أيتها الأميرة؟
أجلستها الصدمة لتقول: أي خدعة، و أية أميرة؟!
أكمل استنتاجه دون أن ينظر لها: حقا، فتاة مغرورة مثلك... لن تجيد تصنع دور الوصیفة المطیعة لسیدتها... حتی لو خدعت مینا فلن تخدعینني .
رفضت مقولته بحزم: طبيعتي الشخصية لن تتغير لأني خادمة ما.
باغتها برفع كمها ليظهر الوشم الأسود المرسوم بكتفها على شكل أفعى: و ماهذا إذا؟..
حاولت سحب ذراعها من بين يده إلا أن قوته منعت ذلك ، فزجرته بعينيها : إن تلفظت بشيئ سأقطع رقبتك.
شد على ذراعها لتظهر عليها أمارات الألم: واضح...
أفلتها متما: لكن إخباره قد يؤول لتهور آخر، الوضع أفضل هكذا..
قطبت حاجبيها مستنكرة: ستخفي عن سيدك...
بتر ما هي بصدد قوله: إنه صديقي... و هذا عين الصداقة.
تنفست الصعداء و هو ينظر لها تعود لإستلقائها محدثا نفسه عن ظلم هذه المرأة لصديقه ، ذاك الذي وضح جوهره له ...

نظر للضلال التي ظهرت آثارها ليبتسم في وجههما بصمت...
مستقبلا معهما مسيرة طويلة، مسيرة ستتكفل بقمع غشاوة مالا يدوم من خيانة و جور ....
و زراعة أهداف وضعها مينا نصب عينيه...
عينيه دامستا البؤبؤة التي ينيرها سيتي ...
بوعي و اجتهاد و حلة مذهبة بالسداد...

فلكل مشقة رأي منحرف عن جادة الصواب، و هو رأى بسيتي خير الجواب...

غدا، و بعده و بعده ...ذاك طريق النصر ...
بقساوة و ضراورة الساعات المقبلة...
لهم الجزم..
نصر ابتدأ بصداقة صبيانية.

و جواب كيفها، في آتي المقام...
و بصبركم يحلوا الختام...






*****************************

الرجاء عدم الرد







.

التعديل الأخير تم بواسطة وردة المـودة ; 08-16-2016 الساعة 12:24 AM
رد مع اقتباس