ختم ذهبي | قَبل أن تموت - before you die - بقت جالسة بصدمة علي السرير الأبيض الطويل, لم تبد مصدومة فِعلًا.. فالواقع بدت هادئة.. -إذن أنا سأموت في غِضون شهر؟! أومأ الطبيب بلا أدني حيلة لتهرع أمها إليه وتمسك معطفه الطويل, لم تمسكه فِعلًا, لقد سقطت من هول المفاجئة لتسند بيديها علي كتفيه : أرجوك ! لدينا أموال !! ألن تُجدي أي عملية؟! أي شيء.. خَلَع الطبيب نظارتُه ليُدلك مكانها بأصبعيه : أنا حقًا آسِف.. سقطت الأم أرضًا لتنهض أخيرًا العِشرينية الصهباء الجميلة التي لا يبدو عليها أي مرض وتنزع أمها عن الأرض مع : شُكرًا لك.. نطقتها برسمية للطبيب وخرجت مع أمها, كلمات المواساة لا تُجدي.. الدموع تأبي التوقف عن الهطول من عينا الخمسينية, تذكرت الشابة أباها المُصاب بالقلب لتنطق برباطة جأش غير عادية لشخص في مثل موقفها : أمي.. أنتِ لن تُخبرين أبي, صحيح؟! أومأت الأم بدون كلمات وهيّ تُحاول السيطرة علي دموعها, تلك وحيدتها !! رَن هاتف الصهباء ليقطع حِدة الموقف, أخرجته من حقيبتها لتبتسم بشحوب : إنها نارا.. رَدَت أمها الابتسامة : فتاة طيبة, ردي عليها.. أتي صَوت نارا فالهاتف عاليًا : كيتشانا, ماذا قال الطبيب؟! اختفت الابتسامة عن وجه الفتاة : نارا.. أحتاج أن أراكِ..! - كانتا بنفس المطعم الذي تلتقيان به منذ الثانوية, صَرَخَت كستنائية الشعر : ماذا؟! شهر واحد؟! حاوَلَت كيتشانا تهدأتها : هل كان عليّ أن أُخفي الأمر عنكِ أيضًا؟! قضبت نارا حاجبيها : أتمزحين؟! بحق الجحيم!! تَوَسَعَت عينا كيتشانا فهيّ لم ترَ نارا تلعن قط ! قهقت فجأة ! : لا يليق بكِ اللعن..! ثم شَرَدت فالفراغ لتنطق : عليّ العودة للبيت وإلا سيقلق أبي.. لكن تلك النظرة أوحت لنارا بشيء لترُد : حسنًا, غدًا, نفس الوقت, نفس المكان.. أومأت كيتشانا علي مضض : أراكِ ! - دَخَلَت البيت لتُقبل جبهة والدها بابتسامة قوية نادرة, لا تُشبه برود أعصابها البتة : كيف حال بطلي؟! ضحك وهوَ يُربت علي كفها : دعوتُ لكِ.. رأيتُك اليوم فالمنام, كُنتِ ترتدين فُستانًا أبيض كالعروس.. بدوتِ جميلة يا ابنتي.. دمعت عيناها, ماذا سيفعل بعد شهر من الآن؟! كذلك فهمت إلي ما يرمي ! كيتشانا رَفَضَت كُل الرجال !! وأباها لا يُفكر إلا في تسليمها إلي يد شاب يرضاه قويًا لحمايتها, وكأنها ستضيع وحدها !! خَلَعَت وشاحها وحذائها بضحكة : عليّ أن أُساعِد أُمي بالمطبخ !! - تلفتت حولها, تلك الشوارع مألوفة حقًا, لم تسأل نفسها مرة واحدة من قبل إلي أين تأخُذها نارا, الآن كسرت القاعدة : نارا.. إلي أين نحنُ ذاهبتان؟! رَدَت الكستنائية بلا مُبالاة : كاتسيا! رَفَعَت الصهباء حاجبًا : لكنكِ تُكرهينها !! فقدت نارا أعصابَها : وأنتِ تُحبينَها! أعلم أني صديقتك المُقربة.. وحافِظَة أسرارِك.. لكنها مُميزة ! وقطيعتكم السخيفة يجب أن تنتهي !! علي الأقل.. لتريها مرة واحدة.. قبل أن.. لم تستطع أكمال جُملتها وقد بدأت بالبُكاء لتضُمها كيتشانا.. - رَنَت نارا الجرَس ليفتح الباب شابٌ في غاية الوسامة , كانت عيناه واسعة جِدًا وجميلة كبُحيرة في ليلة مُظلمة, كانَ سوادُها أخاذًا فِعلًا.. استحوذ شيء علي كيتشانا لثواني لتقف فقط وتنظُر إليه دون أن تنطق حتي عادت لرُشدها, من هذا حتي؟! هيّ تعرف كل أخوة كاتسيا !! -آسِفة, لا بُدّ أننا أخطأنا الشقة..! أمسكت يد نارا وهمت بسحبها ليوقفها بسُرعة : مهلًا ! أنتِ صديقة كاتسيا..! ألتفت إليه بعد أن كانت قد أدارَت ظهرها له لتُضيق عينيها, تردد : أتذكر.. شَعرُكِ الأحمر ! نادِر فِعلًا.. تنحي عن الطريق : ادخُلي ! نظرت إليه بشك لتدخُل وتبعتها نارا ليُردف مادًا يدُه : أنا ميروكو.. دَقَ قَلبُها, هذا ميروكو؟! تَغَيَر شكلُه كثيرًا! حاوَلَت سَحب يَدَها ليُتابع : وأنتِ؟! يبدو أنهُ لا يتذكر سوي الشعر الأحمر !! ,نطقت بهدوء : كيتشانا ! - ضَمَتها كاتسيا بقوة قبل أن تَرحَل : لا لا, هذهِ لن تكون مُجرَد زيارة لعينة !! أحتاج رقم هاتفك !! ضَيَقَت كيتشانا عيناها, الأمر أسهل مما ظَنَت, كاتسيا بالفعل إنسانة مُتسامحة ! لكنها ستموت في غضون شهر !! سَحَبَت نَفسَها من حُضنَها : أنا.. آسِفة ! توسَعَت عينا كاتسيا, لم تتوقع أن ترفُض الصهباء طلبها لإعادة ترميم صداقتهم المميزة ! حاولَت مرة أُخري وهيّ ذات الكبرياء بالِغ الضخامة : أرجوكِ.. كُنت غبية.. سَقَطَت دموع كيتشانا الباردة أخيرًا, ماذا تقول الآن؟! فتحت حقيبتها لتُخرج هاتفها ويتبادلا الأرقام بينما نارا فقط تُشاهِد الموقف حتي دارَت كاتسيا لتواجهها : شُكرًا لكِ.. كادَت ترُد ب "هذا ليس لكِ" لكنها تفاجأت بغُرابية الشَعر تضُمها, كانتا عدوتان فالثانوية !! نارا مهوسة الدراسة وكاتسيا قائِدة فريق المُشجعات ! لكن الآن, الجميع تساوي في وظائف لا يُريدونها ! فُرصة أن تسترِد شخصًا أحببته بصدق.. أخترتُه ! في تلك الحياة التي بالكاد نستطيع أختيار شيء بها.. أمر لا يُصَدَق.. لانَت نارا لترُد الضمة مُتناسية المُضايقات التي تعرضَت لها بسبب غُرابية الشَعر.. لقد حَدَثَت أشياءٌ سيئة لكاتسيا أيضًا, استمعت إليها في مُحاولة كيتشانا وكاتسيا لمعرفة ماذا جري لكُل من الأخر خلال تلك السنوات.. الشيء الوحيد الذي لم يُقال, مَرَض الصهباء الغريب.. كان كُل هذا.. عاطفيًا.. - وقفت نارا فجأة أمام باب بيت غُرابية الشعر لتسأل : لحظة, هل ميروكو هذا هوَ نفس ميروكو حُبِك الأول ! عادَت رأس كيتشانا للخلف وغَطَت وجهها بيديها بملل : تبًا ! تمنيتُ ألا تسألين !! لَمَعَت عينا نارا : كانَ عليّ معرفة هذا !! إذن ماذا ننتظر؟! هيا ندخُل مرة أُخري واعترفي إليه !! بدأت الصهباء بدفع الكستنائية : لا ! سأموت في غضون شهر! هل أنتِ مجنونة؟! فُتِح الباب فجأة ليخرُج ميروكو ويركع أمام الصهباء : موعِد واحِد فقط! تلَعثَمَت : هل .. هل سَمِعت؟! قَضَبَ حاجبيه : سمعتُ ماذا؟! صَمَتَت ليُتابع : كُنتِ.. حُبي الأول.. لكني كُنت صغيرًا.. خِفتُ.. لم أقُل شيئًا.. حاولت جذب انتباهك ! لكنك لم تُعيريني ولو حتي القليل !! والآن.. عُدتِ.. لا أستطيع التفكير إلا في أن هذا هوَ قدرٌ !! لكن لحظة.. كيف يُحبها ولا يتذكر اسمها؟! غَفِلَت عن هذا وهيّ تَقبَل !! كانَ يكذب.. في كُل ما قالُه .. فقط لأنهُ بالفعل.. سَمِعَ كُل شيء !! أغلقَ باب الشقة ليستند بظهرُه إليه : وهاهيّ فتاة أُخري كماتسوري !! دَمِعَت عيناه, ماتسوري, حبيبتُه السابقة ماتت بمرض غامض! هه !! - مرَ الشهرُ سريعًا, الموعِد الواحِد تبِعُه الأخر, ليلة الفتيات لم تكُن بذلك السوء رغم شِجار نارا وكاتسيا الدائِم, والدها تعرف علي الفارِس فالزي اللامعة وأحبُه والغريب أن الفارِس أحب أميرة الثلج فِعلًا! لم تعُد الشفقة هيّ ما يُحركُه, يعلم أن المأساة ستتكرر لكنه لا يستطيع إلا أن يواجه مخاوفه وألا يبخل عليها بحُبه ! سيتآذي لاحقًا لكنها ستنعم !! كانَ علي الجميع أن يعلم ! لا تستطيع أن تكذب أكثر ! وهذا اليوم الأخير فالشهر ! جمعتهم ! أباها, أمها, نارا, كاتسيا وميروكو !! ابتلع أباها حبة من دوائُه, أمها ظلت جامدة, هيّ تعلم من البداية ! دَمِعَت عينا نارا, مازالت الكستنائية لا تُصَدِق أن هذا يحصُل فِعلًا, مُستَعِدَة أن تُصادِق عَدوتها فقط لتبقي كيتشانا ! , كاتسيا لم تحملها قدماها, سقطت أرضًا! لا تُتمتم إلا ب"ليس بعد أن عُدتِ إليّ مرةً أُخري!" ميروكو كان قويًا, بدا حزينًا, لكننه سار بخطوات مُرتَعِشة إليها ليسحب غطاء سريرها وينزل تحتُه إلي جوارِها ويضُمها في صمت, احتاجت دعمُه !! تَمَنَت أن تحيا بمُعجزةٍ ما! كُل هؤلاء سيحزنون أن ماتت الآن !! ليدخُل الطبيب ويُعلن أن التحاليل لا تخُصها!! أي شيء !! لكن ماذا عن جسدها الذي أنهار بالفعل؟! لحظة, توقف قلبها عن النبض, لا صوت فالمكان, قُبلة أخيرة من ميروكو, أباها سقط أرضًا !! هرعَت إليه الأُم !! نارا تقف بزهول لا تدري أتواسي كاتسيا التي تكاد تخرُج روحها مع بُكائها أم تطمئن علي والد كيتشانا أم تذهب إلي كيتشانا وتضربها لتنهض وتتوقف عن التمثيل !! فالنهاية خرجت راكضة من الغُرفة !! يجب أن تجد طبيبًا من أجل والِد كيتشانا !! - انتزعت غُرابية الشعر نفسها من سريرها بشهقة : كانَ هذا.. حُلمًا غريبًا..! مَسَحَت دِمعة, لتُخرج هاتفها القديم من دُرجها : أتمني أنها لم تُغير رقمها !! -ألو؟ كيتشانا؟! -نعم؟ مَن؟! -أنا.. أنا كاتسيا ! أحتاج أن أراكِ !! -النهاية!- شرأيكم |
التعديل الأخير تم بواسطة زيزي | Zizi ; 08-25-2016 الساعة 09:06 PM |