08-20-2016, 08:26 AM
|
| |
| الفرآغـ الدآخـليــ ~ 2
-
ما زلتـ أشعر بالكآبـة و فراغ قلبي !
حينهـا قررت ذلك اليوم ~
لأقفـ اليوم التالي فوق الجسر في نيويورك ~
نعمـ.. لقد قررت التخلص من هذا كلـه..
مددت يدآي بالهواء.. الطقس بارد و المياهـ من تحت الجسر هادئـة ~
أنا قريبـة جداً من موقع الجميع !
قريبـة من موقعـ أمي و أبي و أخي الكبير.. قريبــةة من موقع صديقتـي العزيزة
لقـد فقدتـ التوآزنـ حتى أشعر أنني أسقط للخلـف على الجسر !
ماذا ؟! .. ما الذي ؟؟..
قـبلـ سقوطي من على الجسـر ~ شعرتـ بيـدٍ تمسكـ بسترتـي و تسحبنـي للخـلف
و هـا هي تلكـ الفتـآة.. ذات البشـرة السمرآء بعيناهــا الواسعتـآن و رموشها الطبيعيـةة
الكثيفـةة.. تغطـي شعرها بوشـآح.. تبدوا.. إنهــا تبدوا مسلمةة ~
لقـد كانت نظراتهـآ نحوي مخيفـةة !
نظراتـ غضب و كأنهـا تودّ قتلي !! ~
لـقد شعرت بالخوفـ الشديد
مدّت يدهـا لتمسكـ بمعصمي و ترفعنـي عن الأرض
ثم حدقت بي في غضب لتصرخ بعد ذلكـ..
- ما الذي كنتِ تحاوليــن فعله قبل قليل ؟! -
هي تعرف تماماً ما كنت أحاول فعله.. لكنهـــا تودّ سماع الإجابـة مني~
- و ما دخلكـِ أنتِ هاا ؟!.. لا تتدخلي فيما لا يعنيكـِ ! -
قلتهـا بنفس متقاطع و متثاقـل.. أوشكت على البكــاء حينهـا !
وضعـت يداها على كتفـاي لتهزنـي بقوة..
- بل الأمـر يعنيني ! -
لقد صرخت بوجهـــي بغضب ثم أكملــت بهدوء..
- لا يمكننـي رؤيـة شخصاً ما يخسر حياته لأجل القليل من الكآبـة.. أنا حقاً لا أعـلم ما الذي حـدث معـكِ
لكن لا أعتقـد أن الأمـر يستحقـ خسـآرة حياتكـِ الشابـة.. أنتِ ما زلتـِ في ريعـآن شبابكـِ ! -
أبعدّتُ يداها عن كتفاي و قد انهمرت الدموع من عيناي فجأة ~
- ما الذي تعرفينـه أنتي عني ؟!.. لا تتكلمي هكذا و كأنكـِ تعرفين حياتي.. لـقد.. لقد فقدت الأمل..
لا أريد العـيش وحيدة في هذا المكان.. أنـا.. -
لـقد خرجت الكلمــات من بين شهقات بكـائي ~ لم أستطـع إكمال الجملـة الأخيرة
شعرت بضيق حلقي.. الكلمـات لم تعـد تخرج من فمـي.. غطيـت وجهي بيداي لأبكي بصمت ~
فجأة شعرت بحضن دافيء منها~
لقد قـامت بأحتضاني بهدوء.. مثل حضن الأم !
لم أستطع تمالك نفسي حتى شهقت بكاءً ليتعالى صوتي بين أحضانها..
لقـد شعرت بالتحسنـ ~
و كأن كل تلك الأمور الكئيبـة و الأفكـار المخيفـة قد خرجت من بين صراخي الباكـي !
بعدهـا جلسنا أنا و هي مستندين على سور الجسر..
الصمت يتجولـ بيننا ~
لينكسر ذلك الصمت بلحظاتـ..
- أنا دنيــا ~ -
نطقتها و هي تمدّ يدها للمصافحة.. لأبادلها المصافحةة..
- و أنا كايسي.. لقد تشرفـت بمعرفتـكِ -
و عـاد الصمت لثـوانٍ ثم بدأت أنا..
- أشكركـِ على كل ما قمتِ بـه.. أنا فقط أظن أنني فقدت صوابي ! -
فقاطعتـنـي ~
- لا داعـِ للشكر.. الجميع يغرق ببعض الأوهـام أحيانـاً.. لـذا يتجهـون نحو أي طريقـة
تخلصهمـ من هذهـ الأوهـام.. و يبدو أنكِ إتجهتِ نحو الانتحار ! -
نطقتهـا دنيا و هي تنظر نحوي مبتسمـة~
- و أنتِ.. إلى أين تتوجهين للتخلـص من تلك الأوهـام ؟! -
سألتهـا محاولةة إكمـال الموضوع.. للأجدهـا تقف على قدميهـا و تستدير نحو سور
الجسـر و تأخذ شهيقـ بقوة ثـم تصرخ بأعـلى صوتها !
لـقد تفاجأت.. أعنـي لماذا بدأت بالصراخ فجأة ؟!
لقد بدا لي أنها أخرجت كل السلبية من قلبها بعد الصراخ ~
و فجـأة بدأت بالضحك الشديد.. تضحك و تضحك !
- صراخي مزعج حقاً.. ههه هكذا أنا أطرد كل الأوهـام المزعجة من نفسي ! -
قالتها من بين ضحكاتهـا المتعاليـة.. فابتسمت لها قليلاً
أعنـي.. لقد شعرت ببعـض التفاؤل عند رؤيتـي لضحكاتهـا ~
- أتريدين التجـربـة ؟!.. أودّ سماع صوت صراخكـِ العـالي.. -
قالتهـا و هي تدعوني لتجربـة حركتهـا هذهـ.. فأومـأت موافقـة ثم صرخت بأعـلى صوتـي ~
فبدأت دنـيا بالصراخ معـي أيضاً..
صرخنـا و صرخنـا معاً حتى ركضت دنيا فجـأة فركضت وراءهـا لا إرادياً !
لـقد كنـا نركض و نصرخ بأقوى ما لدينـا ~
حتـى تفاجأنـا بوجـود الشرطـي يصـرخ..
- أنتمـا أبتعدا من الجسر حالاً أيتها المزعجتـان !! -
لـقد كـان شرطي بدين يحـاول اللحاق بنـا.. لكـن دنيا أمسكـت بيدي لنهـرب نحو
الاتجـاهـ المعاكس و يركض ذلك البديـن وراءنـا ~
لـقد شعـرت برغـبة في الضحكـ الشديـد و أنـا أركض هـاربـة من ذلك الشرطـي البـدين !
هربنـا منه أخيـراً ثـم إختبأنـا وراء إحدى المبـانـي.. لأجـد دنيا تضحك بشدة
فضحكت معهـا و تعالـت أصواتنـا ~
بعدهـا هدأنـا قليلاً في صمت.. لتـقوم بإخـراج هاتفها المحمـول و تقـوم
بتشغـيل موسيقـى هادئـة ~
لـقـد شعـرت بالراحـة النفسيةة عند سماعهـا ~
شعرت بروحـي أصبحتـ خاليـة من السـواد.. فسألتها...
- ما عنوان هذهـ الموسيقـى ؟! -
- إنهـا ليستـ موسيقـى.. إنمـا هذه ترتيلات من كتابنا المقدس.. القرآن الكريم.. هـو ليس كأي كتـاب !
بـل إنها كلمـات من خالق الكون.. نحن نؤمن بـه.. لـذا نشعـر بالتفـاؤل ~
لا نشعر بالوحـدة أبداً مهمـا كنـا وحيدين.. لأننـا نعلم بأنـه معنـا دائماً.. فـي أي وقت و أي مكـان..
عندمـا نحزن فنحن نتوجـه لخـالقنـا بالدعـاء.. نبكي و نترجـاهـ في الخفـاء ~
لا نمـلّ أبداً من الدعـاء لنجـد بالغـد كل شيء قد أصبح بخـير ! -
لـقد تأثرت بكلامهـا ذاك !!
أحببـت ديـانة الإسلام فهي تشعرنـي بالراحـة.. شعرت برغبة في البكاء لكنني
تماسكت...
- لمـا تقوليـن هذا الكلام لـي و أنتي تعلمين أننـي و الجميع مثلي نكـرهـ الإسلام ؟!.. لمـا
قد تعامليني بهـذه الطريقة اللطيفـة و أنـا أحد أعدائكـِ ؟! -
تسـاءلت لا إرادياً لتجيبنـي دنيا بهدوء و ابتسـامة مريحـة على شفتيهـا...
- لأن في إسلامنـا لا نفرق بين عربي أو أعجمي !.. نحـن المسلمـون نتعـامل مع الجميـع بلطـف
لأننـا لا نعلـم ما داخل القلب.. لا نعلـم ما يخبأهـ كل واحد فينـا ~
الأمـر يتعلـق بالنيّـات و ليس بفرق الوجـه و الجنس و الشكـل.. هذا مـا هو مكتـوب
في كتـابنـا المقدّس !.. ثـم إن كلمـة إسلام باللغة العربية تعنـي السلام ~ -
لـقد انبهـرت!.. بل دُهِشت بشدة!!..
لقـد شعرت بالتفـاؤل حينمـا قالت لي هذا الكلام ~
إن كلامهـا مريح على النفس.. و كأنهـا تقول لي " لا داعي للقلق كل شيء عى ما يرام "
فنطقـت لأعـرف المزيـد...
- و ماذا عـن الإرهـاب ؟! -
فردّت بكل هدوء...
- مثل رجـال العصـابـات تماماً.. ليس الجميـع سيء عند الغرب.. لكن هناك فئات إنحرفت عن الطريق
لتصبح أسوء الأشخاص ~
هذا هو ما عليـه الإرهـاب.. مجموعـة أشخـاص إنحرفـوا عن المـسار الصحيح!.. لـيس الجميع
فرد سيء كان عربياً أو أعجمي.. لكن فراغ قلوبـهم تحرف مسارهم الصحيح !! -
أمسكت بيدهـا و اقتربت منها و نطقت بحزم...
- أريد أن أكون مسلمـة !!.. لـقد إقتنعـت بكلامكِ بطريقـة أو بأخرى.. كلما حاولت
جعـلكِ سيئة تردّيـن لي رداً مقنعـاً ~ -
بـعد هذا اليـوم.. أصبحت دنيا صديقتـي المقرّبـة.. و دخلت الإسلام و بدأت بتعليمي إيـاهـ ~
شعـرت أن حيـاتي أصبحتـ أفضل بكثير من السـابقـة !..
كمـا أنهـا اقتـرحت عليّ العمل في إحدى المخابز لطرد الأفكـار المخيفـة المرعبـة من
عقلي.. فأصبحـت أشغـل وقتي بالعمل بإحدى المخـابز !
رغـم كل المضايقـات التي نتعرض لهـا كوننا مسلمتين.. إلا أننا و يومياً
نتقـابل على ذلك الجسر و نصرخ معاً لإخراج حزننـا ثم نضحك و نبدأ الحديث 
هكذا تخلصـت من فراغ الداخلـيـ ~
-
|