عرض مشاركة واحدة
  #27  
قديم 08-23-2016, 02:18 PM
 


*#


خرج كليهما من الزقاق وتلفتتا ناحية المطعم
رأت تاما شاحنة كبيرة قادمة من جهتهما فهرعت لإيقافها مُشيرةً للسائق بمسدسها بأمرٍ حاد وبوضعية جادة مع تقطيبة لونت تقاسيمها بالصرامة
البدين نفسه كما لمحته بنظرتها الخاطفة يقودها ولمْ يرقه أن يتوقف فهو الثاني لاحظ الوشاح وعلامة المنظمة موسومة على قطعة القماش الحمراء المُلتفة حول عضدها
بضعة ياردات ما يفصل تاماياشي عن التمزق تحت عجلات الشاحنة ولازالت تأبى الاستسلام بشموخ
كان جوين مستغرباً من فعلتها، مجنونة إن بقيت على حالها!
تجر الموت لنفسها... كانت عاشقة للمغامرة وللنجاة بحياتها في آخر اللحظات
لم يحتمل عقله فكرة أن تُصاب بأذى وهو ساكن فتحركت قدماه لنجدتها ولجعلها تعدل عن جنونها ولو لمرة
احتدت جلبة صرير أرضية الطريق العام بإحتكاك العجلة مع الاسفلت مُنبئة بتهور السائق واشتهاءه لقتلها
صوت جلبة الناس على جانبي الشارع وحركاتهم الهاربة خوفاً من المصير وهم الأدرى بحتمية وجوده بينهم كشبح يبتغي التهام أرواح ضحاياه لأجل العيش
ينظرون للمشهد وكأنه مقطع يتم تصويره لأجل مادة وثائقية أو فلم بوليسي!
لم يرف لبعضهم جفن وظلوا يلاحقونهم بأعين منبلجة على أتمها
قفز جوين بمحاولةٍ للظفر بجسدها الهزيل قبل أن يرص تحت الآلة المتوحشة القادمة
وما إن أحاطها بذراعيه القويين حتى أرسلت تاما ثلاث طلقات من مسدسها بدقة مُتناهية لترتكز بالعجلات وتحيد الشاحنة عن الطريق وتنقلب بعد أن تجاوزتهما بعدة أمتار بينما ارتطم جسديهما بالأرض بشدة
لازال جوين يحميها بجسده عن أي أذية أخرى قد تلحق بها من حصي صغيرة متناثرة أو حتى جزء من الغبار الذي ثار لدى انقلاب الشاحنة
انتفض واقفاً بعد ثوان وركض ناحية البدين مع رفيقه
كانت منكبة على جانبها وبان أنها شاحنة تحمل الطلبية كما توقعت تاماياشي فقد تمزق غلافها وتناثرت منه الأوراق النقدية منتشرة بالمكان
ومحاولتهما للخروج لأجل تسليمها باءت بالفشل الذريع
قفز جوين على الباب وحاصرهما بسيفه الوامض تحت أشعة الشمس ووافته الأخرى بمسدسها جنباً لجنب

"أيها المجرمين!!؟ انتهى أمركما!"

استطرد صاحب النصل الممدود:

"أين كيداوا جايمي!"

كان صاحب الصوت الأنثوي يرتجف خوفاً حتى قبل أن تقع شاحنتهم
أخذ يندب حظه العاثر وتهدج بلكنته الركيكة:

"قمنا بحجزه"

أعادت الحدة والجفاف لصوتها:

"ولمَ؟"

أجاب البدين عنه:

"لقد أراد الخروج من المجموعة!"

"وأين نجده؟"

سحب خريطة من أحد الأدراج على يمينه
مدها إليها ويده ترتعد بخوف ووهن فقد أحاطت بهم قوات الدعم الأخرى وما من فرصة لهم لأجل الفرار
سحبتها من عنده وقفزت بسلاسة لتقف على الأرض كما فعل مساعدها!
توجهت راكضة مقابل المطعم حيث ركنا الدراجة
ألقت بالخريطة لجوين وقالت:

"حدد مكانه!"

انزلت ثقلها على الدراجة وعزمت على قيادتها، ركب خلفها مساعدها واستعد للحظة الفاصلة
وما إن أحست بإعتداله حتى انطلقت بسرعة كبيرة ضاغطة على الدواسة بكل قوتها متمنية ألا تتعطل الدراجة مجدداً ويقعا بورطة أخرىَ.


*#

جال بعينيه المكان الخاوي -إلا من الغابة المحاطة به- بعد فترة لابأس بها من السير
استقرت نظراته على كوخ تليد عتيق
همت بالتوجه إليه وتوقفت حال وصولهم
ترجلت تاما عن الدراجة ورمت عينيها بحذر خلف الأشجار المحيطة للحيز مخافة أن يكون هنالك حلفاء لمن قُبض عليهم مسبقاً

انطلقا لإقتحام الكوخ على عجل وما لم يتوقعه كليهما استقبلهما الهدوء والغبار مما جعلهما يسعلان
نفضت تاما ما أمامهما وكممت فمها بيدها وبالأخرى تمسك بالمسدس
تتفحص الأرجاء والأرضية بقدميها فسمعت صوتاً أجاب بتلقائية على كل أسئلتها وعلى أسئلة جوين الذي هز رأسه دلالةً على الفهم
أبعدت طرف السجادة الثقيل عنها وجثت تتحسسه بالمسدس
فإنتبهت لصوت القرقعة الخفيض الصادر عما أسفلها
رفع جوين سيفه بإشارة منها واخترق باب السرداب السفلي ليوقعه لما تحته وترتفع ذرات الغبار الخانقة معه
قفزت تاما وتلاها بعد اعادة نصله للغمد ومن ثم انطلقا للبحث.
سار الاثنين بضع خطوات وأعانهم ضوء الشعلات الخافتة المتراصة على جانبي السرداب حيث بدا وكراً للمجرمين حقاً!!، الآلة التي تم تخريبها مكومة جانباًُ ورائحة بعض الأصبغة تعم المكان اضافة للأنوار الخافتة ببعض المواضع
بعد فترة من السير والبحث تراءى لهما جسم مكبل وفاقد للوعي جسده يلمع من التعرق والسقم، وكما كان أملهما تم إيجاد السيد كيداوا جايمي.


*#

في ذات المكان وحول الكوخ المنشود كان جوين يقف مع بعض من أعضاء فرقة الدعم الخاص ويناقشهم بشأن الرجل ومهمتهم حيث اقتصرت على ايجاد كيداوا بينما باقي العمل يتوجب عليه أن يكون منسقاً مع الأمن الخاص بالقطاع وإعادة طلب هذا من المنظمة بشكل رسمي، فأي تجاوز زائد عن المهمة المقدمة قد يجز بهما بمشاكل هم بغنى عنها

في حين أن تاماياشي تقف مع كيداوا حيث كان يهرب ببصره عنها وهي تلقي عليه محاضرة بشأن حفظ زوجته

"هل ستعود إليها!!، أستطيع التوسط للهيئة كي تنقص مدة عقابك بما أنك كنت مُخيراً بين سلامة زوجتك الخاصة وامتهانك لعمل غير مشروع!"

"قد لا أستطيع هذا، كيف أريها رهطي بعد كل ما جرى!؟"

وكزت صدره بإصبعها راسمة لملامح العتب واستطردت بنبرة شديدة حامت حولها التساؤلات:

"اسمع اسمع... سايري شغوفة بك أيها الأرعن وستتفهم أنك قمت بهذا لأجلها!"

أصابه الاحراج مما باحت به
هو يعرف ذلك أكثر من أي شخص، لم يكن بحاجة كي يتذكر
أفحمته فبلع الكلمات بحلقه وبالكاد خرجت

"وأنا أخشى هذا... كــ.."


نفت بكلتا يديها وأشاحت ببصرها وسحبته مجدداً ناحيته متذكرة

"لمَ أخذت الورق القطني بتلك الكمية وهاتفت زميلك بطريقة مماثلة وأخبرته بأنك هجرتها، لقد كسرت قلبي بدلاً عنها"

أجابها بجدية شارحاً للموضوع:

"حاولت بعث بعض الدلائل على اختطافي... ومن الجيد تفهم سايري لذلك، وحتى لم يكن اختطافاً عاديا، بل عن محض إرادتي أي بطريقة ما هم قاموا بإستغلالي!"

"إذاً، الجيد فيما وقع أننا استطعنا فهم هذه الإيحاءات وأننا استطعنا ايجادك."


أهداها نظرة ممتنة من عينيه الخضراوين وابتسم برحابة صدر، أشعرته ملامحها المهتمة والمسؤولة بالراحة لمستقبله... وهو كان أشد من احتاج لدفعة تخبره بأن عائلته بأمان

"هل نغادر أيتها الرئيسة!"

سألها جوين متقدماً ناحيتها فأومأت إيجاباً وسحبته تاركة لكيداوا مع فرقة الدعم لإستكمال التحقيقات معه ومع الأعضاء الآخرين لأجل حل الشبكة قبل تفشيها بالمملكة
حالفهما الحظ بإيجاد الخيوط وربطها، انطلاقاً من المطعم والرجال الأربعة... الأحمقين وصاحبا المخطط.
رفعت تاما كفها وودعت كيداوا ملوحة له بحفاوة وكأنها طفلة فخورة بإنجازها بينما هي فخورة بتحقيق وعدها
تلفت لها كيداوا ذا الخصل البنية مبتسماً وهتف:

"أخبري سايري!!... كما تعرفين"

ضحكت وفهمت المغزى من كلامه وعادت للنظر للطريق محملقةً بالغروب المتوهج بالسماء الواسعة... حيث يستلزم لهما ثلاث ساعات من السير بالدراجة المهترئة لإدراك [تلزيني]

"مهمة أخرى تثبت لي أن الحرص على سلامة من نحبهم أهم من الوسائل التي نتخذها لذلك، ما رأيك أيتها الرئيسة!"

شعرت بوخزة ما وظنت أنها لن تستطيع تفسير هذا لشاب لازال لم يرَ من الحياة شيئاً مثلما رأته هي
أجابته بمعرفتها:

"أشفق على من يأخذون هذا كذريعة لنشر تلك المبادئ!؟"

"ماذا!"

أضافت:

"اسمع جوين، لو وُضعت بين المطرقة والسندان فعليك التفكير بحكمة كي تخرج نفسك من الضغط!!؟، أبقي أعينك على الأعداء وأخبرهم بأنك لا تخافهم... اسخر منهم!"

"بربك أيتها الرئيسة، أترغبين بأن يقوم (نيل) و(مآكي) بالضحك علي!!؟ سأبدو كالمهرج حقاً لو فعلت!"

ضحكت وتخيلت مشهده بالشعر المستعار الملون والأنف الحمراء وتلك المساحيق، ومع لمحة من تقاسيمه الساكنة

"ستزداد وسامة عزيزي جوي!"

"بل بشاعةً أيتها الرئيسة ريكو!"

شاركها الضحك وبعمقهما كم كانا سعدين بما فعلاه
ليس كل يوم يواجهان مهاماً يسيرة لا تنتهي بإصابات أو ربما خدوش تظل عدة أشهر لتبرأ.



*#

يقف معها باسق القامة وبيده ظرف أبيض اللون ماثل لون قميصه
علقت عينيها الصفراوين به متحيرة!!
هي تذكر بأن الشاب الماثل أمامها كان مكلفاً بإيجاد زوجها رفقة رئيسته، حدقت بالأرجاء لكن كيداوا غير موجود!؟، من المفترض تواجده إذا انتهت المهمة
لم يعطها إجابة محددة فكادت عيناها الواسعتان أن تمتلئا بالدموع وظنت بأن زوجها لقي نحبه وربما أفظع من ذلك
لطالما بدا جوين فاشلاً بالتحدث بإندفاع دون أن يحاول فعلياً إيجاد ألفاظ تليق بالموقف

"هذه نقودك، أعدتها لكِ لأجـ.."

"ماذا عنه!"

لم يهمها ما جاء لتقديمه بشكل خاص كما كان قلبها يحترق من شعور الفقد
أدخل كفه بجيب بنطاله وهرب بنظراته بعيداً

"قد يظل بالسجن عدة أشهر قبل أن يعود... لكن بإمكانك الذهاب لزيارته بقطاع [ميراجال]!"

"أتعني بأنه لازال حياً... أهو بخير!، كيف كان شكله، هل كان نحيفاً!؟"

أعاد جوين وضع يده على فمه حائراً وعقف حاجبيه مخمناً
كيف كان قلق سايري التي تقف أمام باب بيتها الصغير حيث أحاطت بهما حديقة صغيرة خضراء ذكرته ببيت (ويزال) المولع بالزهور
كيف كانت موجة آلامها تصله دون أن تبذل جهداً، فقط لأنها كانت مشاعراً حقيقة!
افترس وجهها الدائري بنظراته وتساءل عن نوع الشعور الذي يقتحم قلب المرء ويجعله سعيداً هكذا لمجرد سماعه خبراً جيداً يخص شأن شخص يهتم له
بدا غريباً بالنسبة لشاب مثله، بل لشاب بمثل غرابته
اكتفى بإماءة بسيطة برأسه ورفعه لتتناثر خصله العسجدية على جبينه
أشعت ابتسامة متسعة على وجهه فسحب يد سايري وسلمها الظرف قائلاَ:

"لا تقلقي... وعيشي بسعادة سيدتي!؟، سيعود زوجك عن قريب"

تسللت الراحة داخلها وعادت للتنبه للظرف بين يديها فسألته:

"لمَ أعدت النقود!"

مضى بخطواته لخارج السياج وتوقف ليحك شعره ويهديها نظرة مهتمة

"لقد أخبرتني الرئيسة بأن هذه المهمة لم تكن بثمن مماثل!!؟، لقد كانت احدى المهام التي يتوجب علينا تصحيح مفاهيمنا عن الحياة فيها!؟... عن اذنك!"

بدت كل كلمة مما تفوه به جوين غير مقبولة إطلاقاً بعقل سايري كما عقله الذي امتلئ بمبادئ تاماياشي غريبة الأطوار
فراحت تشيعه بعينيها حتى اختفى وظهرت ملامح السعادة بوجهها فضمت كفها على الظرف وعادت لدخول بيتها الدافئ.



*#

نهاية الفصل الأول~

x رجاءاً، عدم الرد!






__________________


" class="inlineimg" />

س3


Jiharu+Tama
=
حب0
رد مع اقتباس