عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 05-28-2008, 12:34 PM
 
فلسطين ما زالت حية

هذه الكلمة العميقة "فلسطين ما زالت حية" رأيتها مكتوبة على جدرانجراج العمارة التي أسكن فيها، وحاولت قدر استطاعتي مدةَ شهر أن أعرف من الذي كتبهاولكني فشلت، وأخيرًا - وبعد شهر - عرفتُ من الذي كتبها! إنها ابنتي ذات الثلاث عشرةسنة!
وكم كنت سعيدًا لهذا الاكتشاف!

إن له دلالة في غايةالعمق..

وهي أن فلسطين - فعلاً - ما زالت حية.

إن هذا الجيل الذيعاصر مباحثات السلام، وشاهد مؤامرات البيع للأرض والعرض، ولم ير الجهاد والقتالوالصدام، كان يُخشَى عليه أشد الخشية من غياب الرؤية الواضحة، أو نسيان الوطنالمسلوب.

لكن تثبت لنا الأيام أن فلسطين - بفضل الله - ما زالت محفورة فيقلوب المسلمين، حتى أولئك الأطفال الذين لم يدرسوا إلا مناهج حرصت على عدم وصماليهود بالأعداء، ودأبت على ترسيخ مفهوم السلام فقط، بصرف النظر عن الظلم والقهروالبطش والإبادة.

إن فلسطين ما زالت حية في قلوب كل المسلمين.

لقدكنتُ الأسبوع الماضي في زيارة مؤتمر كبير للمسلمين في فرنسا، ووجدتُ أن المؤتمر قدأفرد محاضرة عن المسجد الأقصى وفضله وأهمية الحفاظ عليه وعلى القدس وفلسطين، وعلمتمن أفراد الجالية أنهم حضروا منذ أسبوعين مؤتمرًا آخر خُصِّص لقضية فلسطينفقط،وجُمِعَت فيه أموال كثيرة لرعاية اليتامى والفقراء هناك، وتبادل فيه الحاضرونالحديث مع أهل غزة عبر الهاتف يطمئنون على أحوالهم، ويشجعونهم ويؤيدونهم.

إنهذا يحدث مع الجالية المسلمة في فرنسا رغم كل التحديات التي تقابل الجالية، ومع كلالهموم الخاصة التي تعيشها، ورغم كل الحملة الصهيونية المضادة، ورغم كل الهجوم علىالإسلام، ورغم الوصف المستمر لكل من تعامل مع قضية فلسطين بأنه إرهابي أو مشروعإرهابي.

إن القضية - مع كل خطورتها وصعوبتها - لم تُنزَع من قلوب المسلمينهناك، وما رأيته وسمعته في فرنسا، رأيته وسمعته كذلك في أمريكا وكندا وإيطالياوإنجلترا وغيرها من البلاد الغربية.

إن فلسطين ما زالت حية.

إن حصارغزة السابق والحالي قد ألهب مشاعر المسلمين في كل مكان، حتى رأينا الجميع يساهمبكلمة أو موقف أو مال أو دعاء، حتى ساهم في هذا الشعور بعض من لا يصلي أصلاً ولايصوم!!



إن هذا له دلالة واضحة، وهي أن القضية متغلغلة بعمق فيسويداء قلب كل المسلمين؛ ففلسطين ليست أرضًا عادية.

إنها الأرض الإسلاميةالتي شهدت الإسلام منذ أيامه الأولى.

إنها الأرض التي احتضنت أولى القبلتين،وثالث الحرمين، ومسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

إنها الأرض التي سارفيها وعاش عليها، ودُفِن في باطنها أغلب الأنبياء والمرسلين.

إنها أرض حطينوعين جالوت.

إنها أرض التاريخ المجيد، والواقع السعيد عمَّا قريب بإذنالله.

إن فلسطين ما زالت حية؛ لأننا ما زلنا نرى فيها رجالاً صامدين، لميبدِّلوا ولم يغيروا، رؤيتهم واضحة، وعزيمتهم قوية، وآمالهم عريضة، ومنهجهم قرآنوسنة، وطريقهم طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم.





وفلسطينما زالت حية؛ لأننا نرى فيها نساء هن أشبه ما يكون بنساء الصحابة، اللاتي اعتدن علىرؤية أبنائهن وأزواجهن وإخوانهن وآبائهن شهداء، فلم يجزعن، ولم ييْئَسن، بل أكملنالطريق بكل حمية، يحركن نفوس الأجيال القادمة لاستكمال مسيرة الإخوةوالآباء.

وفلسطين ما زالت حية بأطفالها الصغار الذين علَّموا كبار العالموشيوخه كيف يكون الصمود والثبات، والذين يدرسون ويتحركون ويروحون ويجيئون - بلويلعبون - تحت قصف الطائرات، وضرب المدافع والدبابات.



إن مرور ستينسنة على الاحتلال الصهيوني البغيض لا يجب أبدًا أن يسرِّب اليأس إلى قلوبنا. إننالا نشك لحظة واحدة في أن اليهود راحلون حتمًا.. إن هذه الأرض المباركة ستظل مباركةإلى يوم القيامة، ولن يدوم الظلم أو يستقر الباطل.

إن النهاية سعيدة بإذنالله.

لكن ما ينبغي أن ندركه أن فلسطين ما هي إلا اختبار!

إنهاختبار لدرجة الإيمان في قلوبنا.

إن اشتعال قضية فلسطين في قلوبنا أو فتورهالَدلالة على قوة الإيمان في قلوبنا أو ضعفه.

إن الذي يفرط في الأرضالمباركة سيفرِّط في أشياء كثيرة أخرى.

والذي ما زال متذكرًا للقضية، عاملاًلنصرتها، ستجده في نفس الوقت محافظًا على بنود الشريعة الأخرى بكل حرص واهتمام.

إننا نسمع أحيانًا بعض الدعاوى الفارغة من هنا وهناك تنادي بأن نترك هذهالقضية جانبًا، ونناقش قضايانا الخاصة الكثيرة في مصر والجزائر والسودان، وفي فرنساوألمانيا وأمريكا.

إن الذي يفكر بهذه الطريقة ستجده مفرِّطًا في كل قضاياه؛فالدين لا يتجزأ، والشريعة تفرض على متبعيها أن يأخذوها كاملةً غير منقوصة. وأيُّتمام وكمال نتوقع إذا فرَّطنا في بقعة من أعظم بقاع الإسلام، وفي ركن من أهم أركانالدين؟!!

إن فلسطين ما زالت حية، ونصرها قريب بإذن الله. إن الإرهاصاتالمعاصرة جميعها تشير إلى أن لحظة الفرج قد اقتربت.

إن الابتلاء والتمحيصاللذين يشتدان في فلسطين لعلامة واضحة على قرب الخروج من الأزمة، وإن الآلاماليهودية المشاهدة، والهجرة العكسية لليهود من فلسطين إلى أوربا وأمريكا، لخير دليلعلى أن دولة الظلم في طريقها إلى الانهيار والسقوط.

إن كلامي هذا ليس كلامًاعاطفيًّا محضًا، إنه مؤيَّد بقرآن وسنة، ومؤيد أيضًا بدراسة التاريخ الطويل لهذهالبلاد؛ حيث احتُلَّت قبل ذلك مرارًا، وكانت النهاية دومًا سعيدة للمسلمين تعيسةللمجرمين والظالمين، ومؤيَّد كذلك بمشاهدات عديدة في الواقع كما بينَّا، وما لمنذكره من مشاهدات كان أكثر وأكثر.

إن القضية واضحة في اعتقادي ويقيني،والنصر أكاد أراه بعيني، ولكن يبقى التساؤل المهم الذي يجب أن أسأله لنفسي، وأننسأله جميعًا لنفوسنا: ماذا عملنا لنصرة فلسطين؟!

إن وعد الله لآتٍ، وإنالنصر لقادم بإذنه تعالى، لكن المهم ماذا فعلنا لتحقيق هذا الوعد الرباني، ولتقريبهذا النصر الغالي؟!

هذه - أيها الإخوة والأخوات - قضيتنا، وكلٌّ منا يستطيعأن يدلي فيها بدلوه.. فشاركونا بالرأي، وساعدونا بالحركة، وضعوا أيديكم في أيدينابكلمة أو وجهة نظر، لعلَّ الله عز وجل يرى منَّا صدقًا وإخلاصًا، فنرى ما نشتاقإليه.

وأسأل الله عز وجل أن يعز الإسلاموالمسلمين.
رد مع اقتباس