ختم ذهبي | يدٌ ناعمة ؛ أنت تختلف مدخل ؛ الإحساس بالغضبْ ؛ بالظلم ؛ و العجز إنها مشاعر على وشك أن تنفجر هل تستطيع الفهم حتى ؟ #
بقيَّت تتطلعُ إلى تلك النقطة بشرود بدون أن تعطيَّ انتباها لمَ يجريْ حولها ، تُفرغُ كل تلك الأحاسيسِ المضطربة داخلها عن طريقِ سحقِ ذلك القلم المسكينِ بين أصابعها ، ترفعُ كفيها بين ثانيَّة وأخرى بغيَّة ترتيب خصلات شعرها متفاوتة الطول فتنظر إلى عقاربِ الساعة المعلقةِ على الجدار أمامها ثمَّ تعودُ تبحثُ عن أيِّ شيءْ قد يثيرُ اهتمامها ، من الواضح جليًا بأنَ صاحبَة الثمانية عشرة ربيعا تحاول صرفَ انتباهها عن الكتابِ على الطاولة ، الدراسة مملة بحقْ ! ، زفرتْ بشيءٍ من الحنقْ قبلَ أنْ تنظر إلى المسألة الرياضية أمامها فتتمتم بصوتٍ اعتراه كسلُ شديد : لا أريد أن أدرسْ أكثر ! بدلا من أن ترمي القلم على الطاولة قامت بإراحة رأسها على ذلك السطح الصلب ، لم ينفك الصداع عن زيارتها منذ استيقاظها نتيجة لذلك لم تستطع استيعاب أي كلمة ، أيُّ شيءٍ قد يساعد في تحسينِ مزاجها ! مجرد كوب من الماء المنعش أو كأس من الشوكولا الدافئ قد يساعدها قليلا لكنها لا ترغب في الحراك ! ، لا تريد أن تتحرك كي لا تدرسْ ، ذلكَ ببساطة ! ، فتحت عينيها المنزعجتين على صوت تلك الخطوات الحثيثة داخل الغرفة ، شعرت بذلك الشخص يجلس على الأريكة في الجانب القريب منها لكنها لم تقم بتحريك عضلة واحدة حتى ! ، استمتعتْ بتلك اللحظاتِ الهادئة لهنيهة ذلك قبلَ أن يرتفعَ صوتٌ مثقلٌ حنون : هل ترغبينَ في سماعِ قصة " صاحب اليد الناعمة " ؟ .. لم يجدْ استجابة مرضية من طرفها لينادي على اسمها بتساؤل : " لوسي " ! قصةٌ مملة أخرَى ! لا ضير في سماعها إن كان ذلك سيصرفُ الوقت قليلا ، أدارت عنقها نحو من يجلسُ على الأريكة بشيءٍ من الهدوء ، يحتضنُ بين أصابعه نظاراته الطبية ، أظهرتْ ملامحه الشاحبةَ طيبة شديدة فيمَ راحت عينيه الضيقتين المثقلتين تحكيْ عنْ حاله بطريقة غير مباشرة ، تفطنَّ لها وفهمَ من ابتسامتها بأنها موافقة أو ربما هي تجاريه فقط ، شقت ابتسامة غريبة شفتيه ليرفع بصره عاليا إلى السقفْ وكأنه يحاولُ تذكر كل حرفٍ من تلك الحكايَّة : تبدأ القصة معْ ذلك الصبيْ الذيْ يبلغُ الرابعة عشرة سنة ، عاشَ " هانيول " طوال تلك السنين السابقة فيْ ميتمٍ احتضنه منذ أن بلغَ السابعة نتيجة لموتٍ والديه ، ذلكَ الطفلُ كانَ انطوائيا بشكلٍ مريبْ ، لمْ يكن يلعبْ أوْ يتحدثْ ، يكتفيْ بالبقاءِ فيْ زاوية الغرفة ينظر إلى الفراغ بتأمل ، وحينما كبرَ قليلا قررَ العيشَ بمفرده ، هربَ من ذلك الميتمْ ليقضيَ اللياليْ يتلوى من شدة البرد بين تلك الدهاليز المظلمة وحينما يحلُ الصباحْ يقطعُ الطرقاتِ بدونِ أيِّ وجهة محددة ، التقى فيْ أحدِ الأيامِ برجلٍ غريب المظهر يعيشُ وحيدًا بعيدا عن الأماكن المزدحمة ، استقبله ذلك الرجلْ شريطة أن يقومَ بمساعدته فيْ أعماله الغير مشروعة ، كبر ذلك الصبي على الكذب والخديعة ، أصبح شخصا آخر مختلفا ، ينهبُ ويسرقْ وبعد أربعِ سنواتْ .. بقيَّ ذلك العجوز صامتا لوهلة قبل أن تطرف " لوسي " بعينيها باستغرابْ وتهمسَ في حماسِ خافت : ماذا حصل بعد أربع سنوات ؟ صمتً ذلك العجوزُ لوهلة يمتحن ملامح حفيدته التي راحت تطالبه بسماع الباقيْ من تلكَ الحكاية المريبة ، عاد يتململ فيْ جلسته قبلَ أن يرفع بصره عاليًا مستعدًا لرواية ذلك الجزءِ الباقيْ ، أكملَ بعد أن جذبَ نفسا عميقا : بعد أربع سنواتْ ارتكبَ أول جريمة قتل له ، أصبح بعد ذلكَ يسترسلُ في فعل تلك الأفعال المشينة بدونِ تردد ، حتى أنه أصبح أكثر احترافية في ذلك ، والمحير فيْ الأمر بأنه قبلَ أن يقومَ بأيِّ شيءْ يقوم بالاستماع إلى الموسيقى ، حتى أصبح ذلك رمزًا وعلامة واضحة له ، ولكن كما يقال دائمًا للمرة الأولى طابعٌ مميز وخاصْ ! .. بقيتْ " لوسي " تحدقٌ فيْ ملامح جدها التي تلونت باختناقٍ عجيبْ جرَّاء نطقه لآخر حرفْ ، يبدو بأن القصة العجيبة انتهتْ إلى هنا إذ أنه عاد يتطلع إليها في هدوءْ ، نظر إلى الكتابِ على الطاولة أمامها قبلَ أنْ يهتفَ بملامح أكثر إشراقًا من قبل : قد يبدو لكِ بأنَّ كل ما تفعلينه مملا وبدونِ فائدة ، لكن حتما هنالك دائما جانبٌ إيجابيْ ، احرصيْ على اتخاذ القرارات الصحيحة قبلَ أن تضيع حياتكِ مثله ! .. تغيرتْ ملامح وجهها تدريجيا لتظهر عقدة غريبة بين حاجبيها الرفيعين ، استغربَ ذلك العجوز من تغيرها المفاجئْ إلا أنها هتفت بكثيرٍ من الضجر : جديْ ، الدراسة تختلف كثيرًا هنا ، دعنيْ وشأنيْ رجاءً !
بعد أربع سنوات وقتُ ارتكابِ الجريمة لا يدريْ لمَ يتوجبُ عليه تكبد كل هذا العناءْ ، إنه خطؤه منذ البداية فلو أنه كان أشدُ حرصًا لَمَا قامَ ذلك الصبيْ بإزاحة القناع عنْ وجهه ، تركتْ أظافر ذلك الغبيْ خدوشا على وجهه ، وهذا يفسر بأن ملامحه باتت واضحة بالنسبة إليه ممَ يعنيْ بأنه يجبُ أنْ يجهزَ عليه .. بكل بساطة يجبُ أن يموتْ ! ، دفع بالبابِ الخشبيٍ الوحيد جانبا ليدخل إلى الغرفةَ بخطواتٍ متفاوتة ، إنها الغرفة الوحيدة المتبقية التيْ لمْ يبحث فيها ، أسرف ينظر حول الأثاث المنتشر فيها بتفاوت فيمَ يستمع إلى صوتَ الموسيقى المنبعثِ من جهاز التشغيل المعلقْ على عنقه ، طرقتْ كلماتُ تلك الأغنية مسامعه وهو يتوجه إلى النافذة الموصدة : .. هَلْ مِنْ أَحَدٍ هُنَاكْ ؟ هلْ مِنْ أَحَدٍ يَهْتمْ بِمَ أِشعُر أُرِيد أَنْ أَخْتَفِيْ وبهَذا لَنْ يَسْمَعنِيْ أَحدٌ عِندمَا أَصْرُخْ راحَ ينظر إلى أرجاءِ الغرفة بتململ شديد ولكن لا أثر لأيِّ أحدْ ، هل هذا معقولْ ! ، لقد بحثَ فيْ أرجاءِ المنزلِ كله ولا أثر لأي أحد ، جحظتْ عيناه وثار ذلك الشعورُ الغريبِ فيْ دواخله لوهلة قبلَ أنْ ينتفض ويتحركَ بسرعة قاصدًا بذلك تدميرَ أيِّ شيءٍ تقع عليه عينيه ، الزهرية على المنضدة ، غطاءُ السرير ، أغطية الستائر وأدراجُ الخزائنْ كلها لمْ تسلمْ منْ نوبة الغضبِ التيْ اجتاحته بقوَّة ، لن يفشل هنا ! ، لا يجبُ أن يفشلْ لأنه لمْ يجربْ طعمه قبلا ولا يريد أنْ يزج في السجنِ بسبب تعرفِ ذلك الصبيْ على ملامحه ، استدار بقوة نحوَ السرير لينظر إلى أسفله مطولا قبل أن يترك مكانه ويقتربَ منه بخطواتٍ قصيرة انحنى بقوة للأسفلْ ليجذبَ تلك الأقدامِ التيْ تعلقتْ بها أصابع كفيها ويسحبَ ذلك الجسدَ المختنق إلى الخارج بقسوة .. هُمْ يَقُولُونْ الألَم عِبَارة عَن وَهْم إنَّه مُجَردُ خَدشْ
أنتَ سَتَشْعُر بِالارتِباكْ وَلكِننيْ إنْسَانٌ فَقَط أنَا فَقَطْ مُجَردُ إنْسَان عانقت عينيه تلك الملامح المرتجفَة لوهلة قبلَ أن يدسَ كفيه فيْ جيبِ سترته ويخرجًَ منها تلك الآلة المعدنية السوداءْ ، صُوِّبت فوهة المسدسْ إلى رأسِ الضحية واتخذ ذلك الاصبع مكانه بالقربِ من الزناد ، الرصاصات موجودة و تلك الأولى بانتظار أمرٍ واحدِ لتستقرَ فيْ ذلك الجسدْ ، بقي " هانيول " يحدقُ فيْ ذلك الصبي لوهلة قبل أن تظهر ملامح شيطانية غريبة ارتسمت ولأول مرة على وجهه المليحْ ، ظهرت تلك الكلماتْ مرتجفة بين أنفاسه الغاضبة : لا أحد يستطيع رؤيتيْ ، لا أحد يستطيعُ الإمساكَ بيْ ، أيها المسكين .. هذا من أجلكْ ! مخرج ؛ لا أحد يشبك ؛ لا أحد أنت قلبكَ النابضْ ملكٌ لك وحدك فقط أنتَ هوَ أنت # .. |
__________________ سبحان الله وبحمده
سبحان الله العظيم Sleeping Beauty | Ghasag |