البارت الثامن
مرت 6 أيام وأنا هنا أصادق ذكرياتي وأحن لأيامي المملة
لا أرى ديفيد مطلقا ، فقط يأتي الضخم ببعض الطعام والماء
لآكلهما دونما إحساس بذوقهما وأعود لشرودي ،
أخبرني مختطفي أن أخي ووالداي على علم بأمر اختطافي
وثلاثتهم لم يبدوا أي استعداد لمنحهما المال ...
لكنهم تحت المراقبة للتأكد من عدم اتصالهم بالشرطة .
أشعر أني بلا قيمة الآن ، ماذا عساي أفعل ؟
لا وسيله اتصال ، لا تلفاز ولا نوافذ تفتح ,
أشكر الله أنّ الباب يدخل بعض الهواء وإلا لكنت ميته الآن .
في هذه الأوقات الصعبة يحس اواحد منا فعلا بشعور وجود العائلة
على الأقل هناك اخ يبحث عني ..
والدان يرفضان شراء ابنتهما .. فأنا ملكهما في الأساس
ولا يحتاجان لدفع المال لاستعادتي ،
برغم غيابهما الائم فأنا أشعر بالاإمتنان لهما
أحببت طوال تلك الليالي التي قضيتها التفكير
في كونهما يعملان من أجلي ، ويفكران
فيّ دائما ، أما راوند فأتخيل كل ليلة شكله الحزين
وهو يفكر في مكاني .. لا تقلق أخي العزيز
ستجدني ، بل أنا من سأبحث عنك .
~
في اليوم السابع أخرجني الضخم من الغرفة ، كان ديفيد يريد التكلم معي
استغربت عدم استعمال الرجل للقسوة في إخراجي من الغرفة
ثم ما بال ديفيد يكلمني بهدوء دون لهجته الساخرة ؟
أتذكر ما قاله لي :" إسمعي ، أنت هنا لأمر محدد ، لا نريد
إيذائك ، قريبا إن أراد أهلك ستعودين لهم بعد إعطائي المال
لا أود إعادتك بعظام يكسوها لحم ، ولا أملك وقتا لإحضار طبيب
لك إن حدث طارئ لك بسبب سوء التغذية .
أكملي أطباقك -على الأقل - كي تكملي محاولات الهروب بجسد قوي "
أطلقت تنهيدة عميقه ، هل أثير شفقتهما الآن ؟
لم اردّ وتوجهت نحو الغرفة وسط دهشتهما الخفيفة .
لم أكف عن التفكير في اسرتي هذه الليلة أيضا ،
يعجبني من الاحلام ما أراه حول كل واحد منهم
و سأصمد من أجلهم فقط .
في وقت لاحق من الليله تلك وصلتني عبارات
تبادلها ديفيد مع الرجل الآخر هانك
قال ديفيد في البداية بتذمر : لم أعد أطيق هذه العائلة
ليرد هانك : لست قلقا بشأنهم سيقدمون المبلغ عاجلا أم آجلا ,
شرح ديفيد وجهة نظره مجددا : يقول شريكي في المدينة
إنّ أخاها الأحمق يأخذ إفادات الناس في المدينة حاملا صورتها
عله يجدها ، ولم يتصل بالشرطة حاليا ، ألا يعلم أنني أذكى من ترك
آثار ورائي ؟ هددته في الرسالة التي بعثتها له بعدم تعقبي وتسليم المال
في أجله المحدد ، لكنه عنيد ولا يدرك الخطيئة التي هو على وشك إرتكابها
أما والداها فلا تحركات من جهتهما .
سأل هانك : كيف توقن أنهما لا يتحركان ؟ يحب الأغنياء
فعل كل شيء في الخفاء ، لعلهما إستأجرا محققا هنا ليباشر عمله
دون أن نعلم بامره ؟
رد ديفيد بثقة : لا إنهما لا يفعلان أحد الخدم في الفندق
الذي ينزلان به يخبرني كل شيء حولهما .
ضحك هانك بخفة قائلا : لا أعلم من أين ياتيك الشركاء
يا ديف ، إنك لا تدفع لأحد المال مقابل مساعدتك ..
اعترف ديفيد وقد خفض صوته قليلا : أنت حاله خاصة يا هانك ،
أما شريكي في المدينة فقد قام بجريمة كنت الشاهد الوحيد على وقوعها
وإن أراد المكوث بعيدا عن السجن فعليه تنفيذ أوامري البسيطة ..
والفرنسي أحكمت قبضتي عليه بشريط يصوره وهو يسرق مجوهرات سيدة
داخل الفندق ، حينما أقمت العام الماضي في ذاك الفندق .
تمتم هانك : مصادفة جيده, أن تملك حليفا قريا من موقع العدو
اعترض ديفيد : ليست مصادفة ، أنا أخطط لكل شيء . وأحصل
على ما أريده بالطريقة التي أرغب بها .
ليكمل عنه هانك وكأنما يسرد حكمة معروفه :
" طريقة الاستمتاع بالمشي فوق النار "
~
استلقت استيرا على السرير كالعادة آخذة في التفكير ،
لا شيء تفعله طوال الوقت غيره ، لكن على خلاف كل مره
كانت ترتدي ملابس جديدة ، أحضرها ديفيد لها مع
فستان سهرة أسود وبعض المجوهرات ،
لم تهتم كثيرا بالسؤال عن الفستان ، بدا الأمر
سيتوضح القريب العاجل ، وعلى الجهة الأخرى من الحائط
في غرفة الجلوس جلس هانك يتابع بشغف جولة مصارعه
فيما استلقى ديفيد على الاريكة يعبث بهاتفه ،
ابعد شاشة الهاتف عن ناظريه وقال : هانك إنظر لي ،
كتم هانك صوت التلفاز وأنشأ ديفيد يشرح له :
الرهينة تزداد شحوبا ولم تعد تقاومنا كما في البداية ،
لم تعد تتكلم مطلقا ، سكونها بالشكل المفرط هذا
لا يريحني ، أظنها على أعتاب الموت .
وهذا يفسد خطتي بالكامل .
حملق هانك فيه بغرابة قبل أن يطمئنه: لا تقلق ،
أدركت اخيرا أن الشراسة لا تنفع مع قوتنا ، وقررت
إنتظار العودة لأخيها بهدوء بدل استنزاف كل تلك
الطاقه في اللاجدوى ، حرّك ديفيد رأسه نافيا :
ماذا تفسر عدم أكلها للطعام ؟ ألا تبدو هذه محاولة صريحة
للإنتحار ؟ ردّ هانك بلا مبالاه : ربما فقدت شهيتها
يحدث هذا للمراهقين خاصة في ظروف كهذه ،
لم يأمل هانك سناع المزيد فعاد لوضعيته وشغّل الصوت
فيما وقف ديفيد متجها للشرفة ليصفي ذهنه ,
كل مادار من حديثهما التقطته آذان استيرا ، لم
يهتم الرجلان بالحيلولة دون سماعها ما يجري ,
لكن بهجتها للتحرر بدأت بالتلاشي لا تسمع وقع
أقدام محرريها المزعومين ، أغمضت عينيها بقوة
وروحها تصرخ بكآبة .