عرض مشاركة واحدة
  #21  
قديم 09-07-2016, 05:08 AM
 

عندما حلّ مساء اليوم التـالي ، جعلت أفكر في شأن المناسبات وكم

افتقدت تجمعهم وعاداتهم ، فاتخذت زينتي ورتبت غرفتي ثم هبطت

الدرج لأسفل قبل عشرة دقائق من الموعد .. فوجدت أبي جالسا على

الأريكة يحتسي قهوته وبجانبه صحيفته المفضلة

"أبـي ألن تغيرعاداتك !"

"مـا بها عاداتي؟ "

"ألم تأتي من عملك للتو .. الأب إذا حضر مُتعباً طلــب عشاءاً ثم

ارتـاح"

" و ماذا أفعل الآن .. ألست في راحة ؟"

" لا ! إذ لازلت ترتدي ملابسك الخاصة بالعمل ، ولم تطلب العشاء

بعد ،
ولا أجدك مرتاحاً وأنت على الأريكة! "

قهقه الأب ضاحكاً لثورة ابنته " آه ! كم تشبهين والدتك كثيرا في

طريقة توبيخك ، الفرق فقط في اللغة! ..ألستِ على موعد ؟ اذهبي لا

تتأخري بسببي ، قد أعتدت على تدبر أموري بمفردي"

"موعدي يمكن أن يتأخر بينما معدتك إذا جاعت فلا ! سأحضر لك

شيئا ما تتناوله ..

ذهبت لغرفة الطعام أحضر لأبي وجبة مُناسبة و في تلك الأثناء رن

جرس الباب وحضرت رنـاد

استغرق الأمرعشرة دقائق أخرى ليصبح كل شيء جاهز ، بعدها

توجهت معها للحفل ، الذي أقيم في فنـاء منزلٍ فخـم مُطلٍ على بركة

سباحة أنيقة، استمتعت بالهواء الطلق وبـرائحة الشواء فأبيت

بالجلوس إلا بالقرب لتوعد معدتي الخاوية! ..اقبلت عليّ رنـاد و

أنـاعلى حالتي بجانب الشواء ، رمقتني بنظرة مُريبة

"أرى أنكِ قابعة هنـا .. أأنتِ جائعه؟"

"بالطبع منْ لايجوع وبجانبه هذا" أشارت بسبابتها على آلة

الشواء"فاتح الشهيــات! "

التفتت رناد تتلصص حولها خفيةٍ أن يدركهما أحد بسبب حماس

صديقتها الزائد "يبدو أنه التبس عليّ بين كلـبٍ وإنسـان ! إيـاكِ

وفضحي هنا فسأتبرأ منكِ"

"ماذا عنك ؟ أتكذبين معدتك ؟ "

"كلا ، ولكن ليس بمقدارك .. ألم تأكلي شواء هنـاك وقد قدمتِ من

بلاد المشويــات ؟ "

"لم يتسنى لي الوقت ، ولاتنسي أنني مسلمه .. بالخارج علي البحث

عن المطاعم الحلالية أولاً "

"نعم نسيت ذلك ، كُلي إذن بقدر ما تشائين !"

"بالمـناسبة إن أمرك غريب ، لا أر هذا المكان مُضجراً البته بل

على العكس تماماً!"

"يحق لك قول ذلك وأنت مدمنة على العمل .. فلتشكريني لأنني

أخرجتك من تلك البيئة"

"سأذهب لألقي نظرةٍ خاطفةٍ في الأرجاء .. ،إيـاكِ أن تأكلي بدوني

مفهوم!"

ذهبت أتنقل بين أرجاء المنزل الفخـم فالحفل ممتد إلـى داخله وكلما

مررت بحُجرةٍ مـا بهرني منظرها

وتنـاسق الأثـاث مع بعضه بالرغم من تنوع الألوان .. في الممر

شـدنـي أمر مـا جعلني راغبة بالمضي قدمـاً إلا أنني خشيت أن

يسألني أحدهم عن هويّتي و أنـا مجرد زائره ، فعدت أدراجي

"عُـدتِ سريعاً"

"أكتفيــت!"

"جيد .. الأكل أصبح جاهز"

جلسنا نتبادل أطراف الحديث في مختلف المجالات ونتلذذ بما طاب

من المأكولات كما عرفتني بزملائها في العمل والمسؤول عن الحفل

فشكرته على جهودهِ وعلى دعوتها لي ومر الوقت سريعا فأصبت

بالذعر لعلمي أن عقارب ساعتي الآن تشير إلـى الحادية عشر

والنصف

" رنـاد لقد تأخر الوقت إنها الساعة الحادية عشر والنصف!"

"حقـاً ! عجباً لم أشعر بذلك ، منْ يسمعك يظنكِ ستعملين غداً"

" ليس أنـا بل أنتي ! ، ولاتنسي أنه قد بقي لدي يوم واحد"

"آه .. كم سأشتاق إليـك ! ،أنهي عملك بسرعه وعودي

إليّ رجاءاً !"

أوصلتني رناد حتى المنزل بسيارتها فشكرتها "رناد شكرا لك على

كل شيء ، أكـاد لا أصدق أنك قد أصبحتِ مسؤوله !"

" أنـا كذلك ولكنكِ مهتمةٍ بالبحث عن أخطـائي.. آمل أن يكون اليوم

قد أعجبك"

"لقد أعجبني كثيراً ، شكرا لدعوتك .. سأحاول أن ألتقي بك قبل

سفري ، طابت ليلتك"

"وليلتك"

صعدت إلى غرفتي وقد نال التعب ضريبة مني على أكمل وجه

،اتخذت حماماً دافئا ثم ذهبت لفراشـي ،تقلبت يمنةً وشمالاً علْيّ

أنـام، شغل بالـي أمراً قد تعمّدت إخفاءه عن رنـاد ، إذ لم أخبرها

أنني قد لمحت أخيها بأحدغرف ذلك المنزل خوفا من الظنون ..كـان

أشبه بالحلـم، لمحته في ثانية بين تجمعٍ من النـاس وأنـا في الممر،

شد انتباهي لدرجة رغبتي بالتحري عن الأمر وعدلت عن رغبتي

لإدراكي بمشاعري المضطربة.. ربما كان تخيلاً من صنيع أوهامي

.. بات أمره يشغل فكري كثيراً والمناسبة أبعد ما تكون لنوع عمله !

إلـا أن ما زاد من حيرتي ، هو خفـقان قلبي المتسارع حينها وتصلب

جسدي مرةٍ أخرى، ترى هل بدأت مشاعري نحوه تنمو ؟!