والعدّ التنازلي بدأ..
البارت 12
بحركة لا إرادية وقفت وراء الرجل العجوز وأنا أشهق ،
مع أن عقلي يؤكد لي أن العربي اللطيف لن يقدر على الدفاع عني ،
شهقت بخفوت وأنا أهتز ، كيف لا وهانك يقترب بسرعه ناحيتي ؟
ستُسلب حريتي مره أخرى ، حالي يُبكي من لا يَبكي ..
فالرعب المجتاح لأوصالي ، حتما أشد من عذاب سجون الباستيل ،
خطوات هانك أمامي تحاكي في سرعتها سير اللحظات لا الثواني ...
وإذا بي أغلق عيني ّ متمسكة بقميص العجوز كأنني في وداع
له ، بل وداع لكل الأيام والأحلام الزاهية ، التي انفرجت أساريرها
أمامي منذ ساعات ، إبان شربي للقهوة وسمري مع السيد ،
وأثناء شقّي للطريق خارج الفندق ،
بووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووم !
كان هذا ما سمعته قبل أن أفتح عيني ّ ولم أملك
إلا أن أفغر فاهي وانا أرى هانك يتأوه ،من ضربة الشيخ له بعصاه ،
قائلا لي بسرعه :" اهربي من الباب وسؤبطؤه قدر المستطاع " .
انصعت لأوامره دون تأخير ، ورميت بجسدي لأطلق العنان
للجري المجنون في الازقة مع كل الأفكار السوداء
وغيوم النحس المكورة عند مجرى حياتي ،
لم أنسى شكر الله والشيخ كوني أنعم بملابس وحذاء
مناسبين لهذا الوقت ، كيف كنت سأتصرف لو بقيت بهذا
الفستان والقدمين الحافيتين الداميتين ؟
استمرت الأضواء بالتلاحق على جنبات الطرائق ،
والعديد من الوجوه تمرّ عليّ كمرّ الخيال وسط السباق
الذي كنت أجريه مع الحظ النحس ، أينا أسرع ؟
أأنا بسذاجتي وبعض الركض ؟ أم هو ببشاعته وقدرته المستميته
في تحويل كل جميل لقبيح ؟
لنأمل أن تكون الغلبة لي هذه المره ..
إلاّ أنه وحتى مع جريي السريع لا بد له من مزاولة مهنته
المحببه ، والتنكيد على الناس ، فقد إخترق سمعي صوت
هانك الخشن الجهوري صارخا :" توقفي"
يا إلهي مالذي فعله بالشيخ اللطيف ؟
حينما إلتفتّ له لم اجد المسافة التي تفصلني عنه
سوى متر واحد ، كم هو بهذا الدهاء حتى يتجنب
مناداتي طوال تلك الفترة التي بدأ فيها باللحاق بي ؟
لم يفعل كما في الأفلام ويستوقفني حالما بدأ مساره
في الركض ورائي ، بل جعل المسافة
تدنو من العدم وناداني ...
ربما لتتجمد أعضائي الحركية من الخوف وأخفف قسرًا
من سرعتي ...
جاء هذا كله مع التعب واللهثة ، أتسائل م مدى الإنتقام
الذي يكيله لي حظي الأسود على تحديه ؟
نفضت رأسي .. ليس عليّ التفكير في هذا ؟
هانك على بعد خطواتي مني ، يجب إيجاد حل ما ،
مهلا !! لنستنجد بعقل الغزال ...
أخذت أمر بين الطرق الفرعية على غير هدى ،
الواحد تلو الآخر ، أرمي الصناديق ورائي ،
واحاول عدم تجنب الزحام والمارة ، نجح هذا
بالفعل إذ أنّ هانك إختفى فجأة وسط تلك الدوامه
مما امكنني اتخاذ وقت مستقطع لي
كي أتنفس فيه جيدا ، وأريح قدميّ المتورمتين .