قال الشيخ العلامة ابن عثيمين - رحمه الله - كل ما يُحْدِث الندم فإنّ الشرع يأمرنا بالابتعاد عنه ،
فالله سبحانه وتعالى قال :
(إنما النجوى من الشيطان ليحزن الذين ءامنوا وليس بضارهم شيئاً إلا بإذن الله )
والله تعالى إنما أخبرنا بذلك من أجل أن نتجنب هذا الشيء، فالمراد : أن نبتعد عن كل ما يحزن
و لهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم :
( لا يتناجى اثنان دون الثالث ، من أجل أن ذلك يحزنه )
فكل ما يجلب الحزن للإنسان فهو منهي عنه.
أن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر من رأى رؤيا يكرهها أن يتفل
عن يساره ثلاث مرات , ويستعيذ بالله من شرها ومن شر الشيطان ,وينقلب
إلى جنبه الثاني , ولا يخبر بها أحدا ، ويتوضأ ويصلي ,كل هذا من أجل أن يطرد الإنسان عنه هذه الهموم
التي تأتي بها هذه الأمراض ,
ولهذا قال الصحابة : لقد كنا نرى الرؤيا فنمرض منها ، فلما حدَّثَهم رسولُ الله -
صلى الله عليه وسلم - بهذا الحديث ؛يعني استراحوا ، ولم يبق لهم هم ,
فكل شيء يجلب الهم والحزن والغم فإن الشارع يريد منا أن نتجنبه
ولهذا قال الله تعالى :
( فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج )
لأن الجدال يجعل الفرد يحتمي ويتغير فِكْرُهُ من أجل المجادلة ، سيحصل له هم ويلهيه عن العبادة .
المهم اجعل هذه نصب عينيك دائما ؛أي : أن الله عز وجل يريد منك أن
تكون دائما مسرورا بعيدا عن الحزن
والإنسان في الحقيقة له ثلاث حالات :
حالة ماضية , وحالة حاضرة , وحالة مستقبلة
الماضية : يتناساها الإنسان وما فيها من الهموم ؛لأنها انتهت بما هي عليه إن
كانت مصيبة فقل : ((اللهم أجرني في مصيبتي واخلفني خيرا منها)) وتناسى،
ولهذا نهى عن النياحة ، لماذا ؟ لأنها تجدد الأحزان وتذكر بها.
المستقبلة : علمها عند الله عز وجل ،اعتمد على الله ،وإذا جاءتك الأمور فاضرب
لها الحل , لكن الشيء الذي أمرك الشارع بالاستعداد له فاستعد له.
والحال الحاضرة هي : التي بإمكانك معالجتها , حاول أن تبتعد عن كل شيء
يجلب الهم و الحزن والغم ،لتكون دائما مستريحا منشرح الصدر، مقبلا على
الله وعلى عبادته وعلى شؤونك الدنيوية والأخروية , فإذا جربت هذا استرحت ؛
أما إن أتعبت نفسك مما مضى ، أو بالاهتمام بالمستقبل على وجه لم يأذن به الشرع ،
فاعلم أنك ستتعب ويفوتك خير كثير].
منقول من شرح العلامة ابن عثيمين لكتاب بلوغ المرام