12-10-2016, 02:38 PM
|
|
.. ٣١..
~ سوبارو ~
لم أهنأ في النوم ليلة البارحة ، فروز ومشكلتها شغلا تفكيري كثيراً ، أي مصيبة وقعت فيها يا ترى ؟؟
وكيف سأٰظهر براءتها ؟؟
الشرطة أتتني عدة مرات في الأمس بعدما أخذت روز إلى مكان آمن ، وأخذت تستجوبني عن مكانها، وأنا أخبرتهم بأني لم أرها مطلقاً إلا في المدرسة ..
نظراتهم التي يرمقونني بها فيها الكثير من الشك ، وكأنهم غير مصدقين لما أقول ، لكنني استطعت الحفاظ على نبرتي الواثقة التي جعلتهم يصدقون ما قلته قليلاً ، لكنهم قالوا أنهم سيزورونني لاحقاً ، أي أن الأمر لم ينتهي بعد ..
أخشى كثيراً من أن تكتشف روز سري وأنا لا أريد ذلك ، فقد اضطررت إلى تخبأتها في ذلك المكان الذي يحتوي على كل ما يخص عملي ..
آآه يا إلهي أشعر بأن سري يُفضح شيئاً فشيئاً ..
كنت جالساً في مكاني أحاول إشغال نفسي بالقراءة ، وطرد كل هذه المشكلات بعيداً ، لكن هيهات ..
فكل من حولي يتحدثون بشأن هذا مع بعضهم ، فالجريمة التي حصلت في منزلها هو محور حديث الجميع ، وإختفاءها بعد الجريمة جعلهم في حيرة من أمرهم ..
أعلم أن الفضول يقتل الجميع ، وهم يرغبون في سؤالي عن التفاصيل ، لكن يبدو أنه لا أحد يجرؤ على ذلك ، وهذا أفضل لي ..
أغلقت الكتاب بعد أن يئست من مقدرتي على القراءة ، المصائب لا تتوقف إبداً ، خصوصاً بعد مقابلتي لياماتو وجوليا وروز ، لابد أنهم مغانط يجذبون المصائب والحظ السيء ، ولن أستبعد إنكشافي بسببهم ، أو حسنا ربما العكس فأنا كتلة من النحس كما كانت تقول تلك المرأة ..
مر اليوم الدراسي بشكل طبيعي جداً ، وعلمت أن المدير لم يحضر اليوم ، لذا سيتم تأجيل الإختبار إلى الغد ، فالأسئلة بحوزته ولا أحد يمتلك نسخة من الأسئلة سواه ..
تضايقت من سماع هذا الخبر كثيراً ، فأنا متلهف لمعرفة ما يهدف إليه ، وتصرفاته تدل على أنه يعرف الخاطف جيداً ، وأنه متورط معهم ..
الشيء المهم الآن هو أنني يجب أن أقابل ياماتو ، وأخبره بأنه ليس مرقباً ويستطيع التصرف بحرية ، لكن الأحمق لا يرد على اتصالاتي ..
لكنني لم أيأس أبداً ، وأرسلت رسالة كتبت فيها [ أيها الثري المغفل تعال اليوم إلى المدرسة بعد انتهاء الدوام ، سأقتلك إذا لم تحضر ]
اعترافي له بمشاعري الحقيقية أراحني كثيراً ، فالآن أستطيع التحدث معه بفظاظة دون تملق ولا مجاملة ، عكس ما كنت أفعله سابقاً ..
بعد انتهاء الدوام خرجت من المدرسة منتظراً ياماتو أمام البوابة ، وإذا لم يأتي فأنا لن أدعه وشأنه ..
بعد دقائق لمحت سيارته تقترب مني ، وما إن وصلت عندي حتى توقفت السيارة لينزل منها ياماتو ..
قبل أن أستطيع الذهاب إليه تحلقن الفتيات حوله محدثن صخباً عالياً ، ولم يفسحوا لي المجال للذهاب إليه ..
كانت الفتيات سعيدات كثيراً وصراخهن المزعج لم يتوقف مذ أن رأوه ..
قطبت حاجباي بغيظ ، واتكأت على الجدار وأنا أضرب بقدمي الأرض بإنزعاج وضجر ..
على الرغم من أن ملامحه تبدو عليه الإنزعاج إلا أنه كان يعامل الفتيات برقة وكأنه لا يستطيع أن يبعدهن عن أمامه ، هذا المعتوه فعلاً يغيظني حين يتعامل مع الآخرين برقة وودية ، ولو كنت مكانه لدفعتهن ارضاً وصرخت في وجههن ..
مرت خمس دقائق ولازلن الفتيات حوله ، ويبدو أنه لا نية لديهن في الإبتعاد ..
وأنا لا أمتلك الوقت الكافي لإنتظارهن ، تقدمت نحوهن وصرخت عالياً : ابتعدن بسرعة أيتها الحمقاوات المزعجات ..
إلتفتن الفتيات نحوي بذعر ، وأنا أخذت أرمقهن بنظرات حارقة ، اختبأن الفتيات خلف ياماتو وأخذوا يطلبون مساعدته ..
قلت بغضب : ألم تسمعن ما قلته ؟؟ أغربن عن وجهي حالاً ، وإلا اضطررت إلى إستخدام العنف معكن ..
ارتعبن الفتيات من تهديدي وهربوا مبتعدات عن ياماتو ولم يخف علي كلماتهم المتذمرة والساخطة ..
عندما خلا المكان رفعت ببصري إلى ياماتو الذي ما إن وقع عينه في عيني حتى أشاح بوجهه بعيداً ، نظرت إليه بإستخفاف متمتماً : أنت ضعيف كالفتيات فعلاً ، إن كان تصرف الفتيات لا يعجبك فما عليك إلا الصراخ في وجههن لا أن تبقى كالأحمق بينهن ..
رد ياماتو بهدوء وهو لا يزال يبعد ناظريه عني : أنا لا أحب جرح مشاعر الفتيات فهن ضعيفات كما تعلم ..
قلت بسخرية : ولهذا اضطرت جوليا إلى لعق قيئها ..
تغيرت ملامحه تماماً ، فقد أعدت إليه ذكرى كان يرغب في تناسيها ..
أغمض ياماتو عينيه وقال بنبرة متألمة : أنا فعلاً شخص سيء ، تسببت في إيذاء العديد ممن حولي، جوليا وآلبرت مثال للأشخاص الذين آذيتهم بشدة ، وربما أكون قد آذيتك دون أن أعلم ، لذا أنا آسف جداً ..
ثم فتح عينيه التي كانت كأعين السمكة الميتة الذابلة ونطق بهدوء : هل تعرف ماحل بروز ؟؟
- نعم أعرف ، فقد قامت الشرطة بإستجوابي وسؤالي عن مكانها ..
قال ياماتو بإنفعال غريب : تخيل ماذا يا سوبارو ، روز كانت تُعامل بقسوة من قبل والدتها وأخاها ، ونحن لم نكن نعلم بشيء ، وأنا لو لم أقرأ الجريدة لما كنت لأعلم ، يبدو أن روز كانت لا تثق بنا ، ولهذا لم تقل شيئاً حول هذا ..
ابتسمت بمكر حينها ، ولأُشعره بأنه هو الأحمق الوحيد بيننا وأننا لا نطيقه قلت بخبث : أنت الوحيد الذي لم تعلم ، أما أنا فقد كنت أعلم هذا وهي من أخبرتني بنفسها ، وجوليا لاشك في أنها كانت تعلم كذلك ، إذاً أنت الأحمق الوحيد الذي لم يعلم ..
شعرت بنشوة الإنتصار حين بدت على ملامحه الإحباط والألم ، لقد برعت حقاً في كذبي ، فأنا ماكنت لأعلم لو لم يتحدث معي ذلك القزم ماركو ..
لكنني كنت أهدف إلى جعله يشعر وكأنه متطفل بيننا ، وأننا جميعاً نتشارك الأحزان والمشكلات فيما بيننا إلا هو ، ونحن لم نعتبره صديقاً لنا أبداً ..
قال وهو ينكس برأسه : لابد أنني شخص لا يُطاق أبداً ، آسف لأنني تسببت في إزعاجكم ..
ثم رفع رأسه وقال بإبتسامة بدت وكأنه يتصنعها رغماً عنه تخفي وراءها الكثير من الألم ، وقال : حتى لو لم تحبونني ، فأنا أحببتكم كثيراً وآسف مجدداً على كل ما بدر مني ، وداعاً ..
أدار ظهره مغادراً المكان ، لكنني أمسكته بسرعة ، فأنا لم أنهي كلامي بعد ، وما كان يجب أن أجرح مشاعره قبل أن أعطيه الرسالة ، يالي من غبي ..
قلت بسرعة : انتظر قليلا ً، ألا تريد أن تعلم متى علمت بحادثة الجريمة ؟؟
أدار رأسه وقال بهدوء : لابد وأنك علمت بشأن هذا قبلي ، في النهاية أنا آخر من يعلم بكل شيء ..
هذا الغبي لا تقولوا لي أنه قد تأثر بما قلته ، إنه يبدو كالفتيات حقاً ، تباً له ولمشاعره المرهفة ..
لم أستطع كبح غضبي لذا صحت بنبرة عالية : لماذا لا تتصرف كالرجال أيها الغبي ؟؟..
رد هو بذات إنفعالي : أنا رجل لكن لي قلب أشعر به ، والفتيات
لسن وحدهن من تجرح مشاعرهن ، فنحن الرجال لدينا قلوب كذلك ، ونشعر بالألم كما يشعرون ، لذا لا تشبهني بالفتيات لأمر كهذا ، أما أنت فلا تشعر بشيء لأنك متبلد الإحساس ، وشخص بلا مشاعر كالرجل الآلي ..
انقضضت عليه بسرعة وطرحته أرضاً ، وبدأنا بالشجار مع بعضنا ، ولم نترك شتيمة إلا وقلناها لبعضنا ..
عندما لمحت السائق يقترب منا محاولاً تفرقتنا ، همست في أذن ياماتو بنبرة سريعة : أنت لست مراقباً ، لذا اذهب إلى الشرطة لمساعدة جوليا ..
أنهيت جملتي ونهضت من على الأرض وأنا أنفض الغبار عن ملابسي ، وأرمقه بنظرة غامضة ، أما هو فقد ظل مستلقياً على الأرض ومتصلباً في مكانه ..
أدرت ظهري إليه مغادراً المكان بسرعة ، قبل أن يسألني ياماتو عن شيء ويُفتضح أمرنا ..
هذه الطريقة كانت الطريقة الأنسب لإخباره ، فأنا لست واثقاً من ما إذا كان سيفهم إذا أعطيته الورقة .. ***
~ روز ~
استيقظت من نومي فزعة بعد أن راودني حلم مزعج ، أخذت أتنفس بقوة وأنظر حولي بفزع ..
وضعت يدي على الجهة اليسرى من صدري متمتمة : أنا بخير ، لن تستطيع الشرطة الوصول إلى هنا ..
بقيت ألتقط أنفاسي لدقائق ، وأحاول تناسي ما رأيته ، سوبارو لن يقوم بخيانتي ويبلغ الشرطة عني ، نحن أصدقاء لذا لن يحدث هذا أبداً ..
هو سيخلصني من هذه الورطة بالتأكيد ، والسيد كيداي سيسعى هو بدوره لإثبات براءتي ، أنا محاطة بأناس أستطيع الثقة بهم ، لذا لا داعي للخوف ..
أزحت غطاء السرير عني ، ووطأت قدمي الأرض الخشبية ، وسرت بعدها متوجهة نحو دورة المياه ..
خرجت من دورة المياه وأنا أنظر إلى تفاصيل هذا المنزل البسيط والمتواضع ، لم أركز في المكان جيداً ليلة أمس لأنني كنت مرهقة كثيراً ، لكن الآن أرى أنه منزل بسيط جداً ، لكنه أفضل حالاً من المنزل الذي يعيش فيه سوبارو ..
أخذت جولة حول المنزل لأستكشف المكان ، وكان المنزل مكون من دور واحد فقط ، فيها غرفتين غرفة خالية من الأثاث والغرفة الأخرى كانت الغرفة التي كنت نائمة فيه ، ويحتوي على مجموعة من الكتب ، وصالة صغيرة وضيقة ، وحمام واحد ومطبخ مفتوح على الصالة ..
لكن المشكلة أن المكان مغبر قليلاً أي أنه لم يتم هجر هذا المكان إلا منذ فترة قصيرة ..
عدت إلى الغرفة التي كنت فيها ، وأخذت أتصفح الكتب الموجودة على الأرفف التي تحتل جدار كامل من الغرفة ، إن هذه الغرفة تذكرني كثيراً بغرفة جوليا المليء بالكتب ، لكن غرفة جوليا منظم ومرتب أكثر من هذا المكان ..
كلما فتحت كتاباً اجتاحني نوبة من الإكتئاب ، أنا حقاً لا أحب القراءة ..
أعدت الكتاب إلى مكانه ، بعدها توجهت إلى المكتب الموضوع في زاوية الغرفة ، فتحت الدرج الأول لأجد مجموعة من الأشرطة التي بدت مألوفة عندي ..
قلت بشك وأنا أقلب الشريط بين أصابعي : هل من المعقول أن هذا ....
لأقطع الشك باليقين وضعت الشريط في مسجل موجود في الغرفة ، وعندما قمت بتشغيله صدح صوت المغني ورابوس في المكان ..
أيقنت حينها أن الأشرطة كلها للمغني ورابوس ، لكن لماذا قال سوبارو أنه لا يعرفه ولم يسمع عنه ؟؟
أو ربما تكون هذه الغرفة ليست ملكاً له ، وهذا هو الإحتمال الأرجح ، فلا سبب يدفع سوبارو إلى الكذب ..
لكن إذا لم يكن هذا منزل سوبارو ، فمن صاحب هذا المنزل ؟؟
ربما يكون للرجل الذي كان معنا في السيارة ، أممم ماذا كان اسمه ؟؟
أوه صحيح السيد روكاوا ..
على ذكر السيد روكاوا فقد كان يتحدث بشكل مريب جداً ليلة أمس ، وهو وسوبارو يتحدثان بغموض ، وأنا لم أفهم شيئاً مما قالاه ..
لم أعر الأمر إهتماماً وألقيت بجسدي على السرير ، هناك أمور أكثر أهمية يجب أن أفكر بشأنه ، أنا حقاً لا أعلم ما إذا كنت سعيدة بموتهما أم لا ..
أمي وماركو سببا لي الكثير من الألم ، وحرمت الكثير من الأشياء بسببهما ، ذقت أنواع التعذيب على يديهما ، مع ذلك لم أتمنى موتهما ..
نعم ...
على الرغم من كل ما سبباه لي لم يخالجني شعور بالرغبة لقتلهما ، إذاً لماذا فعلت هذا ؟؟
انقلبت إلى الجهة اليمنى ، وأنا لازلت أواصل التفكير ، هل كانت هذه الرغبة مخزنة في ذهني لكنني لم ألحظه ؟؟
إطلاق النار عليهما بينما أنا ثملة يؤكد هذا ، تباً لي كم أنا حقيرة ..
أحسست بدموعي الحارة تسيل ، لم أمنعها وتركتها تجري كما تريد ، أنا الآن في أسوء موقف أمر به ، أنا في ورطة كبيرة ولا أحد بإمكانه إنقاذي ..
ماذا فعلت لأستحق كل هذا العناء في حياتي ؟؟ لماذا يجب أن أمر بهذه الظروف الصعبة ؟؟ لماذا أنا وليس غيري ؟؟
شددت على غطاء السرير بغيظ ، ما السبيل إلى الراحة ؟؟ متى سينتهي الجحيم الذي أنا فيه ؟؟
سابقاً كنت لا أذوق طعم الجحيم إلا في المنزل ، أما الآن فالعالم بأسره أصبح جحيماً ، والجميع من حولي أعدائي ..
لن أتمكن من العيش بحرية بعد الآن ، فأنا مجرمة فارة من العدالة ، والشرطة تبحث عني بكل تأكيد ، ولم يعد أحد بجانبي إلا سوبارو ..
حتى ياماتو لا أعلم كيف سيكون رأيه بعد أن يعرف بجريمتي ، لابد أنه سيتخلى عني ، ففي النهاية هو ثري وسمعته تهمه كثيراً ، والبقاء مع مجرمة مثلي لن يكون في صالحه ..
أمقدر لي التعاسة طوال الحياة ؟؟ متى سأذوق طعم السعادة الحقيقية ؟؟ يبدو هذا مستحيلاً بالنسبة إلي ..
فجأة قفز إلى ذهني الحل الأمثل ، نعم هذا هو ما يجب أن أقوم به لأستريح ..
نزلت من السرير بسرعة وأنا أتخبط في طريقي بسبب أن دموعي تحجب الرؤية ، ووصلت أخيراً إلى المطبخ ..
أخذت أبحث في الأدراج عن سكين أستطيع به قتل نفسي ، فلا خيار آخر أمامي ..
أمسكت بالسكين بعد أن وجدته في أحد الأدراج ، وبيدين مرتعشتين أخذت أقربها إلى بطني ..
جسدي بأكمله ينتفض من الخوف ، أبعدت السكين عني وأنا أتمتم بضعف : لا أستطيع فعلها ، أنا خائفة كثيراً ..
أنا حقاً لا أجرؤ على طعن نفسي ، فالأمر مرعب بالنسبة لي ، لكن لا خيار أمامي ..
قربت السكين مجدداً ، وأغمضت عيني محاولة التحلي بالقليل من الشجاعة ..
لكن صوتاً ذكورياً قاطعني بصراخ : ماذا تظنين أنك فاعلة أيتها البلهاء ..
سقط السكين من قبضتي بذعر ، والتفت إلى مصدر الصوت لأجد السيد روكاوا ينظر إلي بغضب ..
اقترب مني بخطوات سريعة ، وجرني من يدي إلى الغرفة المجاورة ، وألقاني أرضاً وهو يقول بنبرة عالية : في ماذا كنت تفكرين ؟؟ أكنت تنوين الإنتحار أيتها الغبية ؟؟ ألا تفكرين فيما سيكون موقف سوبارو إذا علم بإنتحارك ؟؟
تمتمت بضعف : هو سيكون مرتاحاً للغاية ، فأنا لست إلا آفة عليه ..
- كفاك غباءً ، لو كنت حقاً كما تقولين لما قدم لك يد المساعدة وساعدك على الإختباء منذ البداية ، ولو أراد التخلص منك لترك الشرطة تقبض عليك ..
صمت حينها ولم أستطع قول شيء ، هو محق تماماً في كل ما قاله ..
أكمل السيد روكاوا كلامه لكن هذه المرة بنبرة هادئة : سوبارو لن يتمكن من المجيء إلى هنا لفترة ، فالشرطة تراقبه على الأرجح ، لذلك أوكل إلي مهمة البقاء معك ..
لاح في ذهني سؤال فضولي لذا نطقت به فوراً : هل أنت قريب سوبارو ؟؟ ولمن هذا المنزل ؟؟
وضع السيد روكاوا يده على ذقنه بتفكير : أممم أنا لست معتاداً على الكذب ، ولا أرغب في الإجابة على سؤالك ، إذاً سألتزم الصمت ..
أعجبني صراحته ، لكنه أغاظني بإجابته قليلاً ..
قلت بتذمر : هيااا ، لا شيء مهم تخفيه عني ، لو كان سوبارو هنا لأجاب على السؤال ..
تمتم بإبتسامة ساخرة : لا أظن ذلك أبداً ..
بعدها هم بالوقوف قائلاً : صحيح لقد أنسيتيني الغداء الذي أحضرته ، لا شك في أنني وضعتها بالقرب من المطبخ ، سأذهب لإحضاره ..
قبل أن يغادر السيد روكاوا المكان قلت بهدوء : لماذا تبقى معي على الرغم من أنك تعلم بجريمتي ؟؟ ألا تخشى أن تقبض عليك الشرطة ، وتزج في السجن ؟؟
أدار رأسه بإتجاهي متسائلاً : ولماذا قد يفعلون هذا بي ؟؟
- لأنك أنت وسوبارو تستتران علي ، وتخفبئان مجرمة مثلي ، لذا ستعدكم الشرطة شركاء لي في الجريمة..
صمت السيد روكاوا لثواني ليقول بعدها : سوبارو أكد لي بأنك بريئة ، وأنا أثق في سوبارو ، لذا أنا لا أنظر إليك على أنك مجرمة ..
صرخت بإنفعال عينها : لكنني قتلتهما بيداي هاتان ، كل الدلائل تشير إلى ذلك ، والمسدس الذي قُتلا به في حوزتي الآن ..
توسعت حدقتا السيد روكاوا حينها ونطق بذهول : المسدس بحوزتك الآن !!! هل أنت جادة ؟؟
وقفت بإتجاه حقيبتي وأخذت أبعثر ما فيها قائلة : نعم هو بحوزتي ، وأنا سأريك الآن ..
أخرجت كل ما في حقيبتي ، لكنني لم أجده ، تفاجأت من هذا كثيراً ..
تحدثت بنبرة مرتعشة : لقد اختفى !! من الذي قام بأخذه يا ترى ؟؟ غير ممكن ، أنا واثقة أنه في الحقيبة ..
أعدت البحث بين أغراضي المبعثرة ، لكن عبثاً ..
إلتفت إلى السيد روكاوا وقلت : لاشك أن سوبارو قد أخذها ، اتصل به وسأله أرجوك ..
أومأ السيد روكاوا برأسه وأخرج هاتفه للإتصال بسوبارو ، بينما أنا أنتظر بترقب الجواب ، لو فقدت المسدس فأنا في مشكلة كبيرة ..
بصمات أصابعي مطبوعة عليها ، وإذا ما وجده أحد وسلمه للشرطة سيدركون أنه السلاح الذي أُطلق على أمي وماركو ، وحينها ستثبت إدانتي ، ولا مجال للإنكار ..
يجب أن يكون مع سوبارو .. نعم يجب ذلك ..
في الوقت الراهن ربما يستطيع سوباو أو السيد كيداي إختلاق كذبة بما أنه ليس هناك دليل قاطع ، لكن لو فقدته فحياتي ستضيع معه ..
كان السيد روكاوا يتحدث مع سوبارو ، وبعد دقائق غادر الغرفة وكأنه لا يريدني أن أنصت إلى ما يقوله ..
هممت باللحاق به ، لكنه أغلق الباب في وجهي ، ويبدو أنه قد أقفله علي ..
طرقت الباب بعنف وأنا أصرخ بغضب ، لكنه كان يتجاهلني ، بقيت على هذا الحال لفترة ، بعدها سمعت قفل الباب يُفتح ، صرخت حينها بعصبية ودموعي قد أغرقت وجهي : لماذا لم تدعني أستمع إلى المكالمة ؟؟ أهنالك شيء تخفيانه عني ؟؟
قال السيد روكاوا بهدوء محاولاً إمتصاص غضبي : ليس الأمر هكذا يا روز ، ثم أن سوبارو أخبرني أن المسدس بحوزته ، لذا لا تقلقي ..
لم أرتح لكلامه ، إن كان الأمر عادياً فلماذا أقفل الباب علي وتحدث خارجاً ؟؟
هل ينوي سوبارو الإقدام على خطوة دون علمي ؟؟
*** ~ جودي ~
بعد انتهاء المدرسة توجهت إلى المنزل برفقة زاك المزعج الذي أصر على مرافقتي ، بسبب الجريمة التي حصلت قرب منزلنا ، والذي هو منزل روز ..
عندما قاربنا على الوصول إلتفت إلى منزل روز الذي كان محاطاً برجال الشرطة الذين لازالوا يتفحصون المكان ..
تحدث زاك : ألم تغادر الشرطة المكان بعد ؟؟
هززت رأسي بالنفي مجيبة : أبي أصر على أن يبحثوا في أرجاء المنزل عن دليل يثبت دخول أحد الغرباء إلى المكان ، فهو لايزال غير مصدق أن روز يمكن أن تقتلهما ..
قال زاك متسائلاً : وماذا تظنين أنت ؟؟ هل هي من اللواتي يستطعن الإقدام على جريمة بشعة كقتل والدتها وأخاها ؟؟
أخذت أتأمل المنزل بشرود متمتمة : لا أعلم حقاً ، لكن روز فتاة ضعيفة جداً ولا أظن أنها قادرة على قتل أحد ، لكن ربما كانت تتظاهر بهذا وحسب ، من يدري ..
صمتنا لثواني ليكسر الصمت صوت زاك الذي تحدث مجدداً : لقد قلت أن والدك غير مصدق لما توصل له رجال الشرطة ، ما الذي دفعه إلى إنكار ذلك ؟؟ ولماذا تم إلصاق التهمة بروز من قبل رجال الصحافة ؟؟
إلتفت إلى زاك وأخذت أنظر إليه بطرف عيني قائلة : ألا ترى أنك تثرثر كثيراً يا زاك في أمر لا يخصك ؟؟
حك زاك رأسه بإحراج متمتماً : لأنني أظن أن إلقاء التهمة على روز بعد إختفاءها أمر خاطئ ، فالشرطة لا تعلم مكانها ، ولم يثبت إدانتها بعد ، لذا ربما تكون قد اختطفت بعد أن قتل الخاطف عائلتها ، ومن السيء جداً توجيه الإتهام إلا شخص نظن أنه المجرم دون أن نمتلك دليلاً ..
أتانا صوت رجولي من الخلف يقول : أحسنت قولاً يا زاك ، وهذا ماكان يدور في ذهني أيضاً ، لذا أنا أعمل الآن جاهداً للبحث عن دليل لبراءة روز ..
إلتفت إلى الوراء حيث يقف أبي بزي عمله الرسمي ..
قلت بإستغراب : ماذا تفعل هنا أبي ؟؟ هل توليت أمر هذه القضية بنفسك ؟؟
- لا ، فأنا مشغول بقضايا أخرى ، فقط كنت أتحدث مع المسؤول عن هذه القضية ، لأعرف الجديد ..
- وهل توصلوا لشيء ؟؟
- للأسف لا ..
صمت لبرهة قبل أن أسأل : لماذا تظن يا أبي أنها قد اختطفت ولم تهرب ؟؟
أجاب أبي وهو ينظر إلى السماء التي تلونت بألوان الغروب البديعة : روز صديقة جوليا المقربة ، وجوليا قد تم إختطافها بالإضافة إلى ممرضة التي تعمل في مدرستهم ، لذا ليس من المستبعد أن تكون روز قد اختطفت أيضاً ..
ثم أكمل وهو ينظر إلي مجدداً : الضحيتان قُتلا بطلق ناري أصابهما في مناطق عشوائية من جسديهما ، وروز لا أظن أنها تمتلك مسدساً ..
حسناً .. كلمات أبي مقنعة جداً ، وهذا ليس بغريب أبداً ، فهو بارع في عمله كثيراً ولم يفشل في أي قضية تُلقى على عاتقه ، لذا أنا واثقة من أنه سيجد جوليا ويلقي بالقبض على الخاطف ..
وضع أبي يده على كتفي قائلاً : هيا إلى المنزل يا جودي ، فوالدتك بإنتظارك ..
أومات برأسي ، ليقول زاك : حسناً أنا سأغادر أيضاً ، وداعاً ..
قال أبي له : لماذا لا تبقى وتتناول العشاء معنا ؟؟ سنكون سعيدين بهذا جداً ..
ابتسم معتذراً : لا يا عمي لا أستطيع ذلك ، أنا لن أسبب سوى الإزعاج ..
قلت ببرود : لتدعه يذهب يا ابي ، فهو سيكون مصدر إزعاج كما قال ..
رمقني ابي بنظرة حادة بينما ابتسم زاك وغادر المكان بهدوء ، قال أبي بعصبية : لماذا أنت فظة هكذا ؟؟
- لماذا دعوته لتناول العشاء ؟؟ سيكون هذا مزعجاً جداً فأمي متعبة كما تعلم يا أبي وهذا سيسبب لها الضيق ..
أجاب أبي : على العكس ، فلو كسرنا الروتين قليلاً ربما سيحسن هذا من صحتها ..
ثم أكمل بغيظ : الناس الذين كانوا حولنا منذ أن صدرت تلك الإشاعة الغريبة عن جوليا أخذوا يتجنبوننا ، ولم يعد أحد يزورنا ولا يسأل عنا ، وبقاء زاك بجانبك حتى الآن يدل على مدى صدقه ووفائه ، والأصدقاء الحقيقيون يُعرفون وقت المحن ..
أخذت أفكر فيما قاله أبي ، هو محق تماماً ، فالجميع قد انفض من حولي ، حتى صديقاتي لم يعدن يتحدثن معي ، ودائماً ما يتهامسون فيما بينهم إذا مررت بجوار أحد ..
وللتو أدركت سبب ما يحصل من حولي ، والوحيد الذي بقي بجواري هو زاك وحده ، حتى أنه أصبح أكثر قرباً مما كان عليه سابقاً ..
فعلاً كم كنت حمقاء لعدم إدراكِ لهذا مبكراً ..
قال أبي مجدداً وعلى شفتيه إبتسامة يائسة : هل تعلمين شيئاً يا جودي ، أنا ولأول مرة أشعر بالعجز الشديد ..
قلت متفاجئة : ولماذا تقول هذا يا أبي ؟؟
أجاب بهدوء : لقد راقبت عائلة شيبا جميعاً ، وراقبت تحركات الجميع عن كثب ، كما أننا فتشنا منزلهم في غيابهم ، لكن هذا كله لم يجدي ، فلا شيء يُثبت أنهم قاموا بإختطاف جوليا ، وتصرفاتهم طبيعية جداً ، حتى لوريوس الأخ الأصغر لشيبا والذي كان أكثر تأثراً بموت أخيه لم يتصرف بشكل يثير الشك ..
حين ذكر أبي اسم لوريوس تذكرت كلماته الحاقدة التي قاله لجوليا بعد موت أخيه ، لقد كانت كلمات صادرة من أعماقه ولا يمكن أن أنساه أبداً ..
قالها والدموع قد أغرقت وجهه على الرغم من أنه كان يكره البكاء ، قالها والألم الذي يعصر قلبه قد انعكس على صوته ..
لا أظن أنه بريء أبداً بعد كل ذلك الوعيد التي بدت صادقة جداً ..
***
~ كازوما ~
فتحت عيني ببطء وظهري متصلب للغاية ، وكل عضو من جسدي يؤلمني ..
حركت جسدي ببطء محاولاً معرفة المكان الذي أنا فيه ، وحينها تذكرت أنني عند عودتي للمنزل لم أذهب إلى السرير ، وها أنا الآن نائم أمام المدخل ..
لا أعلم حقاً كم المدة التي بقيت فيها نائماً ، لذا رفعت ذراعي لأنظر إلى الساعة المحاطة بمعصمي ، فإذا بها تشير إلى الثامنة ..
يجب أن أجهز بسرعة للذهاب إلى المدرسة ، فهذا اليوم مهم جداً ، ويجب على سوبارو أن يلقي نظرة على الأسئلة التي وضعتها ، والتي سترشده إلى مكان جوليا ..
وقفت متوجهاً نحو دورة المياه ، وأنا أترنح في طريقي ، وصداع فظيع ينتابني ..
وصلت إلى الغرفة متجها نحو خزانة ملابسي ، لأخرج منه بدلة أرتديها عند ذهابي إلى المدرسة ..
لكنني شعرت بشيء غريب ، إلتفت نحو النافذة ببطء فإذا السماء مظلمة ..
قطبت حاجباي بإستغراب ، ماذا يحصل يا ترى ؟؟
أعدت ببصري نحو ساعة معصمي فإذا بها لاتزال تشير نحو الثامنة ..
لحظة .. هل يمكن أنني ....
توسعت حدقتا عيني حين ادركت الأمر ، لقد أطلت النوم كثيراً ، والساعة ليست الثامنة صباحاً كما كنت أعتقد ، وإنما الثامنة ليلاً ..
كيف لي أن أنام كل هذا الوقت ؟؟ هذا فعلاً أمر غير اعتيادي ، لأول مرة يحصل لي هذا ..
والمشكلة أنني لم أطل النوم إلا في اليوم الذي كنت أرغب في مجيئه بشدة ، يالحماقتي ..
كلما تأخرت في إيصال المعلومات لسوبارو كلما زاد الخطر على جوليا والممرضة التي معها .. في الوقت الحالي يجب أن أذهب لرؤية جوليا والإطمئنان عليها ، في آخر مرة زرناها فيه أنا وساي ، كان وجهها لا يُطمئن أبداً ، ويبدو عليها الشحوب والإرهاق كثيراً ..
حالها يحزنني كثيراً ويفطر قلبي ، فهي طالبة في مدرستي وأنا لا أراها سوى كإبنتي ، لكنني عاجز عن مساعدتها خوفاً على أطفالي ، آخر شيئين أبقته لي زوجتي الراحلة ..
وصلت إلى منزل ساي ، وحين توجهت نحو قبو المنزل سمعت صوت من خلفي يقول : إلى أين أنت ذاهب ؟؟
أجبت بهدوء دون الإلتفات إليه : أريد أن ألقي نظرة على السجينتين ، لا أظن أن هناك مشكلة ..
أخذت صوت أقدامه تقترب مني ، وسمعت يوما يقول : لن أسمح لأحد بمقابلة السجينتين باستثناء الحارسان ، لذا غادر المكان ..
إلتفت قائلاً بغضب : ولماذا ؟؟ ساي نفسه لم يمنعني من زيارة السجينتين ، من أنت لتمنعني الآن ؟؟
وقف يوما أمامي وقال بوجه جاد وعينين حادتين : لقد تم ترشيحي كبديل لساي إلى حين عودته ، لذا لي الحرية المطلقة في إلقاء الأوامر ..
صمت لبرهة قبل أن أسأل : ماذا تفعل في منزل ساي ؟؟ وطفلاي مع من الآن ؟؟
- لقد أوكلت مهمة مرافقة المزعجان لشخص آخر ، فأنا يجب أن أتولى مهمة الإنتقام التي أُلقيت على عاتقي ..
ثم استأنف ساخراً : أوه صحيح أنت لا تعلم الخطوة الأولى التي أقدمنا عليها بما أنك كنت نائماً النهار كله ، اقرأ صحيفة اليوم وستعلم ما قمنا به ..
ثم صاح بإسم إحدى الخادمات وطلب منها إحضار صحيفة اليوم ، وبعد أن أتت به مد لي الصحيفة وقال : تفضل ، ألقي نظرة على هذا المقال ..
ما إن وقع عيني على العنوان حتى تجمدت أطرافي ، غير ممكن إطلاقاً !!
تمتمت بهدوء محاولاً إخفاء توتري : هل أنتم من خطط لهذا ؟؟
أجاب يوما مبتسماً : نعم لقد قام ساي بالتخطيط لهذا ..
قلت ولازلت متفاجئاً حتى الآن : ولكن كيف قمتم بهذا بسهولة ؟؟ ألم تكونوا تهدفون إلى التخلص من روز ؟؟ ماشأن والدتها وأخوها ؟؟؟ إلى ماذا تريدون الوصول ؟؟
- نحن وكما تعلم لا نريد أن نترك أثراً لجرائمنا ، وقتل سوبارو وروز بدون سبب سيوقعنا في عدة مشاكل ،لكن ساي خطط لأن يجعل الأمر وكأنه إنتحار ..
قلت بهدوء : لم أفهم أتمنى أن توضح أكثر وتخبرني بتفاصيل الخطة كاملاً ؟؟
رد يوما ببرود : لسنا مضطرين إلى إخبارك ..
سألت بتردد : هل يمكنني زيارة موقع الجريمة ؟؟
أجاب بلا مبالاة : افعل ما شئت ، فهذا لا يهم ..
- قبل ذلك أريد رؤية السجينتين ..
رد ببطء وهو يغادر مبتعداً : أنت تعلم جوابي مسبقا ، ممنوع ..
شددت على قبضتي بغضب ، لكن لا يسعني سوى إطاعته وإلا تم إعتباري خائناً ، ويفشل كل ما كنت أهدف إليه ..
توجهت بسيارتي نحو منزل روز ، وحينما وصلت ترجلت منها ، واقتربت من المنزل بخطوات بطيئة ..
رجال الشرطة متواجدون حولها يحرسون المكان ، لمحت أحد أفراد العصابة واقفاً مع أحد الشرطة يتحدث معهم ، تفاجأت من رؤيته هنا ..
سرت بإتجاهه وأنا أنادي : كيداي ماذا تفعل هنا ؟؟
إلتفت كيداي إلي ، وحين وقع عينه علي إبتسم بغموض قائلاً : أهلا بك يا حضرة المدير كازوما ، كنت أعلم أنك ستلقي نظرة على المنزل بعد أن علمت بما حصل لعائلة طالبتك روز ..
نظر الشرطي إلي قائلاً : أأنت مدير مدرسة روز ؟؟ ماذا تفعل هنا ؟؟
أجبت بهدوء : لقد علمت ما حل في هذا المكان ، وبصفتي مدير لمدرستها أردت التأكد من صحة الأمر ..
أومأ برأسه وغادر مبتعداً ، بينما أعدت ببصري بإتجاه كيداي وقلت بنبرة خافتة: لم تجبني على سؤالي ، ماذا تفعل هنا ؟؟ ألا تخشى أن يُدركوا أنك أنت ومن معك من تسبب في هذا ؟؟
أجاب مبتسماً : عدم وجودي هو الشيء الذي سيثير الريبة ، في النهاية أنا زوج الضحية ..
فغرت فاهي من شدة الدهشة ، والصدمة قد ألجمتني تماماً ، ليكمل كيداي كلامه : مظننت أنك تعلم بهذا مسبقاً ..
هكذا إذاً ، بما أنه زوج والدة روز فالمهمة كانت سهلةً عليه ، لكن كيف قام بقتلهما وإلقاء التهمة على روز ؟؟ هذا فعلاً محير ..
قلت وكلي فضول لمعرفة الإجابة : كيداي أخبرني بالخطوات التي اتبعتموها للوصول إلى كل هذا ..
- ولماذا لا تسأل يوما ؟؟
- فعلت ذلك لكنه لم يجبني ..
حاوطني بذراعه قائلاً : حسناً تعال معي وأنا سأخبرك بما فعلنا ، لكن يجب أن نبتعد عن هنا أولاً ..
غادرنا المكان بعد أن أخبر كيداي الشرطة أنه يريد أن يسألني عن أمور تخص روز في المدرسة ، وقد فعل ذلك حتى لا تشك الشرطة في تصرفاته ، فمن المريب أن نكون معاً وهذا هو اللقاء الأول لنا ..
توجهنا إلى منزله ، وبعد أن أحضرت الخادمة الشاي لنا ، قال وهو يمسك بكوبه : ما حصل كانت خطة رسمها ساي ، وقمت أنا بتنفيذها ..
رفع الكأس ليشرب منه قليلاً، وبعد أن أعاد الكأس إلى مكانه تابع حديثه : عندما حاول ساي الإعتداء على روز كان بحوزته مسدس كان قد سرقه من أحد المجرمين المعروفين ، وفي ذلك اليوم عندما ضربته روز سقط المسدس منه لتلتقطه روز وتفر هاربة ، لم يكن أمر المسدس يهم ساي ، فهو في الأصل كان ينوي التخلص منه ، وبصمات أصابعه لم تُطبع عليه ، لذا لم يهتم بإستعادتها من روز ، لكنه ادرك أن إمتلاكها للمسدس سيصب في مصلحته ، لذا استغل هذه النقطة ..
ثم صمت قليلاً وعاود شرب الشاي ، وأنا أنظر إليه بعينين متلهفتين لتكملة القصة ، لأرى ما هي الخطة الخبيثة التي رسمها ساي أيضاً ، وكيف يمكنني منعهم وإحباط خططهم ..
تابع كيداي : حينها جاء دوري في الخطة ، فأنا كنت أرغب في الإنتقام من عائلتها منذ زمن بسبب والدها البغيض ، وساي أتاح لي فرصة الإنتقام ، تزوجت والدة روز بعد أن أغريتها بالنقود ، وبدأت أحاول التقرب من روز لتثق بي وتبوح بكل أسرارها ، وكانت هذه الخطوة لأجل أن تخبرني بمكان المسدس الذي أخذته ، ولأتأكد من أنه لايزال بحوزتها ، كان لابد من أن يكون هناك حافز لتستعمله ، لذا أرسل ساي رسالة تنذر بموتهم وبالأخطار المحيطة بها ، ثم تعمد أن يدع الأمور في المدرسة تسير بسلالة ويسر ليوهمها أن الخطر سيكون خارج أسوار المدرسة ، وحينها كان يجب على روز أن تأخذ حذرها حتى وهي في المنزل ، وأخذ الحذر يعني أن تستخدم أسلحتها للدفاع عن نفسها ، حينها تقربت إليها بالقصص القديمة المتعلقة بوالدها ، وبعد أن أحسست أنها وثقت بي جداً وأيقنت أن المسدس بحوزتها انتقلنا إلى االخطوة الثانية ......
قاطعته بسؤالي : هل كنت على معرفة وثيقة بوالدها ؟؟ ولماذا دعوته بالكاذب ؟؟
أجب بنبرة حاقدة : إنها قصة قديمة حصلت قبل أن يتزوج والدها ...
قاطعته ثانيةً فأنا لا أريد أن يخوض في الحديث عن قصته المتعلقة بوالد روز ، فهذا لا يهمني أبداً ، وكل ما أريد معرفته هو الخطة التي رسمها ساي : لندع ما فعله بك والد روز جانباً ، فأنت قد أخذت بإنتقامك وهذا يكفي ، ولنعد إلى حيث توقفنا ، أعني إلى الخطوة الثانية من الخطة ..
رمقني كيداي بنظرة ساخطة وقال : أنت وقح حقاً يا كازوما ..
ثم زفر طويلاً ليكمل : كانت لروز عادة استغليتها لمصلحتي ، إذا أنها بعد العودة من المدرسة يجب أن تشرب شيئاً ، وتعمدت وضع علبة أمام ناظريها لتشربه ، وكنت قد وضعت المنوم فيه ، شربت روز منه وغطت في نوم عميق ، قتلت والدتها وماركو بعد أن استخدمت المسدس الذي كانت تحتفظ به ، ثم إنني استبدلت العلبة الملقاة في القمامة بمشروب كحولي ، وبعدها خرجت من المنزل بعد أن وضعت سلاح الجريمة بجانبها ، استيقظت روز وتظاهرت بأنني قد عدت إلى المنزل للتو ، ولمحت لها بأن تختبئ في منزل أحد أصدقائها ، وكنت واثقاً من أنها ستذهب إلى سوبارو ، وعندما نقوم بقتلهما ستظن الشرطة أنهما قد انتحرا معاً بعد أن واجهتهم الكثير من المشكلات في حياتهما ..
إبتسمت إبتسامة عريضة تظاهرت فيها بالمكر والخبث وأنا أقول : إنها فكرة رائعة حقاً ، فعلاً أنتم تبدعون في جرائمكم بشكل مذهل ..
رد كيداي بغرور : بالطبع فنحن لسنا أشخاص عاديين في النهاية ..
نظرت إلى إبتسامته الفخورة بإشمئزاز ، تباً لكم ولأمثالكم ، تقتلون الناس بدم بارد وتتفاخرون بذلك ..
سيأتي اليوم الذي ستسجنون فيه جميعكم ، وتضطرون إلى دفع ثمن جرائمكم كلها ، وأقسم أن هذا اليوم لن يكون بعيداً جداً ..
غادرت منزل كيداي بعد أن أخبرته بأن لدي أموراً يجب القيام بها في الوقت الحالي ، وغادرت متوجهاً نحو المنزل ، لإضافة مجموعة من الأسئلة تحوي مجموعة من المعلومات ، فغداً ستكون نهايتهم حتماً بعد أن يفهم سوبارو الرسالة ..
سأخلص العالم من هؤلاء القذرين المجرمين ، سأضع حداً لجرائمهم التي لا تنتهي ، سأكشف للعيان حقيقة هؤلاء المتوحشين المختبئين خلف لباس البشر ..
*** ~ ياماتو ~
لا أعلم ما إذا كان يجب أن أثق في سوبارو أو لا ، لكنني وبعد تردد حزمت أمري وتوجهت نحو مقر الشرطة لأعلمهم بجميع ما حصل لنا من رسائل وفديوهات ..
كنت في مقر الشرطة وقلبي ينبض بقوة موحيا بأنه سينفجر قريباً ، والأمر إستغرق مني وقتاً طويلاً لأروي لهم كل ما حصل ، ولازلت حتى الآن في المخفر ..
لقد طلبوا مني الإنتظار إلى حين حضور المفتش المسئول عن القضية والذي هو والد جوليا نفسه ..
كنت غارقاً في دوامة من التفكير ، لا أعلم حقاً ما إذا كنت على صواب الآن أم لا ، كيف لسوبارو أن يعلم ما إذا كنت مراقباً أو لا !!
لو حصل لجوليا أمر سيء فأنا لن أسامح سوبارو أبداً ، وأنا لا أظن أنه سيكذب بهذا الشأن ، فهو الآخر لا يريد إيذاءها ..
انتشلني صوت جهور يقول لي : أنت ياماتو الذي تحدثت معه مسبقاً صحيح ؟؟
نظرت إلى الرجل المتحدث والذي هو والد جوليا مجيباً بتوتر : نعم أنا ياماتو يا سيدي ..
جلس على الكرسي المقابل لي والطاولة الخشبية تفصل بيننا وقال : لقد أخبرني الشرطي الذي حدثته سابقاً بكل ما قلته ، لكن لدي بضع أسئلة أوجهها لك ، هل تعرف الخاطف أو تشك في أحد ؟؟
أجبت وأنا لازلت متوتراً : لا ، لا أعلم عن هويته ولا أشك في أحد ..
قال والد جوليا وهو يضيق عينيه : لماذا لم تخبرني بالمعلومات الضرورية عندما تحدثت معك سابقاً ؟؟
- كنت حينها لم أعلم أنني لست بمراقب ، فقد أخبرنا المختطف أن جوليا ستكون في خطر إذا ما تفوهنا بكلمة بشأن هذا الأمر ..
- وكيف علم صديقك سوبارو بأمر عدم مراقبتك ؟؟
تمتمت بهدوء : لا أعلم حقاً يا سيدي المفتش ، لكن لا يجب أن نسأله الآن ، فأنا أظن أنه مراقب ولو لم يكن كذلك لأتى هو إليكم بنفسه ..
ثم أردفت بنبرة متوسلة : أرجوك يا سيدي المفتش لا تُقدم على خطوة متهورة تعرض فيها حياة جوليا وحياته للخطر ..
قال وهو يشبك أصابعه ببعضها : لا تقلق لن أفعل ذلك ، فأنا أعرف ما يجب أن أقوم به جيداً ..
أنكست رأسي قائلاً بحزن : أنا آسف لأني لم آتي إلى هنا منذ البداية ، ولو فعلت ذلك لما كان يجب أن يعاني الجميع ، أعلم أنني شخص لا فائدة منه ، لذا ..........
لم أستطع أن أكمل حديثي ، فحلقي أصبح يؤلمني كثيراً ، والحزن يعصر قلبي ، وشعوري بالذنب ينهش روحي ..
دموعي أخذت تتساقط بضعف ، أنا لم أعد أستطيع منع دموعي من الانهمار بعد الآن ، كل ما يحصل حولي كثير جداً ، والمشاكل تمطر علي من كل الجهات ..
أحسست بأحد يربت على كتفي وصوت دافئ يقول لي : لا تلم نفسك يا ياماتو ، فأنت تأخرت في إعلامنا خوفاً على جوليا ، لذا توقف عن البكاء وحاول التماسك ..
لست أبكي بسبب هذا فقط ، أنا أبكي الآن خوفاً على جوليا ، ماذا لو علموا الآن بمخالفتي لقوانين لعبتهم ؟؟ ماذا لو قتلوها الآن بسببي ؟؟ إلهي ساعدني لم أعد أستطيع الإحتمال أكثر ..
جذبني والد جوليا لحضنه وهو يقول : يكفي يا ياماتو أرجوك ..
ابتعدت عنه بالقوة وأنا أقول بشفتين مرتعشتين وصوت مبحوح : سيدي لو حصل شيء لجوليا بسببي فلا تسامحني أرجوك ، لو قتلوها الآن فقم بقتلي فقد أتيت إلى مركز الشرطة على الرغم من منعهم لي ..
تغير وجه والد جوليا إلى خوف وقلق ، لقد فهم ما كنت أعنيه ، لذا صرخ بنبرة آمرة : قف يا ياماتو حالاً ..
نفذت أوامره والخوف يتسلل إلى قلبي ، وهو أخذ يدور حولي ويفتش ملابسي بشكل دقيق ، وبعد أن انتهى قال وهو يزفر براحة : لا يوجد جهاز تعقب ولا تنصت على ملابسك ..
قلت بهدوء وأنا أمسح دموعي بقوة : ربما وكّل أحدهم بمراقبتي ولهذا لا يجب أن نشعر بالراحة ..
قال والد جوليا : كن متفائلاً يا ياماتو ، ربما سوبارو صادق في قوله ، والخاطف لا يعلم بمجيئك إلى هنا ..
همست بصوت خافت : أتمنى ذلك ..
اقترب مني السيد روك ووضع يده على كتفي قائلاً : تستطيع المغادرة الآن ، ونحن سنتكفل بالباقي ..
سألت بتردد : ماذا ستفعلون ؟؟
ـ لقد وكلنا مجموعة بمراقبة المدرسة لمعرفة الشخص الذي يضع الرسالة في درج طاولة روز وسوبارو ..
قلت بسرعة : لكن تصرفوا بشكل خفي أرجوكم فأنا لا أريد .......
قاطعني بأبتسامة : لا تقلق يا ياماتو نحن نعرف كيف نقوم بعملنا ..
صمت لثواني قبل أن أنطق بقلق : أعلم أنكم أكثر خبرة مني في العمل ، وأكثر حرصاً مني على سلامة الجميع ، لكن كونوا حذرين أرجوكم ، فأنا لا أريد أن أفقد جوليا أبداً ، فلازلت بحاجة إلى الإعتذار لها على كل ما فعلته ..
- سنفعل ذلك ، وأنا مسرور لأن لجوليا أصدقاء رائعين مثلك ..
غادرت مقر الشرطة عائداً إلى البيت ، وكلمات السيد روك تشعرني بالذنب أكثر فأكثر ..
أصدقاء رائعين مثلي !!! أي روعة هذه ؟؟ أهناك شخص يطلب من فتاة أن تكون خادمة لديه للتكفير عن خطأ كان هو سببه ؟؟ أنا أسوء شخص في العالم ، وأبشع رجل في التاريخ ..
تذكرت فجأة أمر روز ، لذا أمرت السائق بالعودة إلى مخفر الشرطة ، يجب أن أسأل عن ما يخص روز ، فأنا أخشى عليها كثيراً ..
ركضت إلى الداخل لأقابل والد جوليا أمامي ينظر إلي بإستغراب ، بادر هو بالقول : ماذا تفعل هنا مجددا ؟؟ أهناك ما تريد إضافته ؟؟
قلت بفضول : روز ، ماذا سيحصل لها ؟؟ هل ستلقون القبض عليها حقاً ؟؟ أليس هناك طريقة لمساعدتها ؟؟
- روز حتى الآن لاتزال مفقودة ، ونحن نعمل جاهدين لإيجادها ، ثم أن دليل إدانتها لم تثبت بعد ، لذا هناك إحتمال في كونها بريئة ..
انفرجت أساريري حين سماعي هذا ، وشعرت بأنه لازال هناك أمل في براءتها ، لكن صوت الشرطي الواقف بجانب والد جوليا أحبطني بقوله : أنت الوحيد الذي يظن هذا يا سيد روك ، ولو تم إيجاد روز فسيتم إستجوابها وحبسها حتى تثبت إدانتها ..
قطب والد جوليا جبينه قائلاً بإنزعاج : أكان يجب عليك التفوه بهذا أمامه ؟؟
فقدت أعصابي وصرخت حينها : إذاً كنت تريد أن تكذب علي يا سيد روك ، لو وجدت روز فأنا لن أسلمها لكم أبداً ، ولن أدعها تُعامل معاملة المجرمين..
أنهيت جملتي وركضت مبتعداً ، متجاهلاً السيد روك الذي يناديني ، بعدها صعدت السيارة وعدنا إلى المنزل وأنا أشعر بأن الدم في عروقي يغلي من شدة الغضب ..
حتى لو كانت روز مذنبة فقد كان لديها دافع لفعلها ، فقد كُتب في الصحف أن.زوج والدتها صرح بأن روز كانت تعامل بقسوة من قبل أمها وابنها ، وربما كانت المرة التي اكتشفنا فيها الجروح الموزعة على جسدها والحروق الموجود في ظهرها كان سببها والدتها اللعينة ، لاشك في ذلك ، فقد رفضت إخبارنا عن الفاعل حتى لجوليا نفسها ..
فلا أحد يحب أن يُفصح بمشكلاته التي يواجهها في المنزل ، وخصوصاً إذا كان الوالدين طرفاً في المشكلة مثلي تماماً ..
مهلاً لحظة !!
سوبارو صرح لي بأنه كان يعلم بالأمر ، إذاً هي لم تكن تخفي الأمر ، وأنا الأحمق الوحيد الذي لم يكن يعلم ..
إطلقت زفيراً طويلاً وقلت وأنا أبعثر شعري بإنزعاج : أنا كنت الغبي الوحيد بينهم تباً لي ..
- سيدي لقد وصلنا ..
كان هذا صوت السائق الذي نبهني إلى أننا توقفنا ، وهو الآن ينتظر خروجي من السيارة بعد أن فتح الباب لي ..
سرت إلى غرفتي وألقيت بجسدي على السرير بعد أن أخذت حماماً ساخناً أراح أعصابي قليلاً ، وعندما حان وقت النوم أخذ عقلي الغبي بالعمل مجدداً والتفكير حول الأمور التي حصلت هذا اليوم طارداً النوم من عيني ، على الرغم من كل ما أشعر به من إرهاق ..
واستمر هذا الليل الطويل في التفكير حول ما حصل سابقاً وبما سيحصل غداً ..
*** وفي صباح يوم جديد
~ روك ~
كنت أتأمل منظر شروق الشمس من على الجسر الذي أقف عليه منذ الأمس ، منتظراً مكالمة من أحد رجالي الذين يراقبون المدرسة من كل الجهات ، والمنتشرين حول المنطقة بأكلملها بشكل سري ..
أنا أجلس بعيداً لأنهم سيشكون في أمري إذا ما رأوني بالقرب من المدرسة ، فلابد من أنهم يعرفون شكلي جيداً ، وعلى الرغم من أن أحد زملائي في العمل ألح علي بالعودة إلى المنزل وأخذ قسط من الراحة إلا أنني رفضت ذلك رفضاً قاطعاً ..
لا يهمني ما إذا كنت قد عملت لوقت طويل دون راحة أبداً ، ولا أهتم إذا لم أكن في المنزل لتناول العشاء ، كل ما أريده هو إستعادة جوليا بأسرع وقت ممكن ، فلا أظن أن التأخير في صالحنا ..
لازلت لا أفهم لماذا كان الخاطف يرسل لأصدقاء جوليا رسائل شبه يومية ، ويأمرهم بالقيام بأمور فوق طاقتهم تحت مسمى { لعبة } ..
أكان يهدف إلى التلاعب بهم فقط ؟؟ أم أن هناك مغزىً آخر من قيامه بكل هذا !!
المشكلة أن جوليا هي من تتحمل أخطاء أصدقائها ، فهي من تُعذب إذا لم ينفذوا أوامره المجنونة ، لماذا يفعل ذلك يا ترى ؟؟
الغريب أيضاً أن جوليا لم تتعرف على ياماتو وصاحب الضمادات إلا منذ فترة قصيرة فقط ، ولا أظن أن هذه الفترة يمكن أين يكونوا متقاربين جداً ، إذاً لماذا أرسل الرسائل لهما وليست لنا ؟؟ نحن أحق بهذا من الشابان ..
النقطة الغامضة كذلك هو لماذا أرسل الخاطف رسالة إلى هاتف ياماتو المحمول بينما وضع رسالة روز وصاحب الضمادات في درج طاولتهم ؟؟ ثم انقطع بعدها عن إرسال أي شيء لياماتو وكأنهم أرادوه أن يكون بعيداً عن الخطر أو شيء من هذا القبيل ..
وربما لأنه ذهب إلى مدرسة أخرى وأصبح بعيداً عنهم ، وهذا يعني أن الخاطف داخل أسوار المدرسة أو أن هناك شخص متواطئ مع الخاطف يعمل في المدرسة ..
كيف لصاحب الضمادات أن يدرك بأن ياماتو غير مراقب ؟؟ من أخبره بهذا ؟؟ وكيف توصل إلى هذا الإستنتاج ؟؟
العديد من النقاط الغامضة والمبهمة تثير حيرتي ، والأجوبة جميعها سأحصل عليها قريباً ، عندما أكتشف هوية الخاطف ..
أحسست بيد وضعت على كتفي يتبعها صوت رجولي يقول : لا تُظهر هذا الوجه القلق والمتوتر ، فهذا لا يليق بك أبداً ، لطالما عهدتك واثقاً يا روك ..
إلتفت إلى زميلي في العمل الجالس جواري وقلت بإبتسامة باهتة : لا أعلم حقاً لماذا ، لكن هناك شعور غريب يخالجني وصوت في داخلي يقول لي أن المهمة لن تكون بهذه البساطة ..
لم يعلق زميلي على ما قلته ، وكأنه هو ذاته يشعر بذلك ، وهذا الشيء أقلقني أكثر ، وقلبي أخذ بالإنقباض بشكل مزعج .
مر الوقت ببطء شديد والصمت هو الجو الطاغي على المكان ، لا أنا ولا زميلي تفوهنا بحرف بعد المحادثة القصيرة التي حصلت ، كسر حاجز الصمت صوت رنين هاتفي النقال ، لأنظر إليه بلهفة فإذا بأحد رجالي هو المتصل ..
أجبت بلهفة : هل رأيتم شيئاً ؟؟
- للأسف لم نرى أحداً يقرب من الطاولتين اللتان أمرتنا بمراقبتها ، والطلبة والمعلمون أخذوا بالحضور ..
أصابني إحباط شديد حين سماعي لهذا ، لكنني تذكرت أن ياماتو أخبرني أن الرسائل قد انقطعت قبل يومين ، لكن ماذا يعني هذا ؟؟
هل من المعقول أن الخاطف قد ........
هززت رأسي طارداً الفكرة من رأسي ، لا لا ، لا أظن أنه سيقتل جوليا ، لكن ماذا كان يقصد برسالته الأخيرة التي أرسلها قبل إنقطاعه ؟؟
ولماذا أستبعد هذا الإحتمال ؟؟ لا أظن أن هناك شيء يمنعه من قتل جوليا ، لكنه لم يستفد شيئاً من قتله لجوليا إذا فكرت هكذا ، إذاً لا أظن أن هذا حصل ، ربما هو يهدف لشيء آخر ..
قلت بهدوء : أكمل المراقبة حتى النهاية ، ربما نلاحظ شيئاً .
- حسناً يا سيدي ..
أسندت برأسي إلى الخلف ، وأغمضت جفوني محاولاً جمع شتات نفسي ، أشعر بأنني أنهار من الداخل ، ولا أستطيع التركيز جيداً ولا إتخاذ الخطوة السليمة ، لأول مرة أشعر بالعجز الشديد وهذا محبط للغاية ..
***
~ كازوما ~
شددت على الفأرة محاولاً كبح جماح غضبي ، لابد أنه هو السبب في هذاً ، تباً لذلك اللعين ..
أمسكت بهاتفي الخلوي ولازلت محافظاً على تلك الملامح الجامدة ، فأنا يجب أن أتحكم بإنفعالاتي جيداً وإلا كُشف أمري ..
إتصلت على يوما وما هي إلا ثواني حتى أتاني صوته المستفز : ماذا تريد ؟؟
قلت وأنا أضغط على أسناني من شدة الغيظ : لماذا فعلت ذلك يا يوما ؟؟ لا أظن أنه يجب عليك أن تتدخل في حياتي المهنية ..
أجابني بنبرة باردة : لا أعلم لماذا لكن حدسي من أشار لي بذلك ،فأنا أشعر بأن تلك الأسئلة ستشكل مشكلة لنا ، لذا قمت بهكر جهازك ومحوها ..
أحسست بدمي التي في عروقي تغلي من شدة الغضب ، لقد تعبت كثيراً في تجهيز الأسئلة لأضع عليها المعلومات المهمة ، وهو يقوم بمسحها بكل برود ..
قلت بهدوء عكس البراكين المتفجرة في داخلي : حسناً هذا لا يهم ، فهي لم تكن مهمة على أية حال ..
- هذا جيد ويبدو أن حدسي لم يكن في محله ، وداعاً ..
أقفل الخط في وجهي ، وأنا أحاول التماسك أكثر ، لا أستطيع إظهار غضبي ، وإلا شك في أمري ..
يوما شخص مرعب بحق ، حدسه مرعب كثيراً ، كما أنه ماهر في التسلل إلى أجهزة الغير والعبث بها كما فعل بجهازي ويعد أفضل قراصنة الحاسوب ، لذلك كان هو من أذكى الرجال بعد ساي ..
كيف سأوصل المعلومات المتعلقة بالمنظمة لسوبارو ؟؟ هل علي أن أفكر في طريقة أخرى ؟؟
أخشى أن أعيد كتابة الأسئلة ذاتها فيشك يوما بي من جديد ، وحينها لا أستبعد أنه قد يقتلني ، فأنا لست بالعضو المهم جداً ..
حسناً حتى لو لم أخبره بالمعلومات الإضافية فأنا واثق من أن رسالتي الأولى قد وصلت له ، وهو بدوره قد أوصلها إلى ياماتو بطريقته ، لذا لا بأس ربما ..
وللتأكيد فقط قررت جمع الأذكياء العشرة لأتحدث مع سوبارو بطريقة غير مباشرة ، لأطمئن على الأوضاع ..
طلبت من المعلمين والمعلمات إعلام الطلبة العشرة بأمر رغبتي في مقابلتهم الآن وفوراً ، وما هي إلا دقائق حتى اجتمعوا جميعاً في مكتبي ..
جلت ببصري نحوهم وقلت بنبرة جادة : كما تعلمون فأنا قد أخبرتكم مسبقاً عن الإختبار الذي سأقيمه اليوم لتحديد الأذكى ، لكنني جمعتكم لأعلمكم أن الأسئلة قد حذفت قبل أن أتمكن من طباعتها ..
رُسمت على ملامحهم الإحباط ، في حين أكملت : لا تُظهروا مثل هذه التعابير ، فأنتم أذكياء حتى لو لم يكن هناك إختبار يحدد نسبة ذكائكم ، ويمكنكم الإستفادة من أقل المعلومات التي اكتشفتموها سابقاً ، وتستطيعون تدبر أمركم والوصول إلى الحلول من دون مساعدتي ..
قال طالب لي : حضرة المدير نحن لم نفهم ماتعنيه حقاً ..
إبتسمت بسخرية في داخلي ، بالطبع لن تفهموا ، فالكلام موجه إلى سوبارو وحده ، نظرت إلى سوبارو قائلاً بإبتسامة غامضة : لاداعي لأن تفهموا ، المهم أنه لن يكون هناك إمتحان ..
رد سوبارو : هذا أفضل ، فأنا لا أريد أن أضيع وقتي في إمتحان سخيف ، المعلومات التي بحوزتنا تكفينا لا داعي لأن تزيد من ثقافتنا إذا كان هذا سيسبب ضغطاً عليك ..
قالت إحدى الفتيات ساخرة : لاشك من أنك تقول هذا لأنك لست واثقاً من قدراتك ، أنت لا تستحق الوقوف معنا هنا ..
هز سوبارو كتفيه بلامبالاة قائلاً : حسناً سأغادر إذاً الآن فأنا لا أستحق البقاء معكم ..
توجه ناحية الباب وأمسك بقبضة الباب وقبل أن يدير القبضة قال بنبرة مستفزة وهو يدير برأسه نحو الجميع : فمقامي أعلى منكم جميعاً ، ومكانتي الحقيقية ضمن العباقرة ..
أنهى جملته وغادر المكان ، مخلفاً وراءه براكين ثارت بسبب جملته الأخيرة ، هذا السوبارو بارع حقاً في إستفزاز الآخرين ، وهذا يذكرني بأحدهم ..
ابتسمت لا أرادياً فور تذكري لها ، لإسمع أحدهم يقول بحنق : لماذا أنت مبتسم يا حضرة المدير ؟؟ هل أعجبك ما قاله المغرور المشوه ؟؟
محوت الإبتسامة التي كنت أرسمها وقلت بنبرة صارمة : أستحاسبني على إبتسامتي أم ماذا ؟؟ غادروا الآن فقد أنهيت ما أردت قوله ..
أخذ الجميع يغادرون مكتبي ، وأنا عدت إلى كرسيي وأخذت أفكر في ما قاله سوبارو ، أنا واثق أنه قد فهمني جيداً ، وقد قصد بكلامه أنه يستطيع تدبر أمره دون تدخلي ..
من الجيد أن سوبارو موجود ، فلو كانت روز لوحدها لكنت قد وقعت في ورطة حقيقية ، فهي غبية جداً ، ولا أظن أنها ستفهم تلميحاتي أبداً ..
*** ~ يومي ~
مستلقية على جنبي الأيمن ووجهي نحو الباب ، وجوليا جالسة خلفي تحاول عبثاً إقناعي بتناول الطعام ..
ظهري ليس بأفضل حال من الأمس ، ولازلت أشعر بحرقة مكان الجلد ، لكن إمتناعي عن الأكل هو شعوري بالذنب تجاه جوليا ..
تذكرت كلماتي القاسية التي قلته لها بعد أن تم جلدي ، لقد لمتها على ما حصل لي مع أنه لاذنب لها ..
فعلت ذلك بسبب الألم الذي عانيته من شدة الضرب ، فقد شعرت وكأن ظهري قد انقسم إلى نصفين من قوة الألم ، في حياتي لم أجرب مشاعر التعذيب ، وحين ذقته تمنيت الموت حينها ..
في النهاية صببت جام غضبي على جوليا المسكينة ، التي ضحت بنفسها عدة مرات من أجلي ، فعلاً أنا إمرأة حقيرة وأنانية ..
- آنسة يومي إنهضي أرجوك لتناول الفطور ، أنت لم تأكلي شيئاً منذ البارحة ..
كان هذا صوت جوليا التي لم تيأس من المحاولة بعد ، لم أعد أستطيع تجاهلها أكثر من هذا ..
تمتمت بخفوت وأنا على حالي : أنا لا أريد شيئاً يا جوليا دعيني وشأني ..
أتاني صوتها المغمور بالحنان : كفى عناداً أرجوك يا آنسة يومي ، أدرك أنك مرهقة جداً ولذا تحتاجين إلى الغذاء للتزود بالطاقة ..
نطقت بسخرية مريرة : تتحدثين وكأنها وليمة ستشبع شعباً كاملاً ، والحقيقة هي ليست سوى لقيمات تبقيني حية لأذوق عذاباً أشد مما ذقته ..
صمت جوليا لبرهة قبل أن تسأل بهدوء : إذاً أنت تنوين الموت في هذا المكان ..
أجبت بذات النبرة الهادئة : إن كان سيريحني من هذا الجحيم فلا بأس عندي ..
أحسست بيدها التي وُضعت على عضدي برقة ويتبعها صوتها العذب : لا تقولي مثل هذا الكلام يا آنسة يومي ، ثقي أننا سننجو حتماً ، وبعدها سنستمتع بحريتنا كما نشاء ، ونعود لعائلتنا وأصدقائنا وجميع أحبابنا ، لا تتمني الموت في مكان قذر كهذا ..
لم أكن أركز على كلماتها ، فالحرارة التي أحسست بها من يدها الموضوعة على عضدي أشغلتني كثيراً ، يدها ساخنة جداً ..
نهضت بصعوبة ، ووجهت ببصري إليها ، فإذا بوجهها شاحب ومرهق ، وقد احتقن احمراراً من شدة التعب ، والعرق يتصبب منها ، ومع كل هذا لازالت ترسم على شفتيها إبتسامة هادئة ..
وضعت يدي على جبينها لأتحسس حرارتها ، وكما توقعت كانت لاتزال مصابة بالحمى ..
صرخت بغضب : أيتها الحمقاء أنت مريضة لماذا لا تزالين تتصرفين بشكل طبيعي ؟؟ يجب أن تقلقي على نفسك قبل غيرك ..
وضعت يدها على جبينها لتتحسس حرارتها قائلة ببراءة : لكنني لا أشعر بالإرهاق، أنا على ألف ما يرام ..
أدرك أنها تتصنع القوة ، وتتظاهر بالغباء معي لتبدد قلقي ، لكنني لست بحمقاء حتى أصدق تمثيلها السخيف ..
نقلت ببصري نحو الطعام الموضوع بجانبها ، والذي من الواضح جداً أنها لم تمسه ولم تذق منه لقمة واحدة ..
قلت بجدية : عليك الإهتمام بنفسك يا جوليا ، فلست الوحيدة التي تحتاج إلى طعام ، فأنت كذلك تحتاجين إلى شيء يزودك بالطاقة ..
تحدثت بإبتسامة عريضة : إذاً لنأكل سويةً ، ما رأيك يا آنسة يومي ؟؟
أدرك تماماً أنها لن تأكل إذا لم آكل معها ، لذا أومأت برأسي ، وقسمت الرغيف إلى نصفين تعمدت فيها جعل النصيب الأكبر لجوليا ..
ناولتها قطعة الخبز وبدأنا بالأكل ...
كنت أفكر في ما كانت تفعله جوليا معي ، لقد كانت تمسح ظهري بالماء دائماً لتمنع تلوثها ، وتهتم بي جيداً وكأنني الوحيدة التي تحتاج إلى رعاية ، وأنا الممرضة الحمقاء التي لم ألاحظ بأنها مرهقة مثلي تماماً ..
حتى أنني واثقة بأنها لا تنام جيداً مطلقاً ، فهي أثناء نومي تقوم بحراستي خوفاً علي من هؤلاء المجرمين ..
آه يا جوليا كم أنت فتاة عظيمة ، لا أظن أنني سأجد شخصاً بمثل إيثارك ..
أنهيت الرغيف الذي معي ، بينما جوليا لم تنتهي بعد ، قبل أن أتفوه بكلمة رأيتها تمد يدها الممسك بالرغيف وتقول بإبتسامة : تفضلي بأخذ ما تبقى من حصتي ، فقد شبعت حقاً ..
أجبت بصرامة : عليك إكمال طعامك يا جوليا ..
ثم إلتفت إلى الحارس قائلة : أحضر دواءً للحمى أرجوك ..
رفع الحارس ببصره إلي لثوان،. وبعدها قذف بعلبة الدواء نحونا قائلاً : خذا وتناولا الكمية التي تريدانه ..
زحفت بإتجاه الدواء بصعوبة ، فلا زالت الجروح التي في ظهري لم تلتئم بعد ..
وقبل أن أصل إليه إمتدت يد جوليا والتقطته قبلي قائلة بضحكة قصيرة : لا أعلم لماذا ترهقين نفسك من أجلي ، أنا أستطعي الإعتماد على نفسي ..
إن كنت أرهق نفسي من أجلها فهي تقتل نفسها من أجلي ، هذه الفتاة تحرجني بتصرفاتها البالغة حقاً ، أشك في أنني الأكبر هنا ، لا أستطيع أن أصدق أن فتاة في السابعة عشر من العمر تساعد إمرأة في الثلاثين ، هذا مخزٍ حقاً ..
قلت وأنا أشيح ببصري بعيداً عنها : أنهي الطعام وتناولي الدواء قبل أن تزداد صحتك سوءً ..
أكملت طعامها بصمت ، وتناولت الدواء كما أمرتها ، وأسندت بظهرها إلى الجدار وأغلقت عينيها لتريح نفسها قليلاً ..
أخذت أتأمل ملامحها الطفولية والبريئة ، فتاة مثلها لا تستحق البقاء هنا ، ولا تستحق كل ما يحصل معها .
تمتمت بهدوء : جوليا أنا آسفة على ما قلته سابقاً ..
فتحت إحدى عينيها وأبقت الآخر مغلقاً قائلة بتساؤل : علام الإعتذار ؟؟
- لقد قلت لك كلاماً قاسياً قبل أمس بعد أن تم جلدي ..
إبتسمت نصف إبتسامة وقالت وهي تعاود إغلاق عينها : لاداعي للإعتذار ، فأنا لم أغضب أبداً ..
لم أستطع منع دموعي من الهطول ، فتاة رائعة جداً ، كم هي مذهلة وعظيمة ، كل الكلمات تقف عاجزة عن وصف هذه الفتاة ..
أخذ صوت شهقاتي بالعلو حتى أن جوليا فتحت عينها بذعر ناطقة : آنسة يومي ما بك !! هل يؤلمك ظهرك ؟؟ هل تحتاجين إلى شيء ؟؟
إحتضنتها بين ذراعي بقوة وأخذت أشد على جسدها الضعيف بقوة ، وبين كل شهقة وأخرى أتمتم بالإعتذار ، ولا أعلم كم من الوقت بقيت هكذا ..
***
~ روك ~
- هي لازالت حية يا سيدي وأنا واثق من ذلك ..
صرخت بهذا عالياً أمام رئيس مخفر الشرطة ، وأخذت ألهث من شدة الغضب ..
نظر إلي الرئيس صاحب الجثة الضخمة بحدة ، وكأن تصرفي لم يعجبه ، لكنني لا أبالي ..
قال الرئيس بخشونة : روك يجب أن تفكر بعقلانية ، رغبتك في نجاة إبنتك ليس سبباً كافياً يجعلني أثق في أن إبنتك حية حتى الآن ، ما من دليل يُشير إلى ذلك ..
أجبت بثقة : وما من دليل يثبت عكس ذلك أيضاً ، إذا كلتا الإحتمالين ليست مؤكدة ..
ضرب الرئس بقبضته الضخمة سطح الطاولة مصدراً ضجة كبيرة أتبعها صوته العالي : مر على إختفاء إبنتك ما يقارب أسبوعين ، لماذا تظن أنهم لايزالون يبقونها حية ؟؟ كما أنك تعرقل التحقيقات كثيراً يا روك خصوصاً في قضية موت عائلة كازيهارا ( عائلة روز ) ..
وقفت منهياً النقاش وأنا أقول : أنا متأكد من أن القضيتين متعلقتين ببعض ، لذا أمهلني أسبوعين لأثبت ذلك ..
زفر الرئيس ناطقاً : حسناً لديك أسبوعين تثبت فيها صحة كلامك ، وأنا سأنتظر نتائج تحقيقاتك ..
غادرت مكتب الرئيس وأنا أشعر بالضياع ، كيف سأثبت صحة كلامي وأنا لا أمتلك طرف خيط يقودني نحو الحقيقة ..
لحظة !!
من قال بأنني لا أمتلك طرف الخيط ؟؟ بلى أنا أستطيع فعلها بما أن لدي بعض المعلومات التي أخبرني بها ياماتو ، وهو سيساعدني حتماً في إتمام المهمة ..
إن كان الخاطف قد أرسل إليه رسالة من قبل فهو لن يشك فيه إذا ما تدخل في الأمر ، وسيبدو طبيعياً جداً ، إذاً يجب أن أستفيد من ياماتو قدر الإمكان ..
***
~ شينا ~
أنتهيت من الحديث مع الطبيب المسؤول عن حالتي ، وحاولت جاهدة إقناعه بالسماح لي بالخروج ، لكنه رفض ذلك وبشدة حفاظاً على صحتي ..
عدت إلى غرفتي المشتركة مع قالب الثلج آلبرت ، وحتى الآن علاقتنا ببعضنا ليست جيدة البتة ..
من الجيد أن السرير الثالث خالي من المرضى وإلا لكنّا قد أزعجناه بكثرة شجارنا ..
تفاجأت حين دخولي بوجود رجل يبدو في الأربعين من عمره ومعه إمرأة مسنة بالإضافة إلى طفلة صغيرة وجميعهم متحلقين حول آلبرت ..
كانت المسنة تبكي بشدة ودموعها بلل وجهها المليء بالتجاعيد ، والطفلة لم تكن بأفضل حالاً من هذه المسنة ، فصوت صياحها العالي صدح في المكان ، أما الرجل فقد كان يقف بعيداً عنهم بقليل وينظر إليهم بملامح جامدة ..
جلست على سريري وأنا لازلت أحدق فيهم ، إنتبه إلي الرجل ونظر إلي بإستغراب ، حين انتبهت على نظراته أشحت بوجهي بعيداً ، وأغلقت الستارة التي تفصل بيننا واستلقيت على السرير ..
لقد ظننت أن آلبرت لا يمتلك عائلة ، فلم أرى أحداً يزوره إلا ذالك الطالب المسمى بياماتو ..
ولكن يبدو أنه يمتلك عائلة تعتني به ، كم هو محظوظ ..
لاشك في أن تلك المسنة هي والدته وتلك الطفلة هي إبنته ، والرجل الواقف بعيداً هو أخوه الكبير أو أحد أقاربه ، ومن المستحيل أن يكون والده ، فوالدته كانت مسنة جداً ، أما هذا الرجل فلا زال صغيراً مقارنة بالمرأة العجوز ..
لحظة !!
أذكر أنني رأيت وجه ذلك الرجل قبلاً ، لكن أين يا ترى ؟؟
إختلست النظر إليهم وبالتحديد إلى ذلك الرجل ، وبعد التدقيق في ملامحه تذكرت أين رأيته قبلاً ، هو ذاته الذي أتى صباح اليوم الأول لآلبرت وجر ياماتو خارجاً ، إذا ربما يكون والد ياماتو ، وهذا هو الإحتمال الأكبر ، فالشبه بينهما كبير جداً ..
رأيت آلبرت يمسح على ظهر والدته بيدين حانيتين وقال بصوت دافئ : أمي لا داعي لكل هذا النواح ، إصابتي ليست بتلك السوء ..
لا تعلمون كم أصبت بالصدمة حين سماعي لهذا ، لا أستطيع التصديق أن قالب الثلج هذا يستطيع التحدث بهذه النبرة الحنونة ، ظننت أنه جاف التعامل مع عائلته أيضاً ، لكن يبدو أنني أخطأت ..
دار بين آلبرت وبين والدته حوار قصير حاول فيها آلبرت تهوين الصدمة على والدته ، ومحاولاً إنتشال الحزن من قلب والدته ..
بعد مدة أفلح آلبرت في ذلك بكلماته التي كانت كالبلسم ، ومن ثم وجه ببصره نحو الصغيرة وقال وهو يمد يده إليها قائلاً : فيفي تعالي إلي ، لقد توقفت جدتك عن البكاء لذا يجب أن تتوقفي أنت كذلك ..
مسحت تلك الطفلة دموعها واقتربت من آلبرت وارتمت بين ذراعيه ، وهي تضحك بسعادة ..
شعرت بقليل من الغيرة حينها ، لماذا قالب الثلج هذا يمتلك عائلة وأنا لا ؟؟
صرت أتأمل ملامح وجهه المسترخية ، وإبتسامته الدافئة وهو ينصت إلى والدته بإهتمام بالغ ، لم أتصور أن أراه هكذا قبلاً ، ربما يكون بارداً مع الغرباء فقط ..
سمعت والدته تقول : أنا سعيدة لأن السيد كودو سيتكفل بتكاليف العلاج ، إنه فعلاً رجل طيب ..
ثم إلتفتت إليه قائلة بإمتنان : سأكون شاكرة لك طوال حياتي كلها يا سيد كودو ، ولن أنسى صنيعك هذا أبداً ..
رد المدعو بكودو : آلبرت خادم مخلص لذا قررت مكافأته ..
لمحت إبتسامة ساخرة صدرت من ثغر آلبرت ، وعينيه مثبتتان على السيد كودو بإستحقار ، لم أفهم سر تصرفاته جيداً ، لكنني لم أعر الأمر إهتماماً ..
عدت إلى سريري واستلقيت فيه ، وبقيت أنصت إلى ما يقولونه بصمت ..
مر الوقت سريعاً وغادر جميع من كان مع آلبرت ، لكنني لازلت مستلقية على سريري ، فإذا بي أسمع آلبرت يقول : لماذا كنت تختلسين النظر أيتها المزعجة ؟؟
قلت ببرود : ومتى فعلت ذلك ؟؟
أصد حينها آلبرت ضحكة ساخرة وفضل الصمت دون أن يجب علي ..
قلت بفضول : بالمناسبة يا آلبرت هل كانت تلك الصغيرة إبنتك ؟؟ وإن كانت كذلك فأين هي زوجتك ؟؟
- ولماذا تسألين ؟؟
- مجرد فضول ..
- هي إبنة أخي المتوفى..
لانت ملامحي حين سماعي لهذا ، ووقفت لأزيح الستار الذي يفصل بيننا وقلت وأنا إجلس بالقرب من سريره : وأين هي والدتها ؟؟
أجاب وهو يتأمل سقف الغرفة : لقد تركتها وهربت بعيداً بعد وفاة أخي ..
شعرن بالشفقة تجاه تلك الصغيرة المدعوه فيفي ، وتمتمت بحزن وأنا أحدق في يدي الموضوعة في حضني : لابد أنها عانت كثيراً ، من الصعب جداً العيش دون الوالدين ، إن والدتها قاسية ماكان يجب أن تتركها مهما كانت الظروف ..
سمعت آلبرت يقول : أنا وأمي نهتم بها جيداً ولن نسمح لها بالشعور بالنقص أبداً ، أنا حللت محل والدها وأمي حلت محل والدتها ، لذا لا مشكلة أبداً ..
ثم صمت لثواني قبل أن ينطق : بالمناسبة لماذا تسألين عن أمور لا يعنيك ؟؟ ألا يجب عليك القلق على نفسك عوضاً عن فيفي ؟؟ فأنا لم أرى أحداً يزورك حتى الآن ..
قلت بتعالي : أنا من منعتهم من زيارتي ، فأنا لا احب لأحد أن يراني على سرير المشفى ..
أمال فمه قليلاً وأخذ ينظر إلي بطرف عينه قائلاً : أليس هذا مجرد عذر سخيف لتخفي حقيقة أنك وحيدة ؟؟
لم أرد أن يعرف أن هذه هي الحقيقة لذا قلت محاولة تغيير مجرى الحديث : بالمناسبة لم يزرك ذلك المسمى بياماتو ، لابد أنه قد مل من التوسل لك ، وقرر الإستسلام ..
رد ونظراته قد احتدت كثيراً : هذا برهان قوي على أن ندمه كان مجرد تمثيل ، في النهاية أنا لست سوى خادم عنده ، ولن يهتم بي أبداً ، يظن أنه ما إذا تكفل والده بعلاجي فأنا سأسامحه ، تباً لذلك الغبي ..
نظرت إلى ملامحه الغاضبة ، إنه يعاني حقاً ، عدم مقدرته على السير بعد أن كان سليماً لهو أمر مؤلم ، حتى لو كان يتظاهر بالهدوء إلا أنه يعتصر حزناً ، فعلاً أشفق عليه ..
وقفت لأغير الأجواء الكئيبة وقلت متصنعة الحماسة : آلبرت ألم تمل من هذه الغرفة الكئيبة ؟؟ ما رأيك أن نتسلل إلى خارج المشفى قليلاً ..
تحدث بهدوء : هي شينا منذ متى ونحن كنا نتحدث مع بعضنا هكذا ؟؟ لا أتذكر أننا أصبحنا صديقين ، أم أنك بدأتي تشفقين علي بعد أن علمت أن نسبة نجاح العملية أقل من النصف ..
نظرت إليه قائلة بتفاجؤ : هل حقاً ما تقول ؟؟ لم أسمع بهذا مطلقاً ، كل ما أعلمه أن سيدك سيتكفل بعلاجك فقط ..
نظر إلي لثواني وقال : يبدو أنني تفوهت بشيء لم يكن يجب أن أتفوه به ..
قربت جسدي إليه قائلة : أخبرني كم هي نسبة نجاح العملية ؟؟ أهي بذلك السوء جداً ؟؟
أبعدني مجيباً : لا شأن لك ، وأتمنى أن تبتعدي عني فأنت تزعجينني ..
قلت بإصرار : لا لن أبتعد حتى تخبرني .. رد بإنزعاج : ٤٠٪ هل ارتحتي الآن ؟؟ هيا إبتعدي .. إبتعدت عنه قليلاً وقلت : أحمق ظننت أنها ستكون في العشرين ، ٤٠٪ ليست سيئة كثيراً .. صرخ حينها وهو ينهض بإنفعال : ماذا تعنين أنها ليست بتلك السوء ؟؟ تخيلي لو كنت في مكاني ، هل كنت ستجرين العملية بهذه النسبة الضئيلة ؟؟ قاطعته بهدوء : نعم كنت لأفعلها ، فلازال هناك أمل في إستعادتي لعافيتي .. قال وقد اكفهر وجهه : لكنك ستشعرين بالإحباط إذا لم تنجح العملية ، ستشعرين بالإحباط والحزن أضعاف ما كنت تشعرين به قبل العملية ، لذا أنا لن أخضع أبعداً لهذه العملية فأنا لاأريد أن أتمسك بسراب .. لأول مرة أراه منفعلاً هكذا ، وهذا مفاجئ قليلاً ، قلت بإبتسامة هادئة محاولة بث الأمل في روحه اليائسة : لماذا تفكر بصورة سلبية ؟؟ لماذا لا تفكر كيف ستكون مشاعرك إذا ما نجحت العملية ؟؟ كيف ستكون عائلتك سعيدة بعودتك سالماً إليهم ، هذا مايجب عليك أن تفكر بشأنه يا آلبرت .. نهاية الجزء .. |
|